نيكولا عازار-بيروت
النجوميّة صناعة، استثمار وتعب مضن، وكما قال أحد العلماء النفسيين الإنكليزيين، فإنّ أهم الصفات للوصول إلى النجوميّة، هو من خلال تحقيق ذاتك. هي تملك كل هذه المواصفات التي ذكرناها، هي فعلاً نجمة من دون منازع، ربما لأنّها طبيعيّة وغير متكلّفة، حالها حال الدار الفرنسيّة التي اختارتها لتكون سفيرتها في الشرق الاوسط. هي أم لابنتين، عاملة مجتهدة، ومكافحة للجوع والفقر. هي من؟ هي طبعاً الممثلة التونسيّة هند صبري التي تخطّت نجوميّتها حدود موطنها، حتى أصبحت تدخل إلى كل منزل عربي لما تتمتّع به من موهبة استثنائيّة سمحت لها بأن تكون النجمة التونسيّة الأولى.
-أنت سفيرة دار Garnier الفرنسيّة منذ العام 2009. كيف تصفين تلك العلاقة بعد مرور سنوات على نشأتها؟
تلك العلاقة التي بدأت مهنيّة، تحوّلت اليوم إلى علاقة خاصة جداً، خصوصاً أنّها قائمة على الثقة المتبادلة. أشعر بأنّني أنتمي إلى هذه الدار، إذ نسعى جاهدين، أنا والقيّمين عليها، إلى إيصال صورة جميلة عن المرأة العربيّة. أتمنّى أن يستمر هذا التعاون في السنوات المقبلة، خصوصاً أنّني أشعر بأنّ القيّمين على الشركة والمستهلكات لهذه الماركة، سعيدون جداً بالنتيجة، وكذلك أنا. إنّه لفخر كبير لي أن يكون اسمي مرتبطاً بعلامة تجاريّة تستخدم المكوّنات الطبيعيّة وهي دوماً وفيّة لفلسفة العناية بعملائها.
-كشفت إحدى الدراسات البريطانيّة الأخيرة أنّ المرأة السعوديّة هي ثالث أجمل امرأة في العالم، بسبب الرقّة التي تتمتّع بها والخجل الذي يبدو ظاهراً على تصرّفاتها. هل يفرحك هذا الأمر، أم كنت تتمنيّن لو أنّ المرأة التونسيّة هي التي فازت بهذه المرتبة؟
أفتخر كثيراً بجنسيّتي التونسيّة، إنما الجمهور ينظر إليّ كفنانة عربيّة، وأنا سعيدة جداً بما حقّقته المرأة السعوديّة، وحلولها في المرتبة الثالثة، أمر يفرحني جداً، لأنّها فعلاً امرأة جميلة.
-يقال إنّ الإنسان جميل من الداخل، لكنّ هذه المقولة فيها بعض المغالطات وإلا لما كان الجميع يبحث عن تجميل نفسه من الخارج. كيف تصفين الجمال؟
رؤية Garnier للجمال هي كالتالي «الجمال موجود داخل كل شخص منا. كل منا يملك جماله الطبيعي الخاص به ويملك أيضاً القدرة ليجعل هذا الجمال يشرق من الداخل إلى الخارج». وهذا ما أؤمن به أيضاً، لذا تتوجّه هذه الدار إلى كل امرأة واثقة من نفسها ومتصالحة مع ذاتها، تسعى إلى تحسين مظهرها من خلال العناية بالنفس بعيداً من عمليات التجميل، وهذا هو شعار Garnier «اعتني بنفسك».
-الممثلة Julia Roberts سفيرة أحد العطور، اعترفت بأنّها تضع عطوراً أخرى إلى جانب العطر الذي تمثّله. هل هذا الأمر ينطبق عليك أيضاً أم أنت راضية تماماً على كل ما تقدّمه لك هذه الدار الفرنسيّة؟
ما قالته صحيح مئة في المئة، لأنّني لو قلت إنّني لا أستعمل إلا Garnier، فلن يصدّقني أحد، وبالتالي سأفقد تلك الثقة التي بنيتها مع المشاهد العربي. ثمة منتجات أدمنت عليها، إلا أنّني استعمل منتوجات أخرى لا علاقة لها بالدار، وهي تلائمني تماماً.
-أنت أيضاً سفيرة برنامج الأغذية العالمي لمكافحة الجوع. ما هو اللقب الذي تفضّلينه أكثر من غيره؟
أفّضل لقب الأم لأنّني تعبت كثيراً للحصول عليه، إنما فخورة بكل الألقاب التي حصلت عليها لأنّها لم تأت من عدم، بل هي حصيلة سنوات من التعب والسهر، فكل واحد منها يمثّل فعلاً جزءاً من شخصيّتي.
-يعاني اليوم ملايين الناس من الجوع بسبب الأزمات التي تمر بها بعض البلدان العربيّة. أين أنت من معاناتهم؟
في العام 2012، زرت اللاجئين السوريين في مخيّم الزعتري في مدينة المفرق في شمال الأردن، وحينها كنت حاملاً بابنتي ليلى، إنما تحاملت على نفسي لكي أكون موجودة بينهم وأقدّم كل الدعم الذي أقدر عليه، وللأسف لا يزال هؤلاء في المخيم، بل أنّ أعدادهم في تزايد، وهذا أمر يحزنني، إنما السؤال الذي يجب أن نطرحه هو أين نحن جميعاً من معاناتهم!؟ حتى أنّ الشعب السوري يتخبّط في مصيره المجهول. أنا موجودة دائماً على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن يتابعني، يلمس مدى دفاعي عن المظلومين، لأنّني أرفض السكوت، كما أنّني أحاول جاهدة نشر الوعي والقيام بحملات تبرّعات، إنما نحن لسنا رجال سياسة، وبالتالي لا نتحكّم بمستقبل البلاد، حتى أنّ كثيرين منهم لا يستمعون إلى مطالبنا.
-ما الذي يجب فعله للحد من الجوع؟ أليس ما يعانيه البعض اليوم، هو أيضاً ما كان يعانيه الناس منذ مئات السنين؟
أمر مؤسف أن نصل إلى العام 2014 ولم نقض بعد على الجوع، خصوصاً أنّنا نملك الكثير من الثروات النباتيّة وغيرها من المصادر التي تؤمّن العيش الكريم. ملايين الناس يعانون من الجوع وسوء التغذية، وهذا يؤدي أحياناً إلى وفاتهم. أشعر بغصة حين أجد أنّ البعض لا يكترث إلى ما يحدث من حولنا. يجب أن نتسلّح بالوعي وبالرأفة! نعيش في عالم عربي يهوى التبذير، أي أنّنا نأكل كميات كبيرة من الطعام ونرمي ما تبقّى، بينما هناك من يتمنّى أن يحصل ولو على لقمة واحدة.
-ينظر البعض إلى الفقير بعين الشفقة، وهذا أمر محزن، علماً أنّه يجب أن يعامل باحترام، لأنّه إنسان مثلنا مثله. ألا توافقينني الرأي؟
طبعاً، المشكلة تكمن في عدم المساواة في المجتمعات الشرقيّة، حيث هناك الطبقة الغنيّة والطبقة الفقيرة، بينما الطبقة الوسطى تحاول قدر الإمكان أن تؤمّن عيشاً كريماً، وهي بالتالي غير قادرة على حماية الفقير. أما الدولة، فحدّث ولا حرج، خصوصاً أنّها غير قادرة على كفل حياة كريمة للجميع. ينظر البعض إلى الفقراء على أنّهم بلا مؤهلات، بلا كفاءة ولا نوايا، وهذا أمر معيب. وإذا كان البعض يشيح بوجهه بدلاً من مد يد العون، فلا عجب في أنّ الفقر لن يمحى بسبب هؤلاء الضعفاء.
-حصلت بعض النجمات على لقب سفيرة النوايا الحسنة، إلا أنّه بقي في الدرج. ماذا تقولين لهؤلاء؟
لا أحكم على أحد حتى لا أعامل بالمثل، أقوم بواجباتي على قدر إمكاناتي، علماً أنّني أتمنّى لو باستطاعتي القيام بالمزيد، إنما ثمة أولويات في حياتي، لا أستطيع أن أتلكأ فيها. حين وافقت على هذا المنصب، أصررت على أن يكون لي دور فعال، والحمد لله ألبّي كل دعواتهم.
-حين يقوم أحد المشاهير بعمل إنساني، نرى أنّ الأقلام الصحافيّة تنقسم إلى فريقين، أحدهما مؤيّد ومشجّع وثانيهما يوجّه أسلحته في وجه ذلك الفنان، لكن حين تأتي نجمة مثل Angelina Jolie إلى الأردن للقيام بعمل إنساني، نرى كل الأقلام سعيدة بهذه الخطوة. فماذا يعني ذلك؟
كل الاحترام لهذه السيّدة التي هي أم لستة أولاد، ومجتهدة في عملها ولا تزال تملك الوقت للقيام بمشاريع إنسانيّة. لكن حين نحاول أن نتمثّل بها وأن نقدّم جزءاً بسيطاً من حملاتها الإنسانيّة، ترى البعض يهاجمنا. ما لا يستوعبه البعض أنّ تلك المرأة مثال لكثير من النجمات اللواتي يتمتّعن بحب المساعدة، مثلها مثل النجمة الراحلة Audrey Hepburn التي كانت بدورها مثالاً لـAngelina، علماً أنّ Audrey هي من أولى النجمات اللواتي شجّعن نجمات أخريات على المضي في الدرب نفسه، حيث قامت بزيارات عدّة خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، إلى أفريقيا لمحاربة الفقر والجوع. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت المنظّمات الإنسانيّة تستعين بالمشاهير، لأنّ الأضواء مسلّطة عليهم، وبالتالي فمن واجبهم الترويج لتلك الحملات لأنّها تساهم في زيادة الوعي.
-أنت أم لابنتين، مبروك على إنجابك الأخير لليلى، بماذا تفكّرين حين تعودين إلى المنزل بعد قيامك بعمل إنساني ما؟
أحمد ربي على كل شيء، ثم أدخل غرفتي وأتحاور معه حول ما يجري في عالمنا، حينها أشكره على نعمه، وأحياناً أشعر بأنّني عديمة الفائدة. أتمنّى أن ترافقني ابنتي الكبرى «عليا» حين تكبر بعض الشيء، لأنّني أريد أن أزرع فيها حب الآخر، وهذا ما قامت به أيضاً والدتي التي كانت تأخذني معها إلى دور أيتام في تونس.
-ذكرت عبر صفحتك الخاصة على Facebook أنّك تفضّلين الشدّة في تربية ابنتيك. نحن اليوم في العام 2013، هل تجوز هذه الوسيلة بنظرك ولماذا؟
أخذ الموضوع أكبر من حجمه. كل ما حدث أنّني حللت ضيفة على برنامج «الليلة مع هاني» الذي يقدّمه الفنان المصري هاني رمزي، وحينها سألني إذا والدتي ضربتني وأنا صغيرة، فأجبته نعم، ومن ثم سألني إذا كنت أرى أنّ الضرب والشدّة ضروريان لتربية الأولاد، فأجبته لا لأنّهما لا يؤدّيان إلى أي نتيجة، إنما أنا ضد أن يجرّم الأهل في حال قاموا بذلك، خصوصاً أنّ البعض يعتمد نظام تربية جديداً قائماً على عدم القسوة على أولادهم، لكنّ ثمة مواقف لا بد أن يتم اللجوء فيها إلى الشدة. ترعرعت في عائلة متفهّمة جداً، تحترم الآخر وتقدّر خصوصيّته وحرّيته، ولم أجد يوماً القسوة أمراً مسيئاً لي.
-اعتذرت عن أي ارتباطات فنيّة طوال الأشهر الماضية بسبب ظروف الحمل، واكتفيت بتسجيل دور صوتي في مسلسل «قصص النساء في القرآن». ماذا أضافت لك هذه التجربة وما الذي دفعك إلى القيام بهذه المهمّة؟
كنت سعيدة جداً بهذه التجربة، ووجودي في هذا العمل يعود إلى أسباب عدة، إذ كنت أريد أن أضع صوتي على شخصيّة كرتونيّة في عمل في غاية الأهميّة، خصوصاً أنّه يساهم في تبسيط نظرة الأطفال إلى قصص نساء عظيمات ذكرن في القرآن. كذلك كنت أريد الوقوف أمام الممثل القدير يحيى الفخراني، هذا بالإضافة إلى أنّ علاقة صداقة تربطني بمنتجي العمل.
-ثمة أعمال عرضت في رمضان، حملت في معانيها كلاماً جريئاً تخطّى المعقول. كما سبق وقلت إنّ الجرأة بالنسبة إليك لا تعني مشاهد جريئة، بل تعني جرأة المواضيع التي تناقش في الأعمال الفنيّة. في أي خانة تضعين ما ذكرته؟
لم تعد المنافسة قائمة بين الأعمال العربيّة وحسب، بل ثمة ثقافة جديدة اجتاحت مجتمعنا العربي، وهي الدراما التركيّة التي فرضت علينا أسلوب حياتها، تقاليدها ونظرتها إلى المجتمع، كذلك ثمة أعمال تترجم إلى العربيّة وهي تنتمي إلى ثقافات مختلفة. كل ذلك، ساهم في خلق مفهوم جديد لمعالجة الدراما خصوصاً أنّ سقف جرأة هذه الأعمال أعلى بكثير من أعمالنا العربيّة. كما سبق وقلت، لا أحكم على أحد حتى لا يأتي أحد ويحكم عليّ، إنما كل عمل له وقته وحساباته الخاصة.