رانيا حماد: لا شيء يقف في وجه قوتنا
رانيا حماد هي خير مثال على أنّ القوة تنبع من الداخل ولا شيء قادر أحياناً على الوقوف في وجهها. فعلى الرغم من الحادث الذي نجت منه وأدّى إلى استعانتها بطرف صناعي، أكملت رانيا حماد حياتها واستطاعت أن تحوّلها بالفعل ليصبح صوتها مؤثراً بين الجميع. ولذلك، نتحدّث معها عن هذه القوة التي تعكسها وعن مفهومها الجديد للجمال «غير المثالي».
تصوير: شريف المصري
1. إنّك واحدة من الأشخاص القلائل الذين لم يخبّؤوا حقيقتهم يوماً ولم يخشوا «اللامثالية». من أين تستمدّين هذه القوة؟
ما من أحد منّا مثالي، وما من أحد يملك كل شيء، سواء من حيث المظهر الخارجي أو أسلوب الحياة أو المعايير الاجتماعية أو غير ذلك. ونخفي عادةً عيوبنا لأنّنا نشعر بالخجل، الخجل من النقص فينا أو الخشية من رفض الآخرين لنا وعدم مبادرتنا الحب. أمّا من جهتي، فأدركت أنّ تقبّل العيوب يعني الحدّ من قوتها عليكِ ومن أهميتها لنفسكِ وللآخرين. وقد اكتسبت هذه القوة بعد أن شعرت أنّ المجتمع يسرق سعادتي في الحياة، بمجرّد تحديد معايير ما يحبّون رؤيته وما يفضّلون تجاهله. لذلك، كان عليّ أن أعطي الأولوية لنفسي وأن أبرز عيوبي لأتحرّر من أعراف المجتمع ومعاييره.
2. تقبّل الذات ليس أمراً سهلاً، ولا نبلغه سوى بعد الكثير من التحديات والصعوبات. أخبرينا بإيجاز عن رحلتكِ، وكيف وصلتِ إلى هذه المرحلة من تقبّل الذات.
مرحلة تقبّل الذات هي المرحلة الأخيرة من مراحل الحزن. وهي ليست ثابتة، بل تظهر وتختفي تماماً كما المشاعر الأخرى. لقد وصلت إلى مرحلة ينمو فيها تقبّلي لنفسي يوماً بعد يوم. في البدء، بذلت جهوداً لأتكيّف مع البيئة الجديدة من حولي، ولأكون مستقلّة في إنجاز جميع الأعمال تقريباً بمفردي. كذلك، عزّزت مشاعر تقبّل الذات حين حوّلت الطرف الصناعي إلى إكسسوار جريء ورائع في إطار هويتي الجديدة.
3. غالباً ما تظهر لنا مواقع التواصل الاجتماعي الصورة «المثالية». لماذا تعتقدين أنّ معظم المؤثرين لا يظهرون سوى الناحية الإيجابية من حياتهم؟
لطالما جمعتني علاقة حب وكراهية مع مواقع التواصل الاجتماعي بسبب هذه الصورة «المثالية». فحين أتصفّح إنستغرام وأرى الصور المثالية، تنتابني تلقائياً المشاعر السلبية باعتقاد أنّ الحياة المثالية هي حقيقة وليست وهم. حتّى أنّني أسمّي إنستغرام «منصة الإيجابية السامة» التي تجعلكِ تعتقدين أنّكِ تفوّتين الكثير من الحياة. وبالنسبة إلى المؤثرين، فهم يعتقدون أنّ إظهار الجانب الإيجابي يلهم الآخرين ويسعدهم، لكن ليس هذا هو الحال دائماً. منذ أشهر قليلة، نشرت مقطع فيديو وأنا أبكي. فبالنسبة إلي، من الضروري أن ننشر المزيد من هذا المحتوى، لأنّ الألم ليس غريب على أي منّا. فبما أنّ للإعلام تأثير قوي في تشكيل تصوّرات الأفراد وآرائهم، على المؤثرين الاستفادة من أصواتهم وجعل منصاتهم أكثر واقعية للتأثير بالطريقة الصحيحة والإيجابية على متابعيهم.
4. كيف تغيّرت نظرتكِ إلى الإعاقة بعد الحادث؟ وكيف غيّرت نقطة التحوّل هذه حياتكِ بالكامل؟
تغّيرت نظرتي إلى الإعاقة بدون أن تتغيّر نظرتي إلى ذاتي، وتحديداً فهمي بأنّنا جميعنا متساوون. جميعنا قادرون على إنجاز المهمات، ولكنّ البعض يحتاج إلى مزيد من الوقت، هذا كل ما في الأمر. وبفضل نقطة التحوّل هذه، أصبحت أكثر انفتاحاً لتقبّل الآخرين، لا سيّما المختلفين عنّي من حيث العرق أو اللون أو الإعاقة أو الحالة النفسية.
5. كيف ترين الجمال في نفسكِ؟
أرى الجمال في أنّني حقيقية. وحين تكونين حقيقية، تكونين جميلة مع عيوب مثالية تتقبّلينها. الجمال بالنسبة إليّ ينبع من الداخل، إنّه الثقة التي يلتمسها الآخرون في داخلنا. فقد اصبحت أدرك أنّ الطريقة التي تنظرين فيها إلى نفسكِ هي نفسها الطريقة التي ينظر فيها الآخرون إليكِ. لذلك، أظهري لهم ثقتكِ بنفسكِ وتألّقي بجمالكِ.
6. كيف تعرّفين عن نفسك كامرأة قوية؟
أنا امرأة وأم بطرف صناعي، تعرّضت لحادث أفقدني ساقي في العام 2018. وبعد عامين، قرّرت أن أبدأ رحلتي على إنستغرام كمؤثرة ومتحدثة تحفيزية وعارضة أزياء، في محاولة لتطبيع نظرة الناس إلى ذوي الإعاقة. ومنذ ذلك الحين، ظهرت في العديد من المجلات، وشاركت في الكثير من المقابلات والمحادثات، وعملت كعارضة أزياء، وسافرت الدول بين الخليج وأوروبا. صحيحٌ أنّني اجتزت الكثير، ولكنّها البداية بالنسبة إلي ولا زلت أملك الكثير لأقدّمه للعالم.
اقرئي أيضاً: المؤثرة زهرة خليل في حديث عن الجمال وحب الذات والصحة النفسية