كثيرات هنّ النساء اللواتي اعتبرن أنّ العمل من المنزل نعمة حلّت مؤخراً بعد انتشار فيروس كورونا، بفضل التخلّص من الدوام الطويل وعدم الاضطرار إلى تحمّل عبء ازدحام السير والبقاء في المقابل بالقرب من الأولاد.. أمّا بالنسبة إلى الأخريات، فرأينَ في ذلك نقمة كانت السبب في خسارة الوظائف أو تعطلّها أو تحمّل مسؤوليّات جديدة أو حتّى خسارة بعض الامتيازات الوظيفيّة بما فيها اقتطاع نسبة من الرواتب. وبما أنّ هذه الفترة يمكن أن تمتدّ، التقينا Mihaela Nina مؤسّسة شركة Concerto TIC للإستشارات الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي أطلعتنا على الكثير من الاستفسارات حول هذا الموضوع.
ما هي مزايا العمل من المنزل؟
للعمل من المنزل مزايا كثيرة، لأنّنا ببساطة بتنا المديرات، إذ ندير أعمالنا بأنفسنا ونعمل بالسرعة التي تناسبنا ونصمّم مساحة العمل الخاصّة بنا. وهنا أؤكّد أنّه لو مارسنا الانضباط الذاتي بالشكل الصحيح سنستفيد من مزايا العمل من المنزل، وسنلاحظ سريعاً زيادة في الإنتاجيّة والكفاءة، وسنحدّد لأنفسنا جدولاً زمنيّاً مرناً وستقلّ الضغوطات التي كنا نتعرّض لها في المكتب. من ناحية ثانية، ونظراً لتفادي الوقت الضائع أثناء التنقّل، يمكن الاستفادة من ذلك لإنجاز ما قمنا بتأجيله من مشاريع خاصّة بالعمل كما يمكننا القيام بما يُسعدنا أو تعلّم مهارات جديدة.
كيف يمكن للمرأة التوفيق بين عملها ومسؤوليّاتها العائليّة، خاصّة حين يكون أطفالها في المنزل؟
رغم أنّه ليس لدي أطفال، إلّا أنّني أمرّ بفترات من التشتّت بسبب واجباتي العائليّة. واستناداً إلى تجربتي حتى الآن، من المهمّ رسم حدود واضحة بين مختلف الأعمال للتمكّن من الحفاظ على روتين معيّن وثابت، مع ضرورة توجيه الأولاد نحو نشاطات تفيدهم وتسلّيهم. واليوم مع اعتماد تقنيّة التعليم عن بعد، يمكن للأمّ أن تطمئن أكثر على صغارها.
هل من دلائل حاليّة تثبت نجاح مشروع العمل من المنزل بعد مرور أكثر من شهرين على اعتماد الشركات إيّاه؟
يحتاج الأمر إلى وقت أطول لدراسة النتائج فالعمل من المنزل لا يزال في بداياته وقد تمّ تبنّيه بطريقة سريعة ومن دون تخطيط مسبق. إنّما يمكنني الحديث عن نفسي بصفتي رائدة أعمال اعتمدت هذه الطريقة منذ مدّة طويلة، واكتشفتُ أنّ العمل من بيتي مكّنني من الأداء بشكل أفضل لا سيّّما مع الأدوات الرقميّة التي باتت متاحة لإدارة العمل وتوزيعه والبقاء على اتّصال وتواصل مع مختلف عناصر الإنتاج.
ما هي القطاعات التي يمكنها تحويل عمل موظّفيها إلى المنزل وتلك التي يصعب عليها القيام بذلك؟
سيكون العمل عن بُعد بشكل كامل أمر صعب ولا سيّما في قطاعات الضيافة والبناء والبيع بالتجزئة، فهذه المجالات حيويّة وتتطلّب تواصلاً مباشراً. ومع ذلك ثمّة مجالات كثيرة يمكنها الانتقال إلى العمل عن بعد من دون أن تتأثّر وتتعرّض للخسائر منها الصحافة والاستشارات والعلاقات العامّة والتسويق والمحاسبة.
ما هو المكان الأمثل الذي تنصحين السيّدة أن تتواجد فيه حين تعمل من منزلها؟
أفضل مكان هو الذي يحفز الإنتاجيّة والإبداع، سواء كان الشرفة أو غرفة المعيشة أو غرفة المكتب. المهمّ أن يكون بعيداً عن الضوضاء وفيه إنارة قويّة، ويُفضّل أن يدخله الضوء الطبيعي أيّ أشعة الشمس لتشعر المرأة بالنشاط وتتمكّن من التركيز على مهامها من دون مقاطعتها على الدوام بسبب الأصوات العالية أو دخول أحد أفراد الأسرة إلى مكان تواجدها.
برأيك ما هو الأمر الذي يمكن أن يؤثر سلباً على إنتاجيّتنا حين نعمل عن بعد؟
التّحدي الرئيس لدى العمل من المنزل هو خسارة الاندفاع الذي لطالما شعرنا به في المكتب أثناء العمل ضمن فريق حيث يسود جوّ المنافسة والحماسة والرغبة بتحقيق المزيد وعدم التراجع… ففي المكتب المزدحم تنتقل الطاقة إلينا وتكون معدية لأنّ الجو بأسره يدعو للعمل. أمّا في المنزل فيمكن أن نفقد هذا العنصر، لكن بفضل مساحات العمل الافتراضيّة ووسائل التواصل وتطوّر طرق التواصل بتنا قادرين على التقارب وتبادل وجهات النظر والأفكار باستمرار. فحين نستخدم هذه التقنيّات الحديثة باستمرار ونتواصل مع الزملاء والمدراء سنستعيد الحماس الذي يحفّزنا على التقدّم.
ما النصائح التي تسديننا إيّاها للنجاح أثناء العمل من المنزل؟
المبدأ الأساسيّ للنجاح يكمن في الحفاظ على سلوك احترافيّ، بدءً من أسلوب لبسنا وصولاً إلى طريقة عملنا… ثمّة الكثير من الأبحاث التي تربط الثقة والتمكين والأداء بما نختاره من ملابس للعمل، فانتبهي إلى هذه النقطة حين تبدأين يومك. من جهة ثانية، اتّبعي جدولاً زمنيّاً صارماً لإنهاء مهامك وابقَي على اتّصال دائم بأعضاء فريق عملك فلا تفوّتي أيّ جديد وتطلعينهم على مستجداتك. كذلك، انعمي بفترات راحة خلال النهار تماماً كما كنت تفعلين في المكتب، واستفيدي من تواجدك في البيت لتعزّزي علاقتك بأفراد عائلتك.