
شيرين قازان: شكل ومكونات وألوان الطعام باتت مصادر إلهام في الفن والموضة والتصميم

"أحببت الرسم طوال حياتي، كنت أرسم شخصيات وملابس وألوّنها، وكان والدي يحوّلها إلى لوحات ويحتفظ بها، كما جذبتني الأشغال اليدوية والفنية في فترة طفولتي ومراهقتي، وساعدني عمل أبي مع إنتاج المجلات وفي مجال الإعلانات، ففتحت آفاق ذهني على هذا القطاع الحيوي، وازدادت معارفي بالتسويق، ولكن بسبب إصرار والدتي لم أدرس الرسم بل التصميم الغرافيكي، ولكني لم أشعر بأي نقص لأني لم أدرس الفن، بل تعودت على الالتزام واكتسبت التقنيات العملية لكي أؤدي دوري الفني بشكل أكثر احترافية يناسب ما يطلبه السوق اليوم". نتعرف خلال هذا العدد على الفنانة والمصممة اللبنانية شيرين قازان التي تخوض في عالم الإبداع الفني والمهني من خلال مشروعها Shifou، وتشاركنا رسوماتها عبر صفحات هيا في عدد شهر مايو المخصص عن الطعام. اكتشفي المزيد عنها في هذا اللقاء.
كيف حافظت على الحس الفني لديك ولا سيما أنك لم تدرسي هذا المجال، وكيف سعيت إلى تطوير موهبتك؟
ساعدني كثيراً البدء بصفحة Shifou التي خصصتها لنشر الرسوم التوضيحية التي أقوم بابتكارها، في ذلك الحين أجبرت نفسي على تقديم رسمة بشكل يومي، لكي أحافظ على حسي الإبداعي بعيداً عن الوظيفة اليومية، وبالفعل استرجعت الكثير من حبي وتركيزي على الفن من خلالها، واليوم بات عملي يجمع بين الرسم والتصميم، وهو من أجمل ما يمكن أن يتحقق على الصعيد المهني في حياتي، بعد أن ركزت لفترة على مجال الإعلانات فقط. أعتبر أني اليوم ومن خلال وكالة Shifou، أحقق طموحي وأتعامل مع العديد من العلامات التجارية المعروفة التي تضفي الكثير إلى أرشيفي وتكشف المزيد عن الحيّز الإبداعي الذي أحمله داخلي.
حدثينا عن مشروعك shifoucreative وعن المجالات التي تغطينها من خلاله؟
أحب التعامل مع الزبائن والاستفادة من فني على مستوى أعمق وأكثر قرباً من الحياة التي نعيشها، لذا كان مشروعي Shifou الذي خولني التعبير عن أفكاري من خلال الفن والوصول إلى الآخر أيضاً واكتشاف رؤيته الخاصة، ومحاولة عكسها والتعبير عنها بأفضل صورة. من يقصدني يعرف أسلوبي وبالتالي فهو موافق على نهجي، إنما أنا مستعدة دائماً للحوار والوصول إلى رؤية مشتركة ترضي جميع الأطراف. حين أبدأ بمشروع جديد أدرس الجمهور المقصود، والمحتوى المطلوب والسوق المستهدف، بالإضافة إلى طلبات الزبون، فأنا أحب مثلاً أن يتم وضع Moodboard واضح من قبل العميل، لألتزم به وأتبع مساره، كما يرضيني كثيراً أن يُطلب مني أن الاعتماد الكلي على حسي الإبداعي وذوقي الخاص، مع فهمي التام لنوع العملية والمقصود منها، ومحاولة عكسها بكل وضوح وشفافية من خلال فكرتي الفنية. بالتالي فإن المسارين يرضيانني ويسمحان لي بالتعبير والإبداع.
يتقاطع الفن مع التسويق في عملك، كيف فهمت العالمين لكي تحسني دمجهما معاً؟
الفن كما قلت هو المجال الذي أحببته منذ صغري، أما التسويق فهو أمر اكتسبته من خلال العمل في الإعلانات ولاحقاً مع العلامات التجارية المختلفة، مؤخراً بت أحب كثيراً العمل على Product design، أي أن أبتكر من خلال الرسم التوضيحي منتجاً معيناً، وهذا ما حصل في تعاوني مع Adidas من خلال العمل على حذاء جديد، فأنا أحب أن يكون الغرض الذي أعمله عليه حقيقي وذو معنى. بشكل عام أحب العمل الذي يسمح بتجلي الإبداع الفني والإبتكار، وأن تكون الرسالة تعبيرية تسمح للخيال بأن يتحرك، وأرغب بالتوسع والتعمق في عدة مجالات منها الموضة والطعام والتكنولوجيا، والتوجه من خلالها إلى جمهور أوسع وأكثر رغبة بالحصول على قصة مرئية لها وقعها وتأثيرها القوي.
كيف تصفين أسلوبك الفني وما هي الحالات أو الأجواء التي تشكل مصادر إلهامك؟
أحب السفر والتواصل مع الناس وأفراد أسرتي وأصدقائي، والخروج إلى المطاعم أو المقاهي، فمؤخراً ألهمتني ألوان فنجان قهوة احتسيته فكرة مشروع فاستخدمتها وكانت النتيجة رائعة، أحياناً تلهمني نبتة أو لحظة عشتها وأحدثت فرقاً داخلي، هذه الأمور المحسوسة والتي تبنع أيضاً من الذاكرة والحنين والذكريات، تلامس الآخر وتصل إليه. يساعدني كثيراً المشي والرياضة والتواجد في الطبيعة، كما أحب أن أعد Moodboard لكل مشروع، فأضل فيه كل التفاصيل التي وجدتها والألوان التي أشعر أنها ستناسبه، وهكذا تتجمع الفكرة وتتبلور، كما أتابع ما يقدمه من حولي حتى أستمر في التعلم والتطور. أحياناً أمر بفترات ركود حيث أشعر أني لا أريد الاستمرار، ولكني سريعاً أجد شيئاً جديداً يحركني ويعيد لي الشغف، أنا أم وزوجة وامرأة عاملة، لا أنكر أني أتعب وأعاني أحياناً ولكنّ حبي الكبير لهذا المجال يدفعني دائماً لتقديم المزيد.
ما هي الرسائل المخصصة للمرأة والتي تحاولين تضمينها من خلال أعمالك الفنية؟
لطالما شعرت أني معنية بالمرأة، فمعظم لوحاتي تتمحور حولها، أحببت رسم الوجوه النسائية والعيون والرموش والتعابير، وهناك شخصية أرسمها دائماً يشبّهني بها كل من يعرفوني، ولكنها بالنسبة لي المرأة بشكل عام، بكل ما تعيشه من تحديات وقضايا وأدوار مختلفة. فالمرأة تحمل وتنجب وتعمل وتطمح بمستقبل أفضل لنفسها ولعائلتها، تتعلم وتتطور وتحسّن صحتها النفسية والجسدية، وهي بالتأكيد متواجدة بقوة في أعمالي لأنها تعبّر عني وتعكس أفكاري وتحاكي نساء يمررن بنفس الحالات. هنا ألفت إلى أن معظم زبائني من النساء، اللواتي يتماهين مع أفكاري ويشاركنني آرائي وتحدياتي التي أعيشها بشكل يومي، لذا يقصدنني حيث تخلق بيننا محادثات وحوارات عميقة تتجلى في التعاونات التي نقوم بها.
كيف ترصدين تلقي الآخر لأعمالك ووصوله لفهم فكرتها؟ هل يهمك أن يفهمها كما رغبت، أو تتركين له مهمة التفسير والتفاعل؟
أنا أقدم الفن وبالتالي سيكون من الصعب جداً أن تعجب أعمالي كل أطياف المجتمع، وهذا أمر من المهم جداً أن يفهمه العاملون في القطاع الفني والثقافي والتصميمي، ما يعنيني هو تقديم مادة تعجبني وتعكس ذوقي وأفكاري، وهي بالتأكيد ستجد صدى لدى من يشبهني أو يفهم قصتي التي أردت إيصالها. من هنا أهتم بداية في أن أكون سعيدة وراضية ومرتاحة بما أقدمه، والوصول إلى الآخر متروك له ولاختياراته وذوقه.
كيف تختارين الوسائط التي ستساعدك على ايصال فكرتك الفنية بصدق وقوة؟
أختار الوسائط بحسب نوع المشروع وتوجهاته، أحب العمل على عدة وسائط، فأعشق العمل على كتاب أو ألعاب محسوسة، يستهويني العمل اليدوي حيث أترك لحسي الإبداعي بالتجلي، كما ألجأ إلى الفن الرقمي لأنه يسمح لي بابتكار فكرة سريعة ومشاركتها مع الزبون، لكي يفهم وجهة نظري ويبدأ بعدها العمل الإبداعي الفعلي. لا أعتقد أبداً أن الفن الرقمي أو الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل مكان الإنسان، فهو لن يفكر مثلنا، بل يساعدنا على توضيح فكرتنا ووضع بصمتنا الخاصة كبشر لهم مشاعر وذكريات وخبرة طويلة راكموها على مدار سنوات من العمل المتواصل.
محور العدد الحالي لمجلة هيا يتمحور حول الطعام، كيف تنظرين إلى أهميته في وقتنا الحالي؟
نلاحظ ازدياد استخدام الطعام في مجالات الفن والموضة والتصميم، ليس كأكسسوار ثانوي بل كمصدر للإلهام من حيث الألوان والمكونات والأشكال حتى، فاختيار الوحي من نواحي حياتية مختلفة، يخلق قصة جميلة ويحاكي المتلقي ويصل إليه. لذا سأحاول تقديم رسمات مستوحاة من هذا العالم الواسع، وسأعتمد كثيراً على ألوان المأكولات والفواكه والخضروات والنباتات التي تبدأ بالنمو والتطور بشكلها الطبيعي، لأني أراها جميلة جداً وحقيقية ورائعة بأشكالها وأدوارها.
كيف ستعكسين دور الغذاء السليم في حياتنا العصرية حيث الميل غالباً لكل ما هو سريع، من خلال فنك على صفحات المجلة؟
صحيح أن الرجوع إلى الطبيعة ازداد ولا سيما بعد كوفيد، وهذا أمر أيجابي حيث يزداد الدعم للمنتجات المحلية والمأكولات القديمة والمفيدة، وهو مطلوب لكي نحافظ على صحتنا وندعم المشاريع الصغيرة، وبالتأكيد أرغب أن أعبّر عن هذه الاتجاهات وأتمنى أن أعكسها من خلال أعمالي الفنية.
ما هي مشاريعك للفترة المقبلة؟
أعمل على عدة مشاريع فنية منها في دبي وأخرى خارجها، أحضّر حالياً كتاب وBoard Game وأسعى لتعزيز أعمالي التعاونية مع علامات متعددة، كما أريد زيادة تركيزي على الرسوم التوضيحية، وأنا سعيدة جداً وفخورة بتعاوني الحالي مع هيا لأنه يعيدني إلى هذا المجال الذي أحبه كثيراً.
اقرئي المزيد: قصة الفيلم السعودي الناجح "ميرا ميرا ميرا"