صحة ورشاقة

جوع أم ملل؟ حدّدي قبل فوات الأوان

نوفمبر 29, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

تمضين وقتك في المنزل، تهرعين إلى الثلاجة من دون تخطيط مسبق، تحضرين وجبة خفيفة أو قليلاً من المكسّرات، لتتذكّري فجأة أنّه لم تمر أكثر من ساعتين على وجبة الغداء ومع مور الأيام يبدأ وزنك بالازدياد، فما الذي يحصل؟ وهل يمكن أن تكوني قد جعت بهذه الفترة القياسيّة؟

هل من جوع عاطفي؟
نعلم جميعاً أنّ الجوع هو الدافع الذي يحرّكنا ويحثّنا على تناول الطعام، لكن أحياناً كثيرة تكون الأسباب النفسيّة الدافع الأبرز لتناول الطعام بكميات كبيرة تليها نوبات تأنيب الضمير. من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالجوع، فهذه هي طبيعتنا البيولوجيّة، إلا أنّ الواقع اليومي يشير إلى وجود ثغرة في نظامنا الغذائي. تختلف التسميات حول هذه العادة، إلا أنّها تصب كلها في الخانة النفسيّة والتي يُطلق عليها الخبراء اسم «الجوع العاطفي»، أي بخلاف الجوع المنطقي. فكثيرة هي المواقف اليوميّة التي تدفعنا إلى التوجّه إلى المطبخ أو تناول المأكولات على مختلف أنواعها من دون أن نشعر حتى بالجوع، إنما ثمة سبب أقوى يجعلنا نأكل من دون توقّف. فكيف تميّزين بين الجوع الطبيعي والجوع العاطفي؟
ليس عليك أن تقلقي، إذ يكفي أن تراقبي نفسك والأعراض أو العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كنت تشعرين بالجوع حقيقة أو أنّك في حالة نفسيّة سيّئة.

ممَ نعاني تحديداً؟
يرى الخبراء أنّ غالبيّة حالات الإفراط الغذائي تعود إلى التناول العاطفي للطعام. لكن لماذا نلجأ إلى الطعام رغم عدم وصولنا إلى حالة الجوع؟ مما لا شك فيه أنّ الجوع هو شعور بيولوجي وليس عاطفياً، فهناك فرق شائع بين هذين النوعين. المتعارف عليه أنّ من أهم علامات الجوع الطبيعي هي الشعور بخلو المعدة، التعب، فقدان الطاقة، وعدم القدرة على التركيز. في حين يرتبط الجوع العاطفي بحالات نفسيّة عدّة كالملل، الحزن أو الاكتئاب، فيحاول جسدك أن يرفّه عن نفسه ببعض المتعة، والمتعة البيولوجيّة الأسهل إشباعاً هي الطعام. وكأنّ الأمر رشوة للجسد أو تعويضاً عما يمر به بسبب حالتك النفسيّة والضغوط الملقاة على عاتقك وليس بسبب حاجة جسمك العضويّة إلى الغذاء. وغالباً ما ترافق الجوع العاطفي حالة من تأنيب الضمير، لذلك عليك أن تتأكدي هل تأكلين لملء معدتك أم لملء فراغ نفسي ؟ من المهم أن تسألي نفسك هذا السؤال قبل أن تأكلي أي شيء، إذ سيكشف لك الجواب حالتك النفسيّة في تلك اللحظة، فإما أن تكوني جائعة فعلاً أو أنّك تشعرين بالملل.
إذا بدأت تأكلين فور شعورك بالحزن أو التوتر أو الفرح أو القلق وغيرها من المشاعر، فاعلمي أنّك تمارسين الأكل العاطفي. لا يكفي أن تعرفي أنّ الجوع الطبيعي يحدث تدريجياً وأنّك تشعرين بالشبع والرضى بعد تناول الطعام. أما الجوع العاطفي، فهو جوع مُفاجئ ولا تشعرين بالشبع. وهذا ما يُفسر تسميته، فهو مرتبط بالانفعالات النفسيّة.
ولتكوني متأكدة أكثر، عليك أن تسألي نفسك هذه الأسئلة: هل أتناول كميّة من الطعام أكثر من حاجتي وطاقتي؟ متى أتناول الطعام وهل ثمة أوقات غير اعتياديّة عند الأكل؟ هل أشعر بفقدان السيطرة تجاه الطعام وعدم القدرة على التوقّف؟ هل زاد وزني في الفترة الأخيرة ؟ هل أشعر بتأنيب الضمير بعد الإفراط في الطعام؟ هل أتناول الكميّة نفسها من الطعام إذا كنت مشغولة أو أمضي نهاية الأسبوع مع الأصدقاء.
هذه الأسئلة لا تساعدك على تحديد الجوع العاطفي وحسب، بل تساعدك على التخلّص منه لأنّك ستبدئين بمراقبة نفسك تلقائياً ووضع حد لبعض العادات السيّئة.

لا تهربي إلى الطعام
تؤكد دراسات علم النفس أنّ الجوع العاطفي مسؤول عن مظاهر الرغبة في تناول الطعام، إذ يتحوّل هذا الأخير إلى وسيلة للهروب من المشاكل اليوميّة والحياتيّة، ويصبح المتنفّس الأسهل لإفراغ المشاعر المكبوتة، إذ يعتبر علم النفس أنّ الشخص الذي يلجأ إلى الطعام للهروب من ضغوط الحياة ومشاكله هو إنسان عاجز عن مواجهة المواقف التي يتعرّض لها. كما أنّه يعتبر نفسه ضحيّة أمام كل ما يجري، فيستجيب لرغباته من دون مقاومتها من خلال التهام الطعام بشراهة ومن دون تفكير.
لكنّ علم النفس يشير أيضاً إلى حقيقة أخرى تقول إنّ عادة الأكل مرتبطة بمرحلة الطفولة، وهي قابلة للتطوّر في حال عزّزت الوالدة هذه العادة في طفلها من دون أن تدرك ذلك. فعندما لا تميّز الأم بكاء طفلها، تجد في الطعام وسيلة لتخفيف نوبات بكائه وبالتالي تصبح مشاعره الانفعاليّة مرتبطة بشكل وثيق بالطعام. فبرأي علماء النفس، من أهم الأسباب المؤدية للأكل العاطفي تكمن أيضاً بالثقافة السائدة في المجتمع، فقد تعلمنا منذ الصغر أنّ تناول الطعام يؤدي إلى الراحة النفسيّة، فعندما يغضب الطفل أو ينفعل نحاول تهدئته بقطع الشوكولا والحلوى، وهي الأطعمة التي نلجأ إليها ونحن كبار عندما نتعرّض لمواقف انفعاليّة.

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية