الجوهرة ساجر القحطاني: لا للاكتفاء بمحاولة واحدة

كان حلمها أن تصير سيّدة أعمال وتسير على خطى والدها ولكنّ هذه الأمنية لم تتحقّق بس ظرف صحّي مرّت به، كان الخيار السهل أن تقع فريسة اليأس والإحباط، ولكنّها لم تسمح للأفكار السلبيّة بأن تتسلّل إليها، توجّهت نحو مجال كان جديداً كليّاً قبل 8 سنوات، وهو موقع YouTube، فأنشأت قناتها الخاصّة لتكون أوّل YouTuber سعوديّة تقدّم محتوى شاملاً ومنوّعاً للشابّات من جيلها، واليوم يتابعها أكثر من 500 ألف كما أنّ مشاهدات فيديوهاتها تخطّت الملايين، إنّها الجوهرة ساجر القحطاني.

حدّثينا قليلاً عن نفسك، كيف انتقلت من إدارة الأعمال إلى عالمي الموضة والجمال؟
هي قصّة حزينة غيّرت مسار حياتي ولكنّ النهاية كانت إيجابيّة جدّاً... منذ صغري أرغب في دراسة إدارة الأعمال كي أدخل هذا المجال كوالدي الذي لطالما كان مثالي الأعلى، كنت أتوجّه إلى مكتبه مع صديقاتي وأقوم بدور المدير التنفيذي وأطلب منهنّ أن يكنّ الموظّفات لديّ. أثناء تخصّصي في ريادة الأعمال في جامعة «عفت» واجهت حالة صحيّة منعتني من استكمال الدراسة وهذا الأمر حطّمني لأنّني كنت أحبّ ما أدرسه، أوقفت الدراسة والعديد من النشاطات الخارجيّة، فقد اضطررت إلى المكوث في البيت لأشهر، وكي لا أفكّر بأمور سوداويّة دخلت عالم YouTube في نهاية العام 2011، في ذلك الوقت لم يكن هناك أيّ YouTuber عربيّة لا سيّما سعوديّة، كنت أتابع أسماء أجنبيّة كبيرة، ومرّت أشهر وأنا أوسّع معرفتي بهذا العالم. وجدته أمراً ممتعاً جدّاً وقرّرت أن أستفيد من الوقت وأنشئ قناة على 
YouTube تكون الأساس لمشاريعي المستقبليّة، فيصبح لديّ زبائن يعرفون أفكاري وجاهزون لتلقّيها بعد أن أبدأ أعمالي التجاريّة. أطلقت أوّل فيديو بداية العام 2012 وتحديداً في شهر مارس وصرت أشرح الأفكار التي تعجبني من فيديوهات أجنبيّة باللغة العربيّة ورصدت تفاعلاً كبيراً من الشابّات السعوديّات اللواتي تفاعلن سريعاً مع المحتوى الذي كنت أقدّمه لأنّنا نتشارك الخلفيّة الثقافيّة نفسه وكذلك اللغة.

عمل الـYouTuber جديد على عالمنا العربي، فكيف خضت في دهاليزه وتمكّنت من النجاح؟
ما ساعدني هو عدم وجود محتوى نسائي عربي كبير على YouTube عام 2012، كانت هناك قنوات عربيّة كوميديّة، أمّا مضمون يحاكي اهتمامات الفتيات، فكان غائباً، ما ساعدني على الانتشار بشكل أسرع. في الواقع، واجهت التنمّر في بداياتي لا سيّما من قبل الرجال، إذ لم أكن أظهر وجهي، فقط المنتجات التي أتكلّم عنها وصوتي الذي يشرح المزيد عن خصائصها، مرّة قال لي أحد المتابعين: هذا ليس مكان البنات، مكان البنت في المطبخ، استفزّني هذا الكلام وذهبت به إلى والدي الذي قال لي كلمات لن أنساها أبداً: قال لي ستواجهين الكره والانتقادات، فإذا رغبت في المتابعة وفي تقديم شيء لبنات السعوديّة لا تقفي أمام النقد، حاولي واستمرّي كي تكسري حاجز الخوف لديهنّ، كوني أنت كما أنت، وقد استمعت إليه وأعطيت نفسي فرصة وكانت ناجحة. أظنّ أيضاً أنّ تواصلي الدائم مع متابعاتي وكأنّنا في جلسة بنات وليس بنت في فيديو بعيدة عنهنّ هو ما جعلني أنجح، ففي كلّ فيديوهاتي أنا طبيعيّة وبعيدة عن الرسميّة، أتحدّث عن تجاربي في الحياة وعن أفكاري بحريّة ومن دون قيود أو عقد بالية. 

هل يمكن اعتبار الـYouTuber مهنة وهل ترضيك العائدات الماديّة التي تحصلين عليها؟
لم نصل بعد إلى مرحلة الدول الأجنبيّة، فالـYouTuber في أميركا تحصل على مداخيل أعلى بكثير من الـYouTuber في السعوديّة، ولكن في حالات 
الـSponsers أو التعاون مع الشركات يمكن تحصيل أموال. ولكن لن أقول إنّ المردود يصل إلى درجة تغني عن الوظيفة الثابتة، على الرغم من أنّ الوقت الذي يتطلّبه تحضير فيديو طويل جدّاً ما يعني أنّني أؤدّي فعليّاً وظيفة ثابتة.  

برأيك، لم تلقَ الفيديوهات التي تصوّرينها انتشاراً؟
أصوّر سفراتي ويوميّاتي من دون حواجز أو الكثير من المونتاج، وهذا ما جعل الفتيات يتعلّقن بأسلوبي، لقد كوّنت الكثير من الصداقات عبر YouTube، فمتابعاتي يعرفن كلّ شيء عنّي، كما أنّني أصوّر فيديوهات مع عائلتي ما يعزّز إحساسهنّ بالإنتماء 
إذ تجمعنا التربية نفسها وأحياناً التجارب نفسها.

من الذي يساعدك في ابتكار أفكار الصور والفيديوهات؟
أحياناً آخذ أفكار من متابعاتي وأستشيرهنّ في أنواع الفيديوهات التي يفضّلنها، فأغلبهنّ ينتمين إلى فئتي العمريّة أي أنّ أعمارهنّ تتراوح بين 25 و35 سنة، كما أنّ أختي عبير هي شريكتي، تساعدني طوال الوقت، سواء في الأفكار أو التصوير والمحتوى، بالإضافة إلى أبي وهو من أشدّ المعجبين بما أقدّمه، يعطيني أفكاراً جديدة ويهنّئني في حال قدّمت محتوى مميّزاً.

ما هي أحبّ الفيديوهات إلى قلبك؟
الفيديوهات التي أصوّرها مع أبي سواء عن أمور مسلّية أو جديّة، أشعر بأنّها بمثابة ذكريات يمكن أن أرجع لها من حين إلى آخر... تقريباً قضيت سنواتي العشرين وأنا أصوّر فيديوهات فقد بدأت في سنّ الـ22 واليوم أنا في الـ29 من عمري، أسجّل أموراً تهمّني وتهمّ غيري وأرصد كيف تغيّرت وكبرت ونضجت، وهذه السنة قرّرت أن أشارك متابعاتي في كتاباتي فقدّمت نصّاً عن الأمراض الذهنيّة وصوّرت له فيديو كليب، تحدّثت فيه عن خطورة الاكتئاب وتلقّيت ردود أفعال مؤثّرة، وأنوي الاستمرار بنشر هذه الكتابات مستقبلاً.

في حال غابت وسائل التواصل عن العالم، ماذا ستفعل الجوهرة في حياتها؟
أعتقد أنّني سأطلق تطبيقاً خاصّاً بي وبمتابعاتي كي نظلّ على تواصل، فقد صرن بمثابة صديقاتي وهنّ جزء مهمّ من رحلتي، سأنظّم اجتماعات معهنّ وسألتقي بهنّ لتبادل الأفكار تماماً كما نفعل عبر YouTube أو وسائل التواصل. 
 

من هم الـYouTubers العرب والعالميّون الذين تأثّرت بهم أو تتابعين فيديوهاتهم؟
أتابع الكثير من الشابّات العربيّات وأبدي إعجابي بالفيديوهات التي يصوّرنها، أحبّ متابعة الأجانب أكثر كي أجد محتوى جديداً وأشاركه مع متابعاتي، بخاصّة محتويات السفر والألغاز والتاريخ والجرائم، بالإضافة إلى الموضة والجمال.

ما هي مشاريعك في المرحلة المقبلة؟
أنوي طرح مشروعي الخاصّ منتصف العام الحالي، لم أطلب مساعدة أحد في هذا العمل، فأنا أريد أن أجرّب بمفردي، كما وأرغب في التركيز على كتاباتي فأحوّل هذه الهواية إلى مهنة وأبدأ بنشر كتبي الخاصّة.

ما هي رسالتك للشابّات في اليوم العالمي للمرأة؟
أقول للمرأة: لا تكتفي بمحاولة واحدة وابحثي دائماً عن البدائل فالحياة تستمرّ وعلينا مواكبتها كي لا نكون في الخلف.

اقرئي أيضاً: ميغان ماركل والأمير هاري في لندن... لحظات رومانسية وإطلالة مميزة

 
شارك