مشاعل إم آر: الألعاب الإلكترونية تنقلني إلى عالم آخر

مجال واعد وحيوي ومليء بالفرص هو عالم الألعاب الإلكترونية الذي يجذب اليوم أكثر من أي وقتٍ سابق الكثير من الشابات إليه، فاللعبة لم تعد مجرّد مراحل سهلة أم معقدة توصلكِ إلى الفوز، بل باتت أشبه بعوالم خيالية مليئة بالاختبارات مع زيادة القدرة على التواصل والتفاعل بين اللاعبين والجمهور بحيث يتضاعف الحماس وتزداد الرغبة لدى الجميع في اكتشاف خفايا هذه العوالم. ونعرّفكِ فيما يلي على قصص 5 من أشهر لاعبات العالم العربي، بعضهنّ لديها خبرة سنوات في هذا المجال، وأخريات يُعتبرن جدد نسبياً، ولكنهنّ استطعن معرفة مفاتيح النجاح فيه، فاكتشفي المزيد عنهنّ وعن تجاربهنّ في هذه اللقاءات الموسّعة.

تبدو في الحقيقة فاتنة وساحرة الجمال كشخصية خيالية في قصة للصغار أو كبطلة في إحدى الألعاب الإلكترونية التي تعشقها، إنّها الشابة السعودية مشاعل إي آر، التي دخلت عالم "الغايمينغ" قبل سنوات، لتكون من أوائل السعوديات اللواتي يبرعن في هذا المجال وتصير من أكثر اللاعبات متابعة ومن أكثر صانعات المحتوى المتميزات، حيث يتابع صفحتها عبر إنستغرام meshaelmr@، أكثر من 26 ألف شخص. تتمتع مشاعل بكاريزما عالية وذكاء طاغٍ وحضور لطيف وصوت ناعم ومريح. فماذا تقول عن هذا المجال وكيف تنظر إلى التطورات التي سيشهدها قريباً في المملكة؟ تعرّفي أكثر عليها من خلال هذا اللقاء.

كيف كان دخولكِ لمجال الألعاب الإلكترونية، وهل تقبّل أهلكِ أن تكون ابنتهم "غايمر" تحت الأضواء؟

نشأت في بيت مليء بالفتيات وكنّا كلّنا نعشق الألعاب الإلكترونية منذ الصغر، فكنّا نقضي أجمل الأوقات باللعب، ولذا اعتاد أهلي على مشاهدتي وأنا ألعب، وحين بدأ انتشار وسائل التواصل، أحبت هذا العالم الواسع والجديد والذي يسمح لي بالانفتاح بأفكاري الخاصة بالجمال والموضة على الجمهور الواسع، فأتبادل معارفي مع الفتيات من جيلي وأستفيد في المقابل منهنّ، ولكنني أعتقد أن بؤرة تميّزي كانت في الألعاب أكثر من صناعة المحتوى، فقد أحب الجمهور فيديوهاتي المخصصة للّعب وتفاعل كثيراً معها، وحين رصد والديّ مدى جديّتي والتزامي وحبي للّعب، باتوا من الداعمين لي وشجعوني على الاستمرار. وهذا في الحقيقة كل ما احتجت له فأنا لا أهتم كثيراً بكلام الناس والمجتمع الموسع، لأنّ إرضاء الجميع أمر صعب، وبالتالي أقوم بما يرضيني ويتلائم مع قناعاتي. هذا المجال بالمناسبة ليس مخصصاً للشباب وهذه الفكرة خاطئة يجب أن نتخّلص منها سريعاً في المجتمعات العربية والخليجية، فالكثير من الشابات يحببن اللعب ويمارسنه، ولكن في الظل ومن دون أن يواجهن مجتمعهنّ بهذا الشغف، وهذا للأسف يفقدنا الكثير من المهارات التي تستحق أن تكون في الواجهة.

لديكِ حضور وكاريزما وشخصية محببة أمام الكاميرا تدخل القلب مباشرةً، هل ساعدكِ هذا القبول في كسب حب جمهور الألعاب الإلكترونية؟

في البداية كان من الصعب جداً عليّ أن أتحدّث إلى الكاميرا وأكون تلقائية وعلى طبيعتي، فأنا لست ممثلة ولا أعرف شيئاً عن الإلقاء أو فنون الإقناع والتخاطب. كنت خجولة جداً وكتومة ولكن مع الوقت بدأت أشعر براحة أكبر في مشاركة أفكاري والتحدث مع الجمهور والتفاعل معه، وهنا أعترف بأنني لست لاعبة محترفة ومتمكنة كثيراً من اللعب، ولكنني لطيفة ومحبوبة ولديّ كاريزما، وهذا سبب نجاحي، فالمتلقّي يريد أن يشعر بأنّ من يلعب قريب منه ويشبهه ولديه أفكاراً وقيماً متشابهة. حتى أنّ الكثير من الشابات السعوديات يخبرنني أنني كنت السبب وراء دخولهنّ هذا المجال لأنني شجعتهنّ، وكنت مثالاً أعلى لهنّ بكيفية فرضي لاحترامي على الآخر، وجعله يتفاعل بشكل إيجابي ومشجّع مع محتواي.

هل تزعجكِ التعليقات السلبية على أدائك خلال اللعب أو حتى شكلكِ والأفكار التي تطرحينها، وكيف تتعاملين مع هذه الانتقادات وتضعين لها حداً كي لا تؤثّر سلباً على نفسيتكِ؟

أتلقّى لليوم تعليقات سلبية من شبّان وشابات من مختلف الخلفيات والأعمار والثقافات، وقد كنت أتأثر كثيراً في الماضي، ولكنني اليوم بتّ قادرة على وضع جدار يقيني من التأثر، فأنا لديّ ثقة كاملة بنفسي وبما أقدّم، وما يهمّني هو أن أكون سعيدة ومرتاحة ومستمرة بتحقيق ما يوصلني لطموحي، أما الذين يرفضونني لأسبابهم الخاصة، فلهم مطلق الحرية بالامتناع عن متابعتي.

قلتِ سابقاً إنّ الألعاب الإلكترونية ساعدتكِ في التخلص من الاكتئاب، فهل صحيح أنّ الانفصال عن العالم الحقيقي عبر اللجوء إلى العالم الافتراضي قادر على تحقيق هذا الأثر الكبير على الصحة النفسية وحتى الجسدية؟

إنّ قيام الشخص بأي عمل يحبّه يكون بمثابة العلاج للتخلّص من المشاعر السلبية أو الأوقات الصعبة، فهناك من يحب الرسم أو الرياضة أو العزف، فينفصل عن الواقع وعن مصدر الألم أو الانزعاج لبعض الوقت أثناء ممارسة نشاطه المفضّل. بالنسبة لي، كان اللعب جزءاً أساسياً من حياتي على الدوام، وقد ساعدني كثيراً للتخلص من الاكتئاب، فأنا في ذاك الوقت لم أكن قادرة على الخروج من غرفتي ولم أرغب في مواجهة أحد فهربت إلى اللعب، وكنت أتسلّى كثيراً في فترة اللعبة، ولكن بعدها تعاودني المشاعر السلبية، لذا احتجت بالتأكيد إلى تدخّلات علاجية أخرى، لكي أفهم نفسي وأسترجع علاقتي بذاتي وأتخلّص من المشاعر التي كبّلتني وأوصلتني للكآبة.

ما هي الأحاسيس التي تنتابكِ خلال اللعب؟

أعيش أجمل المشاعر خلال اللعب فأنفصل كلياً عن واقعي لساعات طويلة، وأكون متحمّسة وسعيدة ومترقّبة للنتائج، كما أحبّ كثيراً التواصل مع الجمهور والتحدّث مع أشخاص لا أعرفهم، بل يجمعني بهم الحب الكبير للعبة معينة. من جهة ثانية، فإنّ كل لعبة لها الجو الخاص بها وأنا ألجأ إلى كلٍ منها بحسب حالتي النفسية ومدى قدرتي على التركيز والتفاعل.

ما هي ألعابكٍ المفضلة وتلك الي تشجعين الشابات على تجربتها؟

أحب الألعاب التي تسمح لي بابتكار شخصية وحياة كاملة خيالية، أبنيها كما أحب وأبدو بالشكل الذي يرضيني، كما أحبّ ألعاب الحروب والمعارك والألعاب التنافسية، فهي تملؤني بالإثارة والحماس والانفعال، وأنصح الشابات بالبدء بألعاب بسيطة والتدرّج لمعرفة ما يحببنه فعلاً وما يتناسب مع شخصيتهنّ.

كيف غيّرت الألعاب الإلكترونية طباعكِ وشخصيتكِ؟

تغيرت شخصيتي كثيراً، فالألعاب جعلتني صبورة جداً وقادرة على التفاعل بهدوء أكبر، كما أنّها علمتني كيف أتنافس وأتقبّل الخسارة أحياناً من دون قسوة زائدة على الذات. فبرأيي الألعاب مفيدة جداً ولها إيجابيات كثيرة، فهي أيضاً تمدّنا بمعلومات عامة حول شتّى المجالات، وتسمح لنا بالتعارف والانفتاح على الآخر.

هل تشجّعين الأهل على السماح لأولادهم باللعب؟ أو أنتِ مع وضع قيود على الصغار لحمايتهم من قيم ومعلومات مسيئة يمكن أن يحصلوا عليها خلال اللعب؟

بالتأكيد أشجّع الأهل على السماح للأولاد والبنات باللعب، إنّما يجب مراقبة الألعاب جيداً ومعرفة محتواها، وعدم السماح لوقت اللعب بأن يطول كثيراً، هكذا يعيش الصغار طفولة متوازنة وينموا ذكاؤهم وتركيزهم ومعارفهم في كل الاتجاهات.

لماذا برأيكِ زاد الإقبال في السعودية على الألعاب الإلكترونية؟

الدولة متوجّهة بشكل كبير إلى دعم اللاعبين وتشجيعهم، حيث يتم تنظيم المواسم والمسابقات والبطولات، وهذا الأمر يعطي فرصة لأي شخص راغب في الاحتراف بأن يخطو خطوات واثقة ويبدأ بطريقه، لأنّه سيجد الدعم اللازم لموهبته. كما أنّ هذا القطاع الحيوي بات يجذب المعلنين من أكبر الشركات، وأنا أتعامل اليوم مع عدة شركات وسعيدة بتمثيلهم وبأنّهم وثقوا بي لأنني شابة من المملكة تمثل وجهاً مشرقاً عن بناتها الطموحات والناجحات.

حدّثينا عن اهتماماتكِ بصناعة المحتوي، وكيف تأتين بالأفكار الجديدة ليوتيوب وإنستغرام؟

أعيش حياتي كأي فتاة شابة لديها اهتمامات بالموضة والجمال والملابس والمجوهرات، كما أنّها تسافر وتقرأ وتطّلع على كل المستجدات الحياتية، وأحاول مشاركة أفكاري ويومياتي مع الجمهور وأغلبه من الشابات، فأقدّم لهم مادة مفيدة ومسلية. أحب كثيراً صناعة المحتوى لأنّها تقرّبني من الجمهور وأتمنّى تقديم المزيد من الأفكار الجديدة التي تعكس شخصيتي وتضيف إلى رصيد إنجازاتي. حالياً أزيد تواجدي في المناسبات التي تلقي الضوء على اللاعبات السعوديات، فنتعارف ونفتح قنوات حوار ونسعى لتعزيز تواجد الشابات في مجال الألعاب.

ما هي نصيحتكِ لكل شابة ترغب بدخول مجال الألعاب الإلكترونية ولكنها تخشى من انتقادات المجتمع؟

أقول لها: أنا كنت مثلكِ خائفة ومترددة، وكنت أؤجّل خطوة البدء خشية الرفض أو النقد، ولكنني تشجّعت وانطلقت ولمت نفسي على التأخر لأّن السلبيات كانت موجودة في رأسي فقط... فتخطّي مخاوفكِ وتشجّعي وسيري بثبات نحو كل ما يجعلكِ سعيدة وراضية.

اقرئي المزيد: داليا حمّود: النجاح كغايمر يحتاج موهبة ودقة ملاحظة وتطور مستمر

 
شارك