Haya x UNEP معاً يوضّحان المفاهيم الخاطئة حول كيفيّة الوصول إلى أهداف الموضة المستدامة

أصبح مصطلح الاستدامة مصطلحاً متكرراً وشائعاً في عالم الموضة على مدار العامين الماضيين، بالأخص بين الشباب، وتحديداً الجيل زد. وإنّ تزايد نسبة الوعي الناتج عن وفرة المعلومات وسهولة الوصول إليها، كما تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المستهلك، دفع صناعة النسيج التي يهيمن عليها قطاع الموضة إلى اعتماد المزيد من الشفافية. ولكن لا يزال هناك سوء فهم حول ما هي الموضة المستدامة بالضبط والخطوات اللازمة لتحقيقها، ولذلك، تسليط الضوء على أهمية توصيل مفهوم الموضة المستدامة إلى المستهلك بطريقة صحيحة ضروري لنشر المعرفة وإحداث تغيير. فنرى اليوم العديد من العلامات التجارية التي تعلن بوضوح موقفها بشأن الاستدامة من خلال نشهر أهدافها المستدامة والتقدّم الذي تحرزه في مسعاها إلى هذه الأهداف، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنّ هذه العلامات تتبنى مبادئ الاستدامة بالكامل. فالأمر لا يتعلّق في الالتزام بالممارسات المستدامة فحسب، ولكن أيضاً في توصيل هذا المفهوم إلى المستهلك وتثقيفه حوله وبناء سلسلة ثقة تجمعه مع العلامة التجارية بحيث يصبح الاستهلاك المستدام أسلوب حياة يتبعه كل مستهلك.

ونظراً لأنّ صناعة النسيج مسؤولة عن 2 إلى 8% من الإجمالي العالمي لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، و1% فقط من الملابس المستعملة يُعاد تدويرها إلى ملابس جديدة، لا شكّ في أنّ الافتقار للالتزام بالاستدامة في قطاع الأزياء يسبب آثاراً بيئية سلبية. وبالنظر إلى المستقبل، وبحسب تقرير لشركة ماكينزي نشرته في عام 2020، من المتوقّع أن يزيد الطلب على المنسوجات ليصل إلى 2 تريليون دولاراً بحلول عام 2027، و63٪ من زيادة الطلب ستأتي من الأسواق الناشئة المدفوعة بشكل أساسي بمستهلكين جدد من الطبقة المتوسطة من الصين والهند والشرق الأوسط سيصل عددهم إلى 2-3 مليارات بحلول عام 2050.

وهذه الزيادة على الطلب مدفوعة برغبة المستهلكين في اقتناء الكثير من الملابس وبتأثّرهم بالعوامل الاجتماعية التي تشجّعهم على الإفراط في الاستهلاك، فغالباً ما يشترون أكثر مما يحتاجون إليه. ولمعالجة هذه القضية وتعزيز الممارسات المستدامة، أصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالتعاون مع الأمم المتحدة لتغير المناخ، - دليل قاعد التواصل حول الأزياء المستدامة أو The Sustainable Fashion Communication Playbook. ويهدف هذا الدليل إلى المساعدة في مكافحة المعلومات المضللة وسوء الفهم حول الموضة المستدامة. إنّه يركّز على تقليل الرسائل التي تشجّع الاستهلاك المفرط، وتحويل الأهداف نحو أنماط حياة أكثر استدامة، وتمكين المستهلكين خاصةً جيل الشباب وجيل زد الذين يؤثّرون على المجتمع، ليطالبوا العلامات التجارية والشركات باتّخاذ المزيد من الإجراءات من أجل الاستدامة.

" لا تتعلق صناعة الأزياء فقط بالأسلوب الشخصي، بل هي خط الجبهة في معركتنا ضد أزمات كوكبنا الثلاث: تغيّر المناخ والتلوث وفقدانالتنوع البيولوجي. فلقد حان الوقت لتحويل الملابس التي نرتديها من قطع يسهل التخلص منها إلى قطع دائريةونعتز بها. كل شخص منّا لديه دور يلعبه، من مجلّة Haya التي تستخدم منصتها لنقل قيم دليل The Sustainable Fashion Communications Playbook، إلى القرّاء الذين تُعتبر آراءهم وأصواتهم مهمة جداًفي الدعوة إلى صناعة أزياء أكثر استدامة ودائرية." Bettina Heller، المسؤولة عن المنسوجات

فلا يمكن تصدّي أثر عمليّات الإنتاج على البيئة إلّا بتغيير عادات المستهلك من خلال زيادة الوعي ونقل المعرفة وتسليط الضوء على أهمية شراء منتجات مستدامة. ولكن كيف يمكن معالجة موضوع الاستدامة في صناعة الموضة؟ الجواب هو من خلال مشاركة نصائح مع المستهلك حول كيفية إطالة عمر الملابس من خلال الاعتناء بها بمسؤوليّة وتقليل غسلها وتجفيفها، ومن خلال توفير خيارات لإصلاحها في حال اختربت وتعليم المستهلك كيف يصلحها بنفسه أو يعيد تدويرها (recycling) أو يعيد تدويرها للأفضل (upcycling). فيمكن للعلامات التجارية توجيه المستهلكين نحو هذه الممارسات المستدامة والمساهمة في تحقيق موضة دائريّة مفيدة وتشجيع أسلوب حياة مستدام. وتلعب كل من الشركات والمستهلكين دوراً حيوياً في هذا التغيير الضروري، ويؤكد دليل The Sustainable Fashion Communication Playbook على أنّ المنظمات ذات التأثير الكبير تمتلك القدرة على تغيير النظام، ولكن يجب على المستهلكين أيضاً أن يكونوا مشاركين نشطين لتحقيق أهداف مستدامة ناجحة. فمن خلال اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على معلومات شفافة حول المواد التي تستعملها العلامات التجارية وعمليات الإنتاج التي تعتمدها وظروف العمل التي تقدّمها، يتمتع المستهلكون بالقدرة على مطالبة علاماتهم التجارية المفضلة بالالتزام بممارسات مسؤولة، بحيث تُعد إعادة التفكير في النظام بأكمله نقطة انطلاق حاسمة للتغيير الإيجابي في قطاع الأزياء.

"المؤثرون في مجال الموضة ومديرو العلامات التجارية كما وسائل الإعلام مثل مجلة Haya، يؤثّرون بشكل كبير على طموحات المجتمعات، وهنا تظهر فرصة لإعادة تشكيل "حلم " الموضة - ليس فقط من خلال معالجة التأثير البيئي لصناعة الأزياء، ولكن أيضاً من خلال إلهام الصناعات الأخرى على فعل ذلك. وتقوم صناعة الأزياء باستمرار بمحادثات حول الاستدامة، ولكن يتم استبعاد المسؤولين عن التواصل في مجال الأزياء من معظم تلك المحادثات، ولكن من خلال دليل Sustainable Fashion Communications Playbook، نأمل أن يتم إشراكهم والاستعانة بصوتهم المهم للغاية لتبنّي نظرة جديدة ليس فقط في صناعة الأزياء، ولكن في المجتمع كله. " - Rachel Arthur، رئيسة الدعوة إلى الأزياء المستدامة

ويلعب جيل الشباب دوراً رئيسياً في التغيير الدائري المطلوب والذي من خلال التعليم يمكن أن يؤدي إلى تغييرات سلوكية داخل قطاع الأزياء يمكن تحقيقها من خلال زيادة الوعي. ووفقاً لـ Thredup، وهو متجر إلكتروني للملابس المستعملة، تحدث حالياً تغييرات إيجابية في السوق إذ بات الجيل زد مهتم بسوق إعادة البيع المتوقّع أن تنمو أكثر بـ11 مرة من سوق البيع التقليدي بحلول عام 2025. أمّا العلامات التجارية، فيمكن بدورها معالجة المشاكل المتعلقة بالاستدامة بدءاً من مرحلة التصميم، وهذا بالعمل على إنشاء منتجات تدوم أكثر واستخدام مواد عالية الجودة ولا تؤثّر سلبياً على البيئة، ما سيساعد بالتأكيد على تقليل الاستهلاك المفرط ويجعل الملابس تدوم لفترة أطول. وإنّ فكرة «الاستهلاك الطموح» الذي يدفع المستهلك إلى شراء منتج معيّن أو من علامة تجارية معيّنة كوسيلة لارضاء رغبته بعيش حياة أفضل، يمكن أن تساهم في إحداث تغييرات إيجابية. فبدلاً من شراء الكثير من المنتجات، سيكون المستهلكون كما أثبتوا مؤخراً أكثر ميلاً إلى شراء منتجات أقل ولكن بجودة أعلى مصممة لتدوم لأجيال وأجيال.

يعي هذا الدليل الحاجة المتزايدة للبحوث العالمية والمحلية لمساعدة الأجيال الشابة على تغيير وجهات نظرهم حول أهمية الاستدامة في الموضة. وفي مسعى إلى زيادة الوعي بالاستدامة، بدأ برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا في عام 2020 مشروع استدامة إقليمي مع مصمم الأزياء الشهير رامي قاضي. فبصفته سفيراً إقليمياً للنوايا الحسنة، استطاع قاضي نشر رسالة تشجّع على التحوّل إلى الإنتاج والاستهلاك المستدامين عبر منصات مؤثّرة مثل وسائل التواصل الاجتماعي. وتأكيداً على أنّ التعليم أداة رئيسية للتغيير الاجتماعي وعلى أنّ الشباب هم الجمهور المستهدف المطلوب، أطلق المكتب الإقليمي لغرب آسيا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبدعم من مبادرة GO4SDGS، أكاديمية غرب آسيا للأزياء المستدامة في عام 2021، والهدف منها هو إنشاء سلسلة قيمة مستدامة ودائرية من خلال تثقيف أصحاب المصلحة في الموضة والمنسوجات من مختلف المجالات.

هناك عدة خطوات مطلوبة لضمان التحول الناجح نحو الاستدامة في عالم الموضة. فلا توجد قاعدة واحدة تناسب الجميع، ولكن في الواقع التحول نحو الاستدامة هو عملية جماعية ستضمن تصحيح كل الأخطاء. وستؤدي مفاهيم إعادة الاستخدام وتقليل الاستخدام وإعادة التدوير في نهاية المطاف إلى تقليل مخلّفات الانتاج بحيث سيساهم الاعتزاز بملابسنا وإعطائهم قيمة بتطويل عمرها. كما أنّ التغيّرات في عادات الشراء مثل شراء ملابس عتيقة أو vintage وشراء ملابس مستعملة والاعتناء الجيّد بالملابس الجديدة والتركيز على الجودة بدل الكمية، تلعب دوراً كبيراً في تصويب الصيحات نحو نهج أكثر استدامة. ومن خلال زيادة التعليم ونشر المعلومات والمعرفة للأعمال التجارية والمستهلكين على نطاق أوسع، فإنّ الأثر الإيجابي لن يؤدي إلى إحداث تغيير فحسب، بل سيشكّل أيضاً مصدر إلهام مجتمعي سيستوحي منه الجميع.