نيكولا عازار-بيروت
الممثل الجيّد هو من يضع نفسه في قالب لا يشبهه، ويجعلك تؤمنين بهذا القالب، وكأنّه حقيقي. هي من أضاف إلى مهنة التمثيل نقاطاً إيجابيّة، كونها ممثلة مجتهدة، محترفة وقادرة على خوض أدوار مختلفة مهما بلغت صعوبتها. هي الممثلة الأردنيّة صبا مبارك التي ظهرت أخيراً في عملين دراميين حقّقا نجاحاً كبيراً. هي أيضاَ سفيرة ساعات Saint Honoréالتي اختارتها دون غيرها من الشرق الأوسط لتكون الوجه العربي الأمثل لتمثيلها.
-الجيل الشاب يهوى كثيراً مشاهدة الأعمال الأجنبيّة ولا يتابع كثيراً الأعمال العربيّة، ونحن اليوم في العام 2013 لا نزال نخشى كسر هذا الحاجز الذي يجعلنا نقدم على أعمال ضخمة ومختلفة. هل أنت مع ذلك التغيير؟
طبعاً أنا مع هذا التغيير لكن من دون أن يصبح هدفنا تقليد الأعمال الغربيّة. يجب أن نحافظ على هويّة الأعمال العربيّة مع ضرورة التجديد، فإذا أردنا أن نجذب الجيل الشاب إلى الأعمال العربيّة وإلى ثقافة الجيل العربي وهويّته، لا بدّ أن نقدّم له أعمالاً تساوي طموحاته التي أعتقد أنّها في تطوّر ملحوظ. جيل الشباب حريص على أن يرى أعماله الدراميّة هامة ومتطوّرة تحاكي واقعه والمجتمع المعاصر وتنقل همومه على المستوى الثقافي والاجتماعي والسياسي والديني.
-في شهر رمضان، تكثر الأعمال الدراميّة وتغيب طوال العام، فيما تحتل الدراما التركيّة طوال تلك المدة. لماذا وقعت الدراما العربيّة أمام التركيّة؟
برأيي، الدراما العربيّة لم تقع، والدليل أنّ الموسم الحقيقي لعرض الأعمال الدراميّة هو رمضان ولا تزال الأعمال العربيّة هي المسيطرة. هذا لا يمنع أنّ هناك أعمالاً تركيّة جيّدة تعرض، لكن أن تصبح هذه الأعمال بديلاً عن الأعمال العربيّة هو أمر غير صحيح. غالبيّة الدراما التركيّة التي نستوردها من الخارج تنتمي إلى فئة Soap Opera، أي المسلسل الطويل الذي يُعرض لربات البيوت على مدار سنة كاملة مثلاً أو على مدار ثلاثة أو أربعة مواسم. قد ترى مشهداً اليوم، وبعد ثلاثة أيام ترى مشهداً آخر وتعرف ماذا دار في تلك الفترة. هذا عمل ترفيهي للتسلية، وأنا لست ضد تلك النوعيّة من الأعمال، لكنّها ليست المفضّلة لديّ، فما أفضّله هو المسلسل الذي إذا فاتك فيه مشهد أو حلقة، لا تعد تستوعب ما يجري حيث يتطلّب أن تتابعه بشكل دائم.
-بعض النجمات يفضّلن عرض أعمالهنّ خارج المنافسة الرمضانيّة، إذ يعتبرن أنّ ذلك يؤمّن انتشاراً أكبر، ما رأيك؟
أنا ضد أن يكون هناك موسم واحد لعرض الأعمال. لا بد أن يوجد أكثر من موسم لعرضها على مدار السنة. مشكلة تقديمها خلال موسم رمضان هو وجود كمّ كبير من الأعمال، ما قد يؤدي إلى أن تظلم بعض الأعمال الجيّدة بسبب عرضها على محطة نسبة مشاهدتها غير مرتفعة أو في توقيت عرض غير جيّد، وفي المقابل تنال أعمال ليست بالمستوى المطلوب نجاحاً كبيراً بسبب الإعلان عنها بشكل جيّد وعرضها في توقيت مناسب أو على محطّة مُشاهدة كثيراً.
-شاركت في عملين هذا العام، «خلف الله»، و«موجة حارة». أخبرينا لماذا اخترت هذين العملين؟
مسلسل «خلف الله» يتميّز بنصّه الممتع وهو ينتمي إلى النوع الشعبي الذي يجذب اهتمام الناس ومتابعتهم، كما أنّ مخرج العمل حسني صالح، صاحب عدد كبير من الأعمال الناجحة. أهم من ذلك كله، هو عملي مع الأستاذ نور الشريف، أحد رموز الدراما العربيّة الذي قدّم الكثير من الأعمال الهامة والناجحة، وبالتالي إنّ العمل معه هو فخر لأي ممثل عربي. أما بالنسبة إلى مسلسل «موجة حارة»، فاخترته لأنّني كنت أتمنّى العمل مع المخرج محمد ياسين وقد أتت الفرصة، ولأنّ النص مأخوذ من رواية للكاتب الكبير المرحوم أسامه أنور عكاشة «منخفض الهند الموسمي». كما أنّ الدور الذي ألعبه فيه، صعب على المستوى التمثيلي ومثير للجدل، بمعنى أنّه يثير الكثير من التساؤلات ويحلّل شريحة المجتمع.
-«حكايات بنات»، «صبايا» و«بنات العيلة»، أعمال قائمة على العنصر النسائي. إلى أي مدى هذه الأعمال قادرة على جذب الجنسين؟
هو نوع من الأعمال الموجّهة للنساء والفتيات العربيات لحل مشاكلهن. للأسف الشديد، وعلى فترة طويلة، كانت الدراما العربيّة عاجزة عن تقديم شخصيات نسائيّة هامة، وكان البديل تقديم أعمال عربيّة ببطولة نسائيّة. أنا مع هذا النوع، لكنّني لست مع أن يتحوّل الأمر إلى موضة. لا أجد تشابهاً كبيراً بين الأعمال الثلاثة، عنصر التشابه الوحيد بينها هو أنّها ببطولة نسائيّة، لكنّ لكل عمل موضوعه ونوعه وطريقة إخراجه.
-بعض تلك الأعمال، يلقي الضوء على الاختلاف الديني وسبل التعايش. إلى أي مدى هي تنقل الواقع الذي نعيشه، علماً أنّ أموراً أخرى تحدث إنما تبقى طي الكتمان؟
إذا كانت الأعمال قادرة على عرض مثل هذه المشاكل والمواضيع الهامة والحساسة هذا أمر جيد. مشكلة المجتمع العربي أنّه طيف كامل متكامل من المجتمعات الدينيّة والمذاهب الدينيّة وحتى الأديان المختلفة. هناك المسلمون والمسيحيون، السنّة والشيعة والمذاهب الأخرى، لذا لا بد أن نتعامل مع هذا المجتمع بنسيجه الكامل. وإذا كانت الدراما غير قادرة على أن تهتم بهذه الأطياف، فهي دراما قاصرة لأنّ هذه الأطياف هي التي تشكّل المجتمع.
-كيف يتميّز ممثل عن غيره؟ هل يعود الأمر الى التقنيات أم هو نابع من داخل الممثل؟
هو مزيج من الاثنين. شخصياً، لا أقبل أي دور كأمر مسلّم به. لم أفكر في حياتي أنّ التمثيل هو حفظ النص وترداده أمام الكاميرا. بالنسبة إلي، الموضوع عبارة عن بحث كامل، والاهتمام بالتفاصيل هو الذي يصنع الممثل الحقيقي. الالتزام أيضاً من الأمور الهامة جداً، وأرى أنّ عدمه هو أحد أسوأ الصفات التي تؤثر على الإنسان. لا أذكر أنّني تأخّرت يوماً عن موعد تصوير ولو لبضع دقائق، وهذا أمر في غاية الأهميّة بالنسبة إلي. مواصفات الفنان تتضمّن الاطلاع وزيادة الثقافة ومشاهدة الأفلام التي ترصد تفاصيل الناس… الموهبة ربع التمثيل والباقي هو العمل الجاد.
-نلاحظ هذا العام عودة الدراما المصريّة بقوّة إلى الساحة. أما الدراما الأردنيّة فشبه غائبة. ألا يضايقك أن تكوني نجمة من خلال أعمال غير أردنيّة؟
بدأت مسيرتي في المشاركة بأعمال عربيّة، لكنّ هذا الأمر لا يزعجني، لأنّه حتى لو كانت هناك أعمال أردنيّة، فذلك لن يمنعني من المشاركة في الأعمال العربيّة. ما يزعجني، هو غياب الدراما الأردنيّة، وموقفي معروف من هذا الموضوع إذ دائماً ما أوجّه نداءاتي للجهات الرسميّة الأردنيّة والمعنيّة والمختصّة القادرة على الاهتمام بهذا الأمر. على المستوى الشخصي، وعلى قدر طاقتي ومن خلال شركة الإنتاج الخاصة بي، أحاول تحريك بعض المشاريع في الأردن، مشاريع جيّدة محترمة، وأولها كان مسلسل «زين» الذي موّلته قنوات MBC وقمنا نحن بتنفيذ إنتاجه.
-اذا طلبت منك أن تنظري في المرآة، ماذا ترين؟
لا أشعر بأنّ الزمن غيّر أمراً بداخلي، لكنّه هذّب أموراً في شخصيّتي. لدى النظر في المرآة، أرغب في تغيير الذي أشعر بأنّه بحاجة إلى تحسين. أحاول دائماً ألا أنسى من أنا ومن أين أتيت حتى لا يصيبني الغرور الذي يكون سبب نهاية أي إنسان. ففي اللحظة التي ترى فيها أنّ هذه هي المكانة التي تستحقّها لأنّك إنسان عظيم، تكون تلك هي لحظة سقوطك. دائماً ما أدعو «يا رب كبّرني في أعين الناس وصغّرني في عين نفسي»، ولو فقدت هذا الدافع سأبدأ بالتراجع نحو الخلف.
-شاهدت فيلمك الأخير Hamilton وقد أعجبني. هل نضع هذه التجربة في خانة العالميّة؟
لا أفكر بالعالميّة، ما يهمّني هو كيف تصل كممثل عربي إلى الآخرين، إذ ليس بالضرورة أن أمثّل في هذا الفيلم حتى أصبح عالميّة… شاركت في مسلسل «الاجتياح» وحصل على جائزة Emmy، وبالتالي لمست العالميّة بشكل موضوعي وحقيقي. فيلم Hamilton من الأفلام الهامة جداً في مسيرتي الفنيّة، تعاملت فيه مع نجوم من السويد، إنكلترا وأميركا، كنت أنا البطلة النسائيّة الأساسيّة في سلسلة ثلاثة أفلام، أنجزنا اثنين منها ويبقى واحد. كان الفيلم الأكثر مبيعاً في أوروبا في السنوات العشر الأخيرة، وكان ذلك مصدر فخر كبيراً لي. وما زادني فخراً، هو أنّني ألعب دور شخصيّة مناضلة فلسطينيّة الأصل، وهذه الأفلام تقدّم صورة مشرّفة عن العرب بعيداً عن صورة الإرهاب التي تقدّم في غالبيّة المسلسلاتوالأفلام الأجنبيّة.
-تم اختيارك أخيراً سفيرة ماركة الساعات العالميّة الفاخرة Saint Honoré. لماذا وافقت على تلك الخطوة؟
أنا من هواة اقتناء الساعات، قد لا أرتديها طوال الوقت، لكنّني أحب اقتناءها. عندما رأيت ساعات Saint Honoréأعجبت بها كثيراً، وبرأيي أراها في منتهى الأناقة والجمال والتنوّع في الأساليب. شرف كبير لي أن ترى العلامة في شخصي نموذج المرأة العربيّة التي يمكنها إيصال صورة هذه العلامة إلى الجمهور العربي. أنا سعيدة جداً كوني الممثلة العربيّة الأولى التي هي سفيرة لعلامة عالميّة، وأتمنى أن أكون عند حسن الظن وأن يمتد تعاوننا لسنوات مقبلة، لأنّه بعد عملي على المستوى الشخصي مع مصمّمي Saint Honoréومدرائها، أدركت مدى المرونة التي يتمتّعون بها وحرصهم على تقديم قطع للمجتمع العربي تناسب ذوقنا وخلفيّتنا. ونحن نفكر في التعاون معاً في تصميم ساعة تحمل اسمي مع هذه الدار.
-ماذا يعني أن يكون نجم ما سفيراً لماركة معيّنة. هل هو أشبهبـPrestige، أم هو فعلاً عملإضافي له؟
هو مزيج من الأمرين. لتربط اسمك باسم علامة معيّنة، لا بد أن تكون مقتنعاً تماماً بما تقدّمه، فلا يجوز أن أقدّم مثلاً إعلاناً عن ماركة ماكياج معيّنة وأنا أستخدم ماركة غيرها. أنا مقتنعة بساعات Saint Honoréوأضعها في غالبيّة الأوقات.
-بعيداً عن المكسب المادي، ما هو المكسب الذي ستضيفه صبا مبارك إلى هذه الساعات الفاخرة؟
أتمنى أن أقدّم لهم شيئاً جيداً، وأن نقدّم معاً تشكيلة عربيّة من توقيع هذه الدار العريقة.
-كل فنانة تتمنّى أن تصبح سفيرة. فهل يعني لك أن تصبحي سفيرة للنوايا الحسنة؟
أتمنى أن أكون في يوم من الأيام سفيرة للنوايا الحسنة، لكن لن يكون ذلك إلا إذا كنت قادرة على ملئه بشكل حقيقي، فلا بد أن يكون لديّ الوقت الكافي للقيام بالأعمال الإنسانيّة الهامة التي تناسب هذا المركز.















