ريم عسيران: أعمالي مع مجلة هيا عكست ارتباطي العميق بالأرض والطبيعة والجذور
أفكارها جديدة ومختلفة وصارخة إلى حد ما، تعكس ما يجري داخلها وما تعيشه من مشاعر وانفعالات، وتتحدث بصوت مرتفع عن نظرتها للإنسان المعاصر، ولكل ما يعيشه من ضغوط وما يُنتظر منه من توقعات. إنها الفنانة اللبناينة الشابة ريم عسيران التي تشارك أعمالها من خلال صفحتها على إنستغرام: remosseiran، وهي اليوم ضيفة العدد الأخير من مجلة هيا للعام الحالي، والذي خصصناه للانتباه إلى الأرض ورفع الصوت عالياً للحث على حمايتها، والحفاظ على ثرواتها، والالتفات نحو الاستدامة في مختلف المجالات الحياتية، للحفاظ على ما بقي لنا من ثرواتها. فكيف ستعكس ريم هذه الافكار؟ وماذا تقول عن هذا الموضوع بالذات؟ الإجابات في هذا اللقاء.
كيف اكتشفت موهبتك الفنية وطورتها ليصبح لك بصمة مختلفة في عالم الإبداع؟
نشأت في عائلة محبة للفن حيث كانت اللوحات تحيط بي في المنزل، ولطالما لفت نظري الرسم والأشكال المختلفة، وبدأت برسم نفسي في سن الرابعة، وبعدها بسنة اصطحبني والداي إلى مكتبة وطلبا مني أن أختار ما يعجبني من الكتب، فاخترت اثنين الأول عن كيفية رسم الرسوم المتحركة والثاني حول تنفيذ الإسكتشات، وبدأت بالتعلم منهما والرسم والتعبير عن كل ما يدور في مخيلتي على الورق. ولليوم أنا امرأة بصرية، أرى الكثير من الصور في ذهني وأرغب بتحويل ما أراه إلى رسوم واسكتشات. مع تقدمي في السن، بدأت آفاقي تتوسع فلم أعد أرسم ما أراه في محيطي فحسب، بل صرت أركز على تعابير وجوه الناس، وفكرت أن نقلي لهذه التعابير التي أرصدها ودمجها مع مشاعري الخاصة، سيمكن المتلقي من التفاعل مع أعمالي وربما سيرى ما يجلب البسمة إلى وجهه، لأنها تحوّل أي فكرة أو مشاعر سلبية إلى صورة مسلية وملفتة، ما سيعني انعكاس أفكار ومشاعر الرائي - التي يتماهى من خلالها مع أفكاري - بطريقة فكاهية بعض الشيء.
هل درست الفن أو التصميم الغرافيكي، وإلى أي مدى ساعدتك الدراسة في بلورة رؤيتك الفنية؟
أردت دراسة فن الرسم التوضيحي ولكني لم أجد برامج جامعية تناسبني، فدرست التصميم الغرافيكي، واستفدت كثيراً من تقنياته، وكنت طوال هذا الوقت مستمرة بتعلم الرسم والفن التوضيحي بمفردي، وعرفت حينها أني قادرة على التعبير عن نفسي من خلال الرسم والتصميم معاً، فلم أرد أن أحدّ نفسي بمفهوم الفنون الجميلة، بل أن يكون عملي الفني مفتوح على الكثير من التقنيات والمدارس والوسائط.
تتعاونين مع مجلة هيا في عدد خاص بالأرض والطبيعة والاستدامة، حدثينا عن التعاون؟
أحببت كثيراً فكرة هذا العدد فكل ما له علاقة بالطبيعة والأرض والاستدامة يحركني، لأني لست ابنة المدينة بشكل كبير، لا أحب الزحمة والتجمعات البشرية، بل أشعر بالارتباط العميق بالأرض والهواء النقي، وأحب التنزه لساعات طويلة في الجبال، وأعشق السباحة والتواجد قرب الماء، وأعتبر أن حصولي على فرصة للتعبير عن مدى حبي وتقديري لهذه الأرض التي نعيش عليها هو أمر جميل جداً، وأنا أهتم كثيراً بالحفاظ على الطبيعة، فحين أنظر إلى الشجرة أقدّر كل ورقة وأتأمل روعة الخالق بتكوينها.. وأعتقد أن من المهم جداً لكل الناس أن تلتفت إلى جمال وأهمية هذه الأرض فتراعيها وتحافظ عليها، لأنها فن قائم بحد ذاته وليست نتاج ما قام الإنسان بصنعه.
كيف ستعبرين من خلال فنك عن هذا المفهوم؟
سألجأ بالتأكيد إلى الألوان لأنها تعبّر عن جمال الطبيعة، كما سأدمج بين وجود الإنسان وعلاقته بالأرض، وسأحاول عكس شعور وانطباع الناس حين يتعرضون لروعة الطبيعة المحيطة بهم، وتأثيرها الغيجابي عليهم، وسأركز أيضاً على استعراض تفاصيل صغيرة يفوتنا الانتباه لها في الطبيعة، بسبب انشغالاتنا الحياتية وضغوطاتنا المتعددة.
هل تؤمنين أن للفنان واجب أخلاقي يتجلى في اعتماد المواد المستدامة خلال تقديم فنه للحفاظ على الطبيعة؟
بالتأكيد يتوجب على الفنانين أن يتحلوا بالحس العالي تجاه الأرض التي يعيشون عليها، بالنسبة لي أنا أراعي الاستدامة في يومياتي وخياراتي، سواء الفنية التي تتعلق بالأدوات والمواد التي أستخدمها، أو الحياتية كأن أستبدل البلاستيك بالزجاج، وأستخدم أكياس التعبئة الصديقة للبيئة، وتجنب التسبب بالأذى للبيئة بكل الطرق المتاحة، كما أسعى أيضاً إلى حث زبائني وتشجيعهم للاتجاه نحو الخيارات المستدامة. أعتقد أيضاً أن الفنان يوجّه رسائل غير مباشرة من خلال فنه، تحث المتلقي على التفكير بالبيئة والطبيعة، وهذا الأمر برأيي هو جزء من دوره التوعوي.