كريستيل زيادة-بيروت
من واجبك وزوجك أن تؤمّنا لطفلكما كل احتياجاته وتخصّصا أوقاتاً لتمضيتها برفقته. لكن ماذا لو كان العمل يُحتّم عليكما البقاء خارج المنزل لساعات طويلة؟ من الضروري في هذه الحالة، أن تشرحي لطفلك طبيعة عملك وزوجك كي يستوعب غيابكما عنه.
لا تظنّي أنّ الطفل لا يشعر بثقل غياب والديه عن المنزل، لذا لا تتردّدي في التحدّث إليه وإطلاعه على بعض التفاصيل التي تهمّه عن عملكما. فإن كان الطفل دون العاشرة من عمره، بإمكانك أن تصفي له شكل المكتب أو المؤسسة التي تعملان فيها. يجب أن تشرحي له طبيعة عملكما من خلال صور سهلة يستطيع أن ينسبها لما يتعلّمه في المدرسة. فعلى سبيل المثال، انتهزي فرصة تعلّم طفلك لأصول العدّ في المدرسة لتفسّري له أنّك ووالده تعملان في مجال المحاسبة التي ترتكز على عدّ أموال الشركة. أما حين يبلغ عمراً يخوّله استيعاب الأسباب التي تدفع بأهله إلى العمل، فلا تتردّدي في توضيحها بطريقة مبسّطة، فيفهم سبب الغياب المطوّل عن المنزل.
مهما كانت طبيعة العمل، عليك اتباع طريقة مناسبة وسلسة ليتفهّم الوضع وليشعر بمسؤوليّة والدَيه تجاهه. في الواقع، حين تحاولين إفهام طفلك الأجواء التي يعيشها، سيتمكّن من بناء شخصيّته متفهّمة والاتّكال أكثر على نفسه.
لا للشعور بعقدة الذنب
لا شكّ في أنّك تشعرين وزوجك بذنب كبير لأنّكما مضطرّان إلى ترك أطفالكما لوقت طويل، وغالباً ما تجدان صعوبة في تعويض ذلك الغياب. لكن من الضروري أولاً أن تتخلّصا من تلك العقدة، لأنّ تأمين احتياجات المنزل وظروف العمل وحدها هي التي تبعدكما عن أطفالكما. من ثمّ يجب أن تخصّصا أوقاتاً محدّدة وجوهريّة لتمضيتها مع صغاركما، ومن الضروري جدّاً أن تفصلا بين العمل والواجبات تجاه الأطفال.
لكنّ عقدة الذنب تتفاقم بشكل ملحوظ حين يُجبر بعض الآباء على السفر بداعي العمل. في هذه الحالة، عليك أن تفسّري لأطفالك سبب ابتعاد والدهم عن المنزل، وبدوره عليه بناء تواصل يوميّ معهم، كما يجب أن يحافظ على هذا التواصل لدى عودته إلى المنزل. فمع تقدّم وسائل الاتصالات، بإمكان الأب أن يتبادل الرسائل القصيرة والصور والتصوير بالفيديو.
ورغم تعدّد وسائل الاتصال المتطوّرة، لا تنسي أنّ الرسالة المكتوبة والمزيّنة بطريقة مميّزة تترك انطباعاً قويّاً، وتؤثّر كثيراً في الأطفال، ولا سيّما في مَن هم دون الثامنة من العمر.
العمل بعد الدوام
مع تفاقم مسؤوليات العمل، يضطرّ الأهل أحياناً إلى إكمال بعض واجباتهم في المنزل. في هذه الحالة، يجب عليهم عدم التسمّر أمام شاشة الكومبيوتر بصمت ومن دون تبرير في حين يقوم أطفالهم بالدوران حولهم من دون معرفة سبب إهمالهم لهم. لذا من الضروري التفرّغ للأطفال لمدة ساعة ونصف على الأقل لدى العودة من العمل، ومن ثمّ يجب على الأم أو الأب أن يشرح لهم بطريقة مبسّطة الأسباب التي تدفعه إلى العمل لبعض الوقت في المنزل. لكن تجدر الإشارة إلى أنّ الأطفال لا يستطيعون سماع تلك الحجج بشكل يومي وباستمرار، لا سيما في عطلة نهاية الأسبوع، وعلى الأهل إيجاد التوازن بين التفرّغ للعمل وتخصيص وقت لأطفالهم.
كيف تطلعينه على المشاكل المادية
لسبب أو لآخر، قد يضطرّ زوجك إلى ترك عمله فيصبح عاطلاً عن العمل، الأمر الذي يؤثّر سلباً على نمط عيش جميع أفراد الأسرة، لا سيّما إن كنت بدورك لا تعملين. في هذه الحالة، ينصح علماء النفس بضرورة وضع الطفل في الأجواء والشرح له عن التغيّرات التي ستحصل خلال فترة انقطاع المصروف عن المنزل. في ما يلي، باقة من أهمّ النصائح التي يتعيّن عليك اتّباعها كي يستوعب طفلك بطريقة سلسة تلك الأزمة الموقّتة:
– قبل أن تعلني الخبر لطفلك، عليك أن تتمالكي أعصابك وتخفّفي من قلقك لتفادي انتقال العدوى إلى طفلك. وإن عجزت عن إخباره، بإمكانك أن تطلبي من زوجك القيام بالمهمّة.
– تجنّبي انتشار الخبر بين الأقارب والجيران ولا تسمحي لأحد بإخبار طفلك بالموضوع.
– حاولي التحدّث إليه بلغة مطمئنة من دون التطرّق إلى التفاصيل التي قد تزيد من حزنه.
– تذكّري أنّ الخبر يجب ألا يؤثر على نفسيّة طفلك وعلى تحصيله العلمي في المدرسة، لذا طمئنيه بأنّ ما من شيء جوهري سيتغيّر.
– عليك أن تظهري له بأنّك وزوجك تسعيان جاهدَين إلى تصحيح الوضع، وعليه أن يعرف أنّ والده ليس يائساً وهو يبحث عن عمل.
– أخبريه أنّ ثمة بعض المدخّرات المخصّصة لوقت الحاجة وهي تكفي لتسديد المدفوعات الأساسيّة، حتى أنّها تكفي قليلاً للنزهات والنشاطات، لكن يجب أن تحثّيه على الانتباه قليلاً وتخفيف الطلبات لحين إيجاد عمل جديد.
– اشرحي له أنّ عمليّة البحث عن العمل تتطلّب وقتاً طويلاً نسبيّاً، إذ يجب القيام باختبارات ومقابلات مختلفة. إنّها خطوة مهمّة كي يعرف طفلك أنّ أباه يسعى إلى إيجاد عمل وكي لا تتغيّر صورته أمام طفلك.
– لا تنسي أخيراً أن تبيّني له الآثار الإيجابيّة للوضع الموقّت. على سبيل المثال، يستطيع الأب مرافقة طفله إلى المدرسة في الصباح ومساعدته على القيام بدروسه بعد الظهر، فيعوّض بهذه الطريقة عن كل الأوقات الضائعة.
حين يتخطى التوتر عتبة العمل
غالباً ما يواجه الأهل مشاكل مزعجة في العمل تصيبهم بالتشنّج والتوتّر، فيصطحبون تلك المشاعر معهم إلى المنزل. من جهّتهم، يشعر الأطفال بالجوّ المتوتّر في المنزل، كما يحسّون بطريقة غير مباشرة بأنّهم المسؤولون عن حالة أهلهم النفسيّة، فتنتابهم عقدة الذنب. في هذه الحالة، على الوالدين أن يشرحا للطفل من دون الدخول في التفاصيل، أنّهما واجها مشاكل بسيطة في العمل وأنّهما بحاجة إلى الاسترخاء بمفردهما لبعض الوقت.















