CLEAN BEAUTY: ما هو الجمال النظيف؟
صحيح أنّنا نهتمّ نحن النساء بالمستحضرات والمنتجات التي تقدّمها العلامات التجاريّة والماركات للمكياج والعناية بالبشرة والشعر والأظافر. غير أنّنا أصبحنا أيضاً مثقّفات في عالم الجمال أي مهتمّات بأي اتّجاهات من شأنها الحفاظ على صحة بشراتنا والبيئة من حولنا. ومن العبارات التي سمعنا عنها للغاية في الفترة الأخيرة، «الجمال النظيف» أو Clean Beauty. لذلك، اختارت «هيا» التحقّق في هذا الموضوع واستشارت عدداً من الخبراء في هذا المجال.
ما هو الجمال النظيف؟
كانت المرأة في الماضي تختار المنتجات والمستحضرات التي تستعملها استناداً إلى توصيات من صاحباتها أو قريباتها أو حتّى بعد إعجابها بالإعلانات التي تكشف عن أحدث الإصدارات. وقليلاً ما كانت النساء في الماضي يركّزن على المكوّنات التي تستعملها العلامات التجارية في التركيبات، فما كنّ يعلمن ما المفيد والجيّد منها. ولكن، في الآونة الأخيرة، تغيّر ذلك تماماً ومن هنا ربّما برز الاتّجاه الجمالي المعروف بـ"الجمال النظيف". فما هو تحديداً؟
الجمال النظيف أو Clean Beauty هو الجمال الخالي من السموم، في إشارة إلى المنتجات التي لا تحتوي على أي مكوّنات سامة وضارّة، ما يجعلها آمنة للاستعمال على البشرة أو الشعر. وتجدر الإشارة إلى أنّ المنتجات التي يُقال عنها "نظيفة" تذكر بشكل عام المكوّنات التي تحتويها بشكل واضح أو صريح، أي من دون أسماء مبهمة لأيّ مكوّن.
متى برز اتّجاه الجمال النظيف؟
تخبرنا Anisha Oberoi، مؤسِّسة موقع التجارة الإلكترونيّة لتسوّق منتجات جماليّة مستدامة في الشرق الأوسط Secret Skin: "ظهر مصطلح الجمال النظيف للمرّة الأولى في السبعينات بعد أن نشرت علامة CoverGirl حملة بعنوان Clean Make-up وسلّطت الضوء فيها على إطلالة نضرة بدون مكياج.
بعد ذلك، في العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، عاد المصطلح ليبرز إنّما مكتسباً هذه المرّة معنى جديداً في ظل إطلاق مجموعات جديدة للعناية بالبشرة. ونأخذ على سبيل المثال العلامة البريطانيّة Ren, وهي كلمة سويديّة تعني "نظيف", التي استوحت من زوجة المؤسِّس الشريك، إذ عانت خلال حملها من تهيّج البشرة بسبب المنتجات التقليديّة ولم تعجبها البدائل الطبيعيّة لعدم فعاليّتها. ومنذ ذلك الحين، استمرّ تطوّر الجمال النظيف وازداد انتشاره في السنوات العشر الماضية في مختلف أنحاء العالم. وتجدر الإشارة إلى أنّ العلامات التي تتبنّى مفهوم الجمال النظيف تركّز على الأثر الاجتماعيّ والبيئيّ الذي تحدثه وتتّبع ممارسات تحافظ على الاستدامة".
أيّ مكوّنات تُعتبر سامّة أو غير نظيفة؟
كما سبق وذكرنا، لا تحتوي المنتجات الجماليّة النظيفة على أيّ مكوّنات ضارّة وسامة. فما هي هذه المواد غير النظيفة؟ تقول لنا Anisha إنّ المادّة السامّة هي مادّة كيميائيّة أو ملوّثة تضرّ بصحّة الإنسان. لنأخذ البارابين على سبيل المثال، فهو يؤثّر سلباً على توازن الهرمونات أو حتّى الزئبق الذي يؤثّر على الجهاز العصبيّ كما المواد الكيميائيّة التي تُستعمل في الصبغات عادةً وتؤدّي إلى تهيّج البشرة وفروة الرأس وأحياناً إلى الإصابة بالسرطان. ومن الأمثلة على المكوّنات غير النظيفة أيضاً، نذكر الكبريتات والفثالات والتلك والسيليكونات وغيرها...
لماذا ينبغي بنا التركيز على المنتجات النظيفة ونكون مستهلكات واعيات؟
تترافق عبارة "الجمال النظيف" بمصطلح "المستهلك الواعي" أو Conscious Consumer. وفي هذا الإطار، تقول Amy Wilkinson-Lough، موسِّسة موقع Project bYouty لتسوّق منتجات الصحّة والجمال الصديقة للبيئة، إنّ المستهلك الواعي يفهم دوره في عالمنا اليوم ويدرك واجبه في إصلاح الكثير من الأمور من حوله. وحين يتسوّق المستهلك الواعي، يعلم الهدف من كلّ منتج يختاره ويحاول فعلاً فهم كل علامة تجاريّة والتعرّف إلى مؤسِّسها وعلى مفهومها وقيمها.
أمّا Anisha، فتشرح لنا من جهتها أهمّيّة أن تكون كلّ منّا مستهلكة واعية: في الواقع، لا يرتبط اختيارنا لأيّ منتج بتلبية حاجة جماليّة معيّنة، بل يعكس أثراً أكبر من ذلك. فالبشرة هي العضو الأكبر في الجسم وحين نستعمل عليها منتجات تحتوي على مواد كيميائيّة، نتيح امتصاص السموم وبالتالي التأثير سلباً على أجسامنا. وحتّى أنّ اختيار بدائل آمنة أكثر من علامات نظيفة ومستدامة يحدّ من انبعاثات الكربون، أي يحافظ أكثر على البيئة.
هل نتمتّع بالوعي الكافي في منطقتنا العربيّة؟
بالنسبة إلى Anisha، وفيما يزداد في الإمارات عدد المستهلكين الذين يخصّصون أولويّة للصحّة الشخصيّة والحفاظ على البيئة ويرفضون المنتجات التي تحتوي على مكوّنات سامّة، لا زالت العلامات التجاريّة التي تلبّي الاحتياجات من حيث الجمال النظيف والآمن قليلة في السوق. والوعي في هذا الإطار لا يزال غير كافٍ أيضاً، مع الإشارة إلى أنّ شركات بيع كثيرة تدّعي التشجيع على الجمال النظيف غير أنّها تقدّم منتجات غير نظيفة بالفعل. وعلى الرغم من أنّ هذا الاتّجاه الجماليّ يكتسب شهرة كبيرة في البلدان الأخرى، لا نزال في منطقتنا في البداية. وتحاول Anisha الاستفادة من هذا التحدّي لتحدث ثورة في المشهديّة الجماليّة الحاليّة وتسلّط الضوء على صحّة المرأة والاستهلاك الواعي للمنتجات.
وهذا ما تؤكّده أيضاً Amy، بحسب مبيعات موقعها، إذ تشير إلى أنّنا لا نزال في بدايات اعتماد هذا الاتّجاه الجماليّ، وإلى أنّ نشر الوعي والثقافة أساسيّ في هذه المرحلة.
لماذا تركّز العلامات التجاريّة بدورها على الجمال النظيف؟
بالنسبة إلى Amy، أوقفت العلامات التجاريّة الاعتماد على الوحشيّة في تصنيع منتجاتها واختارت بدائل سليمة لأنّنا أصبحنا في القرن الواحد والعشرين، في عصر نسافر فيه إلى القمر. فنحن بالطبع قادرين إذاً على ابتكار منتجات من دون إلحقاء الأذى بأيّ أحد أو أيّ شيء.
ومن جهتها، تشرح لنا Anisha أنّ التركيز ينصبّ أكثر وأكثر على الاستهلاك الواعي وأسلوب الحياة النظيف. فالمستهلكون اليوم يخصّصون أولويّة للرفاهية وللتخلّص من السموم، سواء في مأكولاتهم أو المنتجات التي يستعملونها، وهذا ما يزيد الطلب على شفافيّة العلامات التجاريّة والمواد الآمنة. وفي إطار زيادة الوعي هذا، يركّز المستهلكون أكثر على قوائم المكوّنات وطرق التصنيع وممارسات الحصول على الموارد وغيرها من التفاصيل قبل شراء أي منتج. ونتيجةً لهذا التغيير، قرّرت علامات تجاريّة جماليّة كثيرة التركيز على الجمال النظيف والتوقّف عن إدخال مكوّنات سامّة في تركيباتها. الأمر الذي يعزّز هذه الثقافة الجديدة ويشجّع المستهلكين على التحوّل إلى الجمال النظيف.