بدأ اهتمام الشابة الإماراتية نورة الجسمي بالبيئة منذ طفولتها فكانت الممارسات المستدامة جزء من حياتها في البيت الذي تربت فيه، ولأنها أدركت أهمية الحفاظ على الطبيعة ومواردها، اختارت حين اكتمل نضوجها أن ترفع الصوت عالياً حول قضايا البيئة، فشاركت في مسابقة ملكة جمال الأرض، لكي تبرز الجمال الإماراتي والعربي في الخارج، وتعكس اهتمام الشابات في سنها بقضايا محورية ومهمة وعالمية، ولكنها بعد فترة شعرت أن مجال الجمال لا يتماشى مع أفكارها، فغيرت دربها المهني مع استمرارها في التوعية عبر منصاتها على وسائل التواصل. التقينا نورة التي حدثتنا عن كيفية رسمها لطريقها المقبلة، وطريقة تعبيرها عن اهتمامها بالطبيعة والبيئة وثروات الأرض التي نعيش عليها.
أنت الإماراتية الأولى التي شاركت في مسابقة ملكة جمال الأرض. كيف تصفين التجربة التي خضتها؟
كانت تجربة مميزة ونادرة، فتحت أمامي أبواباً جديدة في فهم نفسي أولاً، وفي اكتشاف قدراتي. كما سمحت لي بالتعمق في هذا المجال الجمالي، اكتشفت أنه لا يتوافق تماماً مع قيمي الشخصية وتوجّهي المستقبلي، ولذلك فضّلت أن أكمل طريقي في مجال الأزياء والتأثير الإيجابي عبر منصات التواصل، حيث أجد نفسي أكثر حرية وصدقاً.
ما الذي عناه لك التواجد بين عدد كبير من الشابات المهتمات بالجمال والبيئة على كوكبنا في آن واحد؟
كان من الملهم رؤية هذا التنوع من الشابات اللواتي يملكن شغفاً حقيقياً تجاه البيئة. لكن بالنسبة لي، كان الأجمل هو إدراك أن الشغف لا يُقاس فقط بالحضور في المسابقات، بل بالفعل الحقيقي والعمل على الأرض، وهذا ما شجعني أكثر على اتخاذ طريق التوعية البيئية بأسلوبي الخاص.
كيف استفدت على الصعيد الشخصي من هذه التجربة العالمية؟
بكل شفافية، لا أستطيع القول إنني استفدت كثيراً من هذه التجربة أو أنها فتحت لي الأبواب. على العكس تماماً، أنا من صنعت التغيير لنفسي، وبذلت جهدي في بناء صورة حقيقية تعكسني على منصات التواصل، من خلال العمل المستمر والاجتهاد، وليس من خلال اللقب أو المسابقة. الشيء الوحيد الذي أعتبره فائدة حقيقية هو أنها فتحت عيني وعيون كثيرين على حقيقة هذا المجال، وأنه لا يُشبهني ولا يُمثلني، مما جعلني أكثر تمسكاً بهويتي، وأوضح لي المسار الذي أريد أن أسلكه بثبات وصدق.
هل دعم أهلك ومجتمعك المحلي الصغير رغبتك بالظهور وتمثيل الإمارات في حدث جمالي؟
كان هناك دعم وتشجيع مشروط بأن أكون صادقة مع نفسي وألا أتنازل عن مبادئي. ومع مرور الوقت، وتغير نظرتي لهذا المجال، وجدت دعماً أكبر عندما قررت أن أعبّر عن نفسي بطريقتي الخاصة، بعيداً عن معايير لا تشبهني.
كيف بدأ اهتمامك بمجال البيئة وأهمية الحفاظ على الطبيعة؟
بدأ منذ الطفولة، خاصة مع تربيتي بين ثقافتين إماراتية ومغربية، حيث الاستدامة كانت جزءاً من يومياتنا. كما أن حبي للحيوانات وركوب الخيل منذ الصغر وخصوصاً علاقتي بقطي “سموكي”زاد من إحساسي بالمسؤولية، تجاه كل المخلوقات على كوكبنا، بالإضافة إلى أهمية الحفاظ على ثرواتنا الطبيعية لأنها الكنوز الوحيدة التي ستبقى للجيل المقبل.
ما هي الرسالة التي تحملينها لتوعية الأجيال المقبلة حول أهمية الحفاظ على البيئة والانتباه للطبيعة وحماية الأرض التي تحملنا؟
رسالتي تتجلى في إبراز أهمية البيئة كونها ليست مجرد موضوع نناقشه بل هي أساس استمرار الحياة. علينا أن نعيش يومياً باحترام لهذه الأرض التي منحتنا الكثير، وأن نزرع هذا الوعي منذ الصغر. التغيير يبدأ من قرارات بسيطة: تقليل الاستهلاك، احترام الحيوان، تقدير الموارد، ومشاركة الآخرين هذا الوعي.
إلى أي مدى تساهمين برأيك ومع غيرك من الناشطين في زيادة الاهتمام الرسمي والشعبي بمواضيع تخص الأرض وطبيعة الإمارات الغنية؟
بصراحة، أؤمن أن لكل صوت تأثير، حتى لو كان بسيطاً. الإمارات تُبدي اهتماماً متزايداً بالبيئة، ودورنا كجيل شاب هو أن نبني جسراً بين السياسات والناس، بلغة بسيطة وواقعية. أنا فخورة أن أكون جزءاً من هذا الحراك.
أنت شابة جذابة، اخترت عدم التركيز على الجمال الخارجي، بل جعله ممراً تعبرين من خلاله إلى الآخر لإحداث تأثير… هل برأيك اخترت الطريق الأصعب؟
نعم، هو الطريق الأصعب بالتأكيد، لكنه الطريق الأصدق. الجمال سيفتح لك أبواباً، لكن الشخصية هي من تُبقيك حاضرة وفاعلى ومؤثرة في محيطك. اخترت أن أُوظف جمالي كأداة لإيصال رسائل أعمق، لا أن أكون محصورة في مظهر خارجي فقط.
ما الذي أحببته في العمل تحت الأضواء ولا سيما أنك ناشطة أيضاً في مجال عرض الأزياء؟
أحببت فرصة التعبير، وخلق صورة تُشبهني. الأضواء تمنحك منصة، لكن الأهم كيف تستخدمين هذه المنصة. أحب أن أجمع بين الفن والبيئة والرسالة، وأن أكون وجهاً يعكس قيمي كعربية بثقة وحداثة.
كيف تختارين محتواك لوسائل التواصل؟ وهل أنت حريصة على إكمال دورك التوعوي والتثقيفي من خلالها؟
أختار أن أشارك الناس كل ما هو حقيقي وصادق. في عالم السوشيال ميديا، نرى الكثير من الإعلانات والمحتوى التجاري، وأنا لا أنكر أن هذا الجانب مفيد لي كصانعة محتوى. لكن ما يهمني أكثر هو أن من يتابعني ويتأثر بي، يتأثر بصدقي وحقيقتي. أحب أن أشارك كل ما يُشبهني ويُعبّر عني فعلاً سواء لحظاتي البسيطة، أو أفكاري، أو حتى آرائي التي قد لا تُرضي الجميع، لكنها تعكسني. هذا ما يجعل المحتوى بالنسبة لي أداة للتأثير الحقيقي، وليس مجرد عرض مؤقت.
هل يمكن أن نراك في مجال التمثيل أم التقديم مستقبلاً؟
لمَ لا؟ أحب التمثيل والتقديم كأدوات للتعبير، وإن جاءت الفرصة المناسبة التي تخدم رسالتي وتُبرز شخصيتي، فلن أتردد.
درست الطيران لفترة، حدثينا عن هذا المجال الذي أحببته وهو بعيد عن اهتمام معظم الشابات؟
منذ صغري وأنا أحب الطيران، كان حلمي أن أكون طيّار، وأحببت المجال لما فيه من انضباط، حرية، ورؤية العالم من منظور مختلف. لكن مع مرور الوقت، بدأت أميل أكثر للمجالات الإبداعية والإعلامية و توقفت، وربما أعود له يوماً ما بطريقة مختلفة و أكمل .
ما الذي تطمحين بتحقيقه وعلى أي من المجالين ستركزين بشكل كبير؟
أطمح أن أكون صوتاً مؤثراً في العالم العربي، وأن أُحدث فرقاً من خلال المحتوى والفن. سأُركّز أكثر على الأزياء والإعلام الرقمي، لأنني أرى فيه مساحة حقيقية للتعبير، والربط بين الجمال، الفكر، والهوية. وأطمح أن أكون اسماً بارزاً في مجال الموضة، ولكن بطريقتي الخاصة دون أن أغيّر من نفسي أو أُحاول أن أمتزج مع البقية، بل أتميّز بما يجعلني أنا، بكل صدقي واختلافي.
اقرئي المزيد: المخرجة الإماراتية زينب شاهين: أسعى إلى رواية القصص التي لا تُقال