سارة يوسف: أدفع نفسي للأمام لأصل إلى تحقيق طموحاتي الفنية
كالزهرة التي تتفتّح بشكل جميل تبدو موهبة الشابة الفلسطينية – الأردنية سارة يوسف الفنية، فهي التي أحبّت الرقص والتمثيل منذ صغرها، دعمت مواهبها بالتعلّم لتتقنها وتتألّق في دورها بمسلسل "مدرسة الروابي" وتحظى بإعجاب وتقدير الجمهور والنقّاد. ورغم صغر سنّها، فهي تملك الإرادة الصلبة والشخصية القوية والتصميم والمثابرة، وقد اخترناها لتكون نجمة غلاف مجلة هَيا لشهر يناير، فاكتشفي إطلالاتها مع دار Louis Vuitton، وتعرّفي على شخصيتها في هذا اللقاء.
رئيسة التحرير: Sima Maalouf، تصوير: Amina Zaher، تنسيق: Polina Shabelnikova لدى MMG Artists، مساعدة في التنسيق: Rachel، شعر ومكياج: Ivan Kuz، إنتاج: Melisa Laory، الإطلالات كلّها من Louis Vuitton
هل تذكرين متى بدأ ميلكِ نحو التمثيل والرقص والفنون بشكل عام؟
كنت صغيرة جداً حين اكتشفت السحر الخاص للفنون ولما يمكن أن نقدّمه من إبداع على خشبة المسرح. أتذكّر أنني حضرت مسرحية راقصة حين كنت في الخامسة من عمري، وكان هناك الكثير من راقصات الباليه والمغنيّات على المسرح، فأحببت العرض الذي يقدمونه كثيراً ورغبت في التواجد مستقبلاً على المسارح. فبدأت بتعلّم الباليه، وبعدها صرت أحضر المسرحيات الغنائية والأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وازداد حبي لكل أنواع الفنون، فحرصت على دراسة التمثيل.
من هم النجوم الذين تأثرتِ بهم، أو الأعمال الدرامية التي كانت تمنحكِ الشعور بالسعادة فأثارت رغبتكِ في دخول هذا المجال؟
لم يكن هناك عمل معين، أو ممثلة واحدة أو فنان محدد، بل يمكنني أن أقول إنّ التلاميذ الأكبر مني سناً في المدرسة الذين كانوا يمثّلون في الحفلات المدرسية، هم الذين جعلوني أحب التمثيل والرقص. كنت أقف مذهولة أمام الصور الجماعية التي يقدّمونها في كل استعراض، لذا فلم يكن هناك عملاً واحداً، بل فكرة فنية متكاملة يؤديها مجموعة من الشباب الموهوبين والشغوفين بالفنون.
تعرضتِ للكثير من الثقافات في حياتكِ، فأنتِ فلسطينية - أردنية نشأتِ في كندا. كيف أثرت هذه الثقافات على تكوين شخصيتكِ؟
كنت صغيرة جداً حين غادرنا إلى كندا، لذا لم أكن أعي ماهية أن أكون عربية وتحديداً أردنية - فلسطينية، ولكن حين بدأت بالاختلاط بأشخاص من جنسيات مختلفة، بدأت بملاحظة الاختلافات الثقافية، والفروقات في أنماط العيش، ولم أنزعج أبداً منها، بل على العكس كنت أراها أمراً جميلاً، دفعني إلى التعلق أكثر بخصوصيتي وحب ثقافتي بشكل كبير، كما تعلمت أن أحترم جميع من حولي بغض النظر عن الجنسية والعمر والجندر واللون والخلفية، فالمهم أن يكون الشخص صالحاً ويضيف إليّ ويساعدني لكي أتطور، فتنشأ بيننا علاقات تخدمنا نحن الاثنين على مختلف الأصعدة.
هل حصل لديكِ أي صدمة أو استغراب بسبب تغيّر نمط العيش والثقافة بين كندا والأردن؟ ما هو أكثر ما تحبينه في البلد الأول والثاني؟
بعد انتقالنا إلى كندا، حرص والداي أن نزور الأردن على الأقل مرة في العام، وهذه الزيارات ساعدتني بأن أكون قريبة من جذوري وثقافتني، لذا لم أشعر بوجود أي فجوة ثقافية بين البلدين، ولكنني تعلّمت كيف أتعامل مع كلا الثقافتين، وأتأقلم مع التغييرات التي تتواجد بينهما، لذا حين عدت لأمثّل في مدرسة الروابي، كنت مدركة للمجتمع الذي أتوجه إليه بتمثيلي والأفكار التي سأقدّمها.
وما أحبه في عمّان هو شعبها، والدفء والحميمية التي أشعر بهما بين ناسها، فهي ليست مدينة سريعة بل مازالت محتفظة بجوهرها وبساطتها. أما في كندا، فأحب الفرص الكثيرة التي تتاح لي فيها مهنياً، والناس من جنسيات مختلفة الذين يمكنني التعرف عليهم، كما أعشق طبيعتها ولا سيما أنني محبة للتخييم والتجوال في ربوعها الخضراء.
ما هي الصفات التي تحبينها في نفسكِ وتلك التي تسعين إلى تحسينها؟
حب الذات لم يكن أمراً سهلاً بالنسبة لي، فخلال نشأتي كنت ناقدة قاسية لنفسي، ورغبت في أن أكون كاملة من كل النواحي، وقد اكتشفت لاحقاً أنّ هذا الأمر مستحيل، ولكنني عملت كثيراً على تحسين نفسي لأكون الشابة التي أنا عليها اليوم، وهي امرأة سعيدة وواثقة وفخورة بما تحققه. ما أحبه في شخصيتي هو قدرتها على التأقلم مع أشخاص من خلفيات مختلفة، فأنا اجتماعية وأحب الخروج والتعرف على أصدقاء جدد وبدء محاورات مع غرباء، كما أحب عفويتي، فأنا لا أخطط كثيراً بل أذهب إلى النهاية في كل مشروع أو فكرة تعجبني. ومهنياً، أنا متفانية ومخلصة كثيراً لعملي، وأدفع نفسي إلى الأمام وأحاول قدر استطاعتي تحقيق ما أضعه في بالي. بالنسبة لما أرغب في تحسينه، فهو تسرّعي، فأنا لست صبورة على الإطلاق، لذا أعمل على اكتساب هذه الصفة المهمة.
كيف كانت عودتكِ إلى العالم العربي، ولا سيما أنّكِ عدت لتشاركي في مسلسل معروف جداً وضعكِ مباشرةً تحت الأضواء؟
العودة إلى العالم العربي كانت من أفضل القرارات التي أخذتها في حياتي، لأنّها ذكرتني بحقيقتي وبماهية ثقافتي وانتمائي، وبدأت بإيجاد أشخاص يشبهونني ويفهمون لغتي الخاصة وثقافتي. لم يكن الأمر سهلاً في البداية، ولاسيما أنني جئت مباشرةً للتمثيل في "مدرسة الروابي" وبعدها تم عرض العمل وصرت معروفة في الشارع الأردني وبين الناس، ولكنني مع الوقت استطعت التأقلم مع الشهرة المفاجئة وأحببت عفوية الجمهور وحبهم الصادق لي.
حدثينا عما عنته لكِ المشاركة في مدرسة الروابي؟ كيف استعديتِ للدور؟
مشاركتي في المسلسل وتقديمي لشخصية "تسنيم" كانت مهمة جداً بالنسبة لي، لأنني أردت إلقاء الضوء على الكثير من القصص التي كانت مخفية في مجتمعنا، وتحديداً مشاكل الشابات في الثانوية العامة، والصعوبات التي يواجهنها، والتي يستمر أثرها لسنوات متقدمة من أعمارهنّ، وأنا أردت بشدة نشر الوعي حولها. قمت بالكثير من القراءات الأبحاث وحاولت إيجاد شخصيات مشابهة لها في حياتي اليومية، وتحدثت معهنّ لأعرف كيف يتصرفن، كما شاهدت الكثير من الأعمال الدرامية التي قدّمت شخصيات مشابهة.
ما الذي أضافته سارة إلى الشخصية التي مثلتِها، لتقدّمها مليئة بالحياة والمشاعر القوية؟
غصت عميقاً في الشخصية لأعرف دوافعها الكامنة، والسبب بأن يكون لديها مشاكل مع الطعام والتنمر. كانت شخصية لئيمة وقاسية نوعاً ما وقد حقد عليها الجمهور، ولكن كان عليّ لكي أجيد الدور أن أحبها وأتعاطف معها وهذا ما حصل بالفعل، ومن هنا أعتقد يأتي السبب في نجاحي بتقديم شخصيتها.
ما هي المعايير التي تضعينها اليوم، وبعد أن صرتِ معروفة بسبب دوركِ الأول، لقبول أعمال درامية جديدة؟
تركيزي منصبّ حالياً على تقديم عمل له رسالة وصدى لدى الجمهور، فأكثر ما أحببته بعد نجاح عملي الأول هو الفتيات اللواتي يأتين إليّ ليخبرنني كم تأثّرن بدوري، وبأنهنّ شعرن بأنهنّ مسموعات وممثلات ومفهومات. هذا الشعور كان رائعاً، وذكّرني بسبب تقديمي للدور، لذا أبحث عن رسائل جديدة وقوية، تخوّلني تجربة أنماط تمثيلية جديدة وتخرجني من منطقة الراحة، فتكون مختلفة تماماً عن شخصيتي الحقيقية.
كيف ترين الواقع السينمائي والدرامي عربياً؟
أعتقد أنّ المشهد الفني حالياً يتطور بشكل جميل، فنحن نتخطّى الحدود التي كانت تعيقنا سابقاً، ونطرح مواضيع لم تكن مطروحة في الماضي، ما يعكس دور السينما والدراما، الذي هو برأيي تسليط الضوء على المشاكل للفت النظر نحوها ودفع باتجاه إيجاد الحلول.
أي من الأدوار تحبين تقديمها مستقبلاً: درامي، كوميدي، رومانسي، رعب وتشويق...
أحب تقديم الأعمال الكوميدية، لأنني أعتقد أنّه من الصعب جداً إجادتها، لذا ولكي أتحدى نفسي وأختبر قدراتي، أريد الاتجاه نحو الكوميديا في الفترة المقبلة.
صفي لنا أحاسيسكِ عندما تستعدّين لعمل فني جديد، هل هو الخوف أو الحماس أو السعادة الكبيرة أو مزيج من كل ذلك؟
أشعر بالحماس الشديد لدى العمل على دور جديد لأنني أعشق التعمق في الشخصية واكتساب صفاتها النفسية والجسدية، ويستمر حماسي حتى وصولي إلى موقع التصوير أو المسرح، ولكنه يختلط ببعض الخوف والتوتر والترقّب، فأبدأ برصد نتيجة استعدادي وكيفية تقبل الآخر لدوري.
هل أحببتِ الشهرة، وهل تساعدكِ لإيصال موهبتكِ، أم ترينها أحياناً معيقة لكي تعيشي حياة طبيعية كأي شابة في العشرينات من العمر؟
أظن أنّ كل شخص يعمل تحت الأضواء يصاب بمشاعر متناقضة حيال الشهرة.بالنسبة لي، أحياناً أرغب في بعض الخصوصية وأريد العيش ببساطة، فأقصد السوبر ماركت أو المطعم من دون أن يعرفني أحد، وفي أحيان أخرى أعتبرها أمراً جميلاً جداً ومكافئاً، لأنني أترك أثراً كبيراً وأساعد في تغيير حياة بعض الأشخاص نحو الأفضل.
كيف تختارين إطلالاتكِ؟ وكيف تصفين أسلوبكِ في الموضة؟
لا أعتقد أنّه لديّ أسلوب واحد في الموضة، فأحياناً أميل للأسلوب الـedgy، وفي بعض الأوقات أفضّل أزياء الشارع، وقد أختار الفساتين الصيفية المريحة مع الكعب العالي، لذا فإنّ أسلوبي يتغير ويتبدّل بحسب الأوقات والمشاعر التي أختبرها، ولكنني بشكل عام عاشقة للموضة، وأشعر أنّها نوع من أنواع الفنون للتعبير عن النفس، وقد كنت أدرس تصميم الأزياء قبل التوجه نحو المسرح، ولكنني غيّرت اتجاهي التعليمي لأتبع طموحي الفني، ولليوم لا زلت محبة لها وأقوم على الدوام بتنسيق إطلالاتي بنفسي، لأنني أريد أن أعبّر عن أفكاري الخاصة من خلالها.
حدثينا عن تعاونكِ مع مجلة هَيا ودار Louis Vuitton؟ ما الذي عناه لكA التعاون مع هذه الدار العريقة؟
سعدت كثيراً بهذه التجربة وشعرت بوجود قوة ومواهب حقيقية خلال التصوير، فكل واحد منّا كان مهتماً بأن تكون النتيجة جديدة ومميزة ومؤثّرة، كما أنني ممتنة وفخورة بالتعامل مع دار Louis Vuitton العريقة، وأتمنى أن تلقى النتيجة إعجاب جمهور هَيا.
أنتِ ناشطة عبر وسائل التواصل، كيف تختارين محتواكِ عبرها؟ فتحافظي على خصوصيتكِ وتنشري مشاركاتكِ الفنية ونبذات عن أعمالكِ المقبلة؟
التعامل مع وسائل التواصل كوني ممثلة، يُعتبر شائكاً بعض الشيء، فأنا لا أحب مشاركة الكثير عن حياتي الشخصية وعلاقاتي بأهلي وأصدقائي وأقاربي لأنني أعتبر أنّ هذه التفاصيل تعنيني بمفردي، وفي الوقت نفسه لا أريد نشر صور لي وأنا مبتسمة فقط، لأنني بهذه الطريقة لا أفي جمهوري حقه ولا أتفاعل معه بشكل حقيقي، لذا أنا مهتمة حالياً بأن أنشر المزيد عن يومياتي وأفكاري وهواياتي المتنوعة وأعمالي عبر وسائل التواصل، بحيث يزيد تفاعلي مع جمهوي وتتضاعف معلوماتهم عني، إنما من دون المس بخصوصيتي.
هل رقص الباليه والفروسية ينافسان التمثيل في قلبكِ؟ أم كل هذه الهوايات تكمّل بعضها لتكوني متصالحة ومتكاملة مع ذاتكِ؟
اخترت التمثيل كمهنة لي لأنني أجد في هذا المجال الفرص التي ترضيني وتحقق طموحي الفني، أما الرقص والغناء وركوب الخيل فهي هوايات، لا تتنافس مع التمثيل بل تكمّل بعضها البعض، وأحبها بشكل متساوي لأنّها جزء من شخصيتي وتعكس حقيقتي.
ما هي الأحاسيس التي تعيشينها أثناء الرقص وركوب الخيل؟ وهل هما طريقتكِ للاسترخاء بعيداً عن ضغوط الحياة؟
صحيح، فحين أحتاج لفترة استراحة من الحياة الصاخبة ومسؤولياتها، فإنني أتجه نحو ركوب الخيل. أذهب إلى الطبيعة على صهوة الجواد، وأشعر بروعة الهواء على وجنتيّ، ويأخذني مشهد غروب الشمس بعيداً عن كل المشاكل والضغوطات، أو أتوجّه نحو المسرح لأرقص الباليه. هناك أركّز على حركات جسمي وخطواتي والموسيقى، فلا يبقى أي أمر آخر في بالي.
هل تخطّطين للعام الجديد وتضعين أهدافاً للوصول لها، وما هي مشاريعكِ الفنية المقبلة؟
أضع مجموعة من الأهداف لنفسي مع بداية كل عام جديد، وأسعى جاهدة لتحقيقها، ولديّ الكثير من المفاجآت على الصعيد الشخصي والمهني ولكنني أفضّل عدم الحديث عنها لحين اكتمالها.
اقرئي أيضاً: سارة يوسف: أسعى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن أكون صادقة ومباشرة