الغواصة السعودية نوف العصيمي: كلّ شيء هادئ وسلس ومتناغم في عمق المياه

حين نرى الغوّاصين يرتدون الملابس المخصّصة للغوص مع الآليّات الضروريّة للتنفّس والحركة تحت الماء، نشعر بأنّ هذا النشاط صعب ومعقّد. لكنّ ما نراه من الخارج لا يعكس حقيقة هذه الهواية ولا يعد بروعة الشعور الذي سنختبره تحت الماء. هذا ما اكتشفته الشابّة السعوديّة نوف العصيمي التي بدأت بالصدفة رحلتها في مجال الغوص لتصير اليوم مدرّبة محترفة وصاحبة إنجازات كبيرة في هذا المجال الجديد بالنسبة إلى النساء في المملكة. التقينا نوف وحدّثتنا عن رحلتها في هذا العالم وإنجازاتها ونشاطاتها المقبلة.

الغوص نشاط يتطلّب الجرأة والشجاعة. فهل كنت جريئة وشجاعة ومغامرة قبل أن تبدئي هذه الرحلة الجديدة؟

كنت وما زلت امرأة عاديّة تعيش مختلف المشاعر فتختبر المخاوف والعقبات وتفضّل منطقة الراحة وما توفّره من إحساس بالأمان. لكن لحسن حظّي وبفضل discovering scuba diving program ومدرّب متمكّن تعاونت معه وقليل من الثقة بالنفس، تمكّنت من التغلّب على مخاوفي وأخذت أنفاسي الأولى تحت الماء. بدون هذا القدر القليل من الثقة، لم أكن لأفعل ذلك أبداً، أو ربّما كان الأمر سيستغرق وقتاً أطول... من يدري لكنّها رحلة رائعة أخوضها بحماس في كلّ مرّة.

ما هو الشعور الذي ينتابك في كلّ مرّة تغوصين فيها وتكتشفين مياهاً جديدة؟

أشعر بأنّه أوّل غوص لي... وكأنّني أقع في حبّ البحر من جديد. كلّ موقع غطس وكلّ محيط فريد من نوعه له سحر فريد يأسر حواسك ويجعلك لا تنسين سحره إلى الأبد.

إلى أيّ مدى يعطي الغوص إحساساً بالراحة والاسترخاء والبعد عن العالم المادّيّ بكلّ ما فيه من إجهاد وتوتّر؟

كلّ شيء هادئ وسلس ومتناغم في الماء، وأنا أستمتع بكوني في بُعد لا يوجد فيه أيّ إلهاء. وأحبّ الشعور بالحرّيّة وانعدام الوزن أثناء التحليق في وسط الماء، مع كلّ ما أراه حولي من شعاب مرجانيّة وأسماك. لكن قبل كلّ شيء، أحبّ الإحساس بأنّني "هنا الآن" عند الغوص، فلا يوجد أيّ شيء آخر مهمّ بل أنفصل ببساطة عن العالم وأستريح من كلّ الضغوط، لأنّني أكون وحدي في هذا العالم السحريّ. ولن تختبري هذه المشاعر أو تشاهدي هذه المناظر مرّة ثانية، فاستمتعي بكلّ لحظة واعطي هذه التجربة حقّها من التقدير.

هل تشجّعين الشابّات السعوديّات على تجربة الغوص؟

بالتأكيد أشجّع الشابّات فالغوص ليس مجرّد رياضة، هو مفيد لرفاهيتك وصحّتك العقليّة وروحك. وتأكّدي من أنّك عندما تأخذين دورات الغوص الخاصّة بك، ستتوقّفين لبعض الوقت للتفكير بحياتك وتقبّل كلّ المشاعر التي تنتابك، خاصّةً إذا كانت هذه هي المرّة الأولى لك. لا بأس أن تشعري بالقلق والتوتّر، ولا بأس أن تأخذي وقتك، لكن عليك أن تتشجّعي وتكسري الخوف وتستمتعي بكلّ لحظة، وستلاحظين كم أفادتك التجربة بعد الخروج من المياه.

أشجّع الشابّات على الغوص لأنّه ليس مجرّد رياضة فهو مفيد لرفاهيتك وصحّتك العقليّة وروحك

ما هو شعورك كونك سفيرة لاتّحاد مدرّبي الغوص المحترفين PADI؟

أشعر بالامتنان للاعتراف والدعم الذي أتلقّاه من قبل شركة رائدة يعود إليها ملايين الغوّاصين. لقد كان دعمهم لا يُقدّر بثمن. وأن أكون جزءاً من منصّة PADI هي أيضاً مسؤوليّة أحاول التعامل معها بكلّ جدّيّة وتشعرني بالسعادة والفخر. فنحن معاً، بطريقتنا الخاصّة، نلهم العالم ونشجّعهم على الغوص.

لقد نظّمت أوّل فعاليّة غطس للمرأة في المملكة العربيّة السعوديّة، أخبرينا المزيد عن هذا الإنجاز؟

لقد كان من أفضل الأيّام في حياتي إذ رأيت جميع مدرّبات الغطس والغوّاصات في المملكة العربيّة السعوديّة في مكان واحد، يتشاركن حبّهنّ وشغفهنّ للمحيط. لقد كان النشاط ملهماً للغاية وأحببت الطريقة التي تعاونّا بها جميعاً في أوّل يوم غوص نسائيّ من PADI في المملكة العربيّة السعوديّة. والآن تقوم كلّ مدرّبة بتنظيم أحداث وفعاليّات خاصّة بها وهذا أمر رائع أيضاً لأنّنا جميعاً ننشر حبّنا واحترامنا للمحيط من خلال مجتمعنا الخاص.

لماذا أنشأت مجموعة Pink Bubbles Divers للتواصل مع الغوّاصات وما هو هدفك منها؟

لأنّني لم أرغب في أن أكون أنانيّة وأن أستمتع بالبحر بمفردي. وكنت أرغب في مشاركة جماله مع فتيات أخريات، وتمكينهنّ ودعم بعضهنّ البعض من خلال إنشاء مكان آمن لتعلّم الغوص مع معلّمة أخرى مثلي. لكن قبل كلّ شيء، أردت أن أوصل رسالة مهمّة جدّاً وهي أنّه إذا كان بإمكاني أن أصبح مدرّبة، فيمكنك بالتأكيد أنت أيضاً أن تكوني غوّاصة وتصبحي مدرّبة، فلا تظنّي أنّ هناك شيء صعب أو مستحيل في حال كانت إرادتك قويّة ورغبتك حقيقيّة.

ما رأيك في نقطة التحوّل في حياتك التي جعلتك تتّبعين حلمك؟

يمكنني القول إنّها كانت المرّة الأولى التي أغطس فيها في البحر الأحمر، فهذه التجربة غيّرتني حقّاً. وقد كنت محظوظة بما يكفي لدراسة إدارة السياحة، وهذا الأمر تناسب مع طموحي في أن أصبح محترفة في الغوص. حتّى أنّني قرّرت أن أعرض أطروحاتي حول السياحة البحريّة والغوص... بالتالي جمعت بين علمي وثقافتي من جهة وهوايتي المفضّلة من جهة أخرى.

أخبرينا عن تعاونك مع The Standard, Huruvalhi Maldives وما هي مشاريعك للفترة القادمة؟

ستكون إحدى رحلاتنا إلى جزر المالديف هذا العام في The Standard, Huruvalhi Maldives، وسيكون إجمالي الإقامة ستّة أيّام مذهلة أقوم خلالها بمجموعة متنوّعة من الأنشطة التي تبدأ من الحديث مع النساء عن جمال الغوص إلى اختبار روعة المحيط واكتشافه. كما أشارك في مبادرة استعادة الشعاب المرجانيّة بحيث سنبدأ العمليّة البطيئة والضروريّة لإعادة بناء الشعاب المرجانيّة في المنطقة. ويسعدني اكتشاف الشعاب المرجانيّة المحلّيّة مع مجموعة من الغوّاصين. ونأمل نشر رسالة واضحة حول قضيّتين مهمّتين. أوّلاً تمكين المرأة بشكل أكبر في شهرها المميّز وحثّها على ممارسة نشاطات جديدة وعدم الخوف من التجارب والمغامرات، وثانياً التوعية حول أهمّيّة المحيط وكيف يمكن أن يؤثّر تدهور الطبيعة بكلّ مكوّناتها على حياتنا اليوميّة. في النهايّة، هذه القضايا مهمّة على المستوى العالميّ لأنّها تؤثّر على المجتمع البشريّ بأكمله بغضّ النظر عن الأصل أو العرق أو الدين. 

 
شارك