أخبار

معضلة البحث عن رجل الأحلام كيف تحلّ؟

سبتمبر 10, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

دينا زين الدين-بيروت
من البديهي القول إنّ الصورة الأولى التي تتكوّن في ذهن الفتاة منذ صغرها عن الرجل هي صورة والدها، فهي تراه أمامها وحولها منذ لحظات وعيها الأولى، وتدرك شيئاً فشيئاً دوره وتأثيره في حياتها، إذ إنّه مصدر الأمان والقوّة. هكذا تبدأ باعتباره أفضل الرجال في العالم، لا سيما إذا كانت تعيش في كنف عائلة منسجمة ومتفاهمة. يستمر هذا الشعور مع الفتاة حتى سنوات صباها، فتسعى حين تفكّر بقرار الارتباط إلى اختيار رجل تتواجد فيه صفات والدها. لكن هل يمكن اعتبار هذا الأمر قاعدة عامة، وهل تنجح هذه الزيجات دائماً؟

تشابه في الشكل والطباع
تتحدّث فاتن (26 عاماً) عن قصة ارتباطها بزوجها: «لم أدرك حين تقدّم زوجي لخطبتي مدى الشبه بينه وبين والدي سواء في الشكل الخارجي أم في الطباع، لكنّني انجذبت إليه بشكل كبير من دون أن أعرف السبب. كان زواجنا تقليدياً، فقد تعرّفت إليه من خلال قريبتي، ودخل مباشرة إلى منزلنا ولفتني بنزاهته واستقامته وشخصيّته القويّة».
تكمل فاتن: «لم أدرك شبهه الكبير بوالدي إلا حين نبّهتني إحدى صديقاتي حين اكتشفت أنّني قلّدت زواج والديّ وكأنّني نسخته نسخاً. ففارق السن بيننا هو نفسه بين والدتي ووالدي وهو خمسة عشر عاماً، ولم أهتم أبداً لأنّه أكبر منّي بكثير، فأنا عشت متقبّلة للفكرة لأنّني رأيت الانسجام الكبير الذي عاشه والداي بغضّ النظر عن فارق السن بينهما».
تستطرد الشابة: «من يرى والدي وزوجي معاً، يشعر بأنّهما أخوان أو بأنّهما أب وابنه، ولا يصدق أنّه زوج ابنته، وهذا الشبه ينطبق أيضاً على طباعهما ونظرتهما إلى الحياة، وأنا سعيدة بهذا الأمر وأستمدّ من زوجي الشعور بالأمان والراحة والسعادة التي كنت أعيشها في منزل والدي».

عن سابق إصرار وتصميم
لم تشعر الصبيّة العشرينيّة بأنّها اختارت شخصاً يشبه والدها، لكنّها بطريقة ما أحبّت الصفات التي يمتلكها لأنّها عايشتها طوال حياتها مع والدها. أما هيفاء (33 عاماً)، فاختارت عمداً وعن سابق إصرار وتصميم رجلاً يشبه والدها. تقول: «لطالما قلت منذ سنوات مراهقتي إنّني سأتزوّج رجلاً يشبه والدي، فهو كريم وحنون ووسيم، كنت أحسد والدتي عليه وأغار حين يدلّلها ويغنّجها وأتمنّى أن أجد رجلاً يعاملني كما عاملها، وقد بحثت عنه كثيراً ووجدته قبل ثلاث سنوات في زوجي».

عقدة أوديب أو إلكترا
تضيف هيفاء: «أنا مقتنعة بأنّ الرجل يبحث عن امرأة تكون صفاتها قريبة من صفات والدته، والشابة تبحث عن رجل يشبه والدها. فطبيعة الرجل أن يكون قوياً ومسيطراً، لذلك يحتاج إلى حضن يعيد إلى ذهنه الحنان والعاطفة اللذين تلقاهما من أمّه، فيبحث عن زوجة تشبهها، بينما الفتاة تحلم ببيت سعيد كالبيت الذي نشأت فيه وتعرف أنّ الرجل أي أباها، هو المسؤول عن تأمين هذا الأمان، فترغب في زوج يشبهه».
تبدو السيدة مقتنعة بعض الشيء بعقدة «أوديب» التي تقول إنّ الذكر يحب والدته ويتعلّق بها ويميل إلى كره والده، في مقابل عقدة «إلكترا» عند النساء، لكنّ هاتين النظريّتين قوبلتا بوابل من الانتقادات لتطرّفهما الزائد في الحكم على المشاعر التي تربط الأهل بالأبناء. في المقابل، يجد بعض باحثي علم النفس أنّ جزءاً من هاتين النظريّتين صحيح، والدليل ميل الرجل إلى الزواج من فتاة تشبه والدته وميل الفتاة إلى الارتباط برجل يشبه والدها.

ليست قاعدة
ليس من الطبيعي أن تبحث الفتاة عن زوج يشبه والدها حين يكون جو أسرتها مليئاً بالمشاكل بسبب صفات الوالد السيّئة، وهي في هذه الحالة تسعى إلى إيجاد نقيضه، أي رجل يعوّض عليها الحرمان العاطفي الذي عانت منه في علاقتها مع والدها، ويوفّر لها الأمان الذي فقدته. هذا ما فعلته سهير (27 عاماً)، وهي تقول: «لم تعرف والدتي يوماً جيداً مع والدي، فهو شخص عصبي وحاد الطباع، ديكتاتور ولا يسمح لأحد بأن يناقشه في قراراته، وهذا الأمر أثّر عليها بشكل سلبي وحوّلها مع الوقت إلى شخص خاضع. حين تزوّجت، اخترت رجلاً متحرّراً يبحث عن شريكة تكمّل له حياته وتكون ندّاً له. لكن قبل أن أجده، خُطبت لشخص يشبه والدي إلى حدّ كبير وقد أحببته كثيراً، وكان السبب الوحيد لانفصالنا إدراكي أنّني اخترته لأنّني لاإرادياً متأثّرة إلى درجة كبيرة بشخصيّة أبي».

جوّ الأسرة
حول هذا الموضوع، تقول الاختصاصيّة في علم النفس نور حرب إنّ قرار الارتباط تحكمه عوامل عدة، أهمها الانجذاب الجسدي والكيمياء التي تتواجد بين شخصين، بالإضافة إلى التقارب في طباعهما وفي خلفيّتيهما الاجتماعيّة والثقافيّة، «0لذلك لا تبحث الفتاة بالتحديد عن رجل يشبه والدها، بل عن جوّ أسري يتلاءم مع الجو الذي نشأت فيه، وبما أنّها أنثى فستأخذ بعض الصفات من والدتها وستبحث في الشريك عن أكثر الصفات التي تحبّها في شخصيّة والدها».

إحساس مفقود
من هذا المنطلق، حين يتمتّع الأب أو معيل الأسرة بصفات حسنة، كأن يكون حنوناً ومثقّفاً وناجحاً في عمله، سيزداد إحساس بناته بالرغبة في إيجاد رجل يشبهه، وستنتهي بهنّ الحال في بعض الحالات وليس كلّها، في إيجاد هذا الرجل.
تأتي الحاجة لدى بعض الفتيات إلى الارتباط برجل يشبه الوالد من رغبتهنّ في الحصول على إحساس مفقود بالأمان، فيملن إلى رجل أكبر سنّاًً يكون ناضجاً ومسؤولاً ومرتاحاً مادياً أكثر من شاب في مقتبل عمره، «هنّ في هذه الحالات يعانين من مشكلة في علاقتهنّ بوالديهنّ ويحتجن إلى التعويض عن إحساس افتقدنه معه، فيدخلن في مشروع زواج لهذه الغاية فقط، ويمكن أن ينجحن ويكون ارتباطهنّ لمدى الحياة».

نجاح نسبي
تؤكد الاختصاصيّة النفسيّة أنّ «الزيجات من هذا النوع لا يُكتب لها النجاح دائماً، لأنّ ما يمكن للمرأة أن تتقبّله في شخصيّة والدها يختلف عمّا تحتاجه أو تتقبّله في طباع زوجها. كما أنّ الزواج وعيش اثنين تحت سقف واحد يكشفان الكثير من الصفات والتفاصيل الدقيقة في شخصيّة الطرفين التي لم يتنبّها إليها في فترة التعارف والخطوبة، ففي النهاية لكل إنسان طباعه الخاصة وردات فعله وأفكاره التي مهما تقاربت مع أشخاص آخرين، لا يمكنها أن تتطابق بشكل كامل».

استسهال
ترى الاختصاصيّة أنّ بعض الفتيات يستسهلن حين يخترن رجلاً يشبه الوالد: «موضوع الارتباط يثير الخوف والهلع أحياناً عند الفتيات، فالقرار خطير جداً ويؤثّر على حياتهنّ المستقبليّة، لذلك يلجأن إلى التمسّك بالصفات التي يعرفنها في الرجال وهي تلك التي يجدنها في الأب، لكنّ هذا الأمر خطير وغير صحيح أو سليم، إذ يجب على كل فتاة مقبلة على الزواج أن تفكّر بما ينقصها وليس بما تعرفه أو تحصل عليه، عليها أولاً أن تعرف نفسها وما هي اهتماماتها وهواياتها وتجد من يختلف عنها، كي تكتمل حياتها وتنجح».

المجلات الرقمية

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية