إيمان عبد الشكور: الرفاهية تتحقق ببناء شيء نؤمن به ويتماشى مع غاياتنا
تغيّر مفهوم الرفاهية عما كان عليه في السابق ولم يعد يرتبط بامتلاك المال والثراء، بل بات يتعلق بالكثير من القيم التي تتخطى بأهميتها الثروة المادية. ولأن الجيل الجديد أدرك هذه الحقيقة فهو يبدي توجهات شرائية جديدة ويفرض على السوق العالمي التكيّف مع متطلباته.
فما هي هذه السلع، وما الذي يبحث عنه الشباب من خلال امتلاكها؟ الإجابة ستأخذنا إلى عالم 4 أسماء عربية لامعة في مجالات عدة، فاكتشفي رؤيةرائدة الأعمال السعودية إيمان عبد الشكور.
هي امرأة شابة لا تعترف بالمستحيل ولا تخشى التغيير بل تقبل عليه بشجاعة حين تكون مقتنعة أنه الأفضل لها ولمستقبلها، وهذا ما حصل حين غيرت مسار حياتها من مجال علوم المخ والأعصاب والأبحاث الصحية، نحو ريادة الأعمال وتحفيز الشركات الناشئة، حيث تقوم بتوجيه المئات منها، وتساعدهم في الانطلاق والتوجيه والتمويل، عبر عملها كمديرة تنفيذية ومؤسسة لمسرّعة "بلوسوم" للأعمال، وهي أول شركة مسرّعة سعودية دامجة للتكنولوجيا، تركز على دعم النساء بشكل كبير. فماذا تقول إيمان عن رؤيتها الريادية، وكيف تعرّف الرفاهية في وقتنا الحالي؟ أمامك الكثير من الإجابات التي تكشف لنا شخصيتها القيادية.
في طريقك نحو تحقيق أحلامك في مجال ريادة الأعمال، هل كان الحظ إلى جانبك أم أنّ النجاح يتطلب وجود الفكرة الجديدة، والإصرار على تحقيق النجاح لها؟
في رأيي، ليس الأمر حظًا، بل هو تلاقي الفرصة مع الاستعداد لإقتناصها ولمعرفة أنها فرصة لا تفوت. ما هو الحظ أصلًا؟ أعتقد أنه نتيجة طبيعية للجهد المستمر والعمل الشاق على مدار السنوات. يجب أن تستمر هذه الجهود عامًا بعد عام لتكوني مستعدة لأي فرصة تأتي، وهو ما يضمن تحقيق النجاح في النهاية.
كيف كان شعورك حين بدأت العمل الريادي، وكيف اختلف إحساسك الداخلي بما قدمته حتى هذه اللحظة؟
كانت البداية مثيرة، ولا سيما أني مررت ببعض التحديات، لكنني شعرت بالحماس والإلهام، وهذا ما دفعني للاستمرار وعدم التراجع أمام الصعوبات. الآن، بعد مرور الوقت، أجد نفسي أشعر بالفخر بما أنجزته، حيث أدركت أهمية المثابرة والإيمان بالأفكار، حتى نجد لها المكان المناسب في البيئة التي تزدهو فيها وتثمر نتائج.
ما هي الخبرات والمعرفة التي اكتسبتها من دخول سوق العمل؟ وساعدتك في مجال ريادة الأعمال مستقبلا؟
اكتسبت مهارات متعددة من دخولي سوق الأعمال، منها إدارة الوقت وتقسيمه بطريقة تزيد من قدرتي على العطاء في أكثر من مجال، التواصل الفعّال والمثمر مع الآخرين، والتفاوض بسلاسة للوصول إلى تسويات. بالإضافة إلى ذلك، تعلمت كيفية التعامل مع الفشل وتحويله إلى فرص.
ما هي المهارات المطلوبة للنجاح في ريادة الأعمال والتي اكتسبتها خلال الطريق التي سلكته للوصول بمشروعك إلى بر الأمان؟
تتضمن المهارات المطلوبة للنجاح في مجال ريادة الأعمال امتلاك مهارلات قيادية، المرونة، والتمتع بالتفكير النقدي، وحسّ الابتكار، والقدرة على بناء العلاقات.. كل هذه العناصر يجب أن تكون مجتمعة، ويمكن بناؤها مع الوقت، لكي نصل بالفكرة إلى النجاح.
هل واجهت صعوبات كونك شابة في إقناع المجتمع العربي بأفكارك؟
حين تكوني شابة في أوائل العشرينات، مثلما كنت حين بدأت "مسرعة بلوسوم" حيث كنت في الثالثة والعشرين من عمري، فإنه بالطبع ستواجهين التحديات. بالنسبة لي، لم أبدأ مشروعًا تقليديًا، بل كنت أعمل على بناء نظام بيئي يدعم جميع الشركات الناشئة. ورغم التحديات في البداية، ركزنا حقًا على العثور على العملاء الأوائل والمؤمنين بمشاريعنا. وبفضل الدعم الرائع الذي نحظى به في السعودية ورؤية 2030، تمكنا من تحويل العديد من الشركات الكبرى في عامنا الأول.
لماذا اخترت الانطلاق في مسرعة بلوسوم؟ وما الذي أردت تقديمه ويختلف عما هو موجود في السعودية حاليا؟
أنشأت "مسرعة بلوسوم" بهدف تعزيز بيئات ريادة الأعمال والابتكار في السعودية. رؤيتي كانت دائمًا الشراكة مع الوزارات والشركات والبنوك لدعم الشركات الناشئة عبر مجموعة من برامج وخدمات الابتكار. نحن نسعى لجذب الشركات الدولية إلى السعودية لتعزيز مكانتنا كوجهة رائدة في الابتكار. من خلال توفير بيئة ملائمة، يمكننا أن نوفر للشركات الناشئة ليس فقط تمويلًا، بل أيضًا فرصًا للنمو والتوسع، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة ويساعد في بناء نظام بيئي مزدهر يدعم الابتكار والرفاه والتطور التكنولوجي في المملكة.
أخبرينا عن طريقة عمل مسرعة بلوسوم وكيفية اختيار المشاريع التي تقرر دعمها؟
في "مسرعة بلوسوم"، نركز على تكوين فريق قوي من المؤسسين الذين يمتلكون خبرات مهنية متنوعة وواسعة. نحن نبحث عن فرق مؤسسين يملكون خبرات متعلقة بالسوق المستهدف، حيث يعد هذا عنصرًا حاسمًا في تقييم المشاريع. نولي اهتمامًا خاصًا لحجم السوق وفرص النمو المتاحة، بالإضافة إلى وجود دليل مبكر على التقدم، سواء كان ذلك من خلال منتج أولي قابل للتطبيق أو عدد من المستخدمين الأوائل أو حتى الإيرادات الأولية.
نحن نؤمن بقوة بإمكانية التوسع، لذا نقّيم كل مشروع بناءً على احتمالية تحقيق مقاييس نمو جديدة وخلق فرص عمل. أيضًا، ننظر في إمكانية الخروج المحتمل للمستثمرين في المستقبل القريب، مما يعزز جاذبية المشروع. من خلال هذه المعايير، نعمل على تقديم التوجيه والدعم اللازم لضمان نجاح المشاريع المختارة، وتحقيق تأثير إيجابي على النظام البيئي لريادة الأعمال في المملكة.
كيف تقيمين تواجد النساء في المجالات الاقتصادية والحيوية في المملكة؟
تتمتع السعودية بمكانة رائدة في مجال تمكين المرأة، حيث تجاوزت المملكة الهدف المحدد لرؤية 2030 بتواجد 40% من النساء في القوى العاملة، وقد تحقق ذلك بالفعل في عام 2021. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر المملكة الأسرع نموًا في عدد رائدات الأعمال مقارنة بأي دولة أخرى في العالم. نحن في "مسرعة بلوسوم" نشعر بفخر كبير لكوننا جزءًا من هذا التغيير المذهل، وأنا ممتنة لكوني امرأة سعودية اليوم. هذه التطورات تعكس التزام المملكة بتعزيز دور المرأة في الاقتصاد وتمكينها من تحقيق إمكاناتها في أي مجال حيوي، اقتصادي، اجتماعي، فني أو إبداعي ترغب بخوضه.
كيف تستفيدين من وسائل التواصل في التعريف بنفسك وبمشروعك وأهدافه؟
أستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع رواد الأعمال والمستثمرين حول العالم. أعمل جاهدًا على بناء مجتمع يدعم التفاعل الإيجابي مع كل من يتواصل معنا، مما يساعدني على فهم احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. هذا يتيح لنا تقديم أفضل ما يمكن في "مسرعة بلوسوم". أنا ممتنة لجميع الذين دعمونا على مر السنين.
كيف يمكن للمرأة السعودية الشابة اكتشاف مكامن قوتها، وبأي طرق تسعين لمساعدتها في تحقيق ذاك؟
أدعو جميع النساء للانضمام إلى أحد برامجنا المتنوعة من المسرعات، هاكاثونات، ورش العمل، والفعاليات القادمة التي ننظمها بشكل دوري. نحن ملتزمون بتزويدهن بجميع الأدوات اللازمة لبدء وتوسيع مشاريعهن، فأنا أعتبر أن التوجيه المناسب قادر على إخراج قدرات الشابة الكامنة وتوجيهها بالشكل الصحيح.
بصفتك ناجحة وتحت الأضواء، كيف تعيدين تعريف مفهوم الرفاهية اليوم؟
بالنسبة لي، تعني الرفاهية تمكينًا ماليًا، ووجود رؤية شخصية واضحة، وأهداف، وشغف، والسعي لتحقيق الرؤية الخاصة بي بإصرار. الرفاهية الحقيقية تكمن في القيام بالعمل الذي تحبينه، وبناء شيء تؤمنين به حقًا ويتماشى مع غايتك. أرى العديد من الشابات السعوديات يحققن ذلك يوميًا، ويعملن بجد لتحقيق أحلامهن وطموحاتهن.
كان لك الكثير من المشاركات في مؤتمرات ومنتديات ومعارض عالمية مهمة، ما هي الصورة التي قدمتها عن الشابة السعودية؟
اليوم، أظهر للعالم مدى تعليمنا وثقافتنا واطلاعنا ونجاحنا وإصرارنا وابتكارنا، لا شيء يمكن أن يوقفنا، فما كان يعترضنا من تحديات، لم يعد موجوداً، وهذه ليست مبالغة بل حقيقة خالصة. نحن لسنا فقط مستهلكين للابتكار والتكنولوجيا، بل نحن أيضًا منتجون ومبتكرون وفاعلون مؤثرون فيها.
كيف تقيمين التقدم الذي تحرزينه مهنياً وذاتياً؟ وما هي مشاريعك التي ترغبين برؤيتها تتحقق في الفترة المقبلة؟
أنا فخورة جدًا بكوني سعودية، وأشعر بشرف عظيم كوني جزءًا من رؤية 2030. كل يوم أستيقظ بعزيمة للمساهمة في التغيير والتحول الذي تشهده بلادنا. إن خدمتي لوطني هو شغفي، وأتطلع إلى أن أكون جزءًا من هذا المسار المشرق الذي يضمن مستقبلًا أفضل للجميع. كمرأة سعودية اليوم، أعتز بفرصة المساهمة في بناء مجتمع نابض بالحياة ومزدهر، وأشعر بالفخر لكوني جزءًا من هذه الإنجازات التي تكتب في التاريخ.
اقرئي المزيد: ياسمينا حايك: تتعلق الفخامة بالاحتفال بالقصص والآراء التي يجلبها الطعام الذي نستمتع به