سارة الفرهود: أهدف إلى ترويج رياضة الجري في المجتمع السعودي

تخوض الطبيبة السعودية الشابة سارة الفرهود في مجال الطب الرياضي الجديد على الشابات السعوديات والعربيات بشكل عام، بحيث ترافق الرياضيين في أهم المباريات والألعاب، كما أنها أسست مجموعة We Run لتشجيع الشابات السعوديات على ممارسة رياضة الجري والاستفادة منها على مختلف الأصعدة الجسدية والنفسية. فماذا تخبرنا عن مسيرتها، وهل تعتبر نفسها مغامرة لأنّها خطت في مجال جديد متسلحة بعلمها ومعرفتها وثقتها بذاتها، وما هي خططها للمستقبل؟

تخوضين في مجال الطب الرياضي وهو مجال جديد على الشابات السعوديات والعربيات بشكل عام. لماذا اخترتِ هذا المجال؟

منذ أيام الدراسة الثانوية كنت مهتمة بالرياضة ولكن لم يكن هناك القدرة على ممارسة الكثير من الهوايات ولا سيما الجري. ولأنني أحببت التخصص في الطب، فكرت بمجال يجمع بين الأمرين الذين أحبهما، فكان الطب الرياضي هو الحل الأمثل، فأكون على احتكاك مع الرياضيين والمحترفين، وأمارس هوايتي في الوقت نفسه. أنا لا أحب العمل المكتبي بل أفضّل الحركة، فأعجبني عمل المستشفى وتعدد الحالات التي نراها، وإمكانية العمل الجماعي حيث أتواجد مع عدد من المعالجين الطبيعيين والاختصاصيين الوظيفيين، وبالتالي لا أكون الوحيدة التي أتدخّل في حالة المريض، كما يكون هناك مدرب الفريق والمسؤول عنه، واختصاصي غذائي، أي كوكبة من المختصين يهتمون باللاعب ويراعون احتياجاته ويتابعون حالته إثر أي إصابة.

هل واجهتِ صعوبات في خلال الدراسة وبعد التخرّج كونكِ شابة سيكون عليها التعامل مع مجتمع الرجال وإثبات ذاتها وقدراتها فيه؟

هذا المجال لم يكن معروف كثيراً في السابق. كان أبناء جيلي يتوجّهون مباشرةً نحو إدارة الأعمال والحقوق والطب العام وغيرها من الاختصاصات الشائعة والمعروفة، والسبب ببساطة هو أنّ الاهتمام بالمجال الرياضي في المملكة لم يكن كبيراً، فكانت الرياضات المشهورة قليلة ولا تتجاوز أصابع اليد. أما اليوم، فقد اختلف الوضع وباتت الرياضة من أهم المجالات التي تتلقى الدعم الرسمي والأهلي، وبالتالي أرى ازدياد الإقبال على دراسة الطب الرياضي، والذي لا يزال يُعتبر جديداً في المملكة. بالنسبة لي، فقد كانت تجربتي ناجحة، فقد كنت من أوائل الطبيبات اللواتي برعن فيه.

حدثينا قليلاً عن الطب الرياضي. ماذا يتضمن، وكيف تصفين الاحتكاك المباشر باللاعبين ودوركِ في تعزيز صحتهم النفسية والجسدية؟

الطب الرياضي متفرّع بشكل كبير، فيمكن العمل مع نادي أو فريق أو مع ألعاب معينة كالفيفا والألعاب الأولمبية، ولكن بشكل عام نحن نتابع اللاعبين والرياضيين، ونعالج أي مشاكل صحية أو إصابات يتعرضون لها، نقدّم الخدمات داخل أرض الملعب وخارجه، ولكننا لا نأخذ إستشارات طويلة كالطبيب المختص، بل يتضمن عملنا معالجة المشاكل بشكل سريع وآني أكثر الأوقات، وإعطاء النصائح للرياضيين حول إمكانية الاستمرار باللعب من عدمها. بالنسبة لي، عادةً أكون رئيسة البعثة الطبية الرياضية، وقد رافقت المنتخب السعودي في عدة ألعاب، فأنسّق العيادة وطريقة عمل الفريق الطبي والمعالجين الطبيعيين، كما أمارس دوراً إدارياً مع الفريق المتواجد معي، وفي نهاية المطاف، كلّنا نعمل لخدمة للاعب وللنتائج التي نرجو أن نحققها، وفي ذلك فخر لنا لأننا نمثل وطننا ونرغب بأن يحقق لاعبينا أفضل النتائج. في خلال الدراسة نأخذ فكرة وافية عن مختلف أنواع الرياضات والإصابات التي يمكن أن تحصل إثر القيام بها، وأكثر الإصابات الشائعة في كل نمط رياضي.

هل تعتبرين نفسكِ مغامرة لأنّكِ خضت في هذا المجال واستطعتِ إثبات نفسكِ فيه؟

لا أعتقد أنني مغامرة بل أنا ببساطة تخصصت في مجال أحببته وناسب شخصيتي وطموحي الطبي ولذلك برعت فيه. بدايةً درست في كلية الطب في جامعة الملك سعود، بعدها حصلت على سنة الامتياز، وبعدها تخصصت في البورد السعودي للطب الطبيعي التأهيلي، على الإثر أكملت مع الاتحاد الأولمبي العالمي فصرت مرخصة من طرفهم كطبيبة طب رياضي، وبعدها حصلت على فرصة العمل مع اللجنة الأولمبية في المملكة وحصلت على الدبلوم، ومثلتهم كطبيبة المنتخب ورئيسة الفريق الطبي في ألعاب طوكيو 2020 وفي الألعاب الأسيوية 2023، وبإذن الله أكون في باريس سنة 2024.

كيف بدأ اهتمامكِ برياضة الجري؟ وكيف طورتِ نفسكِ فيها لتصلي إلى تأسيس مجموعة We Run؟

رياضة الجري من أجمل الرياضات وأبسطها، وقد بدأت بالجري كهواية في جلال فترة الاختبارات الجامعية، فكنت أنفّس من خلالها الضغوط النفسية الناتجة عن الدرس، وبعدها دخلت في مجموعة وصرت مديرتها، وأحببت تالياً أن أؤسس مجموعة سعودية من العدّائين والعداءات الهواة، لأنني لاحظت غياب هذه المجموعات لأشخاص بدأوا بممارسة الرياضة بشكل متأخر، ولا يجدون من يشجعهم أو يشبههم أو حتى يمثّلهم. ومع الوقت انضم إليّ العديد من المدربين والمدربات الذين شاركوا في ماراثونات عالمية، والفريق غيّر ربحي بل هدفه الوحيد هو حثّ الجميع ولا سيما الشابات على ممارسة رياضة الجري والاستفادة من فوائدها الجسدية والنفسية. خطّتي كانت بناء مفهود البيئة الرياضية والصحية لجميع سكان الرياض، فنقدّم صورة إيجابية عن المجتمع السعودي، ونحن نحقق الكثير من النجاح والانتشار بشكل سريع.

كيف تشجعين الشابات السعوديات على الرياضة والجري بالتحديد؟

الجري ليس رياضة سهلة، بل تتطلب اللياقة والالتزام والصبر والاجتهاد، ولكن مردود ممارستها كبير جداً، فهي تغيّر حياة من يمارسها نحو الأفضل، ونحن نستقبل المبتدئات ونحرص على تدربيهنّ وإعدادهنّ بالشكل المناسب لكي يصرن قادرات على الجري لوقت أطول. في هذا السياق، سأذكر حالة معنا في الفريق كانت تداوم على أدوية الاكتئاب ولكن بعد فترة من بدء الجري، توقفت عن أخذها وتحسنت حالتها بشكل تلقائي، وبالتالي هناك تغيّر حقيقي في الحالة النفسية، وهذا بمفرده كفيل بأن يشجع كثيرات على البدء بالرياضة. نحن نرحّب بكل الأعمار والمستويات ولدينا مدربون قادرون على التعامل مع كل الحالات، لذا ندعوا الجميع أن يجربوا، فإذا أحبوا التجربة سيستمرون، وفي حال لم يشعروا بالراحة يمكن أن يتراجعوا ويبحثوا عن نوع آخر يرضيهم.

تختارين محتوى تثقيفي ومفيد عبر صفحتكِ على إنستغرام، كيف تفكرين بالمواضيع التي تشاركينها؟

هدفي من تواجدي عبر إنستغرام ليس الشهرة أبداً، فأنا لست من محبي مواقع التواصل، بل أردت الوصول إلى المجتمع لأبني مجموعتي الرياضية، وكان إنستغرام هو الطريقة الأمثل والأسهل للتواصل، وأختار المحتوى الذي يفيد ويلامس شيئاً في المتلقي. لذا أنشر المعلومات العامة التي تسهّل على الآخر بدء حياته الرياضية سواء الجري أو اليوغا أو أي نوع آخر. لا أقدّم النصائح الطبية لأنّه من المستحيل لنصيحة أن تنطبق على مختلف الأشخاص حتى لو كان مرضهم مشترك، فكل حالة لها خصوصيتها، لذا أتجرد من شخصية الطبيب، وأكون فقط رياضية تشارك معارفها في مجال تحبه.

هناك هدوء في شخصيتكِ، فهل استمديته من ممارسة الرياضة واليوغا؟

صحيح، فأحياناً يستغرب البعض مدى برودي أو هدوئي في التعامل مع مختلف الإصابات في الملعب وفي المجتمع الطبي الرياضي، ولكن هذا الأمر مطلوب للحكم بوعي على ما يجري وتشخيص الحالة بشكل صحيح، وبالفعل استمديت هذا الهدوء من ممارسة اليوغا والرياضة. اليوم في فريقنا 400 عدّاء ولكي أكون مديرة ناجحة، عليّ أن أكون هادئة وغير عجولة في قراراتي.

ما هي مشاريعكِ للفترة المقبلة؟

أنا مستمرة في عملي مع الأولمبياد وأتمنّى أن أكون معهم في باريس، كما نستمر في Run We مع موسم جديد بعد رمضان، حيث نسعى لاستقطاب المزيد من الشابات والشبان للانضمام إلينا في ممارسة رياضة الجري.

اقرئي المزيد: ريما الجفالي: السباقات هي شغفي الذي ضاعف شجاعتي وحسي المغامر

 
شارك