نهى بحر: أفكاري في ابتكار الرسوم المتحركة تعكس مواقف حياتية أشهدها
أن نرى شخصيات كرتونية تحقق النجاح والانتشار وتتحول إلى "جيفز" عبر إنستغرام ووسائل التواصل وتحمل توقيع شابة عربية، لهو أمر جديد وجميل ومفرح، ويُعد إنجازاً جديداً يُكتب للنساء في عالمنا. فقد استطاعت الشابة المصرية نهى بحر أن تبتكر شخصيات لطيفة ومليئة بالحياة والحركة والحيوية، لتعكس من خلال الحوارات التي تجري بينها، الكثير من المواقف والأفكار اليومية التي نعيشها. فتعرّفي عليها وعلى هذا الفن الجديد الذي تحقق فيه قفزات مهمة.
متى تكوّنت لديكِ المخيلة الخصبة لإبتكار شخصيات كرتونية؟
الرسم كان بمثابة صديقي المقرّب طوال سنوات طفولتي. كنت أقضي معظم أوقاتي بابتكار الشخصيات، حتى أنني حين صرت في الصفوف الابتدائية، رسمت لمجلة مدرسية شخصيات مختلفة وعملت منها سلسلة. ولأنني كنت طفلة بدوري، فقد كنت أقلّد أيضاً رسوم الإعلانات التي كنت أراها في مجلات ميكي وعلاء الدين حتى أعطي القصص الطابع الحقيقي.
أطفال كثر يغمرهم حب الشخصيات الخيالية في الطفولة ولكنّه يختفي مع التقدّم في السن، فكيف حافظتِ على هذا الشغف وطورتهِ ليصير مهنتكِ؟
لا يمكن لأي فكرة أو حلم أو هدف أن يضيع في حال امتلك صاحبه الرغبة في الاستمرار والسعي مع التدرّب الدائم، فهذه الأخيرة كانت كفيلة بجعلي أتطور وأتحسّن وأكون من أوائل الشابات العربيات التي تقوم بهذا العمل الإبداعي الذي يُعتبر جديداً في مجتمعنا المصري والعربي بشكل عام.
ما هي الأفلام والصور والشخصيات التي أحببتِها في صغركِ وأعجبتكِ القيم التي تروّج لها فتأثرتِ لاإرادياً بها؟
أحببت كثيراً شخصيات مجلّة ميكي ومجلة فلاش، فلطالما شعرت أن قصصها جميلة وبسيطة وفيها عبرة يمكن للطفل أن يستوعبها فيفهم الدرس المراد منها. ومن جهة ثانية، فأنا من أشد المعجبات بكتابات الراحل أحمد خالد توفيق، فبرأيي لقد عبّر بأجمل لغة وطريقة وأسلوب عن قيمنا بطريقة زكية جداً، وأتمنّى أن أوصل رسائلي إلى المتلقي بغض النظر عن سنّه بهذا الأسلوب البسيط والعميق في آنٍ واحد.
كيف اكتسبتِ تقنيات العمل الفنّي والإبداعي وما هي الصعوبات التي لا يعرفها الجمهور عن كواليس هذا العمل؟ أدخلينا قليلاً على عالم ابتكار الشخصيات الكرتونية؟
أعتقد أنّ جزءاً من موهبتي وراثي، لأنّ والديّ الاثنين يرسمان بطريقة جميلة جداً.ومع ممارسة الرسم بسبب تأثّري بجو البيت وحبي للرسم، بدأت الموهبة تظهر بشكل أكبر، ومع اكتشافي للـ"ستوب موشن"، ازداد حماسي للرسم وتنفيذ أفكار جديدة وابتكار مواقف وأحداث أكثر تعقيداً. تواجهني أحياناً صعوبات في إيجاد أفكار جديدة والالتزام بالاستمرارية، أمّا بالنسبة لابتكار الشخصيات، فهو يأتي مع تطور القصة وتشعب عناصرها. فمثلاً الكوميكس التي أقدّمها كانت بدايةً عبارة عن حوار واحتاجت الأفكار إلى عرضها بلسان فتاة، بعد ذلك احتجت إلى إضافة الفتى معها فكانت القصة التي تجمع بينهما مع جدتهما.
صفي لنا أحاسيسكِ حين تعملين؟ ما هو الجو العام الذي تحتاجينه للعمل؟ كيف تبدأ الفكرة لتتبلور وتتحول إلى مشروع معبّر أمامكِ؟
أحتاج إلى الهدوء لكي أنسجم وأركّز في العمل وأتفادى الأخطاء وقت التصوير. الفكرة تبدأ بسكتش بسيط على الورقة، شخبطة بسيطة تتحول إلى عمل واضح، وبعد ذلك انشئ "ستوري بورد" وأقوم بالتنفيذ. لا يهمني إن كان الوقت ليلاً أم نهاراً، ويمكنني أن أستمع إلى الموسيقى أثناء العمل، فيزداد تركيزي واستمتاعي بما أقوم به.
ما هي رسائلكِ التي تسلطين الضوء عليها من خلال القصص والصور التي تؤلفينها وتنفذيها؟
أعمل على تقديم معلومات عن مصر من وحي المجتمع الذي أعيش فيه، فأركّز مثلاً على عادات معينة في رمضان أو العيد أو وقت الإمتحانات، أو أحوّل مواقف وردود أفعال تكون مألوفة مع أغلب الناس حتى لو لم يكونوا من المصريين، ولكن تركوا أثراً في داخلي وأردت أن أعمم تجاربهم وأنشرها.
في السنوات الأخيرة، تغيّر شكل الفن فلم يعد عبارة عن مجرد لوحة وألوان وفكرة، بل دخلت وسائط وطرق وأدوات مختلفة عليه، فما رأيكِ بهذه المستجدات؟
أجد أن تنوّع طرق التعبير تثري الفنون وتساهم في تطوّرها وزيادة جمهورها، وشخصياً أحب استخدام الأساليب والوسائل الجديدة مثل الفن الرقمي والصلصال الحراري والتافتنج وحتى الخياطة. أرى أنّ الفن يجب أن يعكس المجتمع وبما أنّ كل شيء في مجتمعاتنا يتغير سريعاً، فعلى الفنون مواكبة ما يحصل وعكس هذا التطور والتماشي معه.
ما رأيكِ بالفن الرقمي وهل تستخدمينه في عملك؟
وسائط الفن الرقمي هي الأنسب حالياً للتعبير عن الأفكار الفنية، ولا سيما أنّ وسائل التواصل فتحت أبواباً أكبر وأوسع لمشاركة الإبداعات. بالنسبة لي، ألجأ إلى بعض وسائله حين تكون وسائل الرسم التقليدية غير متوفرة، فأستخدم الآيباد لأبث أفكاري وأرسم ما أريده.
هل يمكن أن تتوسعي أكثر نحو ابتكار فيلم كرتوني كامل؟ أي مواضيع ترغبين في معالجتها، وهل ستكون من قلب عالمنا العربي؟
أول فيلم رسوم متحركة فمت بتنفيذه كان في عام 2013، وكان عبارة عن فيديو ستوب موشن لشخصيتين ابتكرتهما هما "مليجي ودحروج"، مدته 15 ثانية وحينها كانت هذه المدة المتاحة للفيديو على انستغرام. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، بات الستوب موشن مهنتي، فبالتالي فكرة تقديم فيلم كرتوني متكامل لا تفارقني، وأرغب في طرح بسيط ولطيف ومضحك، يستعرض مواقف يومية تجمعنا نحن العرب، ويحاكي الجيل الجديد ويصل إلى أفكاره ويعكس تطلعاته.
كيف تحولت شخصياتكِ إلى "جيفز"؟ وما الذي عناه لكِ هذا الأمر في مسيرتكِ المهنية؟
في الحقيقة كانت رؤية رسوماتي تتحول إلى "جيفز" أمراً مفرحاً جداً بالنسبة لي، وخاصةً أنّه كان بإمكاني رؤية عدد المرات التي يتم استخدام الجيف فيها، وبعضها وصل للملايين، ما يعني أنّ الناس أحبتها وفهمت فكرتها واحتاجت أن تستخدمها، وما يؤكد أيضاً أنّ أفكاري ببساطتها وقربها من الآخر، تصل إلى أعداد كبيرة، وأتمنى أن تخترق المزيد من العقول والشخصيات من حول العالم.
ما هي مشاريعكِ الفنية القبلة؟
أنا متحمسة جداً لمشروعي المقبل وهو كتاب مصوّر، عبارة عن كوميكس للشخصيات، وأنا أعمل بتركيز عليه حتى أنتهي منه آخر العام الحالي.
اقرئي المزيد: نورا العقيلي: الفن يثري عالمي والكتابة تزيد تمكني كممثلة