فرح القيسية: أنا قوية ليس لأنني حققت النجاحات بل لأنّني حوّلت الصعوبات والتحديات إلى إنجازات
أشكال القوة متعدّدة، يمكن أن تظهر لدى شابة واجهت السرطان وانتصرت عليه بضحكتها وحيويتها ونشاطها، فلم تسمح له بأن يسلبها إيمانها وعزمها، بل سعت لتنجح في الرياضة وهي المجال الذي أحبّته، وتحاول إبراز أهميتها في مجتمعها السعودي.
تتجلّى القوة أيضاً بأبهى أشكالها لدى امرأة واجهت في طفولتها التنمر بسبب معاناتها من مشكلة التلعثم، فلم تنطوي على ذاتها بل العكس، سعت لإطلاق مبادرة تساعد من يواجه نفس حالتها، وتسمح لهم بزيادة ثقتهم بأنفسهم، فكُرّمت في بلدها الإمارات وباتت اسماً لامعاً في مجالها.
ونرى القوة لدى شابة محجّبة عشقت الرياضة منذ طفولتها، فلم تبالي بقيود مجتمعها المصري المحافظ، بل باتت من أهم الأسماء الرياضية المعروفة لتلهم آلاف الشابات العربيات وتحقق النجاح على الصعيد المحلي والعالمي.
قصص مؤثّرة عن الأمل والقوة والتمكين مع 3 بطلات اختبرن الصعوبات ليعرفن المعنى الحقيقي للقوة ويشاركنه معنا.
لم تسمح الشابة الإماراتية فرح القيسية للتلعثم أن يؤثر على حياتها وطموحاتها ودورها في مجتمعها، واجهت بقوة كل العراقيل التي اعترضتها، ووقفت في وجه الجهل والتطرف وحتى التنمر لتضمن أن يصل صوتها ورأيها وفكرها بوضوح إلى الآخر، ولتؤكد أنّ من يواجه التأتأة أو التلعثم قادرٌ على شرح نفسه بأوضح صورة، وأنّ الاختلاف لا يعني النقص أبداً، بل هو منح صاحبته فرصة لاكتشاف مكامن القوة في نفسها، فتسنى لها مساعدة غيرها ممن يواجه نفس المشكلة وإيصالهم إلى برّّ الأمان.
هل صحيحٌ أنّ القوة يجب أن تأتي بعد صدمة أو معاناة كبيرة؟
أؤمن أننا وُلدنا جميعًا ولدينا القوة للتغلب على أي تحدٍ يأتي في طريقنا. أعتقد أيضًا أننا ربما نسينا مدى قوتنا. لذا، ربما تكون مواجهة هذه الصعوبات والتحديات هي السبيل لنتذكر مدى القوة التي نحملها في داخلنا.
كيف حوّلتِ حالتكِ الخاصة إلى نقطة قوة وليس ضعف، من خلال التفكير بإطلاق مبادرة لمساعدة المتلعثمين؟ من ساعدكِ في تلك المرحلة؟
منذ أن عانيت من المضايقة والتنمر في المدرسة، كنت أرغب في منع حدوث مثل هذه المواقف. وكانت نقطة التحول الرئيسية بالنسبة لي عندما التقيت بشخص آخر يتلعثم واكتشفت أن التجارب التي مررنا فيها كانت متشابهة. وتساءلت: كم من الناس الآخرين الذين يتلعثمون يختبرون نفس الأحاسيس بأنهم بمفردهم ولا أحد يفهمهم أو يشعر بهم؟ هذا التفكير هو ما دفعني لإطلاق المبادرة. وأنا ممتنة لأنني قابلت العديد من الأشخاص الذين دعموني وآمنوا بأهمية المبادرة، وهو بدايةً فضل من الله وتالياً دعم من المحيط والمجتمع، فنحن حقّقنا الكثير ونأمل بخدمة المزيد من الناس الذين يعانون من أحاسيس صعبة ويبحثون عمن يفهمهم ويساعدهم ويوجههم.
حدّثينا عن المبادرة ودورها ونشاطاتها المختلفة لمساعدة فئة كبيرة من الأشخاص الذين يعانون من التلعثم؟
تمّ إطلاق مبادرة المتلعثمين في الامارات في عام 2013، بهدف إنشاء منصة دعم للأشخاص الذين يتلعثمون ولأسرهم وأصدقائهم مع زيادة الوعي حول التحديات التي يواجهها الأشخاص الذين يتلعثمون بشكل يومي. تستضيف المبادرة العديد من الفعاليات والأنشطة المختلفة على مدار العام والتي تركّز على جمع المجتمع معاً وزيادة الوعي في نفس الوقت. أكبر حدث لدينا هو استضافة يوم التوعية بالتلعثم في 22 أكتوبر من كل عام، وأهمّ ما يميّز هذا الحدث هو إعطاء الأشخاص الذين يتلعثمون فرصة لمشاركة قصصهم على خشبة المسرح مع الجمهور.
كيف تسعين لتمكين الشابات اللواتي يعانين من مشكلة التلعثم وبث الشجاعة في نفوسهنّ لكي لا يقعن ضحية الإنطواء أو حتى الإكتئاب؟
أساعدهم بدايةً من خلال مشاركة تحدياتي الخاصة مع تلعثمي والتحدّث عمّا نجح معي للتغلب عليها، وآمل أن يساعدهم ذلك على إدراك أنّهم بطلات قصصهنّ الخاصّة وبإمكانهنّ تجاوز أي من التحديات التي يواجهنها بالعزيمة والإرادة والشجاعة وتقبل الذات.
ماذا تقولين لكل شابة تعاني من وضع خاص وتخشى من التقدّم أو إجراء التغيير الإيجابي في حياتها خوفاً من نظرة المجتمع وعدم تقبّله لها؟
أود أن أقول أنه قبل أن نتوقع أن يقبلنا أي شخص آخر، يجب علينا التركيز والعمل على تقبّل أنفسنا. بمجرد تحقيق هذه الخطوة، يصبح العمل على الأشياء الأخرى أسهل نسبياً.