لكل عطر شخصيّة

أحسّ حضوري ما يكتمل من غير العطر ده. عشان كده قرأت اختصاصي يقول إنّه تغيير العطر يعني إنّه الشخص ما يعرف نفسه، ما يقدر يحدّد أسلوبه الخاص. أقلّب الزجاجة وفي داخلها أشوف العطر يتدفّق مثل أمواج بحر صغير. أرسم في خيالي ملامح وجهي وأقلّبها في ذاكرتي. رائحة العطر تشبهني. بس أجرّب روائح ثانية. أحسّ إنّي أتكلّم مع بنات وكل واحدة عندها شخصيّة مختلفة. ديه مرحة وديه جذّابة وديه جديّة وديه... ما أدري... عندها غموض.

أقول في نفسي: لو يجمعون كل الروائح ديه في زجاجة واحدة! بس تدرين؟ اللي يصنعون العطور ما يسوّونها من غير تفكير. أجرّب الروائح مرّة ثانية. العطر ده عشان المرأة الرومانسيّة. ياسمين وورد وزنبق. وده... تقولين عطر غامض، مثل المرأة اللي ما تقدرين تعرفين شخصيّتها بسهولة. أعرف تركيبة العطور من روائحها. ده فانيليا وخشب الياسمين ولوز مر. أحياناً أحسّ إنّي أقدر أتزيّن بعطري من غير الأكسسوارات. لا، ما أبالغ. العطر إذا عرفتي كيف تختارينه يخلّيك مو جذّابة وبس، يزيد ثقتك بنفسك كمان. العطر ده عشان الأنيقات. يلانغ يلانغ وياسمين وخشب الصندل. وإذا كنت رياضيّة ونشيطة ده عشانك، غريب فروت وزهر البرتقال وليمون. أرجع لعطري المفضّل. رائحته صديقتي عفويّة، طبيعيّة، صريحة تعبّر عن نفسها من الرشّة الأولى. تلتقي بيها لمسات الورود والبهارات والفواكه.

نظراتي تروّح من زجاجة لزجاجة وأنفي مثل صنّارة صيد والروائح مثل أسماك ملوّنة في أحواض حلوة مرّة. أختار زجاجة. رشّة من رائحتها على ورقة الاختبار تحرّك أفكاري. إيش ده؟! لمسات مو عاديّة. مزيج غريب! اللمسات أعرفها، باتشولي وخشب الصندل والأرز. تجتمع في مقدّمة العطر وفي القاعدة تصير موسيقى، قصيدة، خيالات وأقمشة شفّافة وناعمة مثل الحرير.

أحسّ إنّي ألمس الرائحة بيدي وإنّها تريد تقول لي أسرار ما حدّ يعرفها. العطر ده عشان المرأة الـ... غريبة المو عاديّة، اللي ما حدّ يشبهها. وإيش ده؟ فانيليا وكاكاو وكراميل؟ تقولين علبة سكاكر. أفتح زجاجة عطري المفضّل. ذرّات ماسيّة تروّح منها لأنفي، لقلبي، لكل حواسي. رحيق مو طبيعي يحلّق مثل نوتات تهرب من آلة موسيقيّة. أتخلّى عنه؟ مو معقول.