Uncategorized

لا تقلقي

سبتمبر 3, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

قلبك يدقّ بسرعة، ترتجف عضلاتك، تتعرّقين، تشعرين بألم شديد في المعدة… ها أنت تصادفين نوبة من القلق! لا تقلقي، إذ يقدّر بأنّ 5% من الناس يعانون من هذا الاضطراب النفسي. فكيف تتعرّفين عليه؟ وكيف تتخلّصين منه؟ نقدّم لك الحلول والنصائح.
سمر معتوق-بيروت

ما هي نوبة القلق؟
إنّ نوبة القلق ليست مجرّد قلق بسيط وعابر. فهذا الأخير هو ردّة فعل طبيعيّة وعاديّة أمام خطر ما أو حالة إجهاد معيّنة. أمّا نوبة القلق، فهي تظهر من دون أيّ سبب معيّن وتكون على شكل انزعاج عام ترافقه أعراض جسديّة معيّنة. لكن، بالإضافة إلى كلّ تلك الإشارات التي يرسلها الجسم، هناك ذلك الشعور بفقدان الشخصيّة والثقة بالنفس، فيشعر الشخص بأنّه يصاب بالجنون وبأنّه على وشك الموت. الجسد يؤلم ويتعذّب، والرّوح أيضاً!

أعراض نوبة القلق
يمكن لنوبة القلق أن تدوم لدقائق قليلة فقط، لكن يمكن أيضاً أن تمتدّ لساعات عدّة، ما يؤدّي إلى إصابة الشخص بالإرهاق الشديد الجسدي والنفسي. تأتي هذه النوبة عادة فجأة، وأعراضها تكون في أغلب الأحيان على الشكل التالي:
– دقّات قلب سريعة.
– تعرّق زائد.
– ارتجاف أو هزّات في العضل.
– ضيق في التنفّس، شعور بالاختناق.
– آلام في الصدر.
– غثيان، آلام في المعدة، تقيّؤ.
– إحساس بالدّوار أو بالإغماء.
– شعور بفقدان الذات والنفس.
– إحساس قوي وغير مبرّر بالخوف الشديد.

اضطراب صعب التشخيص
يمكن لأعراض نوبة القلق أن تكون جدّاً مخيفة. فهي في بعض الأحيان، قد تأخذ شكل نوبة قلب حقيقيّة. لذلك، من المهمّ، بادئ الأمر، إبعاد كلّ سبب عضوي حيث إنّ نوبة القلب يمكن أن تكون مميتة، بعكس نوبة القلق.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لنوبات القلق أن تظهر على شكل اضطرابات ومشاكل متكرّرة في الجهاز الهضمي مثل الغثيان أو التقيؤ، فيكون من الصّعب تحديد ما إذا كان الانزعاج المرتبط بالنوبة له علاقة بالمشكلة الهضميّة أو أنّه هو السبب.
عندما تشعرين بأنّ النوبة قد حصلت، لا سيما إذا كانت الأولى، فمن الضروري أن تراجعي طبيبك بسرعة لمعرفة السبب، العضوي أو النفسي. لكن، وبما أنّه يمكن لنوبة القلق أن تأخذ أشكالاً مختلفة، يصبح التشخيص عادة طويلاً، وهنا تكمن المشكلة: فلحين معرفة ما إذا كانت المشكلة تتعلّق بالقلب أو بالجهاز الهضمي (ويمكن لذلك أن يدوم سنوات)، تصبح المشكلة عند المريض «مزمنة» بحيث تزيد نوبات القلق ويولد الخوف من نوبة جديدة المزيد من القلق، فيدخل الشخص في دائرة مفرغة. عندها، تزيد الأعراض النفسيّة والجسديّة معاً فتظهر بالتالي في الكثير من الحالات أمراض الرّهاب. فإذا ظهرت النوبة مثلاً، في وضع معيّن (في السينما، أو على الطريق…)، يبدأ الشخص المعني بتجنّب هذا الوضع والخوف منه. وإذا كانت النوبات تظهر في أيّ وقت وفي أيّ مكان، يصبح القلق دائماً ويجد الشخص المعني نفسه في نوع من السجن الذهني.

أسباب نوبات القلق
القلق ونوباته ليست اضطراباً منفرداً، لكن لا بدّ أن تخبّئ وراءها مشكلة أو اضطراب آخر. وعادة ما يكون هذا الاضطراب نفسيّاً ومن الضروري تحديده بأسرع وقت ممكن وبشكل دقيق، للتخلّص منه كلياً.
أسباب نفسيّة: يمكن لنوبة القلق أن تكون مرتبطة بمشكلة عصبيّة أو يمكن أن يكون مصدرها خوفاً معيّناً أو رهاباً مرتبطاً بذكريات مؤلمة. كذلك، يمكن لهذه المشكلة أن تكون عارضاً من الأعراض التي ترافق عادة مرض الاكتئاب، فتظهر في هذه الحالة عند الصباح بسبب الخوف من كلّ ما سوف يرافق النهار من أمور.
أسباب مرضيّة: من المهمّ، إذا كنت تعانين من نوبات قلق، أن تبعدي أيّ سبب عضوي من خلال زيارة الطبيب. فبعض الأمراض يمكن أن تترافق أو تبدأ بنوبات من القلق.
تعب وإرهاق: بصورة عامّة، يؤدّي كلّ اضطراب يرافقه نقص في الطاقة والحيويّة إلى أعراض نوبة القلق، لا سيما عند الاستيقاظ صباحاً. بعض هذه الاضطرابات تتمثّل بمشاكل مثل التهاب الكبد، اضطرابات الغدّة الدرقيّة…
أسباب تربويّة: يساعد الأسلوب المتطرّف في التربية على تطوّر القلق حيث إنّ التربية القاسية التي يرافقها نوع من الذل تؤدّي إلى تقييد ثقة الطفل بنفسه فترافقه المشكلة حتّى سن الرّشد وتزيد من شعوره بالقلق عند مواجهة حالة معيّنة. في المقابل، إنّ الأهل الذين يفرطون في حماية أطفالهم ويقرّرون ويتصرّفون عنهم أو يحمونهم من كل شيء وكل شخص، يساهمون في خلق قلّة ثقة بالنفس عند الطفل.

متى يصبح الأمر خطيراً؟
في الواقع، عندما يستمرّ الشعور بالقلق رغم انتهاء المرحلة التي سبّبته أو عندما تظهر نوبات القلق باستمرار من دون أيّ سبب مهمّ، يصبح الأمر مرضاً. الأسوأ يكون عندما تبدئين بالخوف المسبق من وقوع الأحداث، فتشعرين يومياً بثقل نفسي كما بأنّ الأمر يعيق استمرارك في الحياة (تغيّرين نشاطاتك أو مشاريعك أو تعدّلين فيها أو حتّى توقفينها).

كيف تحاربين القلق؟
يعتمد الأمر على مستوى القلق عندك كما على كميّة الوقت الذي مضى وأنت تعانين فيه من القلق. وإذا طالت مدّته وكانت درجته كافية لكي نتكلّم عن عذاب (تغيير في السلوك و/أو العادات، انزعاج في الحياة الاجتماعيّة، المهنيّة، الشخصيّة…)، يمكن عندها أن نعتبر الأمر مشكلة واضطراباً يحتاجان إلى المعالجة.
بالنسبة إلى الاضطرابات الأقل خفّة، حاولي أن تغيّري قليلاً أسلوبك في إدارة الأمور وأن تخفّفي من الضغط الجسدي. كما يمكنك اللجوء إلى العديد من العلاجات:

العلاجات السلوكيّة والذهنيّة: تتميّز هذه العلاجات بسرعتها، وهي علاجات قصيرة (بضعة أشهر) يعرّف فيها المعالج المريض على كيفيّة «نبذ» ردّات فعله السيّئة واستبدالها بردّات فعل أكثر ملاءمة. يعتقد بأنّ نوبة القلق وأعراضها هي بمثابة ردّة فعل مرتبطة بظرف معيّن، فلكلّ حالة ضغط وكلّ مكان وزمان، هناك ردّات فعل قلقة غير مناسبة. يمكن أن يتعلّق الأمر برهاب معيّن تنتجت عنه نوبة القلق، مثلاً.
وخلال هذه العلاجات السلوكيّة والذهنيّة، يتعلّم المريض كيفيّة التحكّم بمخاوفه. فإذا كان يعاني من رهاب معيّن، سوف يتمكّن شيئاً فشيئاً، ومع التمارين العمليّة، بأنّ يتخيّل الموضوع الذي يخيفه وينجح في التكلّم عنه ثمّ التطرّق إليه. بهذه الطريقة، يستطيع أن يتحقّق، بمساعد المتخصّص، بأنّ الخطر وهمي وسوف يتعلّم الاستجابة المناسبة عليه.

العلاجات التحليليّة: مدّتها أطول من العلاجات السلوكيّة والذهنيّة، لكنّها تعمل على عمق المشكلة. لذلك، يمكن أن تكون دعماً أساسياً في العلاجات السلوكيّة والذهنيّة. وعندما يتمّ التخلّص من الأعراض، يبدأ البحث عن مصدر القلق الرئيسي لتحليله ومعالجته.

التقنيات الأخرى: إذا شعرت بأنّك تمرّين وتعانين من فترة قلق عابرة، يمكنك اللجوء إلى جلسات الاسترخاء مثل اليوغا أو الـSophrology. بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الكتب والمراجع التي تعالج هذه المشكلة وتساعدك على فهم الاضطراب الذي تشعرين به.

هل يمكن الشفاء كلياً من القلق؟
إذا لم نستطع الشفاء كليّاً، يمكننا على الأقلّ التعرّف على كيفيّة إدارة نوبات القلق. كما يختلف كلّ شخص باختلاف أنواع القلق التي يمرّ بها. فبعض الأشخاص تكون طباعهم وشخصيّتهم قلقة وبالتالي لا يمكن حقاً تغيير أعماق الشخصيّة عندهم. لذلك، عليهم تعلّم تقنّيات السيطرة على الذات وعلى أحاسيسهم بطريقة تسمح لهم بإعادة التوازن.
في المقابل، بعض الأشخاص العصبيّين يواجهون صعوبة في الشفاء الكامل حيث يحتفظون ببعض القلق المخبّأ حتّى لو كانت النوبات بعيدة بعض الشيء أو قد اختفت كلياً.
بالنسبة إلى الاضطرابات الأكثر أهميّة، مثل مرض الرّهاب أو الهوس، هناك العديد من العلاجات التي تقدّم نتائج فعّالة.
المهمّ أن نعطي الأهميّة المطلوبة لهذه النوبات، فهي قد تكون دليلاً على مشكلة أعمق يجب معالجتها.
ويبقى دور الأشخاص المحيطين هامّاً جدّاً بحيث يساعد وجودهم وتفهّمهم كثيراً الشخص الذي يعاني.

المجلات الرقمية

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية