غنى غندور: دوري بعد إصابتي بسرطان الثدي سيتمحور حول التوعية ودعم النساء المصابات

اعتدنا أن نرى على صفحة سيدة الأعمال والمؤثرة اللبنانية غنى غندور وهي ghinaghandourofficial@ صوراً تنبض بالحياة والفرح والسفر والحفلات والمناسبات الاجتماعية والفنية المختلفة، وطالعتنا بين الحين والآخر صوراً لأم في مقتبل العمر متفانية في الاعتناء ابنتيها، تقضي الوقت معهما وترعاهما، وسيدة واثقة من نفسها وقوية تمضي قدماً في أعمالها الناجحة. وكانت الصدمة لنا حين علمنا أن خلف أجدد صورها المليئة بالبهجة، كانت غنى تخفي وجعاً مريراً نتج عن تجربة جديدة وضعتها الحياة في طريقها حين علمت أنها مصابة بمرض سرطان الثدي. قررت المؤثرة المعروفة أن تشارك جمهورها تفاصيل هذا المرض لكي تؤكد أن ليس كل ما نراه على وسائل التواصل حقيقي، وأن الصورة المثالية التي نستعرضها أحياناً على الملأ هي صورة ناقصة ولا تعكس كل الواقع. التقينا غنى التي حدثتنا عن حالتها والدعم الكبير الذي تلقته من محبيها ورسالتها لكل من تعيش أو عاشت صراعاً مع هذا الداء.

حدثينا عن تلقيك لخبر إصابتك بمرض سرطان الثدي، وكيف تمكنت من المضي قدماً في حياتك وهو ما رأيناه حاصلاً بعد نقلك لتفاصيل سفرة خضتها ونشرت صوراً سعيدة منها على الرغم من معرفتك بأنك مريضة؟

تلقيت صدمة كبيرة حين عرفت بأني مصابة بالمرض ورفضت أن أصدق بأن الأمر حقيقي وقلت للطبيب: لا بد من وجود خطأ ما، فأنا لم أشعر بأي عوارض غريبة، بل كنت أجري معاينة دورية حيث أجري الفحوصات السنوية التي اعتدت القيام بها، وبالتالي كان الموضوع يفوق قدرتي على الاستيعاب، أخبرني الطبيب بوجود ورم صغير وبعد أن قام بالزرع تبين أنه خبيث. بعد الصدمة والنكران حاولت التماسك لكي أفكر بما عليّ فعله، تحدثت إلى الطبيب لكي أعرف عن مرحلة مرضي، وعما ينتظرني من علاجات، فأكد لي بأهمية القيام بعملية ومن بعدها يتبين لنا نوع العلاجات ومدتها وباقي التفاصيل. كان عليّ القيام بصورة IRM لنعرف موضع الخلايا، وتحدد موعدها بعد حوالى 15 يوماً، وخلال هذه الفترة كنت قد خططت للسفر إلى كان، ففكرت بأن أسافر لكي أتفادى البقاء في بيتي مع الأفكار السوداء والكآبة الناجمة عن الصدمة، وبالفعل سافرت والتقطت صوراً جديدة وعرضت صوري التي كانت تبين أني سعيدة، ولكن في داخلي كنت أعيش صراعات كثيرة ومشاعر صعبة ومضطربة. فهل عليّ أن أفرح وأتظاهر أنّ كل شيء على ما يرام؟ أم أفكر بأن الدنيا قصيرة وعليّ أن أستفيد من لحظاتي فيها؟ أم أبكي وأحزن لأني سأدخل في مجهول صعب؟ عشت كل هذه الأحاسيس في داخلي وبمفردي، كنت أضحك وأبكي، أرقص وأركن في زاوية غرفتي لأفكر.. ولكن أحداً لم يعرف بما يحصل معي إلى أن قررت التحدث عن مرضي على العلن.

لماذا قررت مشاركة الجمهور العريض بتفاصيل رحلتك مع المرض؟

فكرت كثيراً قبل الإقدام على هذه الخطوة ونصحني من حولي بألا أفعل، حيث أكدوا لي أني سأنشر السلبية والحزن وأن جمهوري الذي اعتاد رؤيتي مليئة بالفرح والحياة لن يحب أن يشهد لحظات ضعفي، ولكني أردت التحدث وإخراج ما أعيشه في داخلي إلى العلن، فأنا لطالما كنت صادقة مع متابعيني.. حين خضت تجربة الانفصال عن زوجي، تحدثت عن الموضوع ولم أخف إخفاقي أو أنكره. من هنا قررت التحدث لأني مؤمنة أني حين أسمي المرض باسمه: (سرطان) سأسخفه وأقلل من أهميته وأتمكن من التغلب عليه. وبالفعل شاركت "بوست" طويل عما حصل معي، وكانت مفاجأتي الكبيرة حين رأيت مدى التعاطف ورصدت الحب الكبير الذي وصلني من الناس، فالآلاف توجهوا لي بالدعاء وذكروني في صلواتهم وأضاؤوا شموعاً على نية شفائي، وهذه الأحاسيس العالية مستني بشدة وأعطتني أملاً كبيراً بالمستقبل.

أنا مؤثرة على مواقع التواصل، ومثلما أنشر الفرح الذي أعيشه في حياتي، من واجبي أن أنشر الصورة الثانية للحياة وفيها الحزن والألم والخوف والضعف، شعرت أني عبرت عن وجع مئات النساء اللواتي يتلقين العلاج، وكنت صوتهن لأنهن خشين التحدث عن مرضهن خوفاً من ردة فعل المجتمع، لقد جذبت نساء يشبهنني، ووجدت الدعم والحب والأمان في رسائلهن، فهن تحدثن معي بصدق وشفافية وراحة، وهذا الأمر زاد من سعادتي ومدني بالمعنويات العالية، وأيقنت حينها أني لست وحيدة بل محاطة بشبكة دعم كبيرة، فهذا المرض لا يفرق بين الناس، غني وفقير، مغمور أو مشهور، بل هو يختارنا من دون أي ذنب أو سبب، وعلينا أن نكون أقوياء لدى مواجهته.

ما هي رسالتك للنساء اللواتي يهملن الفحوصات النسائية الدورية أو يؤجلنها بسبب انشغالات أخرى؟

أقول لهن: صحتك أولوية وهي أهم من أي أمر آخر، فاكتشاف المرض في بدايته يضمن لك فرص كبيرة في النجاة، بينما التأخر سيقلل فرص البقاء على قيد الحياة، وسيزيد من صعوبة العلاجات وقسوتها، وسيغيّر حياتك وحياة من حولك لسنوات طويلة. هذا المرض ليس سهلاً وليس بسيطاً، بالتالي لا يجب الاستهتار أو التأجيل، أو حتى الخوف من اكتشافه، لأني كما قلت وأكرر: الاكتشاف المبكر أفضل من المتأخر. ضميري هنا هو الذي يتكلم لأني أحب الخير لمن حولي وسأستمر في نشر التوعية عبر منصاتي على وسائل التواصل ومقابلاتي ولقاءاتي الإعلامية حتى أحث النساء على الاهتمام أكثر بصحتهن.

اعتدت على الصراحة في تربية ابنتيك، فكيف أخبرتهما عن مرضك وكيف كانت ردة فعلهما؟

ابنتيّ اليوم في بداية مرحلة المراهقة، وبالتالي فإن غوغل كان مرجعهما في كل ما يتعلق بمرضي، ولكني لم أرد أن تخافا أو تحصلا على معلومات مغلوطة، فتحدثت معهما بصراحة، وأكدت لهما أني سأبذل قصارى جهدي لكي أشفى، وأخبرتهما أني في المراحل الأولى وأحتاج للعلاج الذي قد يعني خسارة شعري، ومروري بأوقات صعبة، لذا علينا معاً أن نكون قويات لمواجهة ما ستحمله الأيام المقبلة. وقد كانتا داعمتين وقويتين ومتفهمتين بشكل كبير، فكلتاهما مثلي تعرفان أن ما لا يكرسنا يجعلما أقوى، وسيكون عليّ أن أحافظ على ثباتي وتماسكي أمامهما لكي تظلا قويتين طوال الفترة المقبلة.

ماذا تقولين للنساء اللواتي يعانين بصمت ويفتقدن للدعم المعنوي أو المجتمعي؟

أطلب منهن أن يحافظن على القوة والإرادة والرغبة بالحياة، فالله سبحانه وتعالى يجرّب القوي ويختبر قدراته على التحمل، لذا فلنتحمل لكي تنتهي العلاجات ويكتب لنا الشفاء. هنا ألفت إلى غياب مجموعات الدعم في مجتمعاتنا العربية، وهي ضرورية لتحفيز نفسية المريضة وتحسين معنوياتها، لذا سأسعى مستقبلاً إلى زيادة تواصلي مع السيدات المصابات لمدهن بالدعم والقوة.

هل طلبت الدعم النفسي خلال هذه الفترة ومن هم الأشخاص الذين وقفوا إلى جانبك في هذه المحنة؟

كمية الحب التي تلقيتها كبيرة جداً، سواء من أهلي وأصدقائي المقربين، أو أناس بعيدين عني ولكنهم تعاطفوا معي، لم أحتج الدعم النفسي ليومنا هذا، ولكني لا أرفض الفكرة ويمكن أن ألجأ لها في أي وقت، فهذا المرض لا يمسنا جسدياً فقد، بل يغيّر كل تفاصيل حياتنا ويقلب طريقة تفكيرنا، وآثاره ترافقنا لسنوات طويلة، وترافق من حولنا، فكل الأشخاص القريبين منا ستتأثر حياتهم، وأنا لأني خسرت أمي وأبي وأخي بهذا الداء الخبيث، سأسعى على الدوام لنشر الوعي بأهمية الكشوفات المبكرة عنه، لأن حياتنا ليست غالية علينا فقط، بل هي ثمينة ومهمة جداً لكل من يحبوننا ويخافون علينا بصدق.

اقرئي المزيد: نجلا زيني وابنتها غالية محمودي: معاً نرسم أجمل الذكريات

 
شارك