تحمّر وجنتاك، يضيع منك الكلام وينتابك توتّر غريب؛ أنت لست واقعة في الغرام، أنت تشعرين بالخجل! هل خجلك الدائم يعيق حياتك ويبعدك عن الاختلاط مع العالم والمجتمع؟ اطمئنّي… يمكنك التخلّص من هذه المشكلة.
في الواقع، يحتاج الشخص الخجول إلى وقت أكثر من الآخرين لكي يتكيّف مع الأوضاع الاجتماعيّة الجديدة، لأنّ طبيعته القلقة تقف في وجه ذلك.
ينظر إلى نفسه نظرة سلبيّة: فهو لا يؤمن بقدراته كما لا يشعر بثقة كافية بنفسه. مقابل ذلك، يقضي كلّ شخص خجول، بصورة كبيرة، حياته لا يجرؤ على تحقيق أحلامه كما يندم بشدّة على كلّ فرصة لم يستغنمها. ليس بقدرته القيام بالخطوة الأولى أو التوجّه نحو الآخرين. وهو إذا تعرّض للنقد ترجم ذلك بأنّه نوع من الرّفض، وإذا رُفض له بشكل لائق طلب ما، اعتبر ذلك إذلالاً. ذهنه مليء بالأفكار السلبيّة وكأنّه لم يتعرّف على الحياة جيداً التي يجب أن يرافقها الفشل والنّجاح والمصاعب والخيبات. بنظره، يجب للعلاقات الاجتماعيّة أن تكون مثاليّة إلى حدّ يؤمن بأنّ الأفراد اللامعين – أي الآخرين – هم فقط من يحقّ لهم بالتعبير!
أعراض عديدة ومزعجة
يترجم الخجل عادة بخوف، انزعاج وقلّة ثقة في التصرّف عند مواجهة الآخرين. لكن يمكن أيضاً أن يخبّئ وراءه سلوكاً عدوانياً يدلّ بكلّ بساطة على عدم الثقة بالنفس.
أعراضه هي فيزيولوجيّة وبسيكولوجيّة: تعرّق مفرط، إحساس بالاختناق، احمرار، أو على العكس، شحوب في الوجه، تلعثم في الكلام، تغيّر في الصوت، تصلّب في العضلات وارتجاف.
من الناحية البسيكولوجيّة، يشعر الشخص الخجول بالشلل وبعدم القدرة على الحركة حيث يكون تركيزه فقط على موضوع الخوف الذي ينتابه: الآخر. ليس باستطاعته تخيّل العلاقة مع الآخر إلّا على شكل علاقة سيطرة ويبتعد عن أيّ اتّصال معه، كما ينتابه شعور دائم بالدونيّة.
هل نولد خجولين أم نصبح كذلك؟
من الصعب الإجابة على هذا السؤال، حيث إنّ تداخل العديد من العوامل يؤدّي إلى ولادة الشعور بالخجل:
– ضعف جيني: يترجم بنوع من الكبت وبعض الحساسيّة على الضغوط الاجتماعيّة وغيرها (مثلاً، الخوف من الغرباء، انطواء على الذات، ردّة فعل جسديّة مبالغ فيها، قلق دائم…).
– بيئة عائليّة وأسلوب تربية: تؤدّي إلى صعوبات أو خوف من التعبير عن المشاعر، قلّة ثقة بالنفس، الخوف من المواجهة، الحماية المفرطة.
– خبرات الحياة: سخرية، اختلاف (مرض، جذور اجتماعيّة، مشاكل جسديّة…)، فشل وغيرها من المواقف التي يمكن أن نواجهها في الحياة.
أنواع الخجل
هناك الكثير من ردّات الفعل المرتبطة بالخجل، في ما يلي، الفرق بينها:
– الرهبة: هي ردّة فعل طبيعيّة تظهر عند ضرورة القيام بأمر ما: امتحان، التكلّم أمام الجموع… عادة ما نشعر بالرهبة قبل الفعل وسرعان ما تختفي عند بدء الفعل. يقول كلّ فنّان إنّه يشعر بها ولكنّ هذا لا يمنعه من أن يلمع في مجاله وفي كل عروضه.
– الإحراج: عندما يتمّ تقديمنا إلى شخص هامّ، عند أوّل مواجهة مع شخص يعجبنا أو يرهبنا، كلّها مواقف تحرجنا. وهي مواقف قد تجعل وجنتينا تحمرّان، وتجعلنا نتعرّق أو نرغب في الهروب. هي مواقف عابرة، فعند تخطّي المرحلة الأولى من اللقاء، يمكن للمحادثة أن تصبح أكثر طبيعيّة.
– الخجل: عندما تكون كلّ تلك العوارض التي تمّ عرضها سابقاً هي جوانب من طباعنا ومن سلوكنا الاعتيادي، فهنا يكمن الشخص الخجول. نعيش دائماً في حالة من الإحراج وفي فكرة الترقّب الدائم لما قد يحصل في المستقبل ليس القريب وإنّما البعيد. وهذا ما قد يخلق مشكلة ثقيلة نوعاً ما في حياتنا الاجتماعيّة.
– الرّهاب الاجتماعي: وهذا يشكّل مرضاً يصيب حوالى 5% من العالم، عوارضه هي القلق الشديد ونوبات ذعر. هو حقاً الخوف من الآخر وهذه المشكلة تتطلّب مساعدة الاختصاصيين.
علاج الخجل
أفضل أنواع معالجة الخجل هو في اتّباع المعالجة السلوكيّة التي تساعد الخجول على التعرّف إلى عقده وعذابه الذهني واضطراباته. يتوجّه هذا النوع من المعالجة إلى كلّ الأعمار ويسمح بمواجهة تدريجيّة للمواقف التي يخشاها الخجول. تكون الجلسات العلاجيّة ضمن علاقة تفاعليّة مع المعالج حيث يشدّد على الأسباب الحقيقيّة للسلوك الذي يزعج المريض وليس على الأسباب اللاشعوريّة والباطنيّة. من الناحية الطبيّة، ليس هناك من علاج محدّد لمحاربة مشكلة الخجل، وتبقى ممارسة الرياضة هي العلاج الأفضل للاندماج في المجموعة وتبادل الأفكار ما يسمح بالتخلّص من العزلة.
عند الأطفال، يعتبر تصرّف الأهل هو الأهمّ حيث يجب عليهم تشجيع ولدهم وتحفيزه كلّما شعروا بأنّه يفقد ثقته بنفسه، في المدرسة كما في علاقاته مع الآخرين.
تغلّبي على الخجل
كيف تتخلّصين من هذا الشعور المزعج الذي يعيق حياتك الاجتماعيّة بشكل كبير؟ إليك بعض النصائح:
أثبتي ذاتك: لا تغطّي وجهك ولا تبحثي عن أعذار لكي ترفضي الخروج مع الأصدقاء أو الذهاب إلى مقابلة عمل أو أيّ موعد آخر.
لا تخجلي: يتقبّل الناس الخجل أكثر ممّا تتصوّرين، فلا ينظرون إلى الخجول نظرة ساخرة وإنّما مؤثّرة. وكلّما خفّفت نسبة التفكير بخجلك، كلّما تخلّصت منه بشكل أسرع!
تحدّثي عن الأمر: اشرحي لأصدقائك وأقربائك عن الحالات التي يمكن أن تزعجك وتخجلك وعن الأشخاص الذين يضعونك بالحالة نفسها.
أحبّي نفسك: ينتج الخجل من قلّة ثقة بالنفس. تخافين نظرات الآخرين لأنّك تنظرين إلى نفسك بأنّك فاشلة ومملّة… فأنت لا تحبّين نفسك. بدّلي نظرتك إلى نفسك وانظري إلى كلّ نقاط القوّة التي تميّزك وليس إلى
نقاط الضعف.
تجرّئي: هي الطريقة الوحيدة التي تجعلك تكتشفين بأنّ الأفكار السلبيّة التي راودتك ليست حقيقيّة أو دقيقة، فتستعيدين ثقتك بنفسك شيئاً فشيئاً. لا تتهرّبي من المواقف التي تزعجك، بل حاربيها وواجهيها لكي تتخلّصي منها تدريجياً.
حاربي أفكارك السلبيّة: في كلّ صعوبة تواجهينها، تغمرك الأفكار السلبيّة من كلّ جهة: «لن أتمكّن من القيام بذلك»، «ما أريد قوله لا يهمّ أحداً»، «سوف تنزعج إن طلبت منها خدمة»، «سوف يسخرون منّي»… تخافين الظهور بسخافة أو التعرّض لنظرة الآخرين وآرائهم. دقّقي في كلّ فكرة من تلك الأفكار وفكّري فيها بموضوعيّة. هل تعتقدين حقاً أنّ كلّ العيون متوجّهة صوبك؟ كوني واقعيّة، لست مركز العالم!
لا تخافي من رأي الآخرين: تعلّمي أن تتقبّلي النّقد عندما يكون بنّاء لكي تتطوّري، وابتعدي عن الملاحظات الجارحة.
مارسي الرياضة: قد تساعدك ممارسة رياضة تحبّينها على التخلّص من خجلك وعلى الاندماج ضمن مجموعات.
اشتركي في صفوف مسرح: فالمسرح يسمح لك بالكلام أمام الجموع من دون أيّ خجل.
اطلبي المساعدة: إذا كان خجلك يعيق حياتك ويزعجك كثيراً، الجئي إلى اختصاصي علم النفس الذي يمكنه أن يخلّصك من مشكلتك.















