سلوى زيدان: فنّي ينبع من تجربتي الإنسانيّة والبشر يلهمونني
من خلال النحت والرسم استطاعت الفنّانة اللبنانيةّ سلوى زيدان المقيمة في الإمارات منذ سنوات، أن تجعل لنفسها اسماً ثابتاً في مجال الفنّ التشكيلي، وتعكس الكثير من آمال البشر وأحلامهم ومشاكلهم وخيباتهم على الورق والمواد الخام لتقدّم إبداعاً وتعبيراً فنّياً رفيع المستوى.
ما الذي حملته في فنّك عن بلدك لبنان وطفولتك وشبابك فيه ولماذا اخترت الإمارات كمقرّ لك؟
لا بدّ للفنان شاء أم أبى أن يحمل همومه والكثير من تفاصيل حياته أينما اتّجه، ففي النهاية لا يستطيع أن ينفصل عن طفولته ومحيطه وشبابه حتّى لو أراد ذلك.. وهويّتي كلبنانيّة حاضرة دوماً في تفاصيل حياتي اليومّية وفي كلّ ما أفعله في مجال الفنّ أم غيره. وحملت معي إلى الإمارات كلّ ما عرفته وكلّ ما تعلّمته من خبرة حياتي على جميع الأصعدة، واخترتها لتكون بلدي الثاني الذي أحببته وأحببت شعبه الطيّب.ولن أنسى فضلها عليّ أبداً فقد قدّمت لي الكثير، إنّها بلد آمن أصبح حلماً للكثيرين. لقد أتيت إلى الإمارات سنة 1975 لأوّل مرّة حيث كنت شاهدة حيّة على مدى التطوّر الكبير الذي حقّقته، عكس ما حصل في بلادنا.
ما هي القضايا التي تركّزين عليها في لوحاتك وتحفك الفنّيّة؟
ما أسعى إليه في عملي الفنّي هو أن يكون نابعاً من داخلي أوّلاً، ومرتبطاً بتجربتي كإنسانة وفنّانة معاصرة ثانياً.. فإنّه يعكس بالتالي تجربتي الشخصيّة، وثقافتي الفنّية متعدّدة الأوجه، التي تبلغ أكثر من ثلاثين عاماً اليوم وهذا مهم جدّاً لأنّ الفنّان المعاصر يعيش مشاكل عصره، ويحاول التعبير عنها في نتاجه الفنّي. إنّني أستلهم فنّي بصورة عفويّة وتلقائيّة في لحظة صفاء ذهني لا أعرف غالباً توقيتها، فتصل للمتلقّي أو الناقد المثقّف مباشرةً لدى رويته لوحة أم منحوتة تحمل اسمي.
بعد سنوات من العمل الفنّي، ما الذي يستمرّ في إلهامك أفكاراً جديدة؟
كلّ شيء ملهم بنظري، لاسيّما الناس في عالمنا المتقلّب ومشاكلهم. فالمشاكل البشريّة في كلّ أنحاء العالم هي نفسها تقريباً مع بعض المتغيّرات هنا أم هناك. ونحن اليوم نمرّ بصعوبات كثيرة يعانيها كلّ البشر على حدّ سواء، خصوصاً مع جائحة كورونا التي تهدّدهم. لذكل من المهمّ بالنسبة إليّ أن أشعر في داخلي بطاقة إبداعيّة خلّاقة تظهر فجأة وبدون سابق تصوّر وتصميم تماماً كلحظة إبداع الشعر أو الموسيقى، وأنا أنتظر هذه اللحظة السحريةّ وأعمل على تنقية نفسي باستمرار لأستحقّها لأنّني أعتبرها عطيّة ربّانية بامتياز.
كيف ترين المشهد الفنّي في الإمارات ودعم الدولة للفنّانين الواعدين؟
إنّ السياسة الفنّية المتّبعة في دولة الإمارات مع الفنّانين الإماراتيّين الروّاد، سواء مباشرةً أم من خلال التحفيز الفنّي، مميّزة وواعدة بالنسبة إلى الجيل الجديد. فدعم الدولة للفنّانين في جميع المجالات أغنى تجربتهم وجعلهم يتطوّرون بسرعة مذهلة. إذ أثبت الفنّان الإماراتي اليوم حضوره على الساحة الفنّية العالميّة بفضل ما قدّمته له الدولة سواء بصورة مباشرة أم بما احتضنته من متاحف ومراكز فنّية رائعة و برامج فنّية نشيطة ومتنوّعة تغني الحركة الفنّية على مستوى عالي يضاهي أهمّ الدول في العالم.
تديرين معرضك الخاصّ في الإمارات. حدّثينا عن أهمّ الفنّانين الذين تستضيفينهم وعن صعوبات الإدارة؟
عملت مع الكثير من الفنّانين المخضرمين العالميّين والمحليّين، ومن الطبيعي أن تظهر صعوبات إداريّة إلّا أنّ الخبرة والمعرفة يتحدّيانها ويجعلان العمل مع الفنّانين ممتعاً.
كيف تأثّر عملك بجائحة كورونا وهل استوحيت أفكاراً من فترة الحجر؟
أثّرت جائحة كورونا سلبيّاً في البداية، لكن بطبيعتنا البشريّة نتأقلم بسرعة ونبتكر أدوات جديدة للعمل وهذا أروع ما نتحلّى به كبشر... أمّا شخصيّاً، فعملت على عدّة مشاريع فنّية حقّقتها بنجاح كبير، منها المجموعة التي ركّزت على اختيار الفنّانين والأعمال الفنّية للسفير الأميركي في الإمارات، وعملت على توثيقها بكتاب رائع يحتوي على أهمّ الفنّانين الشرق أوسطيّين وصور لكلّ أعمالهم مع توثيق كامل للتفاصيل وصور عالية الجودة ..إنّه كتاب رائع أعتبره من الكتب الخاصّة والنادرة.
ما هي الأنماط الفنّية المفضّلة لديك؟
أفضل الأنماط هي التي تعكس وعي الفنّان وتجربته في المجال الذي يقدّمه، فضلاً عن أن يكون طرحه الفنّي عصريّاً بامتياز ويحوي ما يجذب العين والفكر معاً.. أيّ يجب أن يقدّم محتوى فنّياً يجعلني أقف أمام عمله مأخوذة بتفاصيله وروعة إبداعه. فالمتلقّي اليوم ذو خبرة بصريّة كبيرة ومن الصعب جدّاً أن يستطيع الفنّان جذب انتباهه.
هل ترين أنّ الجيل الجديد يقدّر الفنون التشكيليّة وكيف يمكن جذبه نحوها؟
طبعاً، وهو منفتح تماماً على مدى أهمّية الفنّ في حياتنا.. لكن عالم الإنترنت والسوشيل ميديا يجذبه أكثر وسوف يؤثّر في النهاية على علاقته بالفنّ كما نعرفها اليوم.. فالعالم متغيّر بشكل مخيف ولن نعرف نتائج هذا التغيير السريع إلّا بعد مرور وقت على هذه المتغيّرات. لكن من المؤكّد أنّ الفنّان في المستقبل سيغيّر في أدواته وأساليب عمله أيضاً، وكما في كلّ عصر، سيفرض متغيّراته التي لو تبعناها سنصل إلى الحلول المطلوبة. فلا خوف على الإنسان لأنّه يتطوّر باستمرار ودائماً نحو الأفضل حتّى لو لم نرَ هذا الأمر في البداية.
ما هي مشاريعك المقبلة؟
مشاريعي المقبلة على الصعيد الشخصي هي تقديم مجموعة نحت على الرخام، أنهيت بعض القطع منها وأعمل على البعض الآخر، فيما أخطّط لمعرض نحت لأعمالي قريباً. وأنوي الاشتراك في أبو ظبي آرت فير في نوفمبر 2021 المقبل وآرت دبي في مارس 2022، مع المعارض الشخصيّة لفنّاني الغاليري وتقديم بعض الفنّانين الجدد الذين أتعامل معهم للمرّة الأولى، وذلك لأنّ التنوع مطلوب للاستمرارية ولتسليط الضوء على الفنّانين الذين يستحقون ذلك.