دينازين الدين-بيروت
يشكّل وصول المرأة إلى سنّ الثلاثين محطّة مهمّة في حياتها، فتشعر بالحاجة إلى تقييم السنوات التي مرّت من عمرها لتعرف أين نجحت وأين أخفقت، كيف انقضت سنوات المراهقة والدراسة والشباب الأولى، وما الذي ينقصها وتريد الحصول عليه خلال السنوات اللاحقة.
تفكير جدّي بالارتباط
تبدأ الفتاة العزباء في هذا العمر بالتفكير جدياً بالزواج، فهي وصلت إلى مرحلة معيّنة من النضوج الفكري والعقلي والجسدي الذي يخوّلها اختيار الشريك المناسب، وتحتاج إلى تكوين أسرة وإنجاب الأطفال. وعلى الرغم من أنّ بعض المعايير الاجتماعيّة في العالم العربي تعتبر هذه السنّ متأخّرة للزواج لأنّ الرجال عادة ما يبحثون عن العشرينيّة ويختارون أن يكون فارق السن بينهم وبين زوجاتهم كبيراً، فإنّ الكثير من الدراسات النفسيّة والاجتماعيّة وحتى الطبيّة تشجّع على تأخير سنّ الزواج عند الشابات لما بعد الخامسة والعشرين وحتى بداية الثلاثين لاعتبارات كثيرة تثبت صحّتها يوماً بعد يوم. فما هي هذه الاعتبارات، وما هي حسنات وسيّئات زواج الفتاة في الثلاثين؟
تعرف ماذا تريد
تعرف الشابة التي وصلت إلى سنّ الثلاثين ما الذي تبحث عنه في الرجل وما هي الصفات التي تجذبها وتستطيع التعامل معها، لذلك فإنّ احتمال حصول خلافات بينها وبين الشريك الذي تختاره تكون أقل، وهنا لا يمكن التعميم، فالشابات في العشرين يمكن أن يصلن إلى هذه المعرفة، لكنّهن يبحثن عن صفات مثاليّة قد لا يجدنها أبداً، بينما تستطيع الفتاة في الثلاثين أن تضع معايير منطقيّة يمكن إيجادها.
مؤازرة في الشدائد
من جهة ثانية، تكون قدرة المرأة في هذا العمر أكبر على مساعدة زوجها ومؤازرته في الشدائد، كما أنّها تكون ربّة منزل ممتازة وقادرة على تقسيم وقتها بين بيتها وعملها في حال كانت لها وظيفتها الخاصة، وهذا الأمر يسهّل أمورها الماديّة مع زوجها، وهو ما يبحث عنه الكثير من الشبّان في وقتنا الحالي.
كياسة ودبلوماسيّة
تكتسب المرأة في هذه السن الكثير من الكياسة والدبلوماسيّة في التعامل مع الزوج وفهم شخصيّته وتقبّل محيطه وأهله، فهي تمتلك الثقة بالنفس والخبرة في التعامل مع الأشخاص لأنّها عاشت تجارب حياتيّة متنوّعة واختبرت أنواعاً كثيرة من الناس، لذلك يستطيع الاعتماد عليها إذا ساءت ظروفه واستشارتها والاتكال على رأيها والاستفادة من نضوجها. ويمكن أن يكون متأكداً من أنّها لن تفسد الأمور وستحاول قدر الإمكان إبعاده عن المشاكل الحياتيّة البسيطة والصغيرة التي تحدث في منزله، فتحلّها بطريقتها الخاصة.
رجال أميركا يفضّلون الثلاثينيّة
يرى الرجال في الولايات المتحدة بحسب دراسة أجريت مطلع العام الجاري أنّ المرأة تصل إلى قمّة جمالها وجاذبيّتها الجسديّة حين تبلغ الثلاثين من العمر. وقد توصّلت بعض الدراسات العلميّة إلى هذه النتيجة أيضاً، يعود هذا الأمر إلى ازدياد ثقتها بنفسها وإقبالها على الحياة، فترتفع معنوياتها لأنّها باتت تعرف قدراتها جيداً وترغب في أن تستمتع بسنوات شبابها وبالتالي إسعاد من يكون معها وحولها.
أما بالنسبة إلى الرجل العربي، فإنّ إقباله على الزواج بالشابة في الثلاثين زاد عما كان عليه في السابق، والسبب هو رغبته في إيجاد شريكة قريبة من سنّه وقادرة على فهمه واستيعاب أفكاره، ودعمه ومساعدته مادياً كي يتحمّلا معاً أعباء الحياة.
إنّ الإشكال الأبرز الذي يطرحه تأخير سن زواج المرأة هو موضوع الإنجاب، لأنّ فرصها بإنجاب عدد كبير من الأولاد تتقلّص، لكنّنا نلاحظ أنّ معظم المتزوّجين حديثاً لا يرغبون بأكثر من ولدين أو ثلاث.
هوّة عمريّة مع الأولاد
من ناحية أخرى، يساهم تأخّر زواج المرأة في ازدياد الهوّة العمريّة بينها وبين أولادها، والمثال على ذلك أنّها لو أنجبت ابنها الثالث في سنّ السابعة والثلاثين، ستكون في أواخر الخمسين حين يبلغ عامه العشرين، وبالتالي لن تكون قريبة منه ذهنياً، ويمكن أن يفوتها في المستقبل البعيد الكثير من المراحل المهمّة في حياته وحياة أبنائه. لكنّها في المقابل ستكون أكثر حكمة في التعامل معه خلال سنوات طفولته مراهقته، وستوجّهه بوعي ومسؤوليّة أكبر إلى ما هو أنسب له وإلى ما سيدفعه للنجاح مستقبلاً.
ما رأيك؟
رنا (28 عاماً) موظّفة في مصرف: «لا يزعجني اقترابي من سنّ الثلاثين من دون زواج لأنّني استفدت بشكل كبير من وقتي حتى اليوم. لديّ عمل رائع أحبّه كثيراً ويرضي طموحي، استقللت مادياً عن أهلي وأبحث الآن عن الأمان العاطفي. أثق من أنّني سأجد الرجل المتفهّم الذي يحترم عملي ولا يمانع استمراري فيه ويرغب مثلي في الاستقرار وتكوين عائلة».
فدوى (31 عاماً) ناظرة في مدرسة: «لا أخاف من عدم الزواج، فأنا سعيدة بحياتي الحاليّة ولديّ الكثير من الأصدقاء وأنتظر الرجل المناسب. لو أردت الزواج لمجرّد الزواج والتواجد مع رجل، لفعلت ذلك منذ زمن بعيد، ولأدّى ذلك إلى طلاق سريع يخرّب حياتنا معاً، لذلك أنتظر نصيبي، وحين يأتي سأسعى بكل الطرق إلى أن نكون سعيدين».
رحاب (30 عاماً) مدرّبة في أحد النوادي الرياضيّة: «من يراني لا يصدّق أنّني بلغت الثلاثين، فالرياضة التي أمارسها تقيني من علامات التقدّم في السن، كما أحافظ على صحّة بشرتي وأناقتي وجمالي، ولا أفعل ذلك كي أرضي الناس بل إرضاءً لنفسي، فالشباب هو شباب القلب وحيويّة الروح، وأنا واثقة من أنّني سأجد الرجل الذي يفكّر مثل».
هند (33 عاماً) موظّفة في مركز أبحاث: «يزعجني ما يقوله البعض إنّ فرص الفتاة بالزواج تتقلّص بعد الثلاثين، وكأنّ الهدف من حياتنا هو الزواج وإذا لم يحصل فنحن في مأزق. هذا لا يعني أنّني لا أرغب في الزواج ولا أشعر بالخوف من البقاء وحيدة في المستقبل، بل يعني أنّ باستطاعتي أن أكون منتجة ومهمّة حتى لو بقيت من دون زوج. أنا مستعدّة اليوم للارتباط لأنّني أعرف ماذا أريد، ولم أكن كذلك حين كنت في العشرين، لقد اكتسبت نضوجاً ووعياً سيخولانني النجاح في العلاقة المستقبليّة التي أبحث عنها».