زينب الهاشمي: المرأة القوية جزء من ثقافة الإمارات

تعد زينب الهاشمي من أبرز الفنانات التشكيليات على الساحة الإماراتية فهي أدخلت بصمة جديدة في هذا العالم ورفعت اسم بلدها عالياً.

ما الذي شجعك على دخول مجال الفن التشكيلي والتركيز على إبراز تراث وثقافة بلادك من خلال الفن الذي تقدمينه؟

في الحقيقة لطالما سحرتني الأماكن التي عشت فيها والتغييرات التي شهدتها. من جهة ثانية فإن المحيط الذي ترعرعت فيه وهو دولة الإمارات شهد تغييرات سريعة جداً في فترة قصيرة. فلطالما تغير كل ما كنت أراه حولي منذ طفولتي إلى سنوات مراهقتي وحتى شبابي وكانت معظم التغييرات تدور حول العمارة: هناك مباني هدمت وأخرى تبدلت وتحولت من عمارات بسيطة ومتواضعة إلى بنايات شاهقة وعالية.. كان المكان يتغير وكذلك الزمان وهذا ما حاولت أن أعكسه في أعمالي وهذا ما جذب الأنظار العالمية إليّ فعملت على مشروع افتتاح اللوفر أبو ظبي مع الحرفيين في فرنسا واستمر العمل لعامين وكان من أجمل وأنجح المشاريع التي شاركت فيها. باختصار أنا أحاول من خلال فني أن أعكس حالة وقصة خاصة في كل مرة: فالتصاميم ليست قطعة جامدة أتت من عدم وهي بالتأكيد لن تكون مفهومة بالطريقة ذاتها بل هي سياق متكامل له خلفياته التي يتلقاها كل إنسان بطريقته وبحسب خبراته وعواطفه وأفكاره. ما أحبه في عملي أيضاً هو أني أتعامل مع حرفيين ومهندسين كل واحد منهم مختص في مجاله وأستخدم أدوات هي جزء من تراثنا وثقافتنا مثل الطين وجلود الإبل وغيرها لكي أبني تصاميم وتحف من جديد بعد أن أكون قد هدمت الصورة السابقة التي اعتدنا أن نراها لها في الماضي وذلك كي أعكس من وجهة نظري التغييرات التي حلّت عليها في الوقت الحاضر.

هل رغبت منذ طفولتك أن تدخلي مجال الفن ومن قدم لك الدعم من أسرتك؟

موهبتي ظهرت في الصغر وساعدتني قريبة والدتي الدكتورة والفنانة نجاة مكي - التي تعد من أهم الفنانات الإماراتيات والتي كانت أول من سافر إلى مصر لدراسة الفن - فقد لاحظت أنه لدي حس إبداعي حيث كانت والدتي تحتفظ بلوحاتي وأعمالي وتريهم إياها. شخصياً لم أكن أرى نفسي فنانة تشكيلية ولم أكن متقبلة للفكرة مع أي درست الفن ولكني رغبت أن أكون مصممة وليس فنانة لأني كنت مقتنعة أن التصميم سيخولني العمل مستقبلاً أما الفن فهو مجال يصعب النجاح فيه. إلا أن الظروف ساعدتني ولاسيما أنه في عام 2008 كان هناك تركيز في الإمارات على المجالات الفنية حيث كان هناك آرت دبي وأبو ظبي آرت وبيالي الشارقة ورايا آرت سنتر في الشارقة وهيئة الثقافة في دبي ووزارة الثقافة وجميع هذه الأطراف كانت تقدم مبادرات لدعم الفنانين الشباب وقد استفدت من هذه الفرص وفتحت لي الباب على وسعه لكي أنشر فكري الفني الخاص وأحقق النجاح بشكل سريع ويبرز اسمي على الساحة كواحدة من الفنانات الشابات الموهوبات.

هل كان هناك صعوبات في بداياتك؟

في الحقيقة بداياتي كانت ميسرة وقد وجدت الدعم من عدة جهات في الدولة ولكني أمر اليوم بأكثر مراحل حياتي المهنية صعوبة والسبب بالتأكيد التغييرات التي حلت في العالم بسبب كورونا فالغاليري الذي يعرض أعمالي أغلق وأنا في وارد البحث عن مؤسسة جديدة تمثلي وبسبب الكثير من الاحتياجات المادية والمعنوية التي يتطلبها عملي وحياتي بشكل عام أفكر جدياً في تغيير مسار حياتي والحصول على وظيفة ثابتة على الأقل لفترة قصيرة إلى أن أستقر بشكل أفضل على ما أرغب بالقيام به فنياً.

تعاملت مع علامات تجارية مهمة فما هي حسنات وسيئات هذه المبادرات؟ 

من خلال عملي الفني كونت اسماً موثوقاً وسمعة طيبة وشبكة علاقات عامة خدمتني وجعلتني أصل إلى علامات تجارية شهيرة فقد عملت مع دار هيرمس ودار شواروفسكي ومع تيفاني أند كو وهي علامات لها تاريخ عريق وكان لي الشرف أن أتعامل معهم حيث تجلت موهبتي بشكل كبير كفنانة وكمصممة وقد ساعدوني في إبراز اسمي بشكل مميز. كل علامة لها رؤيتها الخاصة وفكرتها وقد حصل تقارب بيننا حيث لم يكن لديّ أي مانع كمصممة في أن أعكس رؤيتهم وقد تركوا لي من جهتهم الحرية في إبراز جانب الفنانة الذي في داخلي.. هكذا التقينا في منتصف الطريق وحقق كل طرف فينا غايته من التعاون.

مع هيرمس أدخلت تقريباً ربع طن من الرمل إلى واجهة متجرهم وعلى قدر ما كان الأمر صعباً فقد كانت نتيجته رائعة وأنا أقدر هذا الحس الفني العالي لديهم وثقتهم بي وبما سأقدمه لهم. أما شواروفسكي فقد كا مشروعي معهم رائعاً وشيقاً حيث أحضروا لي عينات من النمسا بينما الفريق الذي عمل على القطعة كان في لندن وكا تواصل عبر الهاتف وقد نجحنا لأه كانت هناك ثقة متبادلة لتطبيق الرؤية المطلوبة. ومع تيفاني أند كو فقد سافرت إلى نيويورك ونفذت أيضاً مشروعاً لافتاً.

أعتقد أنه لدي في داخلي القدرة على القيادة بشكل صحيح كما أني أمنح من يعمل معي حريته لكي يبدع في المجال الذي يبرع به. هذه الصفة فيّ جعلت عملي ينجح وجعلتي أحقق الأفكار التي أطمح بها.

ما هي أكثر الأعمال التي نفذتها قرباً إلى قلبك؟

أعتقد أنه عمل قمت بتنفيذه في بداياتي وتحديداً عام 2012 وقصته تعود إلى طفولتي وتحديداً حادثة عشتها في بيت جدي الذي كان يقع في حي الفهيدي. هذا المكان كان يحتوي على سوق في الماضي وكنت أرى الرجال يحملون قطع القماش على الأسلاك وينقلونها في عربة من مكان لآخر. وفي العمل الفني الذي نفذته بعدها بسنوات استحضرت هذه الصورة وحولتها إلى مشهد فيه نفس الناس والعربة لكي يدخلوا بها إلى الحي الذي بات اليوم حياً تراثياً وثقافياً وتغيرت صورته الجديدة بشكل كبير عما كانت عليه في السابق.. وهذا أكثر ما أحبه في عملي: فكرة استحضار ذكريات جميلة من ماضينا وإضفاء روح العصر الحالي عليها. 

هل ترين أن الإمارات سبقت جاراتها في مجال دعم رائدات الأعمال وأصحاب الأفكار الخلاقة؟ وإلى أي مدى ساعدك دعم القيادات للقدرات النسائية الشابة في تحقيق أفكارك؟

لطالما كان للمرأة الإماراتية دور كبير وقوي في بناء مجتمعنا وفي تعزيز صورة البيت المتماسك. فمكانة المرأة الخاصة والمميزة موجودة قبل حتى قيام الاتحاد وفي رواياتنا القديمة يبرز دورها في اتخاذ القرارات كما تظهر صورة واضحة عن قوتها في ظل الحياة البسيطة وغير المترفة التي كانت تعيشها في السابق.

المرأة القوية إذاً هي جزء من ثقافتنا وزادت قوتها بسبب دعم المجتمع والدولة لها. فهي تتلقى الدعم من والدها وأخوها وقائدها وزميلها ومن كل الرجال في محيطها. وقد ساعدني أن أكون امرأة تحمل هذه الحسية الكريمة لكي احقق النجاح فليس من السهل على أي امرأة في أي دولة من دول العالم أن تكون فنانة تشكيلية وتحقق النجاح لكن ولأني إماراتية حصلت على الدعم الذي أستحق وتمكنت من الوصول بأفكاري إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور.

بعد أن مررنا بجائحة كورونا التي غيرت الكثير من تفاصيل حياتنا. ما الذي تعلمته وما الذي يمنحك اليوم الراحة والسكينة؟

تغيرت حياتي المهنية بشكل كبير فقد تقلصت سفراتي وتقلص ما كان متاحاً أمامي من فرص لكي أطور مهنتي وأدائي كما تقلصت مشاركاتي الخارجية في معارض وغاليريات ولذلك وجدت أن مسؤوليتي اليوم هي أن أدعم وأساعد الفنانين الشباب فأعطيهم من خبرتي وتجاربي وأوصل بصوتي نصائح مفيدة لهم لكي نكبر ونتطور ونجد الحلول لمشاكلنا المشتركة.

في الماضي كانت الأمور أسهل واليوم أجدها فرصة لكي أشكر جميع الناس الذي قدموا لي الدعم وأعتقد أني وغيري نعيش صحوة كنا نحتاج إليها لكي نقدّر ما وصلنا إليه ونفكر فيما نسعى لتحقيقه في المستقبل.

 
العلامات: زينب الهاشمي
شارك