داليا حمّود: النجاح كغايمر يحتاج موهبة ودقة ملاحظة وتطور مستمر

مجال واعد وحيوي ومليء بالفرص هو عالم الألعاب الإلكترونية الذي يجذب اليوم أكثر من أي وقتٍ سابق الكثير من الشابات إليه، فاللعبة لم تعد مجرّد مراحل سهلة أم معقدة توصلكِ إلى الفوز، بل باتت أشبه بعوالم خيالية مليئة بالاختبارات مع زيادة القدرة على التواصل والتفاعل بين اللاعبين والجمهور بحيث يتضاعف الحماس وتزداد الرغبة لدى الجميع في اكتشاف خفايا هذه العوالم. ونعرّفكِ فيما يلي على قصص 5 من أشهر لاعبات العالم العربي، بعضهنّ لديها خبرة سنوات في هذا المجال، وأخريات يُعتبرن جدد نسبياً، ولكنهنّ استطعن معرفة مفاتيح النجاح فيه، فاكتشفي المزيد عنهنّ وعن تجاربهنّ في هذه اللقاءات الموسّعة.

بعد أن حققت النجاح في مجال الغناء، انتقلت الشابة اللبنانية داليا حموّد إلى مجال الألعاب الإلكترونية، وهي اليوم من أشهر النساء العربيات المحترفات في هذا المجال الحيوي والجديد والمليء بالفرص المستقبلية، فماذا تقول عنه وكيف ترى مستقبلها فيه؟

من عالم الغناء إلى الألعاب الإلكترونية، كيف حدثت هذه النقلة في حياتك؟

الصوت الجميل هو موهبة أتمتع بها واستفدت منها في الغناء واختيار الأنماط الموسيقية التي تعجبني، فقدّمت الكثير من الأغاني، ولكنني أحب الألعاب كثيراً منذ صغري، حيث كنت ألعب وأنسجم بشكل كبير مع إخوتي وقريباتي في فترة المراهقة. واستمر الأمر معي حتى شبابي، وبدأت ألاحظ ازدياد الإقبال على فيديوهات اللعب التي أضعها عبر وسائل التواصل. بدايةً، استغرب الجمهور كيف لشابة جميلة أن تلعب FIFA وCall of Duty وغيرها، ولكن حين تعمقت في هذا المجال وخصصت محتوى أكبر له، ازداد عدد متابعيني بشكل كبير جداً، وبدأت أتلقّى العروض من شركات إعلانية وتسويقية في مجال الألعاب الإلكترونية، فكرّست معظم أوقاتي ونشاطاتي له. فمجال الفن واسع جداً وكبير وفيه الكثير من النجوم، بينما "الغايمينغ" هو مجال جديد وحيوي ومليء بالفرص في وقتنا الحالي.

هل ساعدتكِ شخصيتكِ القوية وحضوركِ الحيوي وجاذبيتكِ في النجاح بمجال الألعاب الإلكترونية؟

بالفعل لعبت شخصيتي دوراً في زيادة الإقبال على محتواي، فالجمهور يحب تعليقاتي وطريقة تفاعلي، لدرجة أنني حين لا أفتح فيديو يطلبون مني بكل إصرار أن أظهر لكي يراقبوا ردود أفعالي. ببساطة، أنا أحب اللعب كثيراً وكل مشاعري تكون حاضرة، فأبدو حقيقية وصادقة وقريبة من الشباب. وهذا المجال ليس جامداً أبداً، بل هو متحرك وحيوي ويتطلب الأخذ والرد، والناس اليوم تبحث عمن يشبهها بعد أن ملّت من شدّة الزيف والمبالغة والصور المغلوطة عبر وسائل التواصل.

ألا تخشين من التعليقات السلبية ولا سيما أنّكِ شابة وجميلة ومغنية لكِ صورتكِ وشهرتكِ عربياً؟

كسرت الحدود التي تتطلبها الشهرة مع من يراني أو يتابعني، ولا أحب التصرفات المحسوبة أو الكلام المحضّر مسبقاً والمنمّق، بل أبدو طبيعية فأظهر أحياناً مع شعر منفوش ومن دون مكياج، والجمهور يتقبّلني لأنّه بات يراني كصديقة أو كأخت وليس لاعبة أو مغنية معروفة. أنا أتابع كل التعليقات التي تردني وأرد عليها بنفسي، واكتسبت المناعة بأن لا أتأثر بالكلام السلبي، مع أنّه قليل جداً واختلف كثيراً عن فترة بداياتي كلاعبة، ففي السابق اعتدت على كلمات مثل: لماذا تلعبين، يجب أن تكوني في المطبخ لتحضّري وجبة شهية! كنت أنزعج وأتأثّر بسبب هذه الصورة النمطية عن الشابات، ولكنني اليوم صرت أرد، والرد يأتي من طريقة لعبي ومن حرفيتي والانتصارات التي أحققها في مختلف الألعاب التي ألعبها.

كيف تقبّل محيطكِ دخولكِ إلى هذا المجال الذي يخشى معظم الأهل على بناتهنّ من دخوله؟

الألعاب الإلكترونية لطالما كانت جزءاً من طفولتي، فنشأت بين إخوة شبّان وكنت ألعب معهم بشكل شبه يومي، ولليوم يتحدّونني ونلعب معاً ونقضي أجمل الأوقات، لذا فإنّ اللعب لم يكن أبداً أمراً مخصصاً للرجال في بيئتي، واليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، نرى دخول الشابات إليه ونرصد ازدياد التشجيع من قبل الدول والحكومات والهيئات المختلفة، وذلك حتى يزداد دور المرأة في هذا المجال، فاللعب لا يعني التسلية فحسب، بل هو مفيد لتنمية الذكاء والتركيز والذاكرة والصبر وغيرها من الصفات الضرورية والمطلوبة لأي إنسان يرغب في تطوير شخصيته.

هل يمكن لاختيارك لهذا المنحى في حياتكِ أن يضعكِ في خانة "الصديقة" مع الرجل فيمنعكِ من إيجاد الشريك المناسب؟

لا أظن ذلك، فأنا كنت مخطوبة سابقاً وكانت أجمل أوقاتي التي قضيتها مع خطيبي هي حين نلعب ونتحدّى بعضنا البعض، وحتى اليوم تأتيني تعليقات مثل: "أنتِ ستكونين الزوجة الصالحة"، لأنّ الشاب يرغب في شريكة تشاركه شغفه بالألعاب بينما معظم النساء لا يحبّونها ويفضّلون نشاطات أخرى.

لماذا برأيكِ لا تحب معظم النساء الألعاب الإلكترونية؟

لأنهنّ يعتقدن أنّها صعبة ومعقّدة وهذا أمر غير صحيح، فهناك مئات الألعاب ويمكن لكل شابة أن تجد ما يناسبها ويجعلها تنسجم وتتحمس وتقضي وقتاً ممتعاً. ولقد شجعت معظم صديقاتي على اللعب وتطورن بشكل سريع وبتن يقضين معظم أوقات فراغهنّ في اللعب. وهنا ألفت إلى أنّ اللعب يسرق وقتنا من دون أن نشعر، فأنا أحياناً ألعب لأكثر من سبع ساعات، وهذا أمر غير متاح للكثير من النساء ولاسيما ربّات المنزل أو الموظفات، اللواتي يقمن بعدة مهام بعد الدوام، بينما الشباب فلا يوجد لديهنّ التزامات كبيرة لذا يجدون وقتاً أطول للعب. يوجد أيضاً في عقليتنا معايير قديمة لا زلنا نتأثّر بها، وهي أنّ الألعاب الإلكترونية مخصصة للشبان، ولا تليق بالبنات، وهذه الفكرة يجب أن تتغير لأنه لا يوجد أي عيب أو خطأ في أن تحبّي نشاطاً وتمارسيه بكل احترام ومراعاة لمعايير مجتمعكِ وتربيتكِ.

هل أنتِ مع ما تقوم به بعض الشابات من اللعب تحت أسماء وهمية لتحمي نفسها من تعليقات البعض على لعبها أو لنقل اختلاطها خلال اللعب؟

إنّها في النهاية حرية شخصية، ففي بعض المجتمعات وللأسف لا يتقبّل الشاب أو الرجل أن تكون المرأة ندّاً له حتى في مجال اللعب، فيشعرونها بالدونية وتضطر للقيام بهذه الحيل. برأيي المرأة يجب أن تملك الثقة بنفسها وتقوّي شخصيتها لتكون قادرة على المواجهة ولا تتأثر بأي شخص سلبي.

حدّثينا عن شعوركِ خلال اللعب؟

اللعب يعطيني شعوراً بالسعادة والراحة ويفصلني عن مسؤوليات العمل والضغوطات اليومية، هو كفيل بأن يخرجني من أي فترة صعبة، لأنّه يستحوذ على كل عقلي وتركيزي... أطفئ كل الأنوار في البيت وأدخل إلى لعبتي المفضلة لأفرّغ كل غضبي ومشاعري السلبية، فتتحرك كل انفعالاتي، وأبذل كل جهدي لأتخطّى المراحل. اللعب يحتاج إلى موهبة ودقة ملاحظة وتطوير مستمر للمهارات، هو ليس مجالاً سهلاً، بل يتطّلب كأي عمل أو نشاط رياضي: التفاني والتمرّن والتركيز.

ما هي نصيحتكِ للأهل في ما يتعلق باختيار الألعاب التي يلعبها أولادهم؟ هل يوجد فعلاً ألعاب مسيئة للقيم ويمكن أن تؤدّي بالمراهق أو الطفل إلى قرارات أو تصرّفات خاطئة؟ وكيف يمكن وضع حدود لمدى قضاء الوقت في اللعب حتى لا يتحول إلى إدمان؟

أشجّع الأولاد على اللعب فهو مفيد كما ذكرت، ولكنني مع تحديد وقت في اليوم مخصص له، ومع أن يعرف الأهل الألعاب التي يمارسها الأبناء، فهناك الكثير من المحتوى العنيف والكلام المسيء، وبالتالي فإنّ المراقبة ضرورية، ولحمايتهم من الإدمان يجب أن نحثّهم على نشاطات أخرى، ربما رياضية أو اجتماعية تعزز اختلاطهم بالمحيط الحقيقي حولهم.

تقدّمين فيديوهات توعوية ومفيدة تهمّ الأهل واللاعبين أيضاً، كيف ترصدين الموضوع المهم الذي سيحدث صدى لدى المتلقّي؟

لديّ خبرة طويلة في هذا المجال، وأرصد تصرّفات الأولاد والمراهقين في محيطي، وأعرف كيف يمكن التعامل مع الأصغر سناً، فكل طفل لديه أسلوبه الخاص، ما يتطلب طريقة تعاطي مختلفة، ولأنني أعرف أنّ كل ممنوع مرغوب، أشجّع الأهل على أن يكونوا أصدقاء أولادهم فيتعرّفوا على أفكارهم ويناقشونه باللين والترغيب.

كيف ترين واقع الشابة العربية اليوم في مجال الألعاب الإلكترونية؟

نشهد إقبالاً كبيراً على الألعاب لم نكن نراه في السنوات القليلة الفائتة، وهناك الكثير من الشركات الكبرى التي باتت تقصد اللّاعبات للإعلانات والترويج عن منتجاتها الخاصة باللعب، وقد قدّمت بعضاً منها وذلك بعد تجربتها والاقتناع بجودتها. أنا بشكل عام أشجّع كل امرأة على اللحاق بحلمها والسعي لتحقيقه.

ما هي نصيحتكِ لكل شابة راغبة في دخول مجال "الغايمينغ"؟

يجب أن تضع جداراً حول نفسها، وتكون جدية أحياناً في التعاطي مع الآخر، فتركّز على اللعب والتطور، وأن تظل طبيعية خلال العروض المباشرة، وثابتة انفعالياً فلا تتأثر بإمكانية التنمر بعد الخسارة، بل تقوّي في داخلها الإحساس بالتحدي لكي تتطور وتفوز بالجولات المقبلة.

هل تستفيد اللاعبة مادياً من هذا المجال؟

بالطبع هناك منفعة مادية، ولكن بالنسبة لي لا أتقبّل الدعم أبداً في البثوث المباشرة، بل أركّز على الإعلانات التي أقبل بها عن قناعة وليس لمجرد الاستفادة المادية.

ما الذي تحمله لكِ الأيام المقبلة؟

أستمر باللعب طبعاً مع كل ما يحمله المجال من تحديات جديدة، وسأقدّم في الصيف المزيد من الأغاني التي أتمنّى أن تصل إلى الجمهور.

افرئي المزيدريما الأسطا: مشروعي هو تقوية تواجد المرأة في مجال الألعاب الإلكترونية

 
شارك