سارة الهاشمي: صورة عن الإمارات بمحافظتها على التقاليد وتطلعها للمستقبل
الصورة الرئيسية: أقراط وأساور من الذهب الأصفر من مجموعة Clash de Cartier، خواتم من الذهب الأصفر والذهب الأبيض من مجموعة Clash de Cartier، ساعة Tank Louis Cartier من الذهب الأصفر والجلد، العباية من Manaal Al Hammadi
قوية، واضحة، صادقة مع نفسها، ومتصالحة مع هويتها الإماراتية التي تخوّلها أن تكون ابنة أرضها المحافظة على خصوصيتها والمنفتحة في الوقت نفسه على الآخر... بهذه الصفات انطلقت سارة الهاشمي قبل سنوات في مجال الإخراج والإعلان، لتُسمع صوتها وتترك بصمتها في مجال خاضه والدها قبلها. جرّبت الشابة التي تملك الكثير من الجمال والجاذبية الوقوف أمام الكاميرا وخلفها، ولكنّها أحبّت العمل الميداني أكثر لأنّه يسمح لها بتحويل قصة على ورق إلى عمل مرئي مؤثّر. هي اليوم نجمة غلاف شهر ديسمبر من مجلة هَيا، تتألق في جلسة تصوير مع دار Cartier، فشاهدي أجمل إطلالاتها بمجوهرات مميزة، وتعرّفي أكثر على شخصيتها الفريدة.
رئيسة التحرير: Sima Maalouf، تصوير: Michel Takla، مساعد مصوّر: Jeffrey Zamora، تنسيق: Sleiman Dayaa لدى MMG Artists، شعر ومكياج: Ivanna، مكان التصوير: XVA Gallery، إنتاج: Kristine Dolor
المجوهرات والساعات كلّها من Cartier Scan For Behind The Scenes
من هي سارة الشابة التي نعرفها في مجال الإخراج والإعلانات، وكيف ساهمت التربية والتجارب والتواجد في الإمارات بلد الانفتاح في تكوين شخصيتكِ الحالية؟
خلال نشأتي، كان هناك الكثير من الصفات المتناقضة داخلي، ففي طفولتي كنت خجولة وهادئة في علاقتي مع ذاتي، ولكنني في المدرسة كنت رياضية واجتماعية وكثيرة الحركة والنشاط. كنت عضوة في كل الفرق الرياضية ولديّ الكثير من الصداقات والمعارف. وأعتقد أنّ لحظة التحوّل في أفكاري كانت زيارتي لاستديو التصوير مع والدي، أذكر أنّه اصطحبني في زيارة سريعة للقيام ببعض الأعمال، ولكنني لم أرغب في المغادرة، إذ وجدت الكثير من الأمور المثيرة للاهتمام: الكاميرات والإضاءة والكواليس والعاملين وهم يتحركون بنشاط لإتمام مسؤولياتهم. كان المكان ينبض بالحياة، وأردت أن أكون جزءاً من هذا العالم، ومنذ تلك اللحظة ولد فيّ شغف كبير تجاه الإخراج والعمل الفني ومشاركة القصص.
أذكر أيضاً زياراتي إلى منزل جدي في دبي القديمة، حيث كنت أذهب مع أقاربي للتجول في السوق والشوارع والأزقة الضيقة، وركوب العبرة للقيام بجولة فيها، هناك حيث الروائح القوية والأصوات الصادحة والألوان الواضحة وأهل البلد الحقيقيين والصور الجميلة عن الحياة بكل نواحيها، ومن تلك المشاهد تكوّنت مصادر إلهامي، فأنا أعتمد عليها في الكثير من أعمالي الإبداعية، أحب التمسك بفكرة الحنين والعودة للماضي، لأستقي منه أفكاراً تناسب الحاضر.
كل هذه المشهديات شكّلت شخصيتي الحالية، سواء في العمل أم في العلاقات الشخصية وتكوين الصداقات، فأنا مثلاً عرفت الكثير من الناس من جنسيات مختلفة منذ كنت في المدرسة، واستطعت أن أتأقلم معهم وأتماشى مع أفكارهم.ولا أنكر أنني خلال نشأتي شعرت بالضياع والارتباك قليلاً، لأنني شعرت أنّه عليّ أن أظهر بشكل معين يناسب ثقافتي، ولكنني لم أفهم السبب وراء ذلك. فكنت أرغب في أن أتغير وأكون مختلفة مثل أصدقائي الذين لم يشاركوني نفس الجنسية، ومع ذلك أردت أن أظل مخلصة لذاتي، إذ كنت أعرف أنه لديّ خصوصية تميزني. وفي النهاية، وجدت مكاني الحقيقي، واكتشفت أنه يمكن أن أكون كل ذلك: في داخلي أحمل دائماً الحس التقليدي الذي يتحدث عن هويتي الإماراتية، ولكنني أيضاً منفتحة على الآخر ومتأثرة به.
أعتقد أنني كنت محظوظة لأنّ والدي مخرج وأختي فنانة ويوجد أفراد كثر في عائلتي يعملون في المجال الإبداعي، فقد تمكنت من فهم شخصيتي ومعرفة ما أرغب فيه وهو دخول مجال الإخراج ما يعني أن أكون تحت الاضواء، وقد دعموني كثيراً وشجعوني، لكنني اكتشفت مع الوقت أنّ خوفي وخشيتي ليس مصدرهما عائلتي بل مجتمعي. فكنت أفكر على الدوام: هل أنا أعكس هويتي الإماراتية كما يجب؟، لأنّ كل من حولي دفعوني للتفكير بهذا الاتجاه، ولكنني أدركت في النهاية أنّ هذا ليس ما أرغب فيه، فأنا أريد فقط أن أعكس حقيقتي وما أريده لنفسي، وأنني بهذه الطريقة سأخدم بلدي وأمثّله بأفضل طريقة.
وهذا الأمر لم يحصل سريعاً، بل رافقني الصراع لسنوات طويلة، وأدركت قبل وقت قصير أنني تحررت منه. فمؤخراً قمت بحملة عالمية مع Adidas، وذهبت إلى جنوب إفريقيا للتصوير، وحين شاهدت النتيجة النهائية للتعاون، أذهلني ما قمت به لدرجة أنني بكيت لحوالي ربع ساعة متواصلة، مدركةً أنني فعلاً صرت أمثّل بلدي على الصعيد العالمي، وأنّ هناك فتيات كثر سينظرن إلى إنجازاتي ويرون اسمي على هذه الحملة، ويفكرن أنّني شابة مثلهنّ آمنت بنفسها وعرفت قدراتها، وتمكّنت أن تذهب بعيداً بأحلامها لتحوّلها إلى حقيقة. وسيولد لديهنّ الإيمان بأنهنّ أيضاً قادرات على أن يكنّ مثلي، وأن يصلن بأحلامهنّ إلى أبعد الحدود.
إلى أي مدى أنتِ ابنة أرض بلدك؟ الأرض التي كانت حتى قبل 70 سنة صحراء قليلة الموارد وتحولت برؤية حكيمة إلى أهم دول العالم؟
أنا صورة عن هذه البلاد، حين أنظر إلى نفسي أشعر أنني التمثيل المثالي لتطور الإمارات، ففي وقتٍ قصير وبسرعة كبيرة، حافظت على ثقافتها وتقاليدها وفي الوقت نفسه تطورت وواكبت المستقبل. بالنسبة لي دبي تحديداً حاضرة في رؤيتي ومهنتي وطريقتي في التعبير عن أفكاري، ونحن كشعب إماراتي نحب الحفاظ على عاداتنا، ولكن لا يمكننا التوقف عن التطور ومواكبة التغيير. فحين كنت طفلة، اعتدت متابعة رسوم متحركة عبر قنوات عربية وأخرى غربية، وصحيحٌ أنّ الأفكار بعيدة ومختلفة، ولكنّها تحاكيني وتمثلني وكأنني أعيش وأفكّر في الوسط تماماً، وهذا التنوع هو ما شكّلني وساهم بتحديد هويتي الخاصة. ومن جهة ثانية، فإنّ لقاءاتي مع الكثير من النساء الإماراتيات من جيلي، وحديثي معهنّ ورصدي لاجتهادهنّ ونجاحاتهنّ، يؤكّد لي أنّ خصوصيّتنا هي بتنوع ثقافتنا وثرائنا الفكري، وبأنّ هذا ما يميزنا عن غيرنا.
ما الذي تعنيه لكِ الطبيعة وتحديداً الإمارات؟ وكيف تحافظين عليها؟
أنا عاشقة لطبيعة الإمارات، فحين أرى غيوماً جميلة في السماء أقول لأصدقائي أنظروا إلى روعة بلادنا، وأعتقد أنّ طبيعتنا ساحرة وجميلة ومحافظ عليها بشكل واعٍ وبحرصٍ كبير. وأحب البحر كثيراً وأتوجه إليه على الدوام لكي أتذكّر طفولتي الجميلة، فهو يمنحني الهدوء والسعادة، كما أعشق التنزه في المدينة القديمة حين يكون الطقس جميلاً، لأبتعد قليلاً عن صخب الحياة وأستمتع بالتراث وبجمال بلدي.
دور الأب كان مهماً في حياتكِ، وتأثرتِ به في اختيار مسارك المهني، فهل كنتِ ستخوضين مجال الإخراج لو لم تتربّي في كنف أب مخرج؟
حين أقوم بتصوير حملة ما أمام الكاميرا، مثلاً حين صورت مع مجلة هَيا وCartier، اعتدت سماع فريق العمل يشيد بكوني مريحة جداً أثناء التصوير، وإنّه لديّ ثقة وراحة أمام الكاميرا تسهّل الأمور، والسبب في ذلك يعود إلى والدي، حيث كان يصورني على الدوام في المنزل، وكنت أزور الاستديو الخاص به وأسجّل بصوتي بعض الإعلانات. أنا بدأت بتعلّم هذه المهنة من خلاله، لذا وصلت إلى وقتي الحالي أكثر معرفة وثقة وإدراك بأبعادها وتحدياتها وجمالياتها، وعرفت أيضاً أنني سأستمر بالبحث والسعي لتقديم أفكار تمثّلني وتعكس آرائي وقناعاتي. تصوير الأفلام بالنسبة لي أو الإخراج وإدارة عملية الإبتكار الفني، هو طريقة لطيفة لمشاركة رسالة من دون أن نكون عنيفين أو فلنقل قاسين بطرحنا، فنحن حين نطرح فكرة صعبة لا نقوم بذلك لكي نزعج المجتمع، بل لنفتح حوار، ونفكر معاً ما الذي يمكننا فعله، وكيف يمكننا أن نغيّر نحو الأفضل.
قلتِ في لقاء سابق لنا معكِ أنكِ ستركّزين على تقديم الأفلام القصيرة مستقبلاً، هل سرتِ في هذا الطريق أم أنّ الفرص أخذتكِ في اتجاه مختلف؟
خلال العام الفائت، تركت عملي الثابت والبعيد عن مجال الإخراج، وفي تلك الفترة احتجت إلى البحث عن العمل الذي يسعدني ويعبّر عني ويكون مصدر مدخول ثابت بالنسبة لي. لم أرغب في أن يكون عملي الإبداعي مجرد هواية، لذا انطلقت في شركة إنتاج خاصة بي، وقررت التركيز على إخراج أفلام وحملات دعائية في مجالي الموضة والأزياء، ولم أعد راغبة في أن يُقال لي صانعة أفلام، لأنني لم أعد أفكر بذلك، ولكن اليوم بعد مرور عام، عدت لأتذكر كم كنت أحب تقديم أفكار جديدة من خلال الأفلام، لذا أعتقد أني في الفترة المقبلة، سأعيد التركيز على ما أحبه فعلاً وبشكل كبير.
حدّثينا عن علاقتكِ بدار Cartier وخياراتكِ المفضلة من المجوهرات والتي تحمل اسم هذه الدار العريقة؟
دار Cartier مميزة بالنسبة لي، فأنا أحببت منذ سنوات مجموعة Juste un Clou، وشعرت أنها تحاكيني وتعكس القوة والثقة، والتصوير مع الدار كان فرصة جميلة ومميزة وسمح لي بإظهار نواحٍ مختلفة من شخصيتي. بالنسبة لي، لطالما أحببت المجوهرات والتعبير عن نفسي من خلالها، وكنت في سنوات مراهقتي أضع الكثير من الخواتم والأقراط، وأحب تنسيقها بشكل يتناسب مع ملابسي، ولكنني اليوم بت أفضل القطع الناعمة، ولا أنكر أنني في بعض الأحيان أذهب إلى خزانة مجوهرات والدتي وأستعير بعض القطع لأجربها وأتباهى بها. المجوهرات برأيي هي قطع ثمينة تعبّر عن شخصيتنا وأسلوبنا وتطور ذوقنا مع مرور الزمن، لذا فهي بالتأكيد مهمة كثيراً بالنسبة إليّ.
كشابة إماراتية مواكبة للتغيير ومحافظة على مظهرها العربي وطابعها الخليجي، كيف تصفين أسلوبكِ في الموضة وتغيّره على مدار السنين؟
أختار ما يناسب شخصيتي ويمثّل حالتي في كل مرّة، فأحياناً أريد أن أكون كلاسيكية، وفي أيام ثانية أحب أسلوب الشوارع المريح، ولطالما كنت رياضية خلال نشأتي وانعكس ذلك على اختياراتي للعباءة، حيث أذكر جيداً أنني كنت أرتدي الحذاء الرياضي معها للذهاب إلى الجامعة، وكان زملائي يستغربون إطلالتي، وبعدها ببضع سنوات سادت هذه الموضة، وشعرت أنني مغبونة، لأنني من بدأت هذه الصيحة وكنت أتلقى الانتقادات وقتها... لذا أشعر أنّ أفكاري بالعادة تكون صادمة وجديدة ولكن بعدها بفترة يبدأ محيطي بتقبلها.
هل تضعين خطة لكل عام جديد؟ وما الذي تطمحين إليه حالياً؟
لا أخطط للمستقبل بشكل كبير وتفصيلي، فأقول مثلاً في هذا الشهر سأحقق هذا الأمر، ولكنني أتخيل أفكاراً أريد تحقيقها. بالنسبة لي أحب تجربة أمور جديدة ومقابلة أناس مختلفين وزيارة دول لا أعرفها، وحينها تأتي إليً الأفكار ويأتيني الإلهام، فأقوم بتسجيلها على هاتفي. أنا أعيش وأستمتع بوقتي وببناء علاقاتي وتطويرها، وأنتظر الفرص المناسبة لتأتي إليً، فمثلاً حين تعلق الأمر بتأسيس شركة إنتاج، كانت فكرة صديقتي وقد طرحتها عليّ ووجدت أنها تناسبني فبدأنا بها، واليوم أعمل على تطويرها من خلال اختيار حملات موضة وجمال مع علامات تجارية معروفة، ولديّ حالياً مشروع مع علامة مجوهرات إماراتية، وأحضّر لمشروعين مختلفين يتعلقان بمجال الضيافة، وأنا أستمتع بهذا التنويع الذي بدأت أشهده في مسار مهنتي، وأنتظر فرصاً مختلفة وجديدة في المستقبل.
ما هي نصائحكِ للشابة الاماراتية الطموحة التي تبحث عن مستقبل مبهر في أرض بلدها؟
أقول لها: لا تكوني مستعجلة للوصول بل كوني صبورة واستمتعي بمسار رحلتكِ مهما بدا طويلاً. فخلال نشأتي كنت خجولة، واعتدت أن أتساءل: لماذا لا يحصل معي كما يحصل مع غيري من الفتيات؟ هل لأنني لست موهوبة أو جيدة بما يكفي؟ كنت أشعر بالذنب وأشكك بقدراتي، ولكن لاحقاً أدركت أنّ لكل شخص توقيته الخاص للنجاح، ولا يهم إن كنتِ في الـ21 أو الـ25 أو الـ30من العمر، فما تسعين إليه بإصرار وثقة وإيمان سيصل إليكِ مهما تأُخر. وهكذا صرت اعطي كل شيء وقته، ولا أشك بنفسي أم أخشى الفشل. ومن المهم أيضاً أن نقيّم تصرفاتنا ونحاسب ذاتنا على الأخطاء، ليس بنية التحطيم، بل بنية بناء شخصية قوية وطرح أسئلة حول أهمية ما نقوم به ونخصص له الوقت والجهد، ولا ننغرّ بما يقوله الآخر، فهناك أشخاص سيشعرونكِ بأنكِ قوية ومتمكنة لمجرد أنكِ تعملين في مجال جديد وهو الإخراج بالنسبة لي، وهم لا يعرفون شيئاً عن عملي وأفكاري وجهدي، وبالتالي علينا ألّا نتأثر كثيراً بالمديح أو بالذم، بل فليكن مقياسنا الخاص هو زيادة معارفنا وتعزيز ثقافتنا والاستمرار بالعمل حتى يأتي التقدير من مكانه الصحيح.