هيفاء بسيسو...سعت إلى تغيير الصورة النمطيّة للمحجّبات لدى الغرب
في عينيها فرح معد ينتقل إلى من حولها بمجرد أن يراها، وفي داخلها الكثير من المشاريع والرؤى الواعدة التي لم تتحقّق بعد، إنّها مقدمة البرامج واليوتيوبر والناشطة الإجتماعيّة هيفاء بسيسو التي تتنقّل كالفراشة من مجال إلى آخر ومن نجاح إلى ثان. وتهدف أوّلاً إلى إيصال الصورة الحقيقيّة للفتاة العربيّة إلى العالم بأسره.
حدثينا عن تجربتك في التقديم من خلال برنامج “يلا بنات”؟
حلمي الأوّل الذي دفعني إلى دراسة الإعلام هو أن أطلّ على شاشة التلفزيون وأحصل على منصّة أوسع تخوّلني إيصال صوتي، ولهذا السبب بالذات أطلقت قناة Fly with Haifa قبل سنوات. فرغبت بأن أملك القدرة على مشاركة أفكاري والوصول إلى الشهرة التي ستساعدني في إنشاء برنامج يصل إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير. ولذلك كانت فرصة تقديم برنامج حواريّ أسبوعيّ على شاشة MBC أمراً ممتعاً رحّبت به كثيراً وفرحت بالمحتوى الذي قدّمته والأفكار الجديدة التي طرحناها، مثلاً: لماذا لا يبكي الرجال أو ما هي أسباب الشيخوخة المبكرة أو كيف نحافظ على تراثنا بطريقة عصريّة؟
كيف وجدت التقديم الجماعي؟ هل تسنّى لك إبراز شخصيّتك من خلال الحلقات كما رغبت؟
في البداية لم يكن الموضوع سهلاً، فكان كلّ شيء جديداً من كاميرات كبيرة وزوايا مختلفة. وكان علينا أن نعتاد على بعضنا البعض لتنمكّن من تحقيق تواصل وترابط حقيقيّ بيننا، فلم نرد أن نمثّل لأن ّالكاميرا تفهم الطاقة التي فينا والجمهور ذكي جداً وستصله الأحاسيس النافرة في حال رصدها على الشاشة. ولكن حين تمكّنا من التقارب بعد أن أصبحنا نسافر سوياً استطعنا الانسجام وبات التقديم الجماعي أسهل وصرنا قادرات على التفاعل سوياً ليصل المضمون بأفضل طريقة إلى المتلقي.
كيف أطلقت قناة Fly with Haifa التي يتابعها الآلاف عبر يوتيوب؟
قبل سنوات، عملت في التلفزيون لكنّني لم أحصل على فرصة لأكون المقدّمة وأطرح أفكاري الخاصّة، كنت أعمل خلف الكواليس مع فرق الإعداد، وفكرت بطريقة أتمكّن من خلالها في الظهور أكثر أمام الكاميرا. لذا رحت أصوّر في أوقات فراغي فيديوهات مع الناس، وبالصدفة كانت معظم البرامج التي أشارك فيها برامج سفر، فكنت أكتشف دولاً جديدة وبدأت أطرح أسئلة متنوعة على الأشخاص الذين أقابلهم في سفري. وكانت البداية من خلال سؤال عن أحلامهم، وتفاجأت أنّه يمكن اكتشاف الكثير عن ثقافة الشعب من خلال معرفة أحلامه. فمعظم الذين سألتهم عن حلمهم في الصين مثلاً رغبوا أن يحقّقوا الثراء! كان الأمر جميلاً جداً وبعدها تتالت الأفكار وبدأت الفيديوهات تحقّق انتشاراً واسعاً حتى وصل عدد المتابعين إلى عشرات الآلاف عبر يوتيوب ومختلف وسائل التواصل. فتنوّعت المواضيع التي أتطرّق إليها وازدادت طموحاتي المستقبليّة بعد أن تأكّدت أنّني أحدث تغييراً إيجابيّاً لدى المئات.
عملت بمفردك في البدايات فماذا تذكرين عن المراحل الأولى وما الذي ساعدك لتصبحي من أهمّ اليوتيوبرز العربيّات؟
أكثر ما أذكره أنّني كنت أعمل بشغف وحماس شديدين. جمعت مواد خلال سنة كاملة وكنت أقوم بأعمال المونتاج بنفسي وأقضي ساعات طويلة في العمل من دون ملل أو تعب. فحين توجد المتعة، لا مجال للتعب. كذلك، لم أكن أشعر بأيّ تردّد أو قلق أو خوف من الفشل، فإذ بي صوت داخليّ يؤكد لي أنّني سأصل. لذلك أقول لكلّ شخص لديه حلم ألّا يستسلم ويعمل بجدّ من دون التراجع. أمّا أنا فركزت على حلمي ودراستي مجال الإعلام خدمتني كثيراً فلم أعد بحاجة للمساعدة. و بعد النجاح الذي حقّقته أصبحت أتعاقد مع جهات محترفة لأنتج فيديوهات أكثر حرفيّة.
أنت من الشابات العربيّات اللواتي يصدرن صورة حقيقيّة لنمط الحياة العربيّة إلى الغرب، فما هو أهمّ ما نقلته للغرب عن عاداتنا وكيف رصدت تقبّلهم لها؟
رغبتي الأولى كانت محاربة العنصريّة والتمييز بأيّ شكل من الأشكال، فأنا مدركة أنّه ثمّة نظرة غير صحيحة للشابّات المحجّبات لدى الغرب. فأردت أن أظهر صورة الشابّة الحقيقيّة الناجحة التي لا تقل شأناً عن المرأة الغربية التي تسعى لتحقيق ذاتها والوصول إلى أحلامها. وأردت أن أمثّل المرأة في الشرق الأوسط لأنّني مدركة أنّ ما يُنشر عنها مبالغ به وغير حقيقي وقد تمكّنت من ذلك إلى حدّ ما. ووجدت لدى الكثير من الشعوب والحضارات تقبّلاً للاختلاف والتنوّع. فصحيح أنّ البعض يبدي تحفّظاً في البداية، لكن حين يتقرّبون مني ويفهمون طريقة تفكيري تتغيّر تصرفاتهم.
ما الذي تعلّمته من الغرب وما الذي نقلته إليهم؟
يمتاز الغرب بكثرة التنظيم والتركيز على العمل للنجاح فيه وإتقانه. فلديهم حسّ عال لكيفيّة إدارة الوقت وإنجاز ما هو مطلوب منهم بحرفيّة عالية. أمّا ما حاولت نقله لهم فهو التعامل بكرم مع الغير وأهميّة قضاء وقت مع العائلة والتقارب الاجتماعي وإبقاء التواصل قائماً مع الأقارب والأصدقاء والأهل. فهم يهملون هذه الناحية، وهذا الأمر يمنعهم من تحقيق السعادة الكاملة، لأنّ الاكتفاء النفسي والعاطفي ضروريّ لنشعر بالتوازن الداخليّ.
هل غيّر السفر في شخصيّتك؟
سافرت إلى أكثر من 40 دولة وتعرّفت إلى أشخاص كثر من خلفيّات وثقافات مختلفة وأدركت أنّ السعادة لا تكمن في العيش في القصور أو التمتّع بالثراء الماديّ.فأحياناً نجدها داخل كوخ صغير على شاطئ البحر من خلال العيش ببساطة. فنحتاج إلى الراحة من صخب المدينة لنشعر بها وليس إلى كثرة الأموال.
هل عارض أهلك كثرة سفراتك؟
على العكس، والدتي التي ربتني تقريباً بمفردها بعد وفاة والدي، هي امرأة قويّة جداً وقد شجّعتني على الانطلاق بعيداً لتحقيق أحلامي. كذلك، شجّعني أقاربي ودعموني، حتّى أنّ جدّي الكبير يتابع برنامجي وينتظر أن يراني على الشاشة.
أي مكان أعجبك وأثّر بك لدرجة يمكن أن تستقرّي فيه؟
أحببت بورتوريكو كثيراً وزنجبار ولكن بالي سحرتني أكثر من غيرها. ففيها نظام صحيّ رائع يساعد على الإحساس بالخفّة والراحة. ويساعد الطعام المناسب والصحّيّ على الشعور بالفرح وهذا ما نهمله في عالمنا العربيّ. فللمحيط والبيئة التي نعيش فيها والأكل الذي نستهلكه تأثير كبير على حالتنا النفسيّة.
مواهبك تصل الى الغناء والتقليد وحتى التمثيل وقد قدّمت مسرحيّة سابقاً، فحدثينا عنها وأخبرينا أي مجال يستهويك أكثر؟
لا أخاف من التجربة ولذلك خضت مجال الغناء وتمكّنت من تقديم رسالة دسمة عبر الموسيقى لتصل أسرع، إلّا أنّني لست ممثلة. أحبّ التقديم كثيراً وفي المرحلة المقبلة أنوي التركيز عليه كما أرغب بالحدّ من سفراتي لأركز على نفسي، وأحبّ تقديم فيديوهات تساعد الشباب على اكتشاف ذاتهم ومواجهة مشاكلهم وحلّها لتحقيق أحلامهم.
خلف هذه الشخصيّة المرحة هل من هيفاء مجهولة؟
في الآونة الأخيرة صرت أكثر قلقاً بسبب شدّة المنافسة في المجال الذي أعمل فيه. ألّا أنّني أحاول من خلال التأمّل واليوغا تخفيف هذا التوتر والتصالح مع ذاتي.
ماذا تقولين للشابّات اللواتي لا يتجرّأنَ على تحقيق أحلامهن ويفضلنّ البقاء في الوظيفة الثابتة؟
أقول لها: كوني واقعيّة ولا تتركي الوظيفة قبل وضع خطّة سير واضحة لنفسك. وتحدّثي للناس الإيجابيّين عن حلمك ليشجعونك ويوجهونك. وأحيطي نفسك بالطاقات المفيدة وابتعدي عن السلبيّين، وآمني بنفسك واسعَي للأفضل ولتكن نيتك حسنة وستنجحين.
كيف تقضين الوقت في الحجر المنزل؟
أتعلم الكثير من الأمور عن نفسي وأمارس الرياضة وأطهو وأتأمّل وأتابع وسائل التواصل.
حدثينا عن عاداتك الأسريّة في شهر رمضان وعن الاختلاف الذي سيطرأ عليها في هذا العام؟
في العادة ألتزم بشكل كبير في المنزل خلال شهر رمضان الكريم لأداء الطقوس العباديّة والتقارب من عائلتي، وهذا ما سيحصل هذا العام بالتأكيد. إذ نمضي أوقاتاً مميّزة على مائدة الإفطار وفي السهرات الرمضانيّة. فهذه الفترة هي فرصة للتلاقي والهدوء بعد صخب عام كامل.
اقرئي أيضاً: أصالة نادمة...فهل تعود لطارق العريان؟