كيف نستعدّ نفسيّاً للعودة إلى الحياة الطبيعية بعد انتهاء كورونا؟

خلال فترة مرضها في طفولتها، حاولت فرح العريضي أن تتبنّى الإيجابيّة دائماً لتتخطّى وجعها واستطاعت أن تُشفى وتعود إلى الحياة الطبيعيّة. ومنذ ذلك الحين، قرّرت أن تساعد غيرها ولا سيّما النساء ليسلكنَ درب الفرح والعطاء ويطوّرنَ ذاتهنّ ويخلقنَ فرقاً في المجتمع ويجدنَ غايتهنّ ويحسّنَ أنفسهنّ. لذلك أرادت أن تصبح مدرّبة حياة وحصلت على الشهادة المعتمدة وأنشأت صفحة على إنستغرام بعنوان Positivity with Joy وبدأت أفكارها بالانتشار.

عانت المرأة الكثير من المشاكل النفسيّة في العام الفائت بعد أزمة كورونا. كيف يمكن الاستعداد نفسيّاً للعودة إلى الحياة الطبيعيّة؟

واجهت المرأة الكثير من التّحديات سواء كانت عاملة أم سيّدة منزل، فالموظّفة واجهت صعوبة في تغيير نمط عملها والأمّ وربّة المنزل التي لديها أطفال عانت ضغوطات نفسيّة لتتأقلم مع الدراسة عن بعد في ظلّ وجود أولادها في المنزل. وللأولى والثانية أقول: تتطلّب العودة إلى الحياة الروتينيّة وضع خطّة وروتين ثابت لنعتاد عليه كما يجب أن نفكّر كيف سنضع هيكليّة واضحة لأيّامنا: كيف سيكون دوامي؟ كيف سأقسّم مهامي المنزليّة؟ ماذا سيكون دور زوجي؟ تنظيم الحياة وتقاسم المهام اليوميّة أساسيّ لنريح أنفسنا نفسيّاً ونخفّف الضغوط عنّا فلا نقع في دوامة التوتر.

النقطة الثانية هي اكتساب مهارة التعامل مع الضغوطات فعلى السيّدة أن تكتشف ما هي الأشياء التي تريحها وتخفّف من توتّرها. قد يكون كوباً من القهوة أو التأمّل أو النزهة في الطبيعة أو ممارسة الرياضة، وهنا أشدّد على ضرورة الاهتمام بالنفس وتخصيص بعض الوقت للذات، وإلّا فالانهيار سيكون وشيكاً سواء استمرّ الحال على ما هو عليه أم عدنا فجأة إلى نمط الحياة السابقة.

هل يمكن أن نواجه صعوبات في التأقلم مجدّداً مع البيئة المفتوحة؟

البيئة المفتوحة لأناس كثر هي فرصة لرؤية الأصدقاء والأهل وإيجاد فرص عمل وممارسة النشاطات التي كنّا نحبّها سابقاً ولكنّها تعني أيضاً تغييرات جديدة في حياتنا وهذا الأمر يمكن أن يسبّب صعوبات نفسيّة وتحديات من نوع آخر منها خوف من عدم الاستقرار وفوضى وقلّة نظام. كما تخشى المرأة من صعوبات في دمج أولادها مع محيطهم الاجتماعي من جديد، من هنا يجب أن تحضّرهم أيضاً من خلال الاستمرار في التواصل عبر الهاتف ربّما مع رفاقهم أو أقاربهم ليكون اندماجهم الاجتماعي سلساً في المستقبل القريب.

كيف نعيد حماسنا للتواصل الاجتماعي المباشر الذي فقدناه لوقت طويل؟

بعد فترة طويلة من الحجر من الطبيعي أن نواجه غياب الحماس لأمور عدّة كأن نأخذ التاكسي أو نحضر اجتماعات العمل أو نتحدّت في المجتمع أو حتّى قد نشعر بالرهاب الاجتماعي والخوف من أحكام الآخرين. إنّها اضطرابات نفسيّة يمكن أن يتسبّب بها الانعزال الذي عشناه قصراً. من هنا علينا أن نعتاد على الخروج من المنزل ولو لمرّة واحدة على الأقلّ: ربّما إلى الصيدلية أو السوبر ماركت أو النادي الرياضي. كما علينا عدم استعجال الذات والعودة بشكل تدريجي، كما علينا أن نكون صريحين مع غيرنا ونخبرهم أنّنا نحتاج بعض الوقت لنعود إلى سابق عهدنا. وفي النهاية وفي حال وجدت المرأة نفسها منزعجة من التغيير السريع، يمكن أن تلجأ إلى مختص يساعدها على تقبّل التغيير والتأقلم معه بشكل أسرع.

ما الذي تنصحين به النساء حول كيفيّة تدريب أنفسهنّ عمليّاً للتخلّص من كلّ ما ألحق الأذى بهنّ في الماضي وإعطاء الأولويّة لسعادتهنّ المستقبليّة؟

في البداية، يجب أن تتحدّث عن أيّ أمر أزعجها مع شخص ترتاح معه، كما عليها أن تعرف أنّ ما مرّ عليها في الماضي لن يحدّد مستقبلها. فلتفكر باللحظة الحاضرة وتجعلها أجمل وتستمتع بها من خلال تقدير النعم الموجودة لديها. فنحن المسؤولون عن سعادتنا لأنّها ببساطة تنبع من الداخل، فلا تطلبيها من الشريك أو من الأصدقاء أو الأهل بل اختاري أن تكوني سعيدة طوال الوقت وابحثي عن الأمور التي تشعرك بأعلى درجات الرضا والسكينة.

كيف يمكن للمرأة تحسين صحّتها العقليّة والنفسيّة خصوصاً في الأوقات الصعبة وفي الأزمات؟

عليها أوّلاً عدم تجاهل مشاعرها بل إعطائها حقّها: فلنحزن في حال لم نكن مرتاحين ولنثور أو نتألم ولكن يجب على هذه الفترة أن تنتهي لنعود إلى طبيعتنا. كما علينا الاهتمام بالصحّة الجسديّة وعدم المبالغة في مشاهدة الأخبار الحزينة أو المسبّبة للتوتر إذ علينا أن نحيط أنفسنا بأمور إيجابيّة تنقل لنا ذبذبات مريحة من خلال بناء روتين يومي ممتع ووضع خطّة عمل للاسفادة إلى أقصى حدّ من وقتنا واستغلاله بأمور مفيدة وعدم السماح للذات بالتفكير بالأمور المحزنة.

ما الذي يساعدنا على الحفاظ على توازن نفسي وكيف نعزّز طاقتا الإيجابيّة والرافضة للخضوع أمام الصعوبات؟

على المرأة أن تضع نفسها في الأولويّة وتهتم بذاتها وتركّز حين تواجه أيّ مشكلة على إيجاد الحلول وتصرف نظرها عن العراقيل. كما عليها أن تراقب أفكارها وتستبدل تلك السلبيّة بالإيجابيّة من خلال تغيير المنظار الذي ترى فيه الوقف وعبر التفكير بالصورة الكبرى وليس بالتفاصيل الصغيرة. فبهذه الطريقة سنجد الإيجابيّات التي نبحث عنها وسنخطو الخطوة الصحيحة والموضوعيّة التي تخبّئ الحلول خلفها. 

 
شارك