باولا صقر: باعتبارنا مصممين مقيمين على هذا الكوكب فإنّنا نتحمّل مسؤولية رعاية بيئتنا واحترامها

في عالم الفن والتصميم والتصوير، تجد باولا صقر ذاتها، هي التي افتتحت الاستوديو الخاص بها بعد دراستها لتصميم المنتجات وتخرّجها بمرتبة الشرف من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ALBA)، وفي الوقت نفسه، عملت كمصمّمة منتجات في PsLab، قبل أن تقرّر حصر تركيزها بمشاريعها. ترى عملها عبارة عن «قصص صغيرة آتية من أزمان مختلفة، كتعاون مستمر وغير أناني مع العالم، لأنني لم أكن قط محور مشاريعي». التقينا بباولا التي لطالما راعت الاستدامة في أعمالها، وكان لنا معها لقاء تطرّق إلى رؤيتها التصميمية ومشاريعها المقبلة.

 

من بيت جبلي في لبنان، بدأ حبكِ للتصميم والعمل اليدوي بالمواد المتاحة من حولكِ في الطبيعة. ما هي الصور أو الأدوات أو حتى الذكريات التي أثّرت فيكِ أكثر وساهمت في تكوين رؤيتكِ التصميمية؟

أكثر ما أثّر فيّ خلال رحلتي الإبداعية هو ارتباطي بالأرض. ففي كل مكان أنظر إليه، أجد فكرة جديدة، وإبداعاً رائعاً للطبيعة الأم. إنّها مذهلة جداً وبسيطة جداً ورائعة. لديها الكثير لتقدّمه وتعلّمه إذا فتحنا أعيننا وقلوبنا لها.

ترين أنّ كل مادة لها روح خاصة بها. كيف تسعين من خلال عملكِ بها إلى جعل هذه الروح محسوسة وواضحة لدى المتلقّي؟

أعتقد أن كل مادة تمتلك جوهرها الفريد، وبدلاً من محاولة تغيير هذه الروح المتأصلة، أجد قيمة في تكريمها واحترامها والحفاظ عليها. يتضمن نهجي التعاون مع المادة نفسها، واستكشاف حدودها، والكشف عن الإمكانيات التي تقدّمها. أسعى جاهدة لاكتشاف أقصلى قدراتها واحتضان صفاتها الفطرية، لكي ينعكس ذلك في عملي الإبداعي.

ما هي المواد التي تشعرين براحة أكبر في العمل عليها؟

أجد متعة في العمل مع مجموعة واسعة من المواد وأجد أنّ حصر نفسي في مادة واحدة فقط من أجل الراحة من شأنه أن يمتص متعة التصميم بالنسبة لي. أحب العمل بالخشب والزجاج والرخام والمنسوجات والمعادن... ومع ذلك، كمصممة منتجات وخزفيات، فإنني أعشق بشكل خاص العمل بالطين وغالباً أدمجه في المشاريع التي يتم إصدارها تحت مظلة استوديو باولا صقر. اخترت العمل بالطين شخصياً بدلاً من الاستعانة بمصادر خارجية لأنّه يحمل أهمية خاصة بالنسبة لي، فهو مادة مقدّسة بالنسبة لي، لأنّها تساعدني على تعزيز ارتباطي العميق بالطبيعة.

كيف تجدين الأفكار الجديدة وغير المسبوقة لمجموعاتكِ؟

أفكاري مستوحاة من كل شيء حولي. أنا لا أسعى لفرض القصص على الآخر، أو أتابع مفهوم معين في مسعى لطرح أعمال مستوحاة منه. بدلاً من ذلك، فإنّ محيطي يعمل كمصدر إلهام كبير لي. أبدأ بمشاعر أو ببعض الكلمات التوجيهية، ما يسمح لها بتشكيل رؤية عملي في ذهني. ومع تقدّم المشروع، يظهر التسلسل بوضوح، ما يساعدني على كشف الجوهر الكامن وراء إبداعاتي بشكل أفضل.

كيف تحوّلين الفكرة إلى شيء مادي ملموس وتزيلين الصعوبات لتصير المادة الجامدة غرض حيوي له دور في الحياة اليومية؟

تبدأ الرحلة بإلهام أولي يحدد مسار المشروع بأكمله. ويتماشى اختيار المواد مع السرد الذي أرغب في التعبير عنه، ثم يؤدّي شيء واحد إلى الآخر. وتنشأ التحديات حتماً خلال العملية الإبداعية، ففي الواقع، هي جزء لا يتجزأ من المشروع. وإنّ التغلّب على هذه التحديات من دون مقاومة ومع الاستعداد للتجربة هو أمر أساسي، وفي كثير من الأحيان، تؤدّي هذه الصعوبات إلى مسارات وابتكارات غير متوقعة تؤدّي في النهاية إلى تعزيز المنتج النهائي بما يتجاوز رؤيتي الأولية.

تلعب الاستدامة دوراً مهماً في عملكِ. لماذا اخترتِ التركيز على المواد الصديقة للبيئة والقابلة لإعادة الاستخدام؟

باعتبارنا مبدعين وبشراً مقيمين على هذا الكوكب، فإننا نتحمّل مسؤولية رعاية بيئتنا واحترامها. ومع ذلك، فأنا أبذل قصارى جهدي دائماً للحصول على نهج مستدام، لكنني لست خالية من العيوب أيضاً في هذا الصدد. الشيء المهم هو أن نفعل دائماً ما هو أفضل وأن نحاول الاجتهاد أكثر من المرّة السابقة.

ما هي صعوبات تسويق السلع الصديقة للبيئة في ظل كثرة المنتجات المنافسة وأسعارها الأكثر ملاءمة للمستهلك في السوق؟

أعتقد أنّ التحدي لا يقتصر فقط على المنتجات الصديقة للبيئة، بل يمتد إلى جميع أنواع الإنتاجات الصغيرة. لقد اعتدنا على الوصول إلى الأدوات المنزلية والأثاث بأسعار منخفضة، وفي كثير من الأحيان، بأسعار شحن تنافسية للغاية أيضاً، وهو اتجاه تكافح العلامات التجارية الصغيرة لمجاراته. هناك طلب على العناصر الجذابة من الناحية الجمالية التي لا تكلّف الكثير من المال، وفي حين أنّني أفهم السبب تماماً، إلّا أنّ ذلك يؤدي في المقابل إلى وجود فئة من المصممين مثلي، يلبون احتياجات جمهور متخصص: أولئك الذين يجمعون القطع المصنوعة حسب الطلب ببساطة لأنهم يستطيعون القيام بذلك.

هل هناك خيارات مستدامة لجميع المواد المستخدمة في مجال الديكور والتصميم في الوطن العربي؟

توجد بدائل مستدامة للمواد المستخدمة في صناعة التصميم في العالم العربي. وفي حين أن هذه الخيارات قد لا تكون متاحة بسهولة أو متوفرة بكثرة مثل المواد التقليدية التي اعتدنا عليها منذ فترة طويلة، إلّا أنّها توفّر طرق مصادر صديقة للبيئة. إن إجراء هذه التغييرات أمر ممكن مع التصميم الصحيح والرغبة في تبنّيها.

ما هو العمل الأقرب إليكِ أو الذي استغرق منك ِأكبر جهداً في تنفيذه؟

أجد من الصعب تسليط الضوء على مشروع واحد لأنّ كل منها يحمل أهميته الخاصة، كما أنّ كل فكرة فيها تحدّياتها الفريدة وهذا الأمر هو ما يساهم في نموّي كمصممة. أجد أنّ كل مشاريعي لعبت دوراً في تشكيل رحلتي وكان لها تأثير كبير في تطوري الشخصي كمصممة.

أين يمكن العثور على تصاميمكِ؟

يمكن الوصول إلى منتجاتي بشكل أساسي من خلال موقع الويب الخاص بي، حيث يتم تقديم الطلبات عادةً عبر الرسائل. بالإضافة إلى ذلك، يمكنكِ العثور على مجموعة مختارة من منتجاتي في متاجر مختلفة في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة، مثل Warehouse421 وJameel Art Shop وغيرهما... كما أعرض تصاميمي على العديد من المنصات عبر الإنترنت مثل Adorno، وأنا أستكشف منصّات جديدة لتوسيع نطاق أعمالي ولكي يكون لي وجود أكبر في المنطقة مع تسهيل الشحن إلى جميع أنحاء العالم.

اقرئي المزيد:  هيا ياسمين: السفر المستدام يوجّهنا نحو تجنّب المدن الكبرى وبناء عادات سفر أكثر صداقة للبيئة

 
شارك