Sylvaine Delacourte في بحث دائم عن مكوّنات جديدة

خاص «هيا»- ترجمة: أرليت صليبا
قبل نهاية العام 2013، قصدنا باريس بدعوة من Guerlain للاحتفال بإعادة افتتاح بوتيك68 Champs-Elysées الأيقونيّة بعد مرور 100 عام على تأسيسها واستكشاف الجمال الثقافي الذي تتميّز به هذه الدار العريقة، فوجدنا في كلّ زاوية من زوايا هذه البوتيك قصّة كُتبت بأسلوب راق وعصري، وحملتنا إلى جذور Guerlain وإرثها وجوهرها.
ضجّت رحلتنا بالاحتفالات، إذ إنّ دعوتنا لم تقتصر على مشاهدة الحشود التي تنتظر بفارغ الصبر أن تُفتَح لها أبواب البوتيك لكي تعيش تجربة
الـArt de Vivre الفرنسيّة. بل وشاركنا Guerlain أيضاً في احتفالها بمرور 160 عاماً على ابتكار زجاجة Bee الأيقونيّة التي صُمّمت خصّيصاً للإمبراطورة Eugenie. وفي هذه المناسبة، عملت الدار مع المعهد الفرنسي الوطني للصناعات اليدويّة INMA لكي تقدّم هذه الزجاجة الرمزيّة من خلال وجهة نظر 9 فنّانين، فقام كلّ فنّان بتزيين زجاجة Bee الأيقونيّة سعة لتر بابتكار أقلّ ما يقال فيه إنّه يفوح إبداعاً وحرفيّة. تعرض هذه التحف الفنيّة التسع في Maison Guerlain, 68 Champs-Élysées لغاية السابع عشر من فبراير، ثم سيتمّ بيعها وسيخصّص ريعها لتمويل مشروع Maîtres d’art – Students الذي يشرف عليه معهدINMA.
في خلال هذه الرحلة الجميلة، حظينا بفرصة مقابلة خبير العطور Thierry Wasser مرّتين. المرّة الأولى كانت خلال مؤتمر صحافي أقيم بمناسبة إطلاق عطر La Petite Robe Noire Couture الجديد. أمّا في المرّة الثانية، فأخذنا Thierry Wasser وElisabeth Sirot، المديرة الدوليّة للعلاقات العامّة والصحافة لدى Guerlain، في جولة داخل مصنع Orphin حيث تعمل الحرفيّات Dames de Table على صناعة تحف الدار يدويّاً. وقد حظيت «هيا» بفرصة إجراء مقابلة حصريّة مع المديرة الإبداعيّة في قسم العطور Sylvaine Delacourte التي أخذتنا في رحلة إلى عالم Guerlain الساحر.

-ما أبرز إسهاماتك للدار؟
أفضل ذكرى لي في الدار هي من دون شكّ عطر L’Instant de Guerlain لأنّه ولد خلال مرحلة صعبة كانت تمرّ بها الدار، فكان إطلاقه بداية جديدة وروحاً عصريّة وسبيلاً جديداً للنجاح. ثمّ ابتكرت عطري L’Instant for men وInsolence اللذين طبعا أفضل مرحلة من مراحل حياتي في Guerlain.

-تشتهر Guerlain باستخدام مكوّنات طبيعيّة. هل تحلمين باكتشاف مكوّن جديد؟
بالطبع أحلم باكتشاف مكوّن جديد. في الواقع، لا أبحث عن مكوّن واحد، لأنّ الدار تتوقّع منّي أن أبتكر أفكاراً ومفاهيم وروائح جديدة. لذلك، أبحث باستمرار عن مجموعة من المكوّنات التي تعكس الجوهر الحقيقيّ للعطر. على سبيل المثال، يتميّز عطر L’instant برائحة الصيف المنعشة، في حين يعتبر عطر Insolence نسخة عصريّة وجذّابة من عطر L’heure Bleue . من هذا المنطلق، أبحث دائماً عن مجموعة من المفاهيم والأفكار الجديدة لأبتكر عطراً جديداً، لذلك لا أكتفي بالبحث عن المكوّنات الخام، بل أسعى إلى مزجها بأفضل طريقة ممكنة.

-ما الذي يلهمك خلال رحلة البحث عن مفاهيم وأفكار جديدة؟
أستوحي من كلّ شيء بدءاً من الصحراء والألوان، وصولاً إلى اللوحات والذكريات عن رحلاتي أو طفولتي أو والدتي. لا شكّ في أنّ إرث Guerlain الجميل وجذور هذه الدار، تشكّل مصدر وحي أساسيّ لي وتدفعني إلى إعادة إحياء جواهر عريقة من مثل Mitsouko أو L’heure Bleue ومنحها طابعاً عصريّاً.

-ما الذي يدفعك إلى ترجمة عطور قديمة إلى لغة عصريّة كما فعلت بعطر La Petite Robe Noire؟
لا أحبّ أن أقلّد العلامات التجاريّة الأخرى، لذلك أبحث عن الأفكار الجديدة في قلب Guerlain وأسعى إلى ابتكار عطور جديدة لم يستنشقها الناس من قبل. وبالإضافة إلى البحث في تاريخ Guerlain، أحبّ التعرّف إلى أشخاص جدد لأنّني أستوحي منهم ومن أحاديثهم أفكاراً جديدة. أعتقد أنّ الفضول هام للغاية في عمليّة ابتكار العطور، لذلك أشبّه نفسي بالإسفنجة لأنّني أمتصّ كلّ الروائح التي أشمّها.

-ما هي المدن التي زرتها في المنطقة العربيّة؟
زرت دبي والكويت والسعوديّة.

-هل استوحيت أفكاراً جديداً منها؟
في أوّل رحلة قمت بها إلى الشرق الأوسط، زرت مدينة بيروت اللبنانيّة، وتنشّقت للمرّة الأولى رائحة خشب الأرز وأزهار الغردينيا والمسك الأبيض وغيرها. لقد استمتعت بهذه التجربة المميّزة التي فاجأتني بروائح قويّة ومختلفة تماماً عن تلك التي اعتدتها، ووجدت الروائح في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي جميلة إلى درجة أنّني قرّرت ابتكارها بأسلوب أوروبي يحاكيGuerlain . وكانت النتيجة عطر Cruel Gardenia الذي يتميّز بشذا المسك الخفيف والمرح. وقد أوحت لي المنطقة أيضاً بعطر Mon Précieux Nectar الذي يخبر قصّة فتاة سوريّة كانت، كلمّا زرتها، تصنع لي قالباً من الحلوى يحتوي على ماء ورد اللوز، فقرّرت أن أبتكر عطراً يحمل فكرة هذه الحلوى في عبيره.

-لماذا وكيف جدّدت فكرة العطر المعدّ وفقاً للطلب؟
سبق لـJacques Guerlain وPierre-François-Pascal Guerlain أن ابتكرا عطوراً معدّة وفقاً للطلب للكاتبين Balzac وBaudelaire وللإمبراطورة Eugenie، بالإضافة إلى عدد من الملكات والملوك والشخصيّات المرموقة. ومنذ العام 2006، ابتكرت 25 عطراً وفقاً للطلب لأنّني أحبّ أن أرسم شخصيّة المرأة أو الرجل الذي سيضع عطري، كما أنّني أحبّ أن أقابل أشخاصاً يرغبون في معرفة المزيد عن عالم العطور ويحلمون بعبير ما، ثمّ أحاول أن أسعدهم من خلال ابتكار عطر جديد خاصّ بهم، يفتخرون بوضعه وبإخبار أصدقائهم عنه. وتكمن أهمّ خطوة في هذه العمليّة في الاستماع إلى الشخص وفهم ما يحبّه، اكتشاف حلمه وفهم مشاعره وتوقّعاته بهدف ابتكار عطر يشعره بالسعادة.

-كيف تتوصّلين إلى فهم هؤلاء الأشخاص؟
أحتاج إلى ساعتين من الوقت لكي أتشاور مع الشخص المعنيّ لأنّني أكيدة من أنّ ذوق الإنسان بالعطور ليس وليد صدفة، بل قد يكون ناتجاً عن ذكريات جميلة حملها من طفولته أو من شخص مقرّب منه. لذلك، أعمل خلال هذه الجلسة على جعل الزبون يسترخي، فيخبرني عن الذكريات التي يرغب في حملها معه واستنشاقها كلّ يوم، كما أحاول أن أجعله يتواصل مع مشاعره وأحاسيسه العميقة. وبعد مرور ساعة من الزمن، أكتشف ما يحبّه ويريده، فأعرض عليه بعض الصور وأطرح عليه أسئلة تتعلّق بأسلوب حياته وملابسه وكتابه المفضّل ووجهة سفره المفضّلة. قد يشعر الزبون بأنّني غريبة بعض الشيء لأنّني أطرح كلّ هذه الأسئلة، لكن عندما أختار المكوّنات الخام التي ستعجبه وأدعه يستنشقها، يدرك أنّ هذه العمليّة مجدية، فيشعر بأنّ أفكاره وأحلامه وعطره أصبحت حقيقة.
هذا هو المعنى الحقيقي للعطر المعدّ وفقاً للطلب، إنّه كالبصمة التي تحدّد هويّة الإنسان. لذلك، يطلب بعض الأشخاص عطراً لكلّ موسم. وعندما تنتهي الجلسة، أقدّم لـThierry تقريراً دقيقاً ومفصّلاً عمّا يريده الزبون وعمّا يبحث عنه في عطره. وبعد أن يبتكر Thierry الصيغة، نعمل معاً إلى أن نجد التوازن الأفضل. ثمّ نرسل العيّنات للزبون لكي يجرّبها ويعطينا رأيه بها، فنجري التعديلات اللازمة. قد تستغرق هذه العمليّة بين 6 أشهر وسنة ونصف كحدّ أقصى، ويحصل الزبون على لترين من العطر في قارورة يستطيع أن يحفر عليها الحرفين الأوّلين من اسمه وكنيته.

-هل لديك عطرك الخاص الذي أعددته وفقاً لطلبك؟
انضممت إلى Guerlain لأنّني وقعت في حبّ L’heure Bleue الذي أصبح عطري المفضّل، لكنّني ابتكرت في السابق عطراً اسمه Cuir Beluga هنّأني عليه قسم التسويق أكثر من مرّة، فقرّرت أن أتشاركه مع الناس. في الواقع، أشعر بأنّ L’heure Bleue مرتبط بماضيّ وطفولتي وذكرياتي.
-أخبرينا عن L’Institut Guerlain وما يجعله فريداً من نوعه
‏L’Institut Guerlain مفهوم جديد يتضمّن مطعماً ومنتجعاً. ما يميّز هذا المكان عن غيره هو أنّه يعكس إرث Guerlain بأسلوب عصري ويقدّم تجارب جديدة. في الواقع، أنا سعيدة لكوني جزءاً من هذه التجربة.

-كيف تشكّلت فكرة المزج بين الحواسّ؟
كلّ شيء في الحياة مترابط، وذلك ينطبق على حاسّتي الشمّ والتذوّق اللتين تكمّلان إحداهما الأخرى. لذلك نقدّم في L’Institut Guerlain حلوى اسمها La Petite Robe Noire وأخرى اسمهاL’heure Bleue . كما نقدّم مجموعة من نكهات الشاي التي اختارهاThierry، لا لأنّها تتميّز بروائح فريدة فحسب، بل ولأنّها نادرة وثمينة وتتمتّع بخصائص عطور Guerlain الراقية.

 
شارك