كريستيل زيادة-بيروت
يصعب على الأم الاعتراف بتحيّزها لأحد أطفالها، إنّما هذه الظاهرة الصامتة موجودة وبكثرة في ملايين الأسر حول العالم وقد تؤثّر سلباً على نفسيّة الأطفال وعلاقتهم مع أهلهم وإخوتهم في حال لم تتمّ السيطرة عليها.
يقول الاختصاصيّون إنّ الأطفال يكبرون وينمون بطرق مختلفة، فيشهد الوالدان ولا سيّما الأم على هذا الاختلاف الواضح بين أولادها. وقد تدفع الطبيعة البشريّة ببعض الأمهات إلى تفضيل شخصيّة طفل على أخرى، أو الانحياز إلى شكل الطفل الخارجي وإظهار تفضيلها له على إخوته. ومن الممكن أحياناً أن تجد الأم قاسماً مشتركاً بين شخصيّتها وشخصيّة ابنتها لذا تشعر بأنّها تشبهها إلى حدّ كبير، فتتقرّب منها وتظهر اهتمامها بها أكثر من بقيّة الأطفال. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأب الذي قد يجد في ابنه البكر على سبيل المثال صفات تذكّره بطفولته فيحنّ إلى تلك اللحظات ويفضّل هذا الابن على بقيّة الأطفال.
نعرّفك في ما يلي على أهمّ الإشارات المبطّنة التي تدلّ بوضوح على تفضيلك طفل من أطفالك على غيره حتى وإن كنت تنكرين الأمر، كما نمدّك بأهمّ النصائح التي يجب أن تتّبعيها كي لا تشعري أطفالك الآخرين بذلك الفرق.
المحبّة لا تقاس… الغيرة ممنوعة
حين يُرزق الزوجان بطفلهما الأوّل، يصبان كلّ اهتماماتهما عليه فيحظى بطبيعة الحال بأكبر قسط من الرعاية كونها تجربة جديدة عليهما. ولدى مجيء الطفل الثاني، يشعر الطفل البكر بالغيرة والإهمال فيسأل أمّه إن كانت لا تزال تحبّه كالسابق.
في حال مررت بهذا المرحلة، عليك أن تشرحي له بأنّ محبّة الأم لا تُقاس، فبدلاً من إجابته على سؤال «كم تحبّينني»، عليك أن تفكّري في إجابة لـ«كيف تحبّينني»، ويتعيّن عليك أن تفسّري له أنّ
الأم تحبّ أطفالها بالتساوي لكن بطريقة مختلفة.
من الضروري أن تدركي كيفيّة التعامل مع الأمور إذا خرجت عن حدودها الطبيعيّة كي تتفادي وقوع بعض المشاكل. لا تقارني أبداً بين أطفالك، ولا تنعتي أيّاً منهما بـ«الأذكى»، أو «الأقوى»، أو «الأجمل»، لأنّ هذا الوصف كفيل بزيادة التشنّجات بينهم، وقد يدفعهم إلى التنافس بطرق نزاعيّة للفت اهتمامك وانتزاع من أشقّائهم الصفات التي أعطيتها لهم. فالغيرة بين أطفالك قد تشنّج الأجواء وتعزّز الشجار بينهم.
إشارات واضحة
إن لمستِ غيرة واضحة بين أبنائك وفي حال انهال أحدهم عليك بالاتّهامات التي يؤكد لك من خلالها أنّك تحبّين أشقاءه أكثر منه، عليك إذاً مراجعة تصرّفاتك كي تكتشفي ما إن كنت تنحازين لأحد أبنائك. من أبرز الإشارات التي تؤكّد على الأمر:
– مكافأة أحد أطفالك بطريقة مميّزة أكثر من غيره رغم أنّهم قاموا بالإنجاز نفسه.
– معاقبة أطفالك الآخرين على أفعالهم، ومسامحة أفعال طفلك «المفضّل».
– تركيز اهتمامك على طفلك المفضّل والتحدّث عنه أمام أصدقائك وأفراد الأسرة.
هل ستحبّين طفلك الثاني بالطريقة نفسها؟
«محبّة الأم لأطفالها لا تعرف حدوداً وهي لا تنقسم بل تتضاعف». لا شكّ أنّك سمعت هذه العبارة أكثر من مرّة وتسترجعينها في كلّ مرّة تشعرين فيها بعقدة الذنب حين تفضّلين أحد أطفالك على غيره.
نستعرض في ما يلي بعض الأسئلة التي قد تطرحينها على نفسك ولا تجدين الإجابة عليها:
– لمَ تنتاب الأم بعض المخاوف من عدم امتلاك المشاعر نفسها للطفل الثاني؟
أثناء الحمل بالطفل الثاني، قد تلاحظين أنّك لا تختبرين الأحاسيس نفسها التي مررت بها خلال حملك بطفلك الأوّل، فتظنّين أنّ حبّك للطفل الثاني أقلّ درجة من حبّك للبكر، وتشعرين بالقلق ولا يفارقك الإحساس بالذنب. يجب أن تعلمي في هذه المرحلة أنّ هذا الإحساس طبيعي وهو لا يعني أنّك لن تحبّي طفلك الثاني، بل ما يختلف هو مجيئه في ظل وجود طفل آخر، فيتضاعف حبّك وحنانك للاثنين وبالدرجة نفسها.
– هل يختلف تعلّق الأم بين طفل وآخر؟
إنّه «تعلّق» وليس «حباً»، فقد تميل الأم إلى التعلّق بأحد أطفالها بسبب بعض السمات المحدّدة التي تميّزه عن أشّقائه، لكنّ هذا لا يعني أبداً أنّها تحبّ طفلاً أكثر من غيره.
– هل من الطبيعي أن تشعر الأم بالذنب حين تفضّل طفلاً من أطفالها على غيره؟
قد يظهر الإحساس بالذنب لدى الأم حين تشعر بأنّها تحبّ تمضية الوقت مع طفل أكثر من غيره أو حين تشعر بأنّها تحبّ أطفالها بطريقة مختلفة. لكن يجب على كلّ امرأة تختبر الشعور بالذنب أن تعلم أنّ المحبّة بطريقة مختلفة لا تعني أبداً أنّها تحبّ طفلاً أقلّ من غيره. يجب عليها فقط أن تنتبه إلى عدم التمييز بين طفل وآخر كي لا يصبح أحدهم «الطفل المدلّل» بين أشقائه، فتنشب عندئذ الخلافات. من الضروري ألا يشكّل أيّ طفل من أطفالك محور اهتمامك الوحيد.
من تحبين أكثر انا أم شقيقي؟
ما أصعب أن يضعك طفلك في هذا الموقف الذي يخيّرك فيه بينه وبين شقيقه أو شقيقته. فبمجرّد طرح السؤال عليك، يعني أنّه شعر بنقص في مكان معيّن، ولاحظ أنّك تميّزين شقيقه عنه. في هذه الحالة، عليك أن تفسّري له أنّ كلّ طفل فريد بشخصه ويتمتّع بشخصيّة استثنائيّة تميّزه، كما عليك أن تغيّري طريقة تعاملك معه وتقيمي توازناً بين مشاعرك وألا تفرّقي أبداً بين أطفالك لتجنّب المشاكل النفسيّة والاجتماعيّة.















