دينا زين الدين-بيروت
أكثر ما يسعد امرأة ورجل يفكران بالزواج هو وجود بيت يجمعهما معاً تحت سقف واحد، يبدآ فيه حياة جديدة، فيتعرّفان على بعضهما جيداً ويكتشفان الخبايا التي لم يدركاها خلال فترة الخطوبة. لكن ماذا يحصل حين يضطران إلى التخلّي عن هذا السقف الخاص، ومشاركته مع أهل الزوج أو الزوجة لظروف طارئة؟ وكيف لهما أن يحميا علاقتهما ويدفعاها للاستمرار حين يفقدان الخصوصيّة التي تعتبر من أساسيّات استمرار الزواج ونجاحه؟
خمس سنوات قاتلة
اختارت رنا (28 عاماً) الارتباط بشاب في مثل سنّها حين كانا على مقاعد الدراسة الجامعيّة، ووافقت على أن تعيش معه في منزل أهله على أن يتركاه بعد أن يصبحا قادرين على شراء منزل، وهي تقول: «قضيت خمس سنوات صعبة جداً مع حمويّ، كنت أحسّ بأنّني حبيسة غرفتي وبأنّ الخروج منها سيعني أنّني صرت ضيفة في منزلهما، إحساسي هذا لا يرجع إلى تصرّفاتهما، فهما كانا في غاية اللطف وحاولا تركي أتصرّف على راحتي، لكنّني لم أعرف هذه الراحة إطلاقاً، وكيف أعرفها وأنا غير قادرة على الخروج من غرفتي بملابس النوم مثلاً، أو على اختيار نوع الطعام الذي أريد طبخه!».
الراحة المفقودة
تكمل السيدة رنا: «شعر زوجي بانزعاجي، لكنّه لم يكن قادراً على إيجاد البديل، فهو أيضاً لم يكن راضياً عن وضعنا ولكنّ الظروف كانت أقوى منّا. السكن مع أهل الزوج يعني ببساطة أنّك لا تتزوّجين شخصاً واحداً بل أسرة كاملة، وعلاقتك بزوجك تقتصر على النوم في سرير واحد فقط. تمنيت مراراً لو أنّني لم أوافق على الزواج قبل إيجاد منزل خاص بنا، وهذا ما دفعني إلى تأجيل قرار الإنجاب لحين استطعنا بعد خمس سنوات طويلة شراء منزل، حينها شعرت بأنّني متزوّجة وحرّة نفسي ولديّ خصوصيّة وكيان مستقل مع زوجي».
في الماضي، كان عيش الزوجين في منزل الأهل أمراً طبيعياً، لا سيما أنّ بيوت العائلة كانت كبيرة بحيث يحصل كل ابن على جناح خاص مع زوجته، ويجتمع سكّان البيت معاً فقط لتناول الطعام وفي السهرات، وكانت النساء يسعدن بهذه الحياة لأنّهن يجدن من يساعدهنّ في تربية الأولاد وأعمال المنزل.
بعض الإيجابيّات
من جهة ثانية، تختلف الحاجة إلى الخصوصيّة من امرأة إلى أخرى، فبعض النساء يتقبّلن مسألة العيش مع أهل الزوج في منزل واحد، بسبب معرفة سابقة بهم، كأن تكون الفتاة من عائلة زوجها، فلا تجد صعوبة في ممارسة حياتها الطبيعيّة معه في حضورهم، بل تجد سعادتها وراحتها معهم، وتستفيد من تجربة حماتها التي تساعدها في تربية الأولاد، وفي كشف جوانب لم تعرفها في شخصيّة زوجها كي تفهمه وتستوعبه بشكل أكبر.
هواجس مبرّرة
لكن هناك فئة كبيرة من النساء اللواتي يصبن بالكثير من الهواجس من هذه الفكرة، خوفاً من افتقاد الخصوصيّة اللازمة لإنجاح العلاقة الزوجيّة، أو خوفاً من تدخّل الأهل في المشاكل التي يمكن أن تحصل بين الزوجين مستقبلاً، وانحيازهم لطرف على حساب الآخر.
كثرة القلق والتوجيه
تتحدّث السيدة هبة (31 عاماً) عن تجربتها في العيش مع والدة زوجها: «أحبّ حماتي كثيراً وأعتبرها بمثابة أمّ لي، لكنّ العيش معها أمر مستحيل، فهي لشدّة حبّها لنا وحرصها علينا كانت تعاملنا كأنّنا ما زلنا أطفالاً، لا سيما أنّ زوجي هو ابنها الوحيد، تخاف عليه كثيراً وتريد أن تعرف كل ما يجري معه، إلى درجة أنّها كانت تتّصل بنا أكثر من مرة حين نتأخر في العودة إلى المنزل، وكانت تتدخّل في كلّ أمورنا، فلا نستطيع إجراء حديث على انفراد، فتوجّهنا إلى ما هو أفضل برأيها».
اختبار حقيقي
تضيف السيدة هبة: «لم أستطع تحمّل هذه الحياة أكثر من عام واحد، تعبت ومللت من توجيهاتها وتعليماتها التي أعرف أنّها تقوم بها عن حسن نيّة، أردت أن أختبر الحياة الزوجيّة الحقيقيّة مع شريكي، أن أتشاجر معه من دون أن يتدخّل أحد بيننا، وأن نتصالح بعد تصويب الأمور بطريقتنا الخاصة، أن أستيقظ ساعة يحلو لي وأستقبل صديقاتي من دون إعلام أحد بنيّتي، وأن أتأخر في العودة إلى المنزل مع زوجي من دون أن نضطر للتفكير بأنّ هناك من ينتظرنا».
كيف تتصرّفين؟
تضعنا الظروف أحياناً في مواقف لا نريدها ولكنّنا نضطر للتعامل معها وتقبّلها. وفي حال وجدت نفسك لسبب من الأسباب مجبرة على العيش مع أهل زوجك، إليك بعض القواعد التي ستساعدك في الحصول على زواج ناجح.
1 – تحدّثي مع زوجك في كل ما يخطر ببالك قبل الانتقال إلى منزل أهله، وأخبريه عن هواجسك وعن الأمور التي تعتقدين أنّها ستزعجك مستقبلاً، كأن يتدخّل أهله في خصوصياتكما أو أن يحاولوا توجيهكما وليخبر هو أهله بكلّ ما اتفقتما عليه لأنّ هذا الكلام سيكون مقبولاً منه أكثر منك، إذ تظلّين جديدة على العائلة بينما هو يعرف جيداً طريقة تفكيرهم وكيف ستكون ردود أفعالهم.
2 – اعرضي المساعدة على حماتك في أعمال المنزل حتى لو رفضتها في بداية الأمر، كوني إيجابيّة وودودة معها وفكري أنّ تدخلها في بعض الأحيان وتعليقاتها هي أمور نابعة من حرصها على مصلحة ابنها ورغبة منها في المساعدة.
3 – احرصي على الذهاب مع زوجك في إجازة ليومين أو أكثر كل شهر أو ثلاثة أشهر، تكونان خلالها بمفردكما حيث تسترجعان بعضاً من الخصوصيّة والحميميّة التي تفتقدانها.
4 – أبلغي حماتك بخططك لاستقبال الضيوف، فهذا الأمر لن يأخذ من وقتك شيء. وفي حال أردت الانفراد بصديقاتك، ادعيهن إلى أحد المقاهي وبهذه الطريقة لن تضطري إلى أن تحرجيها في حال رغبت في الجلوس معكنّ.