سينتيا خليفة: حرّري قناعاتك وقراراتك وانطلقي حرّة

لعلّها تشبه شابّات عصرها ولعلّها لا تشبههنّ... فتفكيرها ثائر وشخصيّتها قويّة وحضورها ملفت وجريء. أقوالها وأفعالها تعكس امرأة شابّة متحرّرة من قيود تحدّ إبداعها وفنّها... فما تقوم به وما تختاره يدلّ على موهبة أقلّ ما يقال عنها إنّها عاشقة للفنّ والإبداع حتّى وإن تطلّبا منها السفر، التحدّي والخروج من منطقتها الآمنة والتجربة، فهي مستعدّة دائماً...
لا تخاف خوص غمار لا تعرفه ولا حتّى التواصل والانخراط مع مجتمع مختلف عنها. على العكس، تقوم بذلك بعزم وبثقة وبقوّة وحرصاً منها على إيصال صورة الشابّة اللبنانيّة العربيّة على أنّها شابّة مبدعة، مستقلّة وقويّة... فنراها هنا وهناك ومع أنّها ابتعدت قليلاً عن الشاشة الدراميّة، هي حاضرة دائماً على مواقع التواصل الاجتماعي وعينها على العالميّة... إنّها الممثّلة سينتيا خليفة التي تحدّثنا معها عن لبنان، عن السينما وعن جديدها في عالم الفنّ...

حوار: طونينا فرنجيّة، تصوير: Rudolf Azzi، إدارة فنيّة: فرح كريديّة، تنسيق: Sima Maalouf، مساعدة منسّقة: مايا موسى، شعر: إيلي مطر لدى Salon Georges Mattar، مكياج:Aya Naqaweh لدى Bassam Fattouh Institute، موقع التصوير:Blue House Tea ، لبنان

مثّلت، قدّمت البرامج وخضت تجارب مختلفة ودائماً ما كنت تحت الأضواء... ماذا بعد؟ هل من مجال فنّي آخر يستهويك؟
صحيح، لطالما أحببت الأضواء منذ الصغر ولم أفكّر يوماً بشيء سوى الكاميرا. أحببت الفنّ بكلّ جوانبه سواء التثميل، الرقص أو الغناء. ولكنّ تركيزي يصبّ حاليّاً على التمثيل بشكل خاصّ وتحديداً في السنوات الثلاث القادمة فأنا أبحث عن فرص تساعدني على الوصول والانتشار محليّاً وعالميّاً. وليس هناك ما يستهويني غير الفنّ إنّما أقول لك إنّني أحبّ الغناء وأسعى إلى أدوار تمثيليّة غنائيّة وأعمال دراميّة غنائيّة إذ إنّني أرى نفسي فيها. إلى جانب ذلك، لا بدّ من التشديد على أنّ أكثر ما أحبّه في الأضواء هو أنّها تجعلني قادرة على التأثير على فئة الشباب ونشر أفكاري وإيصالها والتعبير عنها بشكل مطلق وهذا ما أقوم به على منصّات مواقع التواصل الاجتماعي، ولديّ الكثير لأقوله بعد وكلّ هذه الطاقة تأتي ضمن هدف واحد وهو التأثير على الجيل الأصغر سنّاً.

مع أنّك استطعت لفت الأنظار في أدوارك لا سيّما في مسلسل «بلحظة»، تصرّحين دائماً أنّ السينما هي الهدف... أين أنت منها اليوم وهل من قصّة معيّنة أو شخصيّة تحلمين بتأديتها على الشاشة الكبيرة؟
بطبيعتي، لا أحبّ تكرار نفسي فأنا أبحث دائماً عن كلّ جديد لأتطوّر والسينما تشدّني دائماً كونها تحمل في طيّاتها رسالة معيّنة كما أنّها تعكس ثقلاً معيّناً يميّزها عن سائر الأعمال الفنيّة لا سيّما إن استطاع العمل السينمائي أن يصل إلى العالميّة. يهمّني كثيراً أن أسلّط الضوء على العالم العربي وتحديداً على وطني لبنان الذي أشعر دائماً بأنّه قابع في الظلّ. أحلم وأسعى إلى أن يكون هناك عمل سينمائي يعكس الوضع اللبناني الراهن ويظهر الفساد المفروض على لبنان وطناً وشعباً ومدى تأثيره على حياتنا. أودّ فعلاً أن يتمّ إنتاج فيلم يسلّط الضوء على ذلك في محاولة لإيصال الرؤية الصحيحة عن اللبناني، صاحب المواهب المتعدّدة والذكاء. فأنا أعتبر أنّه يتمّ فرض كذبة معيّنة توهم شعبنا بأنّ ما يعيشه وما هو متوفّر له ومقدّم له هو الأفضل إنّما في الحقيقة نفتقد لأدنى الحقوق التي نلمسها كلّما سافرنا ورأينا التطوّر الحاصل خارجاً على صعيد المجالات كافّة.

رأيناك تتميّزين على سجّادة مهرجان Cannes السينمائي. ومؤخّراً، باتت بعض الأعمال العربيّة تبرز كثيراً في هذه المهرجانات الهوليووديّة. ما رأيك بها؟ وما هي معايير الفيلم العربي الذي يستحقّ المنافسة عالميّاً بالنسبة إلى ممثّلة شابّة ناجحة؟
صحيح، شاركت في مهرجان Cannes السينمائي وتواجدت مؤخّراً في حفل الأوسكار وكما ذكرت أعلاه للسينما ميزة معيّنة وهي أنّها تحمل دائماً رسالة وهذا ما يجعل كلّ عمل سينمائي غير موضوعي أو يعكس ظرفاً أو حالة أو موضوعاً شخصيّاً مميّزاً وملفتاً ومشوّقاً لا سيّما بالنسبة إلى عشّاق السينما والجمهور العالمي الذي يشعر وكأنّه يتعرّف على ثقافة مختلفة لا يدركها أو لا يعلم عنها الكثير. فنحن في العالم العربي مثلاً نعاني من مشاكل مختلفة ونمتلك في الوقت ذاته ثقافة غنيّة وقضايا ملفتة ومنها المتعلّق بالسياسة والمرأة العربيّة وتفكيرها وحضورها وأيضاً قيم ومبادئ ملفتة، وهذا ما يجعل القصص المشوّقة المتاحة كبيرة وهذا ما يجب إظهاره للعالم الغربي. برأيي، هذه الأمور هي التي ميّزت أفلام نادين لبكي مثلاً التي لاقت نجاحاً باهراً ولكن وفي المقابل أعتقد أنّه حان وقت التغيير والابتعاد عن الأعمال المرتكزة إلى الحروب ونتائجها والأمور المعيشيّة والاجتماعيّة السيّئة وتقديم أعمال تعكس الشقّ الثاني من عالمنا العربي الذي يظهر أحلام شعبه ومواهبه وهذا الشقّ تحديداً هو الذي يتناوله الفيلم الجديد الذي أصوّره حاليّاً والذي يبتعد عن الفساد والحرب ويركّز على الإيجابيّة ويعكس ثقافة مختلفة للعالم العربي بعيداً عن مسائل الحروب التي باتت معروفة للجميع.

ابتعدت فترة عن لبنان وجلت العالم، لماذا الابتعاد؟
ابتعدت فعلاً والسبب الطموح! فيسعى دائماً إلى الأفضل ويريد التفوّق على نفسه وتطويرها يختار حاليّاً الابتعاد عن لبنان وهو لأمر محزن فعلاً إنّما واقع نعيشه كشباب. للأسف، لبنان حاليّاً لا يقدّم شيئاً وهو بمثابة قاتل للطموح والأحلام وأنا طموحة جدّاً ولا أرضى بالاكتفاء وهذا ما جعلني أبتعد عنه مع أنّني أحمله في قلبي، ورغم ابتعادي يبقى هدفي وهاجسي فأنا أتكلّم عن لبنان دائماً في الخارج وأسعى دوماً إلى تسليط الضوء على ما يتمتّع به هذا الوطن من مواهب مميّزة.

إلى فرنسا توجّهت وشاركت في برنامجين وتعرّضت للتنمّر ولكنّك أكملت حتّى نصف النهائيّات رغم المضايقات والضغوط. ما أكثر ما أزعجك في هذه التعليقات؟
صحيح، شاركت في برنامجين ورغم الضغوط التي كانت تمارس عليّ من أجل الانسحاب، تحدّيت نفسي واخترت المثابرة والبقاء ولكنّها كانت تجربة صعبة جدّاً. قبل هذه التجربة لم أدرك يوماً ماذا يعني أن يعاني الشخص من التنمّر أو من التمييز العنصري أو أن يكون ضمن محيط مليء بالحقد ومع أشخاص يبدّون المنافسة الشرسة على كلّ شيء آخر حتّى ولو تطلّب الأمر منهم الأذى النفسي. ومع ذلك كلّه، لم أستطع مبادرتهم بالطريقة ذاتها، ففي ذلك الوقت اعتبرت أنّني أمثّل بلدي وأخلاقي وقيمي لا تسمح لي بالقيام بالأفعال والأقوال ذاتها التي كانت تتوجّه لي. بالفعل، كانت فترة صعبة جدّاً.

ماذا تقولين لكلّ شابّة تتعرّض للتنمرّ وللتعليقات السلبيّة اليوم؟
للأسف، بات اليوم بإمكان أيّ كان أن يقول أيّاً كان وما يريده من دون مراعاة أحاسيس الآخر. أيّ أحد يستطيع اليوم الاختباء وراء شاشة هاتفه أو كمبيوتره وتوجيه انتقادات وآراء قد تكون مؤذية وسلبيّة من دون الإحساس بضرورة الاحتكام إلى القيم والأخلاق. قبل توجيهي رسالة لكلّ شابّة تتعرّض للتنمّر، أودّ فعلاً التوجّه إلى الأهل وأقول لهؤلاء إنّ الأهمّ في التربية هو أن يعرف الابن أو الابنة أنّه لا يحقّ له ولو في أيّ لحظة التنمرّ وتوجيه الإساءة والتعليقات السلبيّة لأيّ كان! لا للتنمرّ! أشعر فعلاً بأنّ ما ينقصنا هو الوعي حول أهميّة التنمّر والنتائج السلبيّة التي تصيب الشخص الذي يتعرّض له. أعتقد فعلاً أنّ أساس ذلك هو التربية... على كلّ أهل أن يعلّموا أولادهم ضرورة احترام الآخر ومشاعره وعليهم تسليط الضوء على أهميّة الكلام واختيار الكلمات فالكلام قد يكون جارحاً. وللشابّة التي تتعرّض للتنمرّ، أقول: كلّما حاولت الردّ على أقوال التنمّر الموجّهة إليك، تزيدين الأمور سوءاً. تلك الكلمات لا تستحقّ منك الردّ وهدفها تحطيمك فلا تسمحي لها بأن تؤثّر عليك سلباً والردّ عليها بالمثل لا يفيد. حاولي عدم الاكتراث وركّزي على التقدّم والتطوّر فتحقيق أحلامك والوصول إلى ما تسعين إليه هو ما يفيدك. أديري ظهرك للتعليقات السلبيّة والمؤذية وركّزي على أهدافك وعلى تحقيق النجاح. 

تشتهرين بجرأتك، ما الذي يجعلك كذلك؟ 
أنا قويّة وجريئة أجل ولكن يجب أن نحدّد من أيّ ناحية. هل نقصد أنّني كذلك في التعبير عن ذاتي وأفكاري أم أنّني على طبيعتي من دون خوف أو خجل أو تردّد؟ إن كان كذلك، فأجل أنا قويّة وجريئة وفخورة بنفسي. ما يجعلني هكذا ثقتي بنفسي وإدراكي المطلق بأنّ ما يميّز كلّ إنسان عن غيره هو اختلافه فالإنسان خلق كي يكون مميّزاً فلمَ نسعى جميعنا إلى أن نشبه بعضنا ولمَ نسعى إلى أن نلغي تميّزنا أكان في المضمون أو الشكل الخارجي؟ أشعر وكأنّ الشابّات والناس بشكل عامّ في مجتمعاتنا لا سيّما الضيّقة منها موهومون بضرورة التمثّل بصورة أو شخص معيّن وهذا أمر خاطئ إذ يجب أن يكون لكلّ واحد منّا ميزته واختلافه فهو من يجب أن يرسم لنفسه صورة معيّنة لا أن يتمثّل بصورة شخص أو هويّة مختلفة. لكلّ امرأة أقول: أحبّي اختلافك، أحبّي مظهرك الخارجي ولا تسعي إلى أن تكون تفاصيل وجهك مثلاً كسائر النساء فالاختلاف هو ميزتك، لذا أبرزيه فلعلّه في اختلافك تجدين مواهب تميّزك. ومن هذا المنطلق، أقول للشابّات والشبّان: لا تمحوا اختلافكم فهو ميزتكم. كونوا جريئين طبعاً ولكن احترموا الآخر وإيّاكم وخلط الجرأة بقلّة الاحترام فما يفصل بينهما خيط رفيع والجرأة لا تعني أبداً أن نقلّل من احترام غيرنا.

هل تؤمنين بأنّ المرأة يجب أن تكون قويّة وجريئة؟ وما أكثر ما يستفزّك في المرأة العربيّة الشابّة؟
ما من شيء معيّن يستفزّني في المرأة العربيّة فأنا امرأة عربيّة وصديقاتي نساء عربيّات ولكن ما يمكنني قوله هو ضرورة أن تتمتّع كلّ امرأة وتحديداً العربيّة بالجرأة والقوّة كي تميّز نفسها وتفرض قراراتها وقناعاتها بغضّ النظر عمّا إذا كانت تحصل على دعم من عائلتها والسبب أنّ العائلة أحياناً قد تكون مصدر الضغط السلبي علينا. أعتقد أنّ كلّ امرأة حرّة بقناعاتها وتوجّهاتها وعليها أن تقوم بما تؤمن به وإن فعلت ذلك باحترام، فعائلتها وكلّ من عارض قراراتها سيدعمها لاحقاً.

باتت أسماء الأعمال الرمضانيّة والممثّلات المشاركات فيها معروفة. أين هي سينتيا خليفة اليوم من السباق الرمضاني؟ وماذا يعني لك؟
لن أخفي عليك، أنا مشتاقة فعلاً كي أطلّ على الشاشة الرمضانيّة. بالطبع، سأشارك في عمل رمضاني ربّما السنة القادمة أو التي تليها ولكن حتماً ليس في الوقت الحاضر، فأنا منشغلة في التركيز على هدفي وهو الوصول عالميّاً وهذا ما يجعلني أكرّس وقتي للتواجد في مهرجانات ومناسبات عالميّة وفي لوس أنجليس وللقيام باجتماعات ولقاءات مختلفة. 

نعيش موضة Netflix اليوم لا سيّما بين الشباب. هل أنت من محبّات هذه المنصّة؟ ومتى سنراك تشاركين في عمل لـNetflix؟
أنا من عشّاق Netflix. بالنسبة إليّ، رفعت هذه المنصّة من سقف الأعمال التمثيليّة والفنيّة وأتاحت لنا فرصة متابعة إنتاجات لم نعتد عليها، ففحواها وقصصها تعكس المستوى العالمي. وفي الوقت الحالي، أنا بصدد العمل على مشروع نسعى إلى أن يتمّ عرضه على شبكة Netflix وهو يضمّ مجموعة من الأسماء الأجنبيّة من فرنسا والولايات المتّحدة الأميركيّة وفيه سأكون ممثّلة ومنتجة.

تعتبرين ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيّما Instagram. كيف هي علاقتك بها؟
أراها وسيلة للتعبير عن الذات وعن الأفكار وأداة تقرّب أيّ شخص تحت الأضواء من الناس ومن متابعيه. ولكن في الوقت نفسه، أعتبر أنّ هناك مسؤوليّة كبرى تقع على عاتق المستخدم لا سيّما إن كان صاحب حساب قاعدة متابعيه كبيرة جدّاً إذ علينا أن نعي ماذا نتشارك فعلاً مع الجمهور فأعداد كبيرة تتابعنا وتتأثّر بنا.

 
شارك