الاستدامة في عالم الجمال: ما هي مبادئها؟
لا شكّ في أنّ مصطلح «الاستدامة» تكرّر على مسامعنا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وذلك بعد أن كثّف العالم جهوده في مختلف القطاعات والمجالات، للحفاظ على البيئة ومواردها ولضمان استدامتها. وفي عالم الجمال، أثبتت العلامات التجارية أنّها بالفعل قادرة على تحقيق الكثير وقد قامت بإنجازات متنوّعة على الأصعدة كافة. وتزامناً مع هذا العدد المميّز من هَيا، نركّز اليوم على 5 مبادئ ترتكز عليها الاستدامة ونسلّط الضوء على كيفية مراعاتها في عالم الجمال.
المبدأ الأوّل: Reuse أو إعادة الاستخدام
«إعادة الاستخدام» أو Reuse هو أول مبدأ يمكن التحدّث عنه من مبادئ الاستدامة، ويعني طبعاً استخدام أكثر من مرّة المنتجات التي نشتريها. فكيف ينطبق ذلك في عالم الجمال؟ يمكن التحدث هنا عن مبدأ الدائرية، أي الحلقة الدائرية التي يدخل فيها المنتج وينتقّل من مرحلة إلى أخرى. وفي هذه الحلقة، تكون جميع الأطراف مسؤولة تجاه البيئة سواء العلامة التجارية أو المتجر أو المستهلك، وهي تُعتبر مهمة لأنّها تشرك الجميع في التغييرات الإيجابية وتقلّل الآثار السلبية على البيئة فيما تعزّز رفاه الفرد وشعوره بحسّ المبادرة. وفي عالم الجمال تحديداً، ومن وجهة نظر المستهلكين، هكذا ينطبق مبدأ إعادة الاستخدام:
1. إعادة تعبئة العبوة بعد انتهاء التركيبة في داخلها، وهذا خيار توفّره العديد من العلامات التجارية لمجموعة من منتجاتها، سواء المكياج أو العناية بالبشرة أو العطور. وبالتالي، لنعتبر مثلاً أنّكِ اشتريت كريم مرطّب قابل لإعادة التعبئة، يمكنكِ التوجّه إلى المتجر بعد الانتهاء منه وإعادة تعبئة تركيبة جديدة داخل العبوة نفسها. وبهذه الطريقة، تعيدين استخدام العبوة وتقلّلين من النفايات المنتجة. وتشمل قائمة العلامات التجارية التي تقدّم منتجات قابلة لإعادة التعبئة أسماء كثيرة من بينها Chanel وDior وDolce & Gabbana وLancôme وFenty Beauty وغيرها.
المبدأ الثاني: Reduce أو تقليل استخدام المواد عند التصميم
بالنسبة إلى مبدأ «التقليل» أو Reduce، فيتعلّق بالشركات المصنّعة، أي العلامات التجارية، بشكل خاص. وهو يعني تقليل استخدام المواد المستخدمة لتصنيع المنتجات والمستحضرات منذ مراحل التصميم والإنتاج الأولى، لا سيّما المواد الخام. أمّا نحن كمستهلكين، فنطرح إذاً السؤال الآتي: «هل نساهم في تلويث البيئة بمجرّد أن نتّبع روتيناً جمالياً خاصاً بنا؟». في الواقع، تدور النقاشات بشكل أساسي حول البلاستيك في المنتجات الجمالية، باعتبار أنّه أكثر المواد استخداماً في منتجات الجمال ومنتجات العناية الشخصية. ولا نتحدّث هنا عن البلاستيك المستخدم في العبوات والزجاجات الخارجية وحسب، بل أيضاً البلاستيك الداخل إلى التركيبات، وهو ما يُسمّى الميكروبيدات (Microbeads). ونجد هذه الجسيمات البلاستيكية في مختلف المنتجات الجمالية، مثل المقشّر والشامبو والبلسم وأحمر الشفاه وصبغات الشعر والكريم الواقي من الشمس وكريمات مكافحة الشيخوخة واسبراي الشعر وماسكات البشرة وغيرها. وتتمثّل خطورة هذه الجسيمات في أنّها غير قابلة لإعادة التدوير، بما أنّها تُستهلك بالكامل عند الاستخدام.
فما هو دورنا؟
صحيح أنّ المسؤولية الأكبر تقع على العلامات التجارية، بحيث عليها استبدال الميكروبيدات وجميع مكوّنات البلاستيك بمواد أقل أثراً وتلوّثاً للبيئة، ولكن كمتسهلكين يمكننا تجنّب شراء المنتجات التي تحتوي على مواد مضرّة بالبيئة، وذلك من خلال قراءة التعليمات على العبوة.
المبدأ الثالث: Recycle أو إعادة التدوير
قد تكون «إعادة التدوير» من أكثر المصطلحات التي اعتدنا سماعها في السنوات الأخيرة. وإعادة التدوير هي العملية التي تمنع من التخلّص من النفايات نهائياً، بل تعيدها إلى الحلقة الاقتصادية من خلال تحويلها من جديد إلى منتجات أو مواد لا تُستخدم بالضرورة للغرض نفسه. وتشكّل إعادة التدوير خطوة أساسية للحفاظ على الاستدامة، إذ تقلّل النفايات المنتجة وتحدّ أيضاً من استهلاك المواد. وفي عالم الجمال، لا بدّ من القول إنّ العلامات التجارية التي تلتزم بإعادة التدوير كثيرة بالفعل، وغالباً ما تصرّ على تسليط الضوء على هذا الالتزام من خلال منشوراتها وعلى عبواتها.
وفي هذا السياق، يمكن التحدث عن أهمية إعادة التدوير في التقليل من مخاطر التفايات البلاستيكية على البحار والحياة المائية. في الواقع، يزداد الاهتمام العالمي مؤخراً بمسألة البلاستيك الملوّث للمحيطات، وتشكّل زيادة الوعي بهذا الخطر البيئي أولوية قصوى. وبحسب التقديرات، تساوي كمية البلاستيك الذي وصل إلى نهاية عمره منذ الخمسينات وحتّى اليوم 6,300 طن، مع إعادة تدوير 12% فقط منها، وهذا ما يؤدي بالتالي إلى رميها في المكبات أو في البيئة. أمّا آثار هذا التلوّث، فتشمل المركّبات السامة في السلسلة الغذائية وتهديد حياة الأسماك والحيوانات والنباتات المائية والتأثير السلبي على القطاعات المائية مثل السياحة وصيد الأسماك وبالتالي الأفراد الذين يعتمدون عليها لتناول الطعام أو كمصدر للعيش.
ولذلك، من الضروري أن تلتزم العلامات التجارية في عالم الجمال باستخدام مواد مُعاد تدويرها وأيضاً مواد قابلة لإعادة التدوير، فتؤدّي بالتالي دوراً جوهرياً في الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوّث.
المبدأ الرابع: Repurpose أو إيجاد استخدامات بديلة أخرى
نلاحظ طبعاً أنّ مبادئ الاستدامة مترابطة مع بعضها، ويكمّل كل مبدأ منها المبادئ الأخرى. ونلاحظ أيضاً أنّ كل مبدأ منها يعني العلامات التجارية من جهة ويعنينا أيضاً كمستهلكات وعميلات. وبالنسبة إلى مبدأ Repurpose على وجه التحديد، فيهمّنا مباشرةً ويعني إيجاد استخدامات أخرى للعبوات التي نشتريها. تعلمين طبعاً أنّ العلامات التجارية تبذل في غالبية الأحيان جهوداً كبيراً لتقديم عبوات وزجاجات وعلب ملفتة لمنتجاتها الجمالية. ولذلك، نحبّ أحياناً الاحتفاظ بها. والخطوة هذه لا ترضي ذوقكِ وحسب، بل تساهم أيضاً في الحفاظ على البيئة وتعزيز الاستدامة. فعلى سبيل المثال، يمكنكِ إعادة استخدام علبة الكريم بعد الانتهاء منه للاحتفاظ بتركيبة أخرى طبيعية حضّرتها بنفسكِ لاستعمالها دورياً على بشرتكِ، أو لأي غرض آخر. وبالتالي، تقلّلين من النفايات التي تنتجينها وتحمين الطبيعة من تراكم المواد والعبوات فيها.
المبدأ الخامس: Rethink أو إعادة التفكير
بما أنّنا اقتربنا من بداية العام 2024 الجديد، حان الوقت لتعيدي التفكير في الطريقة التي تستهلكين بها المنتجات الجمالية لروتينك الخاص. حان الوقت لتعزّزي وعيكِ البيئي وتساهمي أنتِ أيضاً في حماية البيئة واستدامتها. لذلك، احرصي أكثر على قراءة التعليمات والمعلومات على عبوات المنتجات التي تشترينها، واختاري التسوّق من علامات تجارية تخصّص جهوداً ومبادرات بيئية للحفاظ على الموارد، وحاولي التسوّق من المتاجر التي تقدّم خدمات إعادة التعبئة أو خدمات أخرى تعزّز الحفاظ على البيئة، وأيضاً تسوّقي من مواقع إلكترونية تقدّم منتجات مستدامة وصديقة للبيئة مثل موقع Beauty Ethic أو ابحثي عن الأقسام المخصّصة للمنتجات المستدامة في المواقع الأخرى مثل Net Sustain في موقع Net A Porter أو حتّى في موقع سيفورا وغيرها...
اقرئي أيضاً: Haya x UNEP معاً يوضّحان المفاهيم الخاطئة حول كيفيّة الوصول إلى أهداف الموضة المستدامة