ماري نزال البطاينة تتحدث عن معايير تميّز الفنادق في صناعة الضيافة الفاخرة

يوجد نساء عربيات يستحقين بكل جدارة أن يكنّ مثالاً أعلى في الذكاء والإقدام والإلتزام والعمل الجاد لتحقيق الأهداف، ومنهن رائدة الأعمال الأردنية ماري نزال البطاينة فهي ناجحة ومستثمرة مؤثرة في محيطها، تم اختيارها ضمن قائمة أقوى النساء في مجلة فوربس، وكأفضل سيدة أعمال في الأردن في مجلة الأعمال الأردنية في 2019. وهي مؤسسة فندق لاند مارك وشركة MVMNT التي تُعنى بالصحة والعافية، بالإضافة إلى كونها ناشطة في المجالات الحقوقية والدفاع عن الشعوب والفئات المستضعفة. التقينا ماري لنتطرق معها إلى معاني الرفاهية الحديثة في مجال الضيافة، فاكتشفي المزيد عن أفكارها اللامعة وشخصيتها القيادية في هذا اللقاء.

كيف كانت ماري الطفلة والشابة، لتكون اليوم: ماري المرأة، التي تعتبر اليوم واحدة من أهم سيدات الأعمال في بلدها والعالم العربي والعالم؟

غادرت عائلتي بيروت أثناء الحرب الأهلية، وقد نشأت في بيئة متعددة الثقافات في أوروبا. غرست هذه الخلفية الثقافية في داخلي تقديرًا عميقًا للتنوع والمرونة. منذ سن مبكرة، تعرضت لثقافات ووجهات نظر مختلفة، مما شكل نظرتي للعالم والتزامي بالعدالة الاجتماعية والسياسية. عززت تجارب طفولتي شعورًا قويًا بامتلاك الرؤية الواضحة والهدف، والرغبة في إحداث تغيير إيجابي في مجتمعي، ما قادني في النهاية نحو دوري كرائدة أعمال ومناصرة للحريات.

كيف ساهمت دراستك للقانون والعلوم السياسية في إنضاج رؤيتك للعالم وخفاياه السياسية والاقتصادية والحقوقية؟

لقد زودتني دراستي للقانون والعلوم السياسية بفهم شامل لديناميكيات العدالة الاجتماعية والسياسية. سمحت لي هذه المجالات باكتساب المهارات التحليلية اللازمة للتنقل عبر الأطر القانونية المعقدة والوعي العميق بالتحديات التي تواجهها المجتمعات المهمشة. وقد غذت هذه الخلفية الأكاديمية شغفي بالنشاط والحركة والعمل المتواصل، وعززت التزامي بالدفاع عن حقوق الشعوب المضطهدة، وخاصة فيما يتعلق بالنضال الفلسطيني من أجل التحرير.

حدثينا عن دخولك مجال الضيافة والفنادق وتأسيس فندق لاندمارك.

يعتبر دخولي إلى قطاع الضيافة امتداداً لإرث جدي الأكبر أنطون نزال، الذي كان رائدًا في هذه الصناعة، حيث أسس أول الفنادق في عمان والبتراء وأريحا في فلسطين. واستنادًا إلى هذا الإرث، أسست فندق لاند مارك لإنشاء علامة تجارية محلية تؤكد على التميز والأصالة الثقافية. كانت رؤيتي تقوم على مزج الخدمة عالية الجودة مع إيجاد الشعور القوي بالانتماء لمجتمع محدد، ما يعكس التزام عائلتي بتطوير قطاع الضيافة مع مراعاة احتياجات المنطقة العربية التي نتواجد فيها.

كيف تعرّفين مفهوم الرافاهية الحديثة؟

الرفاهية الحديثة هي تجربة شاملة تتجاوز الأمور المادية لتصل إلى امتلاك المسؤولية الاجتماعية والرغبة بالمشاركة المجتمعية. الرفاهية الحقيقية تكمن في الأصالة والتواصل والتمكين، والابتعاد عن المفاهيم التقليدية التي غالبًا ما تعطي الأولوية للإفراط والمبالغة. بدلاً من ذلك، أرى جدوى الرفاهية التي تعكس قيم العدالة والاستدامة، والتي سيتردد صداها بعمق مع الأجيال الشابة وتلك المقبلة.

ما هي المعايير التي اعتمدتها لإطلاق فندق فريد يحاكي الرفاهية الحديثة ويحرص على معايير الاستدامة وموائمة احتياجات جيل المستقبل؟

ركزنا على عدة معايير لضمان تميّز فندق لاند مارك في صناعة الضيافة: أعطينا الأولوية للممارسات المستدامة، مثل تقليل النفايات والحصول على المنتجات المحلية لدعم الصناعيين والحرفيين أبناء البلد. كما يعد الفندق أحد المؤسسات الرائدة في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة وكان أول من افتتح حضانة للأطفال لتسهيل حياة الأمهات العاملات في الفندق. بالإضافة إلى ذلك، قمنا بتنفيذ مبادرات لخلق بيئة حيث يمكن للمرأة العاملة أن تزدهر وتتطور، وحرصنا على ضمان دعم جميع أعضاء فرق العمل وتمكينهم في أدوارهم، فبهذه الطريقة يُكتب النجاح للجميع.

ما الدور الذي تلعبه الاستدامة في صناعة الضيافة الفاخرة؟

الاستدامة جزء لا يتجزأ من صناعة الضيافة، وخاصة في كيفية تعامل الشركات مع التحديات البيئية والمسؤوليات الاجتماعية التي تنتج عنها. يجب على الفنادق والعلامات التجارية المخصصة في مجال الضيافة أن تعطي الأولوية للممارسات المستدامة للحد من بصمتها البيئية والمساهمة بشكل إيجابي في مجتمعاتها. يتضمن هذا اعتماد المصادر الأخلاقية للمنتجات وأدوات البناء وكل مستلزمات الفنادق، والحد من النفايات وخلق مساحات مريحة وطبيعية تعزز الإحساس الداخلي بالرفاهية لكل من الضيوف والموظفين، ما يؤدي في النهاية إلى صناعة أكثر مسؤولية وتأثيرًا.

في سياق دفاعك الدائم عن القضية الفلسطينية يبرز مصطلح "الرفاهية الأخلاقية" فهل يمكن أن تشرحي معانيها للقراء؟

يجسد دوري كسفيرة للعلامة التجارية لشركة SEP، وهي شركة B-Corp تعمل في مخيم جرش بغزة، معاني الرفاهية الأخلاقية. تركز المنظمة على بيع الأزياء والمنتجات المنزلية التقليدية والتي تحمل الطابع التراثي والتي يصنعها وينتجها اللاجئين الفلسطينيين، مع تسليطنا الدائم للضوء على الممارسات المستدامة والأخلاقية. لا توفر هذه المبادرة فرصًا اقتصادية للمجتمعات المهمشة فحسب، بل إنها تعزز أيضًا الشعور بالفخر الثقافي والأصالة والانتماء، وتعرض نموذجًا للرفاهية الحديثة، والتي تتماشى مع القيم الاجتماعية والسياسية التي يجب أن تسود في وقتنا الحالي.

هل تعتقدين أن الإحساس بالرفاهية ضروري ومهم للأجيال الجديدة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي تعتقدين أنه يجب أن يكون في أولوية اهتماماتهم؟

أرى أن الأجيال الجديدة تبتعد بشكل متزايد عن المفاهيم التقليدية للرفاهية، وبدلاً من ذلك، أجدها تؤكد على أهمية اليقظة والوعي والتمكين الشخصي. من خلال شركتي التي أسستها، Nafsuna، فأنا أهدف إلى مساعدة الأفراد على التواصل مع ذواتهم الحقيقية واستعادة الشعور بالقوة والتمكين والمسؤولية. نقدم في Nafsuna منتجات وورش عمل ورحلات مصممة لتطوير الذات، وتعزيز ثقافة الوعي والعيش الواعي بين فئة الشباب، والذين حين يصلون إلى درجة عالية من المعرفة بالذات وإدراك حقيقتها وإمكاناتها، سيكتشفون المعنى الحقيقي للعيش المرفّه.

لديك اهتمام كبير بقضايا الحقوق والعدالة. ماذا يعني لك أن تكوني صوتًا يدافع عما تعتقدين أنه خيار صائب واتجاه صحيح، في عصرنا الحالي؟

أمارس دوري كمدافعة عن العدالة والحرية بكل اقتناع وشغف، وخاصة في مواجهة القمع والظلم الممنهج الذي أراه حاصل. أعتقد أن الدفاع عما هو صحيح ينطوي على تحدي الهيئات والدول غير العادلة والمساعدة في إيصال أصوات الشعوب المحتلة. إن التزامي بالنشاط الحقوقي مدفوع بإحساس ضرورة مواجهة جميع أشكال القمع والوقوف ضدها، بما في ذلك جميع أشكال الاستعمار الجديد ومنها الاقتصادي والسياسي، الذي يختلف عن السطوة العسكرية. بصفتي ناشطة وفاعلة ومؤثرة في مجتمعي، أشعر بمسؤولية كبيرة للقتال من أجل العدالة، وضمان الاعتراف بنضالات المجتمعات المضطهدة.

أنت مصدر إلهام في نواح كثيرة من حياتك للنساء الشابات من جيلك؛ ما هي نصيحتك أو كلمتك لهن؟

أشجع النساء على إيجاد الإلهام داخل أنفسهن، مع الاعتراف بأنهن يمتلكن بالفعل نقاط القوة التي يحتجن إليها للنجاح. أؤكد على أهمية التخلي عن الحاجة إلى الاعتراف بأهميتنا من قبل الآخر، واحتضان رحلاتنا الفريدة. أرى أيضاً أن طلب المساعدة هو علامة على القوة وليس الضعف، وفهم أننا كافيات كما نحن هو ما يعزز ثقتنا بذاتنا وبقدراتنا. من خلال التركيز على اكتشاف الذات ورعاية قوتنا الداخلية، يمكننا نحن النساء إطلاق العنان لإمكاناتنا غير المحدودة للنمو وخلق تغيير ذي مغزى في المجتمع.

اقرئي المزيد: عليا مورو: نريد في مجتمع "زولا" أن يكون لدى الشابات قدوات يشبهونهن

 
شارك