أشخاص في دائرتك يعيقون تقدّمك؟ اكتشفي كيف تضعينهم عند حدّهم
نجاحك في الحياة وفي تحقيق ما تصبين إليه لا يتعلق بك فحسب، بل يتأثّر بمجموعة من الأشخاص الذين يحيطون بك. من الأهل الذين يمكن أن يتحوّل توجيههم وحرصهم الزائد على مصلحتك إلى سجن يكبّلك.. إلى الشريك الذي يمكن لعاطفته الزائدة أو غيرته أن تمنعك من أن تفردي جناحيك عالياً وتحلّقي نحو ما ترغبين بالوصول إليه مهنياً وحتّى شخصياً.. إلى الصداقات التي تعطينها ثقتك المطلقة وتكتشفين فيما بعد أنّها لم تكن على قدر توقّعاتك. فكيف تضعين التدخلات الخارجية في حياتك عند حدها من دون أن تؤذي الأشخاص الذين يمارسونها وكيف تميّزين بين النية الحسنة وتلك السيئة وتمنحي الثقة لمن يستحقها بالفعل؟ تجيبا عن هذه التساؤلات آمنة حسين الأخصائيّة النفسيّة في Re: Set.
نقاط القوّة والضعف
صحيح أنّ الكثير من معالم شخصيّة المرأة تتكوّن من خلال تأثّرها بمحيطها الذي تنشأ فيه. إنّما في الكثير من الأحيان تصل في حياتها إلى مفترق طرق تقرّر خلاله أن تقيّم نفسها وتتعرّف على نقاط القوّة والضعف في شخصيّتها. وتكتشف ما يمنعها من التقدّم ويعرّضها للاستغلال أو حتّى التأخير بسبب أشخاص مرّوا في حياتها، بعضهم غاب إنّما ترك أثراً سلبيّاً عليها كشريك سابق أو صديقة خائنة. أمّا بعضهم الآخر، فلا يزال حاضراً وله تأثير قويّ في حياتها كالزوج أو الزميلة في العمل أو الأخت مثلاً.
وفي هذا السياق، سألنا آمنة: كيف يمكن للمرأة أن تدرك أنّ الشخص الذي أمامها استغلاليّ ويحاول الاستفادة ممّا تقدّمه من دون أن يحدث أيّ تأثير إيجابي في حياتها؟ فأجابت: «حين تكتشف المرأة نفسها بشكل حقيقي وتعرف ما الذي تبحث عنه في حياتها والأمور التي تسعدها وتلك التي تضايقها كما وتفهم احتياجاتها ورغباتها وأهدافها، ستلاحظ من دون أدنى شكّ من هم الأشخاص الذين يشعرونها بالخوف أو الذنب أو بأيّ نوع من المشاعر السلبيّة حين تتواجد معهم أو تحاول التواصل بهم من دون تحقيق نتائج مفيدة. فالشخص الاستغلالي سيشعرك بأنّك عرضة للخطر وسيضع العراقيل غير المنطقيّة أحياناً لكي يعيقك عن التغيير ويجعلك تقبعين في المكان الذي اختاره لك لكي يحصّل مصالحه منك فهو قادر على التلاعب بك واستغلال نقاط ضعفك لإحكام سيطرته عليك».
تقييم العلاقات
من الضروري إذاً إجراء تقييم للعلاقات التي نشكّ في أنّها مؤذية وسامّة في حياتنا والتخلّص من الأشخاص الذي يسبّبون الأذى ولا يقدّمون شيئاً لنا. ويحصل هذا الأمر من خلال الابتعاد التدريجي ومحاولة شغل الذات بأمور أخرى. ولكن كيف يكون السبيل للتصرّف حين يكون هؤلاء الاستغلاليّين أو السلبيّين جزءاً من حياتنا اليوميّة وماذا لو كانت المرأة مضطرة للتعامل مع الشخص المستغل سواء كان مديراً في العمل أو زوجاً. وهل هناك طرق للالتفاف على الموضوع والخروج من هذه السلسلة المغلقة؟ تقول الأخصّائيّة النفسيّة: «يجب أن نعرف جيّداً الأسباب التي جعلتنا نخضع في الفترة الفائتة للشخص السيء أو الاستغلالي ربّما يعود السبب إلى مشاعر ذنب أو خوف مبرمجة مسبقاً في داخلك وتعود إلى طفولتك أو تجاربك السابقة التي لم تستطيعي الخروج منها سالمة نفسيّاً. بالتالي معالجة الذات من ترسّبات الماضي سيخوّلك أن تواجهي الإنسان الاستغلالي وأنت سليمة ومعافاة أيّ أنّك ستقيّمين طلبه وستمتلكين الجرأة والقوّة والإصرار لترفضيه لأنّك ترين أنّه يتعارض مع خيرك أو مصلحتك».
حدود حازمة
ولكن كيف يمكن وضع حدود حازمة مع الآخرين كي لا نكون عرضة للاستغلال مرّة أخرى، تجيبنا المعالجة بالقول: «ببساطة يجب أن نعرف جيّداً مصلحتا ونعمل بشتّى الطرق لتحقيقها من دون أن نجرح الآخرين. إذا كانوا أشخاصاً عابرين يمكن أن نبتعد عنهم ببساطة. أمّا إذا كانوا أعزّاء ومهمّين في حياتنا، فيتعين أن نشرح لهم أوّلاً سبب تصرّفاتنا ورفضنا الاستمرار بالنهج الذي كان معتمداً سابقاً ولكن إذا لم يقتنعوا ستكون «لا» صارمة ونهائيّة كافية لوضعهم عند حدّهم من دون المزيد من التوضيح لأنّ المبالغة في الشرح والأخذ والرد سترهقك ولن تغيّر موقف الطرف الثاني».
وتختم حسين: «يجب أن نعرف أنّ إصرارنا على التغيّر وعدم الخضوع للاستغلال قد يعيّن أن نخسر الطرف الثاني الذي يمكن أن يرفض موقفنا الجديد ولذلك علينا امتلاك الثقة المطلقة بالنفس وبالقدرة على الاستمرار من دون وجوده. الأمر يمكن أن يكون صعباً في البداية بحكم التعوّد ولكن بعد فترة ستشعرين بكمّ كبير من الراحة والقدرة على العطاء والانطلاق من جديد».