تسأل الكثير من الأمهات بعد الولادة “هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة”، وهو سؤال شائع بين النساء اللواتي يحرصن على تنظيم الأسرة بطريقة طبيعية دون اللجوء إلى وسائل منع الحمل الهرمونية.
يُنظر إلى الرضاعة الطبيعية منذ القدم على أنها وسيلة طبيعية لتأخير الحمل، لكنّ عودة الدورة الشهرية تثير القلق والحيرة: هل تعني أن الخصوبة قد عادت بالفعل؟ وهل يمكن الاعتماد على الرضاعة كوسيلة آمنة لمنع الحمل في هذه الحالة؟
العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والخصوبة
إنّ الرضاعة الطبيعية تؤثر بشكل مباشر على الهرمونات المسؤولة عن الإباضة. فهرمون البرولاكتين، الذي يُفرز بكميات كبيرة أثناء الرضاعة، يعمل على تثبيط إفراز الهرمونات المحفّزة للمبيضين، مما يؤدي إلى تأخير التبويض. ولهذا السبب، تُعتبر الرضاعة الطبيعية في الأشهر الأولى بعد الولادة عاملاً مساعداً في تقليل فرص الحمل.
لكن عند عودة الدورة الشهرية، تختلف الأمور، وهنا يبرز السؤال مجدداً: هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة؟

معنى عودة الدورة أثناء الرضاعة
عودة الدورة الشهرية أثناء فترة الرضاعة لا تعني بالضرورة أن الجسم قد استعاد خصوبته الكاملة، لكنها مؤشر على أن المبيضين قد عادا إلى نشاط جزئي على الأقل. في هذه المرحلة، يمكن أن تحدث إباضة حتى دون انتظام الدورة، مما يجعل احتمال الحمل وارداً.
إذن، عند التساؤل “هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة”، يجب أن تدرك الأم أن وجود الدورة يعني عودة محتملة للخصوبة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الرضاعة وحدها كوسيلة مضمونة لتجنّب الحمل.
شروط فاعلية الرضاعة الطبيعية كوسيلة لمنع الحمل
يعتمد ما يُعرف بـ”طريقة الرضاعة وانقطاع الطمث” (LAM) على ثلاثة شروط أساسية:
1. أن تكون الأم تُرضع طفلها رضاعة طبيعية كاملة دون فترات طويلة بين الرضعات (ألا تتجاوز 4 ساعات نهاراً و6 ساعات ليلاً).
2. أن يكون عمر الطفل أقل من ستة أشهر.
3. ألا تكون الدورة الشهرية قد عادت بعد الولادة.
في حال توفر هذه الشروط، تصل فعالية الرضاعة في منع الحمل إلى أكثر من 98%.
لكن بمجرد عودة الدورة، تنتفي أحد أهم الشروط، ويصبح التساؤل “هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة” مرتبطاً بنسبة ضئيلة فقط من الحماية الطبيعية، مما يعني أن الاحتمال قائم وإن كان أقل من النساء غير المرضعات.
إقرئي أيضاً: هل ابر السيولة بعد الولادة وقاية ضرورية للأم؟

تفسير علمي لعدم فعالية الرضاعة مع وجود الدورة
عندما تعود الدورة الشهرية، فهذا يعني أنّ هرمونات الجسم بدأت بالعودة إلى توازنها الطبيعي. انخفاض البرولاكتين وارتفاع الإستروجين والبروجستيرون يعني أن الإباضة قد تحدث بشكل غير متوقع. حتى لو كانت الدورة غير منتظمة، يمكن أن يسبقها تبويض فعّال يؤدي إلى الحمل.
ولهذا، فإن القول “هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة” يجب أن يُفهم على أنه احتمال وليس قاعدة. بعض النساء قد لا يحدث لهنّ حمل لعدة أشهر رغم وجود الدورة، وأخريات قد يحملن من أول دورة بعد الولادة.
نصائح للأمهات المرضعات
1. عدم الاعتماد الكامل على الرضاعة كوسيلة لمنع الحمل بعد عودة الدورة.
2. استشارة الطبيب حول وسائل منع الحمل المناسبة أثناء الرضاعة، مثل الحبوب المخصصة للمرضعات (التي تحتوي على البروجستيرون فقط).
3. الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لما لها من فوائد كبيرة للطفل، حتى وإن لم تعد وسيلة كافية لمنع الحمل.
4. متابعة الدورة الشهرية لمعرفة نمطها ومراقبة أي تغيّرات قد تشير إلى الإباضة.
ومع هذه النصائح، يبقى التساؤل مطروحاً من قبل الأمهات الجدد: هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة؟ والإجابة الواقعية هي أن الاعتماد عليها وحدها بعد عودة الدورة يُعد مغامرة غير مضمونة النتائج.

التجارب الواقعية للأمهات
تظهر تجارب النساء اختلافات واضحة؛ فبعضهنّ يؤكدن أنهنّ لم يحملن طوال فترة الرضاعة رغم عودة الدورة، بينما أخريات فوجئن بحمل غير متوقّع بعد أشهر قليلة من الولادة. هذا التباين يعود إلى الفروق الفردية في استجابة الجسم للرضاعة ومستويات الهرمونات.
لذلك، عندما تسألين نفسك “هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة”، تذكّري أن الإجابة تعتمد على جسمك أنتِ وظروفك الصحية ونمط الرضاعة، وليس على تجارب غيرك فقط.
تلعب الرضاعة الطبيعية دوراً مهماً في تقليل فرص الحمل، لكنها ليست وسيلة مضمونة بعد عودة الدورة الشهرية. فعلى الرغم من أنّها تؤخر الإباضة لدى كثير من النساء، إلا أنّ وجود الدورة دليل على أنّ التبويض قد عاد بدرجة ما.
إذاً، حين تتساءلين “هل الرضاعة الطبيعية تمنع الحمل مع وجود الدورة”، تذكّري أنّ الإجابة العلمية الدقيقة هي: “لا، لا تمنع الحمل بشكل أكيد”، وأنّ استخدام وسيلة إضافية لمنع الحمل هو الخيار الأكثر أماناً حتى تستعيدي توازنك الهرموني الكامل بعد الولادة.
إقرئي أيضاً: هل هرمون الحليب يمنع الحمل وكيف نعالج ارتفاعه؟
















