سمر معتوق-بيروت
هل سبق وشعرت بالغضب الشديد أو القلق ووجدت نفسك قد بدأت بتناول الطعام ولا تتذكّرين فعلاً لماذا أو كم من الوقت مضى على ذلك؟ ها أنت دخلت في عالم «الأكل العاطفي»، العائق الأبرز أمام خسارة الوزن!
عادة، تنتهي مرحلة الأكل العاطفي بعد دقائق قليلة، لكنّها قد ترافقك مدى الحياة وتؤدّي بك إلى عدم القدرة على السيطرة على مسألة تناول الطعام لفترات طويلة. بحسب اختصاصيي التغذية، فإنّ 75% من الأكل العاطفي تسبّبه المشاعر وحدها. فأنت إذاً لست الوحيدة!
غالباً ما يميل الأشخاص إلى تناول الطعام من أجل التغلّب على الضغط أو التخلّص ممّا يشغل بالهم. وهذه المسألة، كما ارتفاع الأنسولين الذي يرافقها، يمكن أن تؤدّي إلى زيادة الرغبة في استهلاك السكّر والأطعمة الغنيّة بالكربوهيدرات، ما يزيد الوزن مباشرة وبالتالي من الضغط. لذلك، من المهمّ تطوير مهارات جديدة في كيفيّة التعامل مع الضجر، تقدير الذات والضغط. حاولي معرفة الأسباب الرئيسيّة للضغط الذي تشعرين به أو العواطف المزعجة، لكي تتمكّني من التغلّب على هذه المشكلة.
ما هي «الكيلوغرامات العاطفية»؟
هي الكيلوغرامات المكتسبة التي تكون عادة أسبابها عاطفيّة حديثة أو محفورة في داخلنا، وتعود أحياناً إلى الطفولة. تلعب العواطف دوراً في جعلنا نأكل أكثر أو تمدّنا بالرغبة الشديدة لبعض أنواع الأطعمة، لا سيما الغنيّة بالسكر والدّهون. كما يمكن للعواطف أن تؤثّر في مستوى نشاطنا الجسدي، فتزيده أو تخفّضه وتؤدّي أيضاً إلى تخزين الدّهون من دون حتّى الإكثار من استهلاك الطعام.
الرغبات المتعلّقة بتناول الطعام لا تعني أبداً عدم توازن السلوك الغذائي وحتّى إنّها قد تساعد في التوازن النفسي. فنحن بحاجة أيضاً لأن نأكل كي نشعر بالراحة التي يزوّدنا بها الطعام. وهذه الحاجة ضروريّة للاستقرار العاطفي لكلّ شخص.
بالإضافة إلى ذلك، تخلق هذه الميول للأكل العاطفي رغبة فوريّة بتناول الأطعمة الغنيّة بالسعرات الحراريّة، حيث يجب تلبية هذه الرّغبة في الحال، كما لو لم نتناول الطعام منذ فترة طويلة وشعرنا فجأة بالجوع الشديد.
إنّ الأشخاص الذين يرغبون في خسارة الوزن لا يستمعون عادة إلى داخلهم. إنّ إدراك كيفيّة تحديد عواطفنا وترجمتها، مرحلة مهمّة في عدم تركها تتحكّم في وزننا. إليك بعض الخطوات التي تساعدك في تحديد ما يدفعك إلى تناول الطعام:
– دوّني أحاسيسك: في كلّ مرّة تتناولين فيها الطعام من دون الشعور بالجوع، دوّني الأحاسيس التي رافقتك (غضب، ملل، حزن، خيبة أمل…) بالإضافة إلى الساعة، نوع الطعام والكميّة المستهلكة. في المرحلة التالية، ابحثي عن مصدر هذا الإحساس، ربّما كان واضحاً أو خفيّاً. هذه الطريقة تجعلك تتعرّفين على أحاسيسك ومصدرها من أجل أن تتعاملي معها بطريقة أخرى بعيداً عن الطعام.
– استبقي مشاعرك السلبيّة: حاولي تجربة اختبار إحساسك من خلال تخيّل وضع معيّن وذلك من أجل أن تقومي بتحديد أفضل لهذا الإحساس ومعرفة كيفيّة التعامل معه عندما يظهر في الحقيقة. اسألي نفسك: بماذا أشعر؟ كيف يستجيب جسمي لذلك؟ ما هي الأمور التي ينتجها هذا الشعور؟
– استكشفي ذاتك: قومي بذلك كما لو كان أحد آخر يحقّق عنك. استعيدي الذكريات من خلال طرق عدّة: استمعي إلى أحلامك، استعيدي لحظات من طفولتك من خلال أغراض تذكّرك بها، اسألي أهلك، أصدقاء الطفولة. هذا التحقيق سوف يساعدك في فهم الروابط بين المشاعر واستهلاك الطعام.
تعاملي مع الأكل بذكاء
هل تشعرين برغبة قويّة في تناول طعام حلو أو غني بالدهون؟ تظهر هذه الرغبات عند البعض تقريباً بصورة يوميّة. والرغبة المفاجئة لأنواع الطعام الحلوة، وأحياناً «الطفوليّة»، تتعلّق عادة بحاجة عاطفيّة: نرغب في العزاء، الراحة، الهدوء… فلا نأكل لكي نشبع إحساس الجوع وإنّما للتخلّص من ألم ما. وهذه الرّغبات في الأكل العاطفي تؤدّي إلى زيادة في الوزن إذا كانت كثيرة وبكميّات كبيرة.
كما أنّه من الطبيعي أن نشعر أحياناً برغبة في تناول الأكل فقط لكي نشعر بحال أفضل. فمنذ الطفولة، يترافق تناول الطعام مع الحب الذي نحصل عليه. فإذا كنت تريدين أن تدلّلي أو تواسي نفسك بواسطة الطعام، إليك بعض النصائح لكي تقومي بذلك بذكاء:
– تناولي ما تشعرين حقاً بلذّته: تشعرين برغبة في تناول الطعام فتحاولين تلبيتها من خلال استهلاك ما هو جيّد «تغذوياً» مثل تفاحة أو لبن خال من الدسم. لكنّ هذه الرغبة لا تختفي بل على العكس هي تزيد لأنّ ما تناولته لم يشبع رغبتك الحقيقيّة، ما يدفعك إلى تناول كميّة أكثر منها وغالباً تناول ما يرضيك أكثر، أي سعرات حراريّة أكثر. قومي بعكس هذا: قبل أن تأكلي أي شيء، اسألي نفسك إذا كنت حقاً ترغبين في تناوله. ترغبين في أكل شيء لذيذ؟ تناوليه واستمتعي بطعمه وباللحظة من دون أن تشعري بأي ذنب.
– اشعري حقاً بما تتناولين: خصّصي الوقت الكافي لتناول الطعام الذي اشتهيته، بدلاً من مشاهدة التلفاز في الوقت نفسه. فكم من المؤسف أن تتناولي طعاماً لذيذاً وأنت شاردة الذهن من دون أن تستفيدي من اللحظة! هذه الطريقة سوف تساعدك على تقدير النوع الذي اخترت تناوله من دون الحاجة إلى زيادة الكميّة.
– حاربي الشعور بالذنب: يشكّل هذا الشعور غالباً العنصر السامّ في عمليّة تناول الطعام. فهو الذي يؤدّي بك إلى البدء بأكل الأطعمة قليلة السعرات الحراريّة والتي لا تشبع رغباتك، لا بل إلى الأكل مرّتين. كما أنّه يجعلك تأكلين وأنت تقومين بشيء آخر من أجل ألّا تدركي أنّك تأكلين. ترغبين في تناول الطعام؟ اعرفي كيف تمتّعين نفسك في أيّ وقت. تأكلين لكي تشعري بأنّك في حال أفضل؟ اسمحي لنفسك بهذا الشعور الجيّد وتناولي ما تريدين بذكاء وأكملي نهارك. لاحقاً، سوف تقلّ شهيّتك بلا شكّ وسوف تأكلين كميّات أقلّ من دون أي مجهود لذلك.
حاربي مشاعرك
ضغط، غضب أو فرح، هل تقودك عواطفك إلى الأكل ولا تستطيعين السيطرة عليها؟ أوّلاً، عليك أن تتعلّمي التمييز بين الجوع ورغبة الأكل العاطفي. فإذا كانت البداية عاطفيّة، توقّفي واسألي نفسك عن هذه الرغبة! فتناول الطعام من أجل السيطرة على المشاعر هو استراتيجيّة من أجل عدم مواجهة هذه المشاعر، وإدراك هذه المشاعر هو أمر ضروري للتعرّف عليها وتقبّلها.
تعلّمي كيف تحاربين هذه الرغبات المجنونة والتي تؤدّي إلى الإفراط في تناول الطعام:
– حاولي تحديد المشاعر والأحاسيس التي تدفعك إلى تناول الطعام.
– أزيلي من المنزل كلّ أصناف الطعام التي لا يمكنك مقاومتها.
– اخرجي وسيري في الطبيعة أو قومي برياضة ما لأنّها تزيل عنك الضغط.
– قومي بتمارين التنفّس العميق والاسترخاء.
– أبقي دائماً هدفك أمام عينيك.
– تكلّمي مع صديقة لك.
– أحيطي نفسك بكلّ ما هو إيجابي لا سيما الأشخاص.
كيف تأكلين في مرحلة عدم الاستقرار؟
يمكن لكلّ إحساس سلبيّ أن يفجّر رغبات في تناول الطعام، فتنقضّين على الشوكولا عند أوّل اضطراب أو غضب. كثيرة هي اللحظات التي نتعرّض لها للإفراط في تناول الطعام وبالتالي كسب الوزن. كيف يمكنك أن تأكلي بصورة صحيحة؟
تبدأ عمليّة استهلاك الطعام الصحيحة من خلال البدء بعدم اتّباع الحميات وتعلّم الاستماع إلى جسمنا، أي أن نأكل ما يمكن أن نتلذّذ به، ما نرغب فيه، أن نأكل عندما نشعر بالجوع، ألّا نأكل بعد الشعور بالشبع وأن نتوقّف عندما نشعر بالشبع. لكن، تصطدم هذه الطريقة في التعامل مع الطعام برغبات الأكل العاطفي، وهي رغبات لا يطلقها الشعور بالشبع وإنّما العواطف والأحاسيس. كيف يمكنك أن تأكلي في ظل هذه الظروف؟ أوّلاً، عليك أن تتعلّمي كيفيّة التعامل مع مشاعرك بعيداً عن الطعام والاستماع إلى الأحاسيس المتعلّقة بالطعام.
يتعرّف الجسم جيداً إلى كيفيّة التعامل مع الغذاء الذي يدخله من دون الشعور بالجوع، ولهذا من غير الضروري أن تستائي إذا لم يكن بإمكانك مقاومة الأكل من دون جوع أو بعد الشعور بالشبع. فلا يمكنك القيام بالتوازن في يوم واحد، وخلال الأيام القادمة، سوف تشعرين بشعور أخفّ بالجوع وتأكلين كميّة أقل. لكنّ هذا الاعتدال في الغذاء لا يمكن أن يحصل إذا كانت رغباتك في الأكل العاطفي متكرّرة. فإذا كانت تشكّل طريقتك المعتادة في استهلاك الطعام، لا بدّ لك أن تعالجي اضطراباتك العاطفيّة قبل تعلّم العادات الغذائيّة الصحيحة.
المفتاح إذاً هو الثقة بأحاسيس الجوع والشبع والاستماع إليها في كلّ الأوقات. إنما يعاني أشخاص كثيرون من صعوبة في التعرّف على الأحاسيس «الغذائيّة» لا سيما بعد اتّباع الحميات الكثيرة وسنوات من الحرمان. لكن يمكنهم أن يتعلّموا من جديد الانتباه إلى الإشارات التي يبعثها الجسم في ما يتعلّق بتناول الطعام.
تعرّفي إلى الفرق:
– تظهر الرغبة في الأكل العاطفي فجأة بينما الإحساس بالجوع يتطوّر تدريجياً.
– حتّى لو شعرت بالشبع، يجعلك شعور أو إحساس ما تستمرّين في الأكل.
– إذا كنت تشعرين بالجوع، يمكن لأي صنف من الطعام أن يملأ معدتك، بينما إذا كنت ترغبين في المثلّجات أو الشوكولا، فأنت بلا شك تحاولين تغذية عواطفك.
– إذا كنت ترغبين في تناول الطعام الآن وفي هذه اللحظة، فهذا هو الأكل العاطفي. ولكن يمكن للجوع الحقيقي أن ينتظر.
– تشعرين بالذنب بعد الأكل العاطفي وليس بعد تلبية شعور الجوع.