Shargeeya: أشعر أني أنتمي إلى عالمين وفني يعكس هذا الثراء الثقافي بالشكل الأمثل

الانفتاح والتعرض لعدة ثقافات خلال النشأة، يمكن أن يتسبب بتحديات جمة للشابة بسبب الهوة الثقافية التي يمكن أن تواجهها، ولكن يمكنه أيضاً أن يكون سبباً في امتاكها المزيد من الوعي الفكري، بحيث تصبح أكثر انفتاحا على الآخر وتقبلا له ومعرفة بذاتها. نكتشف اليوم قصص ثلاث شابات تربين في بيئات متعددة، وتمكنّ من إيجاد هويتهنّ الخاصة وتحقيق النجاح بأفكارهن الخلاقة. 

تركت التجارب الثفافية المتنوعة التي عاشتها الشابة العشرينية سارة السيهاتي والمعروفة أيضاً باسم: شرقية أو Shargeeya أثراً كبيراً على شخصيتها، فأعطتها الانفتاح والثقة والقوة اللازمة للانطلاق في العالم الفني والاستعراضي للتعبير عن موهبتها الكبيرة في هذا المجال الواعد، فما الذي أخذته من والدها السعودي، وكيف تأثرت بوالدتها اللبنانية، بالإضافة إلى نشأتها في الولايات المتحدة؟ لتكون اليوم نجمة واعدة في طريق الفن... تعرفي عليها أكثر في هذا اللقاء.

كيف بدأت علاقتك بالفن وحبك للرقص؟ وكيف دعمك أهلك في اكتشاف موهبتك وتطويرها؟

منذ أن بلغت سن التاسعة من عمري قامت والدتي بتسجيلي في كل النشاطات اللامدرسية التي يمكن أن تخطر في البال: الرسم، كرة القدم، الدروس الصوتية والرقص. جربت كل شيء، لكن ما وجد طريقه إلى قلبي كان الرقص والتعبير من خلال الاستعراض. كانت أمي تقول إنّ عيناي كانتا تلمعان بحماس حين أرى المسرح، وكأني كنت أطالع مستقبلي من خلاله. ولأني تربيت في الولايات المتحدة، فقد تأثرت كثيراً بمايكل جاكسون وبالطريقة التي قدّم بها فنّه وبالإحساس القوي في صوته، بحيث بات فنّه أكبر من الحياة التي عاشها وأكثر تأثيراً.

ما هي الأنماط الموسيقية والفنية التي تأثرت بها في نشأتك وكونت ذوقك الفني الخاص؟

هي مزيج من الأغاني والأنماط الموسيقية التي ساعدتني لكي أكوّن نمطي في الفن والأداء، ومن الصعب حصرها بأغان أو كليبات محددة. لكن أغنية واحدة تبرز حقًا بالنسبة لي هي Formidable لـ Stromae . كان هناك شيئاً مميزاً في الموضوع والإيقاع والتطور الصوتي، وبالإضافة إلى العاطفة الصادقة التي جعلتني أشعر بتواصل عميق مع الأغنية. علمت حينها أني أحب الأغاني التي تحرك كل أحاسيسي فيتردد صداها على كل المستويات داخلي، لتلهمني وتمنحني الشغف. 

تعرضت للعديد من الثقافات في حياتك. ماذا أخذت من والدك السعودي؟ أمك اللبنانية؟ ونشأتك في الولايات المتحدة الأميركية؟

أشعر أني محظوظة بشكل لا يصدق لأني كنت جزءًا من كل هذه الثقافات الغنية، فقد شكّلت المرأة التي أنا عليها اليوم. لقد كان لي شرف العيش في كل من المملكة العربية السعودية ولبنان، وقد تركت هذه الفترات بصماتها عليّ. خلال تواجدي في السعودية غرست فيّ عائلة والدي التي تنتمي إلى المقاطعة الشرقية، حبًا عميقًا للتواضع والتقاليد والتراث الخليجي المؤثر. ومن جانب أمي اللبناني، تعلمت المرونة واكتسبت العاطفة الكبيرة والقدرة على الانسجام في أي بيئة مهما بدت غريبة ومختلفة. أما العيش في الولايات المتحدة فجعلني فردأ مستقلاً وقوياً وأعطاني الثقة لاستكشاف ما أريد وخوض التجربة الفنية بالطريقة التي أحب. بشكل عام خولتني هذه التأثيرات الاتصال بعمق مع الناس عبر الثقافات المختلفة، والتعبير عن نفسي بالشكل الذي يعكس حقيقتي وجوهري بأفضل طريقة.

خلال رحلتك الحياتية، هل اكتشفت أننا كبشر نتشابه في مشاعرنا وتجاربنا وأنماط حياتنا؟

إن السفر والتواصل مع أشخاص من ثقافات مختلفة وحتى داخل بلدي، علمني أن العواطف مثل الحب، الحزن، والأمل والطموح هي مشاعر مشتركة بين البشر، فنحن جميعاً نختبر نفس المشاعر، ولكن تختلف طريقة تعبيرنا عنها ومعالجتها والتعامل معها. بغض النظر عن مكان وجود شخص ما، فإن الموسيقى لديها قوة فريدة من نوعها لنقل المشاعر التي لا يمكن للكلمات وحدها في كثير من الأحيان أن توصلها.. لقد أثرّ هذا الإدراك بعمق على روحي ووجّه عملي الفني بشكل كبير.

كيف نجحت في الجمع بين روح ومشاعر فتاة عربية مع تقنيات وكلمات الموسيقى الغربية؟

لقد حدث ذلك بشكل طبيعي لأني أنتمي إلى كلا العالمين. غالبًا ما تنبع كلماتي من قصص شخصية وتجارب ثقافية مررت بها، مع تأثري الواضح بتعرضي لأنواع موسيقية مختلفة مثل Afrobeat و Amapiano و Western Pop والموسيقى الشرقية، حتى صرت أرى نفسي كجسر ثقافي بين عالمين، أحاول ابتكار نمط فني فريد ولكنه أصيل وحقيقي ومليء بالمشاعر.  

هل وجدت صعوبة في مشاركة مشاعرك من خلال كلمات الأغاني، خاصة وأنك امرأة شابة من عائلة عربية؟ كيف رصدت تفاعل الجمهور مع صراحتك وأسلوبك ومشاعرك التي تحاكي كل فتاة في العشرين؟

لم أجد صعوبة في تحويل مشاعري وتجاربي إلى كلمات، لكنني في البداية توجست وخفت من أن لا تصل أفكاري بطريقة صادقة وحقيقة إلى الآخر فلا يفهمها أو يحكم عليها من منطلق تجاربه وقناعاته الخاصة. اقتنعت في النهاية أنّ موسيقاي هي امتداد لنفسي، ومشاركتها مع العالم يمكن أن تُحدث صدمة، خاصة من قبل مجتمعي. لكنني تعلمت أن أذكّر نفسي أن هدفي من الفن هو التواصل مع الآخر بصدق، وهذا ما سيميزني، وبالفعل تمكنت من بناء علاقة حقيقية مع جمهوري حيث تذكرني ردود أفعالهم باستمرار بأن الأصالة تستحق المخاطرة دائمًا.

ما الذي يميز أسلوبك الفني ويمنحك هوية خاصة؟

ما زلت أكتشف أسلوبي الخاص، لكن يمكنني أن أقول بثقة أن تنوّع الثقافات التي اختبرتها يشكل جزءاّ كبيراّ منه ويجعله فريدًا. فاختياراتي في الموسيقى تعكس خلفيتي المتنوعة، وأنا أسعى على الدوام إلى الحفاظ على الأصالة، والتعبير عن ذاتي ومشاعري الخاصة، لأن اختلاف كل فرد منا هو ما يجعله مميزاً ويبدو الوصول إلى الآخر من خلاله أمر جميل ومميز.

أنت ناشطة على وسائل التواصل، وتنشرين فنك وأفكارك من خلالها، فكيف تختارين محتواك لتحافظي على خصوصيتك وتتفاعلي في الوقت نفسه مع جمهورك؟ 

لقد تعلمت مشاركة ما هو يعكس شخصيتي الفنية مع الحفاظ على جوانب معينة من حياتي الخاصة. أحب التفاعل مع المتابعين، لكنني أذّكر نفسي بأن فني يتحدث بصوت أعلى من أي أمر آخر أقوم به في حياتي ويمكن أن يعني متابعيني. أحب التفاعل مع التعليقات الإيجابية، وأعتبر النقد بشكل بناء أمر مهم وضروري ويتوافق مع رؤيتي، لكي أتطور وأتقدم.

صفي لنا مشاعرك خلال العمل على مشروع فني جديد، هل هو الحماس، أم الإثارة، أم الفرح التام، أم مزيج من كل ذلك؟

لا أعرف بالضبط كيف يكون إحساسي حين أبدأ بالعمل على مشروع جديد ولكني أعرف أن الإيقاع هو ما يقودني ويرشدني، فالفكرة تنطلق من لحن أو نغمة، بعدها تتسلل الكلمات بشكل طبيعي لتكشف عن شيء أريد التعبير عنه. أعتقد أنها رحلة جميلة ومليئة بكل أنواع المشاعر، ولا أنكر أن الشك والقلق يكون موجوداً باستمرار مع تطور العمل ولكني أراها تجرية جميلة وفريدة ولها أهميتها العاطفية بالنسبة لي.

ما الذي يبحث عنه جيل اليوم في الأغاني والموسيقى بشكل عام؟

أشعر أن الشباب العربي يبحث عمن يمثله وينقل حقيقته وأفكاره ومشاعره بشكل صادق. غالبًا ما ننشأ على الاستماع إلى الفنانين العالميين فنتأثر بتجاربهم التي لا تعكس ربما حقيقتنا ومشارعنا وذلك نظراً لوجود فروقات ثقافية بيننا. إنما من المؤكد أن الأصالة والتنوع ، جنبًا إلى جنب مع التواصل مع المشاعر الحقيقية ، هي من الأشياء التي يبحث عنها الجمهور العربي ويتفاعل معها.

هل تفكرين بالشهرة؟ وكيف تنظرين إلى فكرة أن تكوني تحت الأضواء؟

لا يمكنني القول أني صرت مشهورة فأنا معروفة في أوساط معينة وهذا أمر مطلوب لكي أصل بفني وفكري للآخر. أعيش حياة طبيعية جداً ولكن حلمي أن أصير معروفة وتصل أغنياتي وأفكاري الفنية إلى العدد الأكبر من الجماهير.

تتمتعين بالشكل الخارجي الجذاب والمميز، وتتجلى مشاعرك بقوة من خلال التعبيرات على وجهك وعينيك الجذابتين، هل تفكرين في التمثيل مستقبلاً؟

اعتدت أن أحلم بالتمثيل حين كنت أصغر سناً لذا أنا منفتحة تمامًا على الفكرة.. من يدري ما الذي قد يتاح لي في المستقبل ولكني أحب هذا العالم كثيراً ولطالما حلمت أني أؤدي في برودواي.. اليوم أخوض هذه الرحلة بحماس وسأرى أين يمكن أن أصل من خلالها.

مشروعك الفني له اتجاه عالمي، هل ترين أن الأفكار وحتى المشاكل والعثرات تتشابه بين الجيل الجديد على المستوى العالمي؟

في الحقيقة، أنا لا أخطط حين أكتب بأن أستهدف الجمهور على نطاق عالمي. ومع ذلك فأنا أسعى من خلال فني إلى تغيير بعض المعتقدات السائدة عن العرب لدى الجمهور الغربي. أريد استخدام فني لعرض الجمال والثراء الذي نحمله، ولمشاركة قصصنا المميزة. من المهم أن يسمع العالم حقائقنا منا نحن وليس من وسيط، أو من أولئك الذين لا يفهمون أو يتم تضليلهم بأفكار لا تعكس الحقيقة.

باتت التكنولوجيا جزءًا مهمًا من حياتنا، فهل تلجأين إلى تقنياتها في موسيقاك؟ 

لا أعارض دخول التكنولوجيا إلى المجالات الفنية، فالأمر يرجع إلى رؤية كل فنان. بالنسبة لي، وحين يتعلق الأمر بالكتابة، أفضل أن تأتي الأفكار من عقلي وقلبي. ومع ذلك لا أنكر دور التكنولوجيا كأداة أساسية ومهمة لاكتمال عملية الإبداع، فهي تسمح لي بتجربة الأصوات، والتعاون مع الفنانين من جميع أنحاء العالم، والتواصل مع جمهوري بطرق لم تكن ممكنة من قبل.

اقرئي المزيد: نتاليا: أن أكون مؤثرة "أجنبية" في العالم العربي جعلني أدرك مدى التقارب بين نساء العالم

 
شارك