أخبار

الزواج عن بعد علاقة مع وقف التنفيذ

أكتوبر 15, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

دينا زين الدين-بيروت
«في المطار نلتقي وفيه نتودّع. فيه نتلو عهود الحب والوفاء وفيه يتآكلنا الشوق للّقاء من جديد وفيه تكتسينا دموع الفراق… المطار هو الشاهد الوحيد على صعوبة علاقتنا». بهذه الكلمات توصف سوزان (32 عاماً) علاقتها بزوجها الذي يعمل في الكويت منذ 6 سنوات ولم يستطع بعد ثلاث سنوات من زواجهما أن يؤمّن لها الأوراق اللازمة لكي تلحق به.

مرّة عزباء ومرّة متزوّجة
تسكن السيدة سوزان حالياً في منزل والديها مع ابنها الذي يكمل عامه الأول خلال أيام، وتنتظر أن يعود زوجها في الإجازات لكي يعيشا ما يشبه الحياة الزوجيّة. تقول: «حبّي الكبير له هو ما يجعلني أصبر ولكنّني ضقت ذرعاً من هذا الوضع. أعيش عالمين، في الأول أنا عزباء أعيش مع أهلي ولكنّني مع طفل، وفي الثاني أنا متزوّجة وسعيدة. حين أشعر بالاستقرار في عالم منهما، يحصل التغيير وأنتقل إلى وضعي الآخر. ما زلت صابرة ولكنّني لا أضمن ألا أنهار قريباً». حالة تختصر آلاف الحالات في معظم الدول العربيّة، فظروف المعيشة الصعبة تدفع الزوج أحياناً إلى الهجرة وترك شريكة حياته، فما هي تبعات العلاقة عن بعد، وكيف يمكن للخطيبين أو الزوجين النجاح فيها؟
تتطلّب العلاقة الطبيعيّة بين شخصين ينويان الارتباط تواجدهما معاً، ما يعني أنّ العلاقة عن بعد ليست طبيعيّة بالمفهوم التقليدي، لكن يمكن العبور بها إلى برّ الأمان إذا اتّفق طرفاها على بعض الأمور. وهذا ما حصل مع بسمة (26 عاماً) التي تزوّجت منذ عامين واتّفقت مع زوجها الذي يعمل في السعوديّة أن يؤجّلا موضوع الإنجاب خمس سنوات وهي المدة التي سيغيبها في المهجر كي يعود بمبلغ يخوّله إقامة مشروع تجاري، لكنّ الخطة لم تجرِ على خير ما يرام.

لمن الانتماء؟
تقول الشابة العشرينيّة: «ينقصني الشعور بالانتماء إلى هذا الرجل، صحيح أنّنا نتحدّث يومياً ونتراسل عبر رسائل SMS وأتمكّن من رؤيته من خلال Skype، لكنّني أفتقد حضوره وضحكته ومعالم وجهه، أشعر بأنّني منفصلة عنه وأحاول ألا أنقل إليه شعوري ولكنّه يصله وهذا ما يزعجني أكثر، فأنا أعرف أنّه في الغربة من أجلنا ولكي يضمن مستقبلنا ولكنّني لا أستطيع كبت رغباتي النفسيّة والجسديّة، ما يزيدني عصبيّة وتوتّراً».
في هذا الإطار، تقول الاختصاصيّة في علم النفس نور حرب: «يعزّز بعد المسافة من شعور طرفي العلاقة بأنّهما يفقدان ما كان يجمعهما، لذلك يجب تكثيف الاتصالات اليوميّة والتحدّث في كل ما يخطر على بالهما، فإذا شعرت الزوجة بالشوق يجب أن تصارح زوجها بمشاعرها وأن وتبكي أمامه إذا رغبت في ذلك، وهو أيضاً عليه أن يشاركها في ما يحصل معه خلال نهاره ويطلعها على كيفيّة تمضية وقته وعلى المشاكل التي تواجهه».

الشجار عن بعد
تضيف الاختصاصيّة: «من المفيد أيضاً أن يتشاجرا وأن يحصل اختلاف في وجهات النظر، لأنّ الخلافات مطلوبة أحياناً لكي يعود الزخم والشوق إلى العلاقة ولا يصاب طرفاها بالملل».
تشير الاختصاصيّة إلى أنّ البعد الجسدي بين الزوجين يكون مفيداً أحياناً، إلى درجة أنّ آلاف الأزواج في بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبيّة يلجأون إليه لكي تستمر حياتهم الزوجيّة، وهرباً من القيود التي يفرضها تواجد الزوجين الدائم معاً وإمكانيّة حجز أحدهما لحريّة الآخر. السيدة سمر (43 عاماً) من النساء اللواتي تأقلمن مع فكرة الزواج عن بعد، وهي تعيش حياة سعيدة مع زوجها الذي يعمل في إحدى الدول الأفريقيّة ويأتي مرة كل ستة أشهر لرؤية عائلته. تقول: «حاولت العيش معه ولكنّني لم أستطع التأقلم مع الحياة في الغربة، فعدت بعد ستة أشهر إلى بلدي».

مساعدة الأهل مطلوبة
تضيف السيدة الأربعينيّة: «في البداية، كان الوضع صعباً ولكنّنا استطعنا الاستمرار، وجدت صعوبة في تربية الأولاد ولكنّ أهلي ساعدوني. كما أنّ قدوم زوجي مرتين في العام كان أمراً جيداً، فهو استطاع فرض سلطته على أولادنا ومدّهم بحنانه ودعمه حين احتاجوا إليه. أحسّ الآن بأنّني لا أستطيع عيش حياة زوجيّة طبيعيّة، فحين يطول بقاء زوجي معنا في الإجازة أشعر بأنّني مقيّدة. أحبّ شوقي الدائم إليه ومتعة اللقاء بعد غياب، كما أستمتع بحريّة اتخاذ القرارات في بيتي وتحديد المصاريف. زوجي يخطّط للعودة نهائياً بعد عام وأظن أنّ التأقلم من جديد سيكون صعباً علينا معاً ولكنّني متحمّسة لبدء ما أعتبره حياة جديدة».

التأقلم طبيعة إنسانيّة
يمتلك الإنسان القدرة على التأقلم وتسخير ظروفه حتى يصل إلى السعادة، ما يحتاج إليه هو قرار بأنّه يريد النجاح وحينها سينجح. من جهة ثانية، يمكن لزوجين أن يعيشا معاً تحت سقف واحد وعلى الرغم من ذلك يشعران بالغربة والبعد. وفي المقابل، هناك حالات أخرى لأزواج تفصل بينهما قارات ومحيطات ولكنّهما قادران على الإحساس ببعضهما البعض وعيش حياة سعيدة وسليمة وصحيّة من الناحيتين النفسيّة والجسديّة. من هذا المنطلق، تجد الاختصاصيّة النفسيّة نور حرب أنّ إنجاح الزواج عن بعد يتطلّب رغبة كبيرة لدى الزوجين في الاستمرار وإرادة لتسخير العقبات وبعض التضحيات من قِبل الطرفين. ولهذه الغاية نقدّم لك سيدتي بعض النصائح.

في غياب الزوج
تحدّثي معه يومياً عبر الهاتف أو Skype لفترة لا تقل عن ربع ساعة، وأخبريه بالتفصيل عمّا حصل معك ومع الأولاد، استمعي جيداً إلى حديثه وتفاعلي معه وزوري أهله وأقاربه وانقلي إليه أخبارهم وضاعفي الاهتمام بوالدته.

لدى عودته
استقبليه في المطار بباقة ورد كبيرة وارتدي ثياباً يحبّ أن يراها عليك واختاري ألواناً مفرحة وفاتحة. تعطّري بالعطر الذي يفضّله ولا تقومي بتغيير كبير في شكلك بل انتقي الإطلالة التي يحبّها. من الأفضل أن تتركي الأولاد في منزل والديك وأن تذهبا معاً ليومين أو ثلاثة إلى منطقة جبليّة هادئة.

خلال فترة تواجده معك
حاولي أن تكون فترة إقامته معك مريحة وسعيدة، كوني إيجابيّة وحدّثيه عن خططك للمرحلة المقبلة واستمعي إلى أخباره. خطّطي لأيام إجازته وخصّصي وقتاً تكونان فيه بمفردكما، ووقتاً يجمعكما مع الأولاد، ووقتاً يجمعه مع الأولاد من دونك، وآخر يقضيه مع أهله وأهلك وأصدقائكما، ووقتاً يقضيه مع أصدقائه بمفرده. تذكّري أنّه يعيش في الغربة ويعاني مثلك وربما أكثر، فكّري بما يسعدكما ويريحكما في فترة إجازته، ودعيه يشعر بأنّه ما زال صاحب القرارات حتى لو كنت أنتِ في واقع الأمر المسؤولة عن شؤون البيت وتصريف أمور الأولاد.

لدى وداعه
حاولي ألا تبدي متوتّرة أو حزينة يوم وداعه، بل ساعديه في تحضير حقيبته ونظّمي أغراضه وأوراقه. من المفيد أن تقضيا هذا اليوم بمفردكما على أن يودّع الأولاد والأسرة قبل ذهابه إلى المطار وعلى أن توصليه بنفسك. لا تدعيه يرى دموعك حين تودعيه، بل ابتسمي وأكّدي له أنّ كل شيء سيكون على ما يرام وأنّ الوقت سيمضي سريعاً وستجتمعان من جديد.

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية