أخبار

الفخامة في عالم الجمال: معادلة جديدة ومفاهيم غير تقليدية

الفخامة في عالم الجمال: معادلة جديدة ومفاهيم غير تقليدية
أكتوبر 13, 2025
إعداد: جانين عساف

أصبح بإمكاننا القول إنّ الفخامة في عالم الجمال اكتسبت تعريفاً جديداً خلال السنوات الأخيرة، حيث لم تعد مرتبطة بالمال أو التكلفة، بل بالتجربة. ولذلك، نتحدث عن «الفخامة التحويلية» أو Transformational Luxury التي تغيّرت قواعدها مع التحوّلات العديدة التي شهدتها ثقافات المجتمعات العصرية وتوقّعات المستهلكين والدوافع الاستراتيجية للتطوّر والنمو.

فلنتعرّف معاً على أوجه الفخامة الجديدة، الأوجه التي تتمحور حول الارتقاء بالتجربة.

لماذا يجب أن تواكب «الفخامة» القيم والاحتياجات المتغيّرة؟

تشهد توقّعات المستهلكين تغييرات متواصلة وحتّى تحوّلاً جذرياً، فما يهمّ الأجيال الحالية ليس هو نفسه ما كان يهمّ الأجيال الماضية. وهذا أمر طبيعي في ظلّ التقلّبات الثقافية عبر مختلف المجتمعات والتطوّرات التقنية التي نشهدها يوماً بعد يوم. وبشكل عام، يتوجّه المستهلكون اليوم نحو التركيز على أولويات جديدة على رأسها طول العمر (Longevity) وجودة الحياة (Quality of Life) وتعزيز الرفاه (Overall Wellbeing)، وكل ذلك تحت مظلة «التجربة» (Experience).

ولذلك، لم تعد المفاهيم التقليدية التي تركّز على جانب واحد مجدية في عصرنا هذا، بل تشهد تحوّلاً وتصبح أطراً متكاملة تلبّي التوقّعات وتجعل العلامات التجارية التي تقدّمها متميّزة عن سواها.

الفخامة في التجربة

تماشياً مع المتطلبات الجديدة، لم تعد الفخامة تتمحور حول أسلوب معيّن في المعاملة، بل حول منظومة شاملة من التفاعلات بين العملاء والعلامة التجارية، وهذا تحديداً ما تعنيه التجربة. فبالنسبة إلى المستهلكين، هم يبحثون عن تجارب غامرة تشرك حواسهم وعواطفهم وأفكارهم في آنٍ واحد. فهم لا يهتمّون بشراء منتج معيّن فحسب، بل يتطلّعون إلى دخول عالم العلامة التجارية وملامسة ذوقها وثقافتها وهويتها من العمق. وفي هذا السياق، أشارت إحدى الإحصائيات إلى أنّ 77% من مستهلكي السلع الفاخرة يشترون المنتج أو الخدمة لاختبار تجربة الانتماء إلى مجتمع العلامة التجارية.

وبالتالي، تمتدّ التجربة الشاملة التي نتحدّث عنها عبر كامل رحلة الفخامة، بدءاً من التفاعل الأوّلي وزيارة المتجر، وصولاً إلى التفاعل عبر المنصات الرقمية وخدمة ما بعد الشراء.

كيف تنعكس هذه التجربة في قطاع الجمال؟

وفي قطاع الجمال أيضاً، يمكن أن نتحدث عن هذه التجربة مثل تحويل متجر العلامة التجارية إلى أكثر من مساحة بسيطة لبيع المنتجات والمستحضرات، بل جعله عنصراً أساسياً من عناصر رحلة غامرة. فبدلاً من الخدمة الذاتية، يمكن الارتقاء بالمكان بخدمات تركّز على عافية المستهلك، تماماً كما المنتجعات الصحية حيث تُتاح لنا فرصة تجربة المنتجات عن كثب. فتخيّلي معنا أنّكِ تدخلين إلى متجر لشراء كريم للوجه، فتجدينه داخل عبوة ملفتة معروضاً بطريقة جذّابة للعين، ثم يُتاح لكِ تجربته في مساحة مخصّصة تنقلكِ إلى عالم مختلف تماماً تجتمع فيه خبرات الضيافة والعافية والعناية بالبشرة بواسطة خبراء يجعلون من شراء المنتج «تجربة» غير اعتيادية.

الفخامة في التخصيص المتميّز

تحدّثنا عن التجربة، لكن ماذا عن التجربة المخصّصة التي تنسجم مع هوية المستهلك وقيمه؟

حين كنّا نتحدث عن الفخامة في الماضي، كنّا نشير إلى الأشياء النادرة. لكن في عالم اليوم، استبدل المستهلكون من الباحثين عن الفخامة مفهوم «الندرة» بمفهوم «الانتقائية»، حيث باتوا يبحثون عن تجارب ومنتجات مخصّصة لهم تتماشى مع قيمهم واحتياجاتهم الشخصية. وبالنسبة إليهم، لم تعد الفخامة مجرّد اقتناء شيء قد يستطيع شخص آخر غيره الحصول عليه، بل أصبحت تتمحور حول إيجاد ما يتناسب معهم بشكل فريد.

وبالتالي، يشكّل التخصيص قاعدة من قواعد الفخامة العصرية، وهو يؤدّي دوراً في تعزيز الروابط بين العلامة التجارية وعملائها. فبدءاً من خطط الصحة المصمّمة خصيصاً للضيوف في منتجعات العافية الفاخرة وصولاً إلى روتين العناية بالبشرة فائق التخصيص، بدأت العلامات التجارية توظيف إمكانات التقنيات المتقدّمة وتحليلات العملاء لترتقي بهذا النوع من التجارب.

ولا بدّ من القول في هذا السياق، إنّ البيانات تؤدّي دوراً في تعزيز التخصيص في عالم الجمال. فهل تعلمين أنّ حوالي 66% من الجيل زد و40% من الأجيال الأخرى يستخدمون أدوات وتطبيقات لتتبّع مؤشراتهم الصحية؟ ويعني ذلك أنّ التجارب المخصّصة ستزداد تميّزاً بمرور الوقت بفضل التقدّم في الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات التي تتتبّع صحة القلب وعدد الخطوات وحركة الجسم، وغيرها من المؤشرات الأساسية، والتشخصيات المتقدّمة والتحليلات القائمة على الذكاء الاصطناعي. وكلّ البيانات التي تُجمع عن المستهلكين يجب أن توجّه العلامات وتفتح أمامها فرصاً جديدة لتقديم تجارب مخصّصة من نوع آخر.

الفخامة في الاستناد إلى العلم والشفافية

يؤكّد عصرنا هذا أنّ المستهلكين لا يقتنعون بوعود غامضة، والمحتوى الدعائي الذي كان يقنعهم في الماضي لم يعد هو نفسه في أيامنا هذه. المستهلكون – والمستهلكون من محبي الفخامة تحديداً – يبحثون عن حقائق علمية ونتائج ملموسة ومعلومات شفافة عن المنتجات والخدمات التي «يستثمرون» فيها. وهنا نتحدّث عن توجّه جديد يجعل من الفخامة قطاعاً يتميّز بالدقة والابتكار. فنحن في ما يُسمّى بـ«عصر الخبراء»، حيث تبني العلامات التجارية ثقة عملائها من خلال الأبحاث والحقائق الخالية من الادعاءات. وتعقيباً على ذلك، تشير العديد من العلامات أنّ المستهلكين تطوّروا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة أكثر من التقدّم الذي شهدوه خلال الأعوام الثلاثين الماضية.

معادلة جديدة لمعنى «الفخامة في عالم الجمال»

انطلاقاً ممّا تقدّم، لا يمكن لأي علامة تجارية أن تحافظ على قدرتها التنافسية في سوق الجمال – وسوق الفخامة – ما لم تتجاوز الحدود وتتبنّى نهجاً متكاملاً وشاملاً يجمع بين الأداء والعواطف وثقافة العميل. فمن خلال توفير تجربة حسية وعلمية في آنٍ واحد، تضمن العلامة ترسيخ الثقة بينها وبين المستهلكين.

ومن بين ركائز المعادلة الجديدة:

• دمج التجارب التي تفعّل الحواس في قلب المتاجر الفعلية (مثل إشراك العميل في صناعة التركيبة العطرية الخاصة به، أو اختبار البشرة المباشر، أو الاستشارات مع الخبراء، أو المرآة المدعومة بالذكاء الاصطناعي).

• الاعتماد على السرد القصصي وتقديم تجارب حقيقية لمستهلكين وعملاء حاليين لتعزيز ثقة المشترين الجدد.

• تقديم تركيبات متقدّمة مدعومة بالأبحاث والدراسات العلمية.

• الاستفادة من العالم الرقمي والبحث عن فرص لإشراك المجتمع، مثل تعاون دار Prada مع الفنانة الرقمية Ines Alpha، ما جمع الحرفية والإمكانات الافتراضية.

الخلاصة

وعليه، لم تعد الفخامة – بمفهومها الجديد – ترتبط بالندرة المادية، بل تحوّلت إلى التركيز على الوقت والجودة والحرفية المتمحورة جميعها حول جوهر واحد هو الإنسان أي العميل أي المستهلك. فنحن لم نعد نتحدّث عن مجرّد منتج «فاخر» مصنوع من مواد نادرة، بل عن تجربة متكاملة تضع المستهلك في جوهرها لابتكار منتجات وتقديم خدمات مخصّصة له تؤثر عليه وتمنحه رفاهية من نوع آخر.

اقرئي أيضاً: كيف يعيد الجيل زد تعريف مفهوم الفخامة في عالمنا اليوم؟

المجلات الرقمية

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية