لأنّ العيش في المجتمع يضعنا في احتكاك دائم مع الآخرين، فإنّنا بحاجة دائمة إلى إقامة حوارات ناجحة وهادفة تبرز مدى فهمنا ووعينا وتربيتنا، تعكس خبراتنا وأفكارنا وشخصيّتنا، وتترك بالتالي انطباعاً لدى الآخرين ربما يكون جيداً أو سيّئاً.
فهل تؤمنين بأهميّة الحوار في تحسين علاقاتك الاجتماعيّة والمهنيّة والعائليّة؟ ما هي أسس الحوار الناجح، وما هي بالتالي مفسدات الحوار ومنغّصاته؟
فنّ الإقناع:
عادة ما يكون الصمت أسهل من الكلام، فهو يحمينا من الكشف عن مخاوفنا ومشاعرنا الدفينة، في حين يمكن للكلام أن يجعلنا نكشف عن أكثر مما نريد، فنحس بأنّنا ضعفاء وعرضة للنقد والتجريح، لا سيما إذا لم نمتلك فنّ الحوار أو الإقناع، لذلك من الضروري قبل الدخول في حوار امتلاك معرفة كاملة عن موضوعه والتفكير بالكلام الذي سيصدر عنّا لأنّه يمكن أن يكون سيفاً ذا حدّين، فهو سيخدمنا ويعزّز موقفنا في حال أتى في محلّه، وهو أيضاً قادر على التسبّب بإحراجنا وإضعاف حجّتنا في حال خرج عن سياقه.
معنى النجاح:
النجاح في الحوار لا يعني بالضرورة أن نفوز به أو أن نسجّل موقفاً على حساب أشخاص مقرّبين منّا أو حتى غرباء عنّا، بل يعني أن نبدي تعاوناً ونكون حضاريين ومتفهّمين حين لا نصل إلى النتيجة التي نريدها، فهناك دائماً طرق أخرى لتحقيق مآربنا، كما أنّ الكثير من الأمور الماديّة يمكن تعويضها ولكن خسارة ثقة أناس يعيشون معنا ونصادفهم دائماً في حياتنا اليوميّة، هو ما لا يمكن تعويضه.
أسس الحوار الناجح:
1- الدخول في حوار وأنت في حالة صفاء ذهني، أي أن تكوني هادئة وغير منفعلة، حتى يشعر الآخر بثقتك ويقتنع بما تريدين إيصاله.
2- قول جمل قصيرة ومترابطة، فالعبارات الطويلة يمكن أن تجعلك تتلعثمين أو تخطئين، وهذا الأمر يؤثّر سلباً على ترابط أفكارك.
3- الاستماع جيداً إلى ما يقوله الآخر ومحاولة فهم دوافعه، لأنّ ردّك عليه يجب أن يكون منطقياً ومحكماً. من جهة ثانية، يمكن لكلامه أن يقنعك برأيه. فليس من المعيب أن تتنبّهي إلى خطأك وتغيّري رأيك، بل المعيب هو التشبّص بالرأي الخاطئ.
4- الحوار الناجح يحاكي العقل ولا يحاكي الغرائز. ليكن الكلام محترماً، فلا يصل إلى حد الإهانات والابتذال والتجريح.
5- عدم الوصول إلى نتيجة لا يعني انتهاء العلاقة مع الطرف الثاني، فإنّ اختلافكما حول أمر ما لا يعني أنّكما مختلفان في كلّ الأمور الأخرى.
منغّصات الحوار:
1- بدء الحوار بمشاعر سلبيّة وبقناعة أنّك لن تصلي إلى نتيجة، هذا الأمر سينعكس عليك وسينهي أي فرصة لنجاح النقاش.
2- اعتماد أسلوب مستفز، كأن تعرفي نقاط ضعف الآخر وتستغلّيها ضدّه. هذا الأمر سيجعلك تفوزين موقّتاً ولكنّك ستفقدين احترامه مستقبلاً.
3- الحوار يجب أن يتم في بيئة هادئة بعيداً عن الضجيج ومن دون تدخّل أشخاص غير معنيين مباشرة بالموضوع. من المفضّل إبعاد الهاتف وإطفاء التلفزيون، حتى يكون تركيز أطراف الحوار منصبّاً على النقاش.