دينا زين الدين-بيروت
ما هو مقدار المعلومات التي يجب أن أخبرها لزوجي عن حياتي قبل أن أتعرّف إليه؟» سؤال يتبادر إلى ذهن كل فتاة مقبلة على الزواج، فمنهنّ من يخترن المصارحة التامة كي لا يبدأن حياتهنّ بالغموض والأسرار، وتفضّل كثيرات إبقاء بعض الأمور طيّ الكتمان لرغبتهنّ في بدء صفحة جديدة لا يعكّرها شيء من الماضي. وأنتِ، أيّ الخيارين تجدينه الأمثل؟ هل تفضّلين الاحتفاظ ببعض تجاربك الشخصيّة لنفسك أم تكشفين أوراقك كاملة منذ البداية؟
منذ اليوم الأوّل
تقول سحر (23 عاماً)، طالبة ماجستير إدارة أعمال، تتحضّر للزواج بعد أشهر قليلة: «استناداً إلى تجارب صديقاتي اللواتي سبقنني إلى الزواج، فضّلت ألا أخبر خطيبي عن ماضيّ قبل لقائي به، لأنّ المصارحة جلبت لمعظمهنّ المتاعب«.
تضيف الشابة: «تشعر الواحدة منّا في بداية تعرّفها إلى الرجل بأنّها ترغب في أن تكشف أمامه كل شيء عن حياتها، تحرّكها عاطفتها وشعورها بالثقة المطلقة به، فنحن لا نفكّر بما ستؤول إليه العلاقة بعد عشر سنوات من الزواج، وكيف أنّ بإمكانه في حال حصول خلافات في المستقبل أن يعايرها بماضيها أو بأخطائها، لذلك لم أفتح هذا الموضوع مع خطيبي وهو بدوره لم يسألني، لقناعته بأنّ كل ما حصل في حياتنا قبل تعارفنا هو ماض قد ولّى، وأنّنا نبدأ بمحاسبة أو مساءلة أحدنا للآخر منذ اليوم الذي قرّرنا فيه الارتباط».
صراحة تزرع الشك
تكون المصارحة أحياناً سبباً في زرع الشك لدى الرجل، ومن المعروف أنّ فقدان الثقة لدى أحد طرفي العلاقة عامل مؤثّر في زعزعة أسس العلاقة وتعريضها لخطر الانهيار. تتحدّث فدى (29 عاماً)، موظّفة في مركز تجاري، عن قصّتها: «تعلّمت الدرس القاسي بعد انتهاء علاقتي بخطيبي، والسبب إخباري إياه عن خطوبة سابقة باءت بالفشل. فجأة تحوّل الشاب المثقّف والمنفتح إلى شخص عصبي وكثير التساؤل والشك، يريد أن يعرف مكان تواجدي في كل لحظة، ويحاسبني على الكلمة ويختلق المشاكل لأصغر الأسباب». بعد هذه التجربة الفاشلة، فضّلت الصبيّة اعتماد سياسة جديدة في التعامل مع الشبّان وهي عدم التطرّق معهم إلى ماضيها، بل وضعهم في الصورة العامة لنمط حياتها ولطريقة تفكيرها، فإذا أعجبهم أسلوبها يمكن أن تصير العلاقة جديّة.
التقييم قبل كلّ شيء
من جهتها، تفضّل رولا (24 عاماً)، وهي معلّمة، تقييم شخصيّة الشاب قبل التطرّق معه إلى هذا الموضوع. تقول: «أستطيع تلمّس مدى تقبّل الشاب لماضي الفتاة وأتعامل معه على ضوء ما أفهمه من تصرّفاته، لكنّني بشكل عام أفضّل الصراحة، فأنا لا أخجل بماضيّ وأعتبره السبب في ما أنا عليه اليوم». تكمل: «كل شخص معرّض للخطأ وهو لا يستطيع محاسبتي على أخطائي قبله، عليه مسامحتي إذا كان فعلاً يحبّني ويريدني شريكة لحياته، وأنا سأعامله بالمثل وسأتقبّل أخطاءه ومساوئه».
صدفة غير مستساغة
تفضّل فتيات كثيرات إطلاع زوج المستقبل على أهم ما حصل معهنّ في حياتهنّ قبله، وذلك كي لا يضعن أنفسهنّ في موقف غير مريح في حال اكتشف ذلك بالصدفة. تقول هناء (26 عاماً) وهي خريجة حقوق: «ما أريده لنفسي يحق لشريكي أن يطلبه منّي، وأنا أريد أن أعرف عن حياته السابقة كي لا أتفاجأ مستقبلاً من أناس حولنا بمعلومات لا أعرفها عنه، وهذا الأمر سينطبق عليه بالتأكيد، كما أنّني لا يمكن أن أكذب وأعرّض مصداقيّتي للخطر في حال سألني، لذلك أفضّل الصراحة المطلقة».
تكمل الشابة: «أبحث عن شخص واع، يريد بدء حياة على أسس صريحة وواضحة، ولذلك سأفتح قلبي له وسأنتظر منه حسن النيّة لكي نكمل دربنا معاً».
الخطوط العريضة تكفي
حول هذا الموضوع، تقول الاختصاصيّة في علم الاجتماع هبة سلامة: «يعود للمرأة وحدها اختيار إخبار الشريك أو عدم إخباره بماضيها، فهذا قرار شخصي محض. في المقابل، فإنّ الصراحة والوضوح عنصران مطلوبان وضروريان لإنجاح العلاقة، لكن من المهم أن تقدّر كل فتاة مدى تقبّل شريك حياتها المستقبلي لفكرة أن يكون سبق لها الارتباط بخطوبة أو زواج، فتصارحه بما يجب أن يعرفه وتبقي بعض الأمور لنفسها».
اختلاف العقليّة
تشرح الاختصاصيّة وجهة نظرها بالقول: «هناك اختلاف في طريقة التفكير بين النساء والرجال في ما يتعلّق بهذا الموضوع، فالمرأة تتقبّل فكرة ارتباط زوجها بأخرى قبل تعرّفه إليها، لكنّ العكس ليس صحيحاً، إذ إنّ معظم الشبّان يفضّلون الزواج بفتاة لم يسبق لها أن مرّت بعلاقة جديّة مع أحد قبلهم. هم لا يقولون ذلك علانيّة بالضرورة، لرغبتهم في الظهور منفتحين وللإيحاء بأنّ ما يهمّهم فقط هو حاضرهم ومستقبلهم مع المرأة التي اختاروها، لكنّهم داخلياً لا يزالون متأثّرين بالموروث الفكري والثقافي لآبائهم وأجدادهم من قبلهم».
الأسلوب السلس يصنع الفرق
تشير الاختصاصيّة إلى أهميّة اعتماد أسلوب سلس وموزون في الحوار في حال اختارت الفتاة المصارحة، تقول: «الرجل بطبعه غيور ومتملّك ويحب أن يكون الأوّل في حياة شريكته، لذلك سيكون شديد الحساسيّة حين سيسمع عن خطيبك أو زوجك السابق، ولذلك من الأفضل أن تخبريه بالخطوط العريضة للعلاقة باقتضاب خلال جلسة واحدة، وألا تستفيضي في الحديث عن سيّئات الشريك السابق أو عن حسناته».
مساوئ المعايرة
ينطلق رأي الخبيرة الاجتماعيّة عن ضرورة الاقتضاب في الحديث عن الارتباط السابق، من ظاهرة نرصدها ونسمع عنها دائماً، وهي معايرة الزوج لزوجته في مرحلة ما من حياتهما المشتركة بماضيها أو العكس. ففي حال حصول أيّ خلاف في وجهات النظر، يمكن لبعض الرجال أن يلوموا زوجاتهم، وهذا الأمر بحسب سلامة «يُحدث أثراً بالغاً في نفسيّة الزوجة ويُفقدها الثقة بشريكها ويهدّد الحياة الزوجيّة بالانهيار».
بعض الغموض لا يشكو من شيء
يرى العديد من المختصّين في شؤون الأسرة ضرورة أن يكون هناك بعض الغموض في العلاقة بين الزوجين، فهذا الأمر يبقي عنصر التشويق ويبعد عن علاقتهما الملل والروتين، فهما يكتشفان من حين إلى آخر أموراً كانوا يجهلونها في الشريك. تنطبق هذه النظريّة أيضاً على العلاقة بالأهل والأقارب، فمن غير الضروري أو المناسب أحياناً أن تكشف المرأة أمام زوجها أسرار أهلها وأصدقائها. وفي هذا الإطار، تقول الاختصاصيّة الاجتماعيّة: «زوجك هو أسرتك الحاليّة والمستقبليّة، لكنّك عشت حياة قبله مع أهلك وأصدقائك وهذا الأمر ينطبق عليه أيضاً، ومن غير الضروري أن تتحدّثي أمامه عن أسرار الأشخاص الذين ائتمنوك على مواضيع حسّاسة وخطيرة تمسّهم ولا يريدون أن يكشفوها أمام شخص يعتبرونه فرداً جديداً في حياتهم».