خياراتك تعكس مدى انتمائك الوطني
دينا زين الدين-بيروت
الانتماء للوطن أو للقومية العربية لا يعني بالضرورة خوض الحروب مع الآخرين أو التغنّي بمزايا الوطن طوال الوقت، فالانتماء هو ببساطة إحساس داخلي جميل يربطنا بأرض وحضارة وشعب تشبهنا وتمثّّلنا، ولتعزيز هذا الشعور يمكنك القيام بتصرّفات قد لا تنتبهين لها عادةً ولكنها، إذا التزمت بها، تحدث فرقاً كبيراً.
ثمّة الكثير من العادات والتقاليد التي تمثّل هويتك، والتزامك بها يخدم انتماءك لها ويقوّيه كما أنّ نقلها إلى أولادك يعني أنك تؤدّين دورك بشكل صحيح. من هذه العادات تبادل الزيارات في الأعياد وإظهار الاحترام والتقدير للأشخاص الأكبر سنّاً سواء كانوا من الأقارب أم من الغرباء، إضافة إلى مشاركة الآخرين مشاعرهم وإظهار الرأفة والتعاطف مع الجار عندما يواجه مشكلة ما أو مع الفقراء والمبادرة إلى تقديم المساعدة وإن كانت معنوية. إنّها سلوكيات بديهيّة نابعة من التزامنا بقيمنا الدينية والأخلاقية والاجتماعية ولكنها أيضاً تتحدث عن انتمائنا وتسترجع صفات وخصال أجدادنا العرب.
اللغة العربيّة
من أجمل اللغات وأكثرها ثراءً وغزارة بالمفردات والتعابير، فهل تستخدمينها كما يجب في حياتك اليومية أو أنّ قاموسها تغيّر قليلاً بالنسبة إليك وإلى محيطك ولا سيّما بعد أن دخلت عليها جُمل غريبة باتت تشوّهها وتهدد انتشارها واستمرارها؟
الحرص على استخدام اللغة العربية أساسي وضروري لكي نعززّ انتماءنا ونقوّيه وكذلك الحال في نقلها إلى الأجيال المقبلة، فالخوف عليها مبرّر وهو نابع من الاعتماد المتزايد من قِبل الكثير من المدارس العربية على اللّغات الأجنبية كلغات أساسية، حيث يتم تهميش لغتنا لمصلحة هذه اللغات.
من جهة ثانية، فإنّ استخدام العمالة الأجنبيّة في الدول الخليجية وفي كلّ المرافق الحياتيّة يحتم علينا إتقان اللغة الإنكليزية، وهذا أمر ضروري ومرحّب به شرط ألا يؤثر سلباً على لغتنا الأساسيّة التي يجب أن تبقى الأصل والتي يجب أن يتقنها أولادنا ويتحدثوا بها ويفخروا بكونها لغتهم الأم، وهنا يتعيّن عليك أن تشرحي لهم مزاياها.
Chat متعدّد اللغات
في حال شعرتِ بأنّك مطوّقة باللّغات الأجنبية من كلّ حدب وصوب، احرصي على استخدام لغتنا حين تتحدّثين إلى أولادك وزوجك وزملائك في العمل، واستغني عن الـChat بالإنكليزية وعوّدي نفسك ومن حولك على سماع تحية الصباح والمساء بلغتنا وستلاحظين مع الوقت كم كنت مقصّرة بحقّ لغتك وكم هي جميلة مفرداتنا وعباراتنا.
المسلسلات التركيّة أم الخليجيّة؟
هل تذكرين آخر فيلم عربي جديد شاهدته؟ هل تحبين المسلسلات الخليجية أو المصرية أو اللبنانية وتتابعينها بنهم كما تتابعين المسلسلات التركية أو الأميركية؟ هل تشترين تذكرة باهظة الثمن لحضور مسرحية عربية، كما تفعلين حين يتمّ الإعلان عن قدوم فرقة غربية أو مطرب أجنبي للغناء في بلدك؟ هل تذهبين إلى معرض فنّ تشكيلي يقيمه فنان من أبناء دولتك؟
حين تجيبين عن هذه الأسئلة ستشعرين ببعض التقصير وبأنك لم تطّلعي على الفنون المحليّة لتعرفي إن كانت تستحق الدعم أو المتابعة أم لا. لذا ننصحك بأن تبدئي بمتابعة ما يقدّمه الفنانون من أبناء بلدك أو البلدان المجاورة. اصطحبي زوجك أو صديقاتك إلى معرض رسم أو نحت واشتري قطعة تعجبك وتباهي بعرضها في صالون بيتك، هي بالتأكيد لن تكلّفك بقدر ما سيكلّفك شراء تحفة من لندن أو باريس كما أنّ ثمنها سيشجّع الفنان المبتدئ من أبناء بلدك على الاستمرار وسيزيد الحراك الثقافي والفني العربي.
الموسيقى العربيّة... صباحاً ومساءً
تستمعين إلى أغنيات فيروز صباحاً وإلى أغنيات أم كلثوم أحياناً عند المساء ولكنّك تفضلين خلال السهرات موسيقى الـRock الصاخبة وحين تذهبين لشراء مجموعة جديدة من الـ CD تشترين أحدث ما قدّمه النجوم الأجانب. لكن لمَ لا تنوّعين فتستمتعين بالموسيقى العربية والغربية في آن وتشترين CD لنجم عربي شاب صاعد لم تستمعي من قبل إلى أغنياته؟
لدينا عدد كبير جداً من النجوم الشباب ذوي الأصوات الواعدة الذين يستحقون الوصول إلى العالمية، وهذا الأمر لن يحصل إلاّ إذا آمنّا نحن بمواهبهم ووثقنا بقدراتهم، فنجاحهم يدعم مكانتنا في العالم ويعزز مركزنا الفني بين الأمم ويلفت الأنظار إلى دولنا ويرفع مكانتها.
العود والعنبر
في ذاكرتك رائحة لطالما تنشقتها حين كنت تزورين منزل جدّتك في صغرك وكأنّ شذاها العابق والقوي محفور في ذاكرتك، إنّه العود الذي يفيض من جنبات معظم البيوت في الخليج العربي أو لعلّه العنبر أو الصندل أو المسك.
مكوّنات عطرية تعود إلى مئات السنين، تحتلّ ماضينا وتتحدث عن حضارتنا وتستمر في حاضرنا وتطالبنا بأن ننقلها إلى بناتنا وحفيداتنا، فهي في قلب تاريخنا وانتمائنا.
الكحل العربي
معروف عن النساء العربيات عامة والخليجيّات خاصة استخدام الكحل العربي الذي يعتبر من أكثر وسائل الزينة انتشاراً في الأوساط الشعبية وقد اعتادت النسوة في الماضي تكحيل الرضيعات لظنّهن أنّ الكحل يحمي العينين كما أنّه يزيد من جمال النظرة ولا يزال الكحل حتى يومنا هذا رمزاً مهماً من رموز الماكياج العربي، فالعربيات شهيرات بالعيون الواسعة المزيّنة بالكحل وهن معروفات في العالم بأسره بأنهنّ الرائدات في استخدامه حتى أنّ أهم الدور العالميّة تفننت في ابتكار ألوان الكحل، إلاّ أنّ اللون الأسود يظلّ الأجمل والأكثر تعبيراً عن غموض وجمال وسحر العيون العربيّة.
صحيح أنّك لم تفكري بالأمر في السابق لكنّ اختيارك له يعكس تأثّرك بهويّتك العربية ورغبتك في المحافظة عليها ونشرها وخدمتها.
Elie Saab أو Chanel؟
خلال السنوات العشر الماضية حقّق مصمّمو الأزياء العرب نقلة نوعية أوصلت العديد منهم إلى العالميّة، فأبدعوا تصاميم لا تقلّ جمالاً وشياكة وفخامة عن تصاميم أشهر دور الأزياء وقدموا موديلات تليق بالسيدة العربية وترضي ذوقها وتحترم خصوصيتها.
لذلك حين تكونين في أحد المراكز التجارية، ألقِ نظرة مطوّلة على ما قدّمه Elie Saab وروبير أبي نادر وMN Aloush وهاني البحيري وغيرهم من مصمّمي الأزياء العرب. ثقي بهم وببصمتهم حتى تحقّقي بصمتك الجماليّة الخاصّة من وحي البيئة التي تعيشين فيها وكوني على ثقة بأنّك لست بحاجة إلى وجود اسم Chanel على سترتك كي تكوني بارزة في محيطك، فاختياراتك الصائبة في ما يتعلّق بالأكسسوارات والأزياء وقدرتك على تنسيق ما تختارينه أهم بكثير من اسم العلامة التي اخترتها.
العباءة رمز الشياكة
العباءة من الملابس التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمرأة العربية، فهي، فضلاً عن أنّ ارتداءها يعود إلى اعتبارات دينية، تضفي على المرأة التي تختارها الكثير من الشياكة والاحترام والغموض، كما أنّها مريحة وجذّابة وقد باتت من أكثر القطع أناقة بسبب اهتمام مصمّمي الأزياء العرب بتصميمها والتفنن في ألوانها وأقمشتها وموديلاتها وتمسككِ بها دليل على مدى فخرك بوطنيّتك وقوميّتك واعتزازك بتاريخك وحضارتك وخصوصية المنطقة الجغرافية التي تنتمين إليها.
والسياحة أيضاً
بدلاً من لندن اختاري دبي، وبدلاً من باريس اختاري بيروت، وبدلاً من نيويورك اختاري الرياض، وبدلاً من إندونيسيا اختاري المغرب، ولا تظني أنّك لن تستمتعي بإجازتك لأنّك اخترت بلداً عربياً وأنّك لن تشتري ملابس وأكسسوارات موقعة من أشهر الدور العالمية ولن تدخلي أرقى المتاحف أو تستمعتي بأشهى المأكولات، عليك فقط اختيار التوقيت المناسب كأن يكون الطقس لطيفاً والباقي بالتأكيد سيذهلك.
ستفاجئين بالمعالم الحضارية المميزة وبلطف أهل البلد ولن تشعري بالغربة كما يحصل في الدول الغربية بسبب اختلاف طريقة التفكير والتصرفات واللغة، بل ستشعرين بأنّك بين أهلك وستساهمين، من دون أن تشعري بذلك، في خدمة الاقتصاد في البلد العربي الذي اخترته، ما يؤدّي مع الوقت إلى المزيد من الازدهار والبحبوحة والتطوّر.