روناء بابنجي: تسلّق الجبال مثل الحياة فيه صعوبات سنختبرها قبل الوصول إلى القمّة
وكأنها ابنة الأرض والطبيعة، تجد راحتها وسعادتها في ربوعها ولا تخشى تجربة أي هوايات جديدة تخولها اكتشاف ما حولها، لتصل عبر جمال الطبيعة إلى اكتشاف أكبر لذّاتها وحقيقتها وطموحاتها. إنّها متسلّقة الجبال والمغامرة السعودية الشابة روناء بابنجي التي تحدّثنا أكثر عن نفسها وعن وجهاتها المفضّلة داخل المملكة.
في عالم اليوم، حيث نجد معظم الشابات الجميلات والجذّابات يلجأن إلى حب الموضة والجمال لكي يعرفن الشهرة في عالم السوشيل ميديا، رأيناكِ تختارين الطريق الصعب وتركّزين على نشر المعرفة والتوعية بموضوع أهمّ، وهو إيصال صورة عن طبيعة وجمال وآثار بلدك السعودية.
كيف فكّرت ببدء صفحتكِ ونشر تجاربكِ ومعارفكِ في هذا المجال عبرها؟
أنا مثل أي شابة تحب الموضة والجمال والصيحات الجديدة، لذا في الحقيقة فقد بدأت صفحتي بنشر محتوى يتعلق بهذه المجالات. ولكن حين بدأتُ بالانفتاح أكثر على العالم الواسع واتضحت أفكاري ورؤيتي التي أريدها لحياتي، بدأتُ أشارك اهتمامي بمجال الآثار عبر صفحتي على إنستغرام، فأنا أدركت انجذابي لعالم المغامرة والرياضة والطبيعة من خلال مشاهدة الأفلام والوثائقيات والأعمال التي قدّمها غيري من المؤثّرين والمؤثّرات، لذا أردت الاستفادة من عالم وسائل التواصل لنقل ما أكتشفه وأعيشه وأختبره من مشاعر عن هذا المجال الواسع والجذّاب. الجيل الجديد يهتم بالصور البصرية وبالرسالة التي تصل من خلالها، لذا اخترت مشاركة حبي للطبيعة والحياة فيها لكي ألهم الشابات في مثل سنّي، فتتوسّع مداركهنّ ويعرفن المزيد عن الحياة.
ما الذي جذبكِ إلى علم الآثار، هل هو صعب كمجال دراسة، وكيف تشجّعين الشابات بمثل سنّك على هذا المجال؟
طبيعتي كشخصيّة فضولية هي ما جذبني إلى مجال الآثار، ففيه الكثير من العلوم، منها علم الأرض واللغويات والكيمياء والهندسة المعمارية والتاريخ والتوثيق والتنسيق، واكتشاف ما تخفيه هذه المجالات كان أمراً رائعاً زاد من معارفي وثقافتي العامة، بالإضافة إلى حبّي للترحال والسفر، فهما أصبحا جزءاً من حياتي لأنهما سمحا لي باكتشاف المزيد من الأراضي والطبيعة والجمال الذي ينتظرني في هذا العالم الواسع. ومعرفتي بالآثار تزيد من متعة اكتشافي لكل بقعة أو منطقة أتوجّه إليها، وبالتالي كانت دراستي بمثابة الباب الأوسع الذي وجّهني نحو المزيد من المغامرات، وأشجّع أي فتاة أن تتبع ما تحب في اختيار تخصّصها أو مهنتها المستقبلية، فهذا ما ستبرع بالقيام به بالتأكيد. وأنصح الأهالي أن يشجّعوا أطفالهم في سنّ مبكرة على تجارب الطبيعة والمغامرات لعوائدها الإيجابية التي تساعد في بناء الشخصيّة.
ما الذي يميّز الأرض السعودية من آثار وما هي أكثر المناطق التي تنصحين كل محبات التاريخ بزيارتها؟
تمتاز المملكة بوجود عدد كبير من الأماكن الطبيعية والأثرية الساحرة. وبالنسبة لي فإن عسير بشكل عام ونجران بشكل خاص هي أماكني المفضّلة في المملكة. فهي تخفي الكثير من الآثار التي تستحق أن يكتشفها كل مغامر أو سائح، وبرأيي يجب أن توجَّه الأنظار إليها بشكل أكبر إعلامياً للتّعريف بموروثها الثقافي والحضاري وخصائصها التي ستجذب المزيد من الزوار إليها.
كيف نشأ فيك حب المغامرة؟
أحببت منذ صغري مشاهدة الوثائقيات وكنت أتمتّع باكتشاف المزيد عن الأرض والآثار والطبيعة. كنت أشعر بالانجذاب الشديد للترحال والتعرّف على العالم الواسع، وبعدها اخترت أن أتبع حلمي وشغفي الكبير، فتمحورت حياتي حول هذه النشاطات وحول التسلّق والرياضة والحماس الذي يتولّد من التواجد في البريّة.
هل كان سهلاً لشابة سعودية من أسرة محافظة أن تنطلق في هذا المجال الحسّاس نسبياً بالنسبة للشابات العربيات؟
لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق. فقد كان أشبه بحلم صعب التحقيق، ولكن حين نبدأ بالحلم ونؤمن بأنّ طريقنا سيوصلنا إليه ونثق بقدرتنا على تحقيق ما نرغب فيه، فسنصنع التغيير ونعيشه. المهم هي النيّة القويّة التي لا تتزعزع، بعدها سنرى الصعوبات تتلاشى، وسنصنع الحياة التي أردناها كما فعل آخرون قبلنا. الوصول ليس سهلاً ولن يأتي بشكل سريع ولكنّه ممكن بكل تأكيد.
حدّثينا عن هواية التسلّق، متى اكتشفتِ أنكِ تهوين هذا النشاط، وأين يمكن ممارسته بأمان في المملكة؟
بدأت بممارسة الهايكينغ أو المشي لمسافات طويلة، ولأنّني أحب التواجد في الجبال أو حولها، بدأت بهواية التسلّق ووجدت نفسي أنجذب سريعاً إليها، وهناك الكثير من الأماكن في المملكة التي تؤمّن كل ما يلزم لمحبّات ومحبّي هذه الهواية لاكتشاف الجبال بكل أمان ووفق معايير سلامة عالية. لذا أنصح كل شابّة تحب المغامرات بتعلّم أصول التسلّق وتجربة المشاعر الرائعة التي تولّدها.
ألا تخيفكِ ممارسة الهوايات الخطيرة؟ وما الذي يعنيه لكِ شعور الوصول إلى القمة؟
الخوف موجود دائماً. فكل تجربة جديدة نخوضها يعتريها التوتر والقلق في البداية، وأنا أعتقد أن التسلّق مثل الحياة، فيه صعوبات ولكن أثناء سعينا المستمرّ للوصول إلى القمّة، نتعلّم أن نستمتع بالرّحلة ونركّز على الإيجابيات لكي نحقق الهدف. هذا الشعور يتكرر في كل مرة أبدأ بها مغامرة جديدة وهو ما يحمّسني لأفعل المزيد.
ما رأيكِ بالانفتاح الكبير الحاصل بالمملكة، وكيف تستفيدين منه لنشر أفكارك؟
أنا فخورة بما يحصل في بلدي وسعيدة بالإنجازات التي يقوم بها الشباب السعودي ولا سيّما النساء اللواتي يبرعن في مختلف المجالات. صحيحٌ أنّ التغيير سريع جداً وصادم بعض الشيء، ولا سيما في الأوساط الاجتماعية الأكبر سناً والمعتادة على نمط معيّن من التفكير والتصرّف، ولكن حين بدأت هذه الفئة برؤية أهميّة التغيير وعوائده المختلفة على مختلف نواحي الحياة، اقتنعت بوجوب حصوله، وأدركت كمّية المواهب المبدعة التي تتواجد في هذا البلد وتبحث عن فرص حقيقية للظّهور ومشاركة أفكارها الخلّاقة والجديدة ونشرها على مستوى أوسع.
تقدّمين صورة مميّزة عن الشابة السعودية العصرية، حدّثينا قليلاً عن أسلوبكِ في اختيار الأزياء والإطلالات؟
أحبّ الألوان الترابية، فأنا ابنة الأرض والطبيعة، حتى أن برجي من الأبراج الترابية، فأنا برج الثور. أختار الإطلالات المريحة التي تناسبني وتعكس نمط حياتي ونشاطاتي المختلفة، وأكثر الألوان التي تعجبني هي البنيّ والبيج والأخضر والأبيض. كما أفضّل البساطة والبعد عن التكلّف.
تعاملتِ مع عدد من العلامات المعروفة، فكيف تختارين العلامات التي تعطينها ثقتك؟
أختار العلامات القريبة من أسلوبي والتي تكملّني وتخدم الرسالة التي أسعى إلى نشرها. وأميل نحو العلامات التي تدعم في مشروعها ومنتجاتها مبدأ الاستدامة وتسعى للمحافظة على موارد الأرض والبيئة.
ما هي الوجهات التي تنصحين بزيارتها داخل المملكة للباحثين عن الهدوء في قلب الطبيعة المريحة؟
يوجد الكثير من الوجهات السياحية الرائعة في المملكة، منها عسير والطائف. ويعدّ هذا الوقت من العام الأمثل لزيارتها والاستمتاع بطبيعتها، ولاسيما أنّ الطقس جميل جداً ومعتدل خلال أشهرالربيع الثلاث. أنصح محبّات الطبيعة بممارسة رياضة المشي والركض وحتى تسلّق الجبال أو ركوب الدراجات الهوائية، فهي ستكون فرصة رائعة لهنّ لتخزين طاقة إيجابية خلال فترة إجازة العيد للعودة بنشاط وحيويّة إلى صخب وضجيج المدن الكبرى.
اقرئي المزيد: Haya Maraka السفر يسمح لي بالاستمرار في الحلم والمكسيك وجهتي المفضلة