لا عجب إن كان الشخير عادة سيّئة يحاول كثيرون التخلّص منها، إذ يصدر عنه خرخرة مزعجة تقضّ مضجع الآخرين وتسرق النوم من أعينهم. فإن تعبت من التململ في الفراش طوال الليل بحثاً عن ساعات قليلة من النوم العميق، ومللت الأرق حتّى ساعات الصباح الأولى وسئمت الاستيقاظ بجسد مرهق وعينين أثقلهما التعب وأحاطهما بهالات سوداء، سيسعدك أن تعلمي أنّ التخلّص من هذا الكابوس المزعج بات في متناول يديك، إذ ما عليك سوى اتّباع بعض الخطوات العمليّة والاستعانة بطرق علاج طبيعيّة لتتخلّصي من هذه العادة المحرجة ولتنعمي بنوم هانئ وعميق.
ما هو الشخير؟
ينجم الشخير عن وجود عائق يمنع تدفّق الهواء من وإلى الفم، ما يدفع اللهاة واللوزتين واللسان وعضلات الحلق الخلفيّة إلى الاحتكاك ببعضها البعض وإصدار صوت يشبه الخرخرة خلال النوم. وقد ينتج الشخير في بعض الأحيان عن تحسّس ما أو ربّما عن خلل تركيبي قد يصيب النسيج اللمفاوي المتواجد في مؤخّرة الأنف كالسليلة المخاطيّة وتضخّم الزائدة الأنفيّة.
الشخير قد يكون خطراً
يجدر عدم الاستخفاف بالشخير، فإن كان متواتراً ومصحوباً بخرخرة عالية وإن كان يتسبّب بشعور دائم بالنعاس خلال النهار، فعند ذلك قد يؤدّي إلى حالات من الاختناق خلال النوم. تنتشر حالات الشخير المرفق بالاختناق أو انقطاع النفس لدى أصحاب الوزن الزائد، وهي أكثر رواجاً لدى الرجال منه لدى النساء.
مخاطر الشخير الصحيّة
لو كان الشخير داءً مميتاً لقضى على أكثر من 50% من سكان الكرة الأرضيّة ولانقرضت الهررة والكلاب منذ زمن بعيد ولاعتُبر الشخير سلاحاً بيولوجياً فتاكاً. لكن لحسن الحظ ليس الشخير بهذه الخطورة، إلّا أنّه قد يتسبّب ولو بشكل جزئي ببعض المخاطر التي قد تضرّ بالصحّة والتي لا يعلم معظم الناس بشأنها.
إن كان زوجك يصدر أحياناً شخيراً خفيفاً، فلا داعي للقلق، إذ إنّ الأطفال أنفسهم يشخرون مرة على الأقلّ كل فترة. أمّا إن كان يشخر يومياً وبصوت مرتفع وإن كان مرفقاً باللهاث والاختناق وبتقطّع النفس، فذلك لا يعني أنّ الشخير يضرّ بصحّته وحسب، بل يعني أيضاً أنّه قد يتسبّب له بمشكلة حقيقيّة، لا بدّ من المسارعة إلى معالجتها، لا سيّما أنّ حالات الشخير المماثلة قد تتسبّب في بعض الأحيان بنوبات قلبيّة وبارتفاع في ضغط الدم وبعدد من الأمراض الخطيرة الأخرى بحسب طبيعة الجسم.
ما السبيل إلى التخلّص من الشخير؟
يُعدّ الشخير مشكلة رائجة يعاني منها العديد من الأشخاص عبر العالم، لذا يحاول آلاف الرجال والنساء على حدّ سواء التوصّل إلى أفضل الطرق والحلول للتخلّص منه. ومن هذه الحلول نذكر استخدام الرذاذ، إذ ثمّة أنواع خاصة من الرذاذ الذي يُرش في عمق الحلق قبل الخلود إلى النوم والذي يؤثّر على الأنسجة المحيطة بلهاة الحلق الدقيقة فيطرّيها ويخفّف من حدّة اهتزازها، وهذا يُعدّ المسبّب الرئيسي للشخير. يدوم مفعول هذا الرذاذ حوالى ثماني ساعات متواصلة وهو قادر على السيطرة بشكل فعّال على حالات الشخير المتوسّط. وفضلاً عن قدرته على التحكّم بالشخير، يساعد هذا الرذاذ الطبّي على معالجة حالات التحسّس من الغبار وحمّى القش والحشرات المنزليّة الدقيقة كالعثّ أو حتى من وبر الحيوانات الأليفة. يتكوّن هذا الرذاذ عادة من مزيج من الزيوت النباتيّة المتعدّدة، بالإضافة إلى ثلاثة أنواع من الفيتامينات هي الفيتامينات B6 و C وE، وكلّها تساعد بفعاليّة في السيطرة على الشخير.
كما يمكن اللجوء إلى نوعين من عمليات الليزر الجراحيّة للتخلّص من الشخير، أولاهما العمليّة التي تقضي بتشذيب اللهاة باستخدام تقنيات الليزر، وهي عمليّة بسيطة لا تستغرق أكثر من عشر دقائق، يتمّ إجراؤها في عيادة الطبيب حيث يبقى المريض بوعيه الكامل بعد أن يتمّ تخديره موضعياً على أن تُكرر هذه العمليّة ثلاث إلى خمس مرّات يفصل بين كلّ منها مدّة شهر تقريباً. أمّا النوع الثاني من هذه العمليات، فيقضي بتوسيع منطقة الحلق بالقرب من اللوزتين، عن طريق استخدام الليزر لإزالة إحدى اللوزتين، غير أنّ تنفيذ هذه العمليّة يتمّ في المستشفى حيثّ يخضع المريض للتخدير العمومي في غرفة العمليات.
ويمكن دوماً الاستعانة بعلاج الوخز بالإبر، فالشخير ينتج عن ضعف عضلات اللسان والفك واللهاة والحلق وافتقارها إلى توازن الطاقة في ما بينها، لكنّ تقنيّة الوخز بالإبر كفيلة بإعادة التوازن إلى هذه المنطقة وتقوية العضلات وفتح مجرى الهواء، ما يؤدّي إلى وقف الشخير. وبشكل عام، يحتاج الفرد إلى الخضوع لـ12 جلسة علاج وخز بالإبر لحلّ مشكلة الشخير، وقد يزداد عدد هذه الجلسات أو يقل وفقاً للحالة التي يعاني منها كلّ شخص.
عالجي مشاكل الشخير بالطرق والوسائل الطبيعيّة
تتوفّر اليوم في الأسواق أنواع مختلفة من الحبوب والرذاذ والوسائل الطبيّة الأخرى التي يمكنها حلّ مشكلة الشخير. لكن تبقى الوقاية خيراً من قنطار علاج، إذ إنّ اتّباع بعض الخطوات البسيطة من شأنه أن يحل مشكلة الشخير بالطرق الطبيعيّة.
لكن ما يفترض فعله أولاً هو استشارة الطبيب لتحديد سبب الشخير وحدّته، ثمّ يجب معالجة أيّ نوع من أنواع الحساسيّة، لأنّ الحساسيّة قد تؤدّي إلى الشخير. ومن المهمّ أيضاً الالتزام ببرنامج نوم منظّم، لأنّ الاعتياد على قلّة النوم يعدّ أحد مسبّبات الشخير الرئيسيّة. كما يجب الحرص دوماً على تغيير وضعيّة النوم، إذ عندما ينام الفرد على ظهره يرجع لسانه إلى الخلف ويعيق مجرى الهواء فيبدأ عند ذلك بإصدار الخرخرة، لذا يعمد بعض الأشخاص إلى وضع كرة صغيرة أسفل العنق لتحول دون نوم الشخص على ظهره، لكن بشكل عام يساعد النوم على أحد الجنبين على عدم الوقوع في فخ الشخير. إليك بعض النصائح التي تساعدك على حل هذه المشكلة:
– إنّ أصحاب الوزن الزائد يمتلكون عنقاً ممتلئاً وأنسجة ضخمة، ما يزيد من حدّة الشخير وخطورته، لذا تُعدّ خسارة الوزن الزائد علاجاً ناجعاً للتخلّص من الشخير، لأنّها تقلّص نسبة الدهون المضرّة في الجسم وتزيل طبقات الشحوم التي تمنع مرور الهواء.
– من المتعارف عليه أيضاً أنّ التدخين مضرّ بالصحّة وهو يؤدي في غالبيّة الأحيان إلى تفاقم حالة الشخير، لأنّ السجائر تفسد أنسجة الجهاز التنفسي وتجرّد الجسم من قدرته على مقاومة الضرر الذي قد يلحقه التبغ والتدخين، كما أنّها تتلف خلايا المريء مخلّفة مادة مخاطيّة تزيد في انسداد مجرى الهواء.
– من المفيد دوماً تنشّق البخار قبل الخلود إلى النوم، لأنّ البخار المتصاعد من الماء الساخن يخفّف من الاحتقانات الأنفيّة التي تسبّب عادة حالة من الشخير.
– لا بدّ من الابتعاد عن تناول الحبوب المنوّمة أو العقاقير المسكّنة قبل الخلود إلى النوم، لأنّها تؤثّر على عمليّة التنفس وبالتالي من الممكن أن تزيد من حدّة الشخير.
– يُستحسن تجنّب تناول العشاء ما لم يكن في وقت مبكر، أي قبل ثلاث أو أربع ساعات من الخلود إلى النوم، لأنّ الأمعاء الممتلئة أو المتخمة تدفع الطعام إلى أعلى فيضغط على الحجاب الحاجز، ما يحدّ من قدرة النائم على التنفّس بسهولة.
– ينصح بعدم تناول الوجبات الدسمة أو أيّ من مشتقّات الحليب قبل الدخول إلى الفراش، لأنّها تشكّل طبقة مخاطيّة في الحلق تؤدّي من دون شك إلى الشخير.
– توصّل الأطبّاء مؤخّراً إلى نتيجة مفادها أنّ احتساء كوب من الشاي المُعدّ من ورق شجر الأوكاليبتوس يومياً يُعالج مشكلة الشخير ويحول دون حدوثه.
– إنّ ممارسة اليوغا مفيدة جداً لتنظيم النفس والتخلّص من هذه المشكلة تماماً.
– يوصي أطباء الأذن والأنف والحنجرة بالغناء خلال النهار، لأنّ الغناء يساعد على تقوية أنسجة الحلق وعضلاته.
– تؤكّد بعض الدراسات أنّ العمل على وضع بعض النباتات العطرة والفوّاحة كالخزامى والياسمين إلى جانب السرير، من شأنه أن يهدّئ الأعصاب ويساعد على النوم العميق.
– ولا ضير من القيام ببعض التمارين لتقوية الحلق واللسان للتقليل من احتمال انزلاقه إلى الخلف أثناء النوم، فيمكنك على سبيل المثال أن تعضّي بأضراسك العلويّة على أضراسك السفليّة وتضغطي عليها لمدّة سبع ثوانٍ، قبل أن تفتحي فمك قدر المستطاع لتباعدي بين الفكّين لمدّة سبع ثوانٍ أخرى. كرّري هذا التمرين حوالى خمس عشرة مرة، وستشعرين بعد ذلك بأنّ عضلات الفك باتت أقوى.
– يمكنك أيضاً أن تحضري إناء بخار وتغطّيه بمنديل، قبل أن تضعي رأسك فوقه وتغطّيه بمنديل آخر لتستنشقي البخار المتصاعد منه قبل النوم، لأنّ لذلك تأثيراً كبيراً على تنظيف الممرّات الهوائيّة وتقليل الأورام داخل الأنف، كما يحافظ على بيئة نوم نظيفة وخالية من الأتربة.
-في النهاية، لا بدّ من التذكير أنّه في حال لم تنجح إحدى هذه الوسائل بالقضاء على مشكلة الشخير، لا تتردّدي في الاستعانة بإرشادات الطبيب لأنّ الشخير يكون ناجماً عن مشكلة صحيّة خطيرة. ولا تنسي أنّ النوم المتذبذب قد يتسبّب بمشاكل صحيّة أخرى أكثر خطورة، كما أنّه بعد هذا الكمّ الهائل من الطرق الطبيّة والوسائل الطبيعيّة لم يعد هناك من حجّة مقنعة تبرّر استمرار صدور خرخرة شخير من فراشك. ما عليك سوى أن تثقي بقدراتك وتحاولي بكلّ جهد اتّباع هذه الخطوات لإبعاد شبح الشخير المزعج عن منزلك، وعند ذلك فقط ستستلم عيناك لنوم عميق وستنعمين بنوم هانئ ومريح.