أخبار

لا للزواج هرباً من المسؤولية

أكتوبر 31, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

دينا زين الدين- بيروت
تتزايد أعداد المضربين عن الزواج في العالم، فالعزوبيّة لم تعد وضعاً اجتماعياً مكروهاً بالنسبة إلى شابات وشبّان كثيرين، بل صارت خياراً اقتنعوا به وارتاحوا له. اعتبارات كثيرة طرأت على الحياة الاجتماعيّة المعاصرة، دفعت المئات إلى حمل شعار «لا للزواج» أو على الأقل تأجيل هذا المشروع لحين الاقتناع التام. فماذا يقول هؤلاء عن خيارهم، وما هي المخاطر المترتّبة عنه؟

إغراءات الاستقلال المادي
حتى وقت غير بعيد، كانت فكرة الفتاة عن المستقبل الوردي والسعيد تتمحور حول منزل صغير وجميل تزيّنه على ذوقها، زوج ميسور الحال تحبّه وتحترمه، وأولاد يملؤون عالمها فتنشغل بتربيتهم والاهتمام بشؤونهم. أمّا اليوم، وبعد أن تسنّى لها إكمال تعليمها والحصول على عمل في المجال الذي اختارته، استقلّت مادياً وبات لديها مدخولها الخاص الذي يخوّلها أن تعتمد على نفسها، فلا تشعر بالحاجة إلى الأب أو الأخ أو حتى الزوج. ساهمت هذه الاستقلاليّة في تغيير النظرة إلى الزواج، فالصبيّة لم تعد مستعدّة للتخلّي عن الحياة المريحة التي تعيشها إلا إذا كان البديل لا يقاوم.

لا للتسرّع
في هذا الإطار، تقول نسرين (27 عاماً) وهي تعمل في شركة سياحيّة منذ ثلاث سنوات: «الزواج ليس مشروعاً سهلاً في أيامنا هذه، فمن الصعب إيجاد شاب قادر على تحمّل نفقات الارتباط المرتفعة ابتداء من الشقة فالمهر، ناهيك عن تكاليف الحياة وتأمين معيشة مناسبة للأطفال، كما أنّني لن أتخلّى عن الراحة والرفاهية التي أعيشها كي أدخل في زيجة متسرّعة يمكن أن أخرج منها بعد فترة وأنا أحمل لقب مطلّقة». وتكمل الصبيّة شرح وجهة نظرها: «أستطيع السفر والاستمتاع مع صديقاتي وشراء كل ما أرغب فيه من دون الاتّكال على مصروف الأهل أو الزوج، فلماذا أرغب في تغيير هذا الواقع، عدا عن أنّني أخاف من مسؤوليات الزواج وإنجاب الأولاد».

مسؤوليات الرجل
هذه المسؤوليات التي كانت في الماضي تقع على عاتق الرجل أكثر من المرأة، صارت اليوم مقسّمة بين الاثنين، فالعديد من الرجال يبحثون عن الزوجة العاملة لكي تساعدهم في المصاريف، وهذا ما ترفضه فتيات كثيرات ومنهنّ فدى (31 عاماً). تقول: «ما الذي يجبرني على الزواج والخروج من منزل أهلي الذي أعيش فيه معزّزة ومكرّمة؟ هل لمجرّد أن أحمل لقب متزوّجة؟ لا شكراً». وتكمل: «معظم من يتقدّمون للزواج منّي يرغبون في أن أستمر في العمل لكي أساعدهم، وأنا أرغب عندما أتزوّج في أن أتفرّغ لتكوين أسرة كي لا أقصّر بحق زوجي وأولادي. لذلك، ولحين إيجاد الرجل القادر على تأمين حياة مناسبة لي سأستمرّ في إضرابي عن الزواج».
يواجه الرجل ضغوطاً حياتيّة لا تقلّ أهميّة عن تلك التي تواجهها المرأة، تجعله يهرب من فكرة الزواج. يقول وليد (35 عاماً): «يحسدني أصدقائي المتزوّجون على عزوبيّتي، فمعظمهم لا يزال يسدّد الديون التي تراكمت عليه إثر شراء منزل الزوجيّة وتكاليف حفل الزفاف وشهر العسل. أمّا أنا، فسعيد بالراتب الذي أحصل عليه لأنّني أصرفه على متعتي الخاصة. ولا يشاركني به أحد».

زواج بشروط
يضيف وليد: «الزواج بعيد عن أولوياتي حالياً، يمكن أن أفكّر فيه بعد أن أبلغ الأربعين، وهكذا أكون قد ادّخرت مبلغاً محترماً يمكّنني من الزواج وتكوين عائلة، لكن إذا أحسست بأنّني لن أرضي احتياجات الفتاة التي سأرتبط بها، فسأبقى عازباً».
يخشى العديد من الشبّان التفكير بالزواج لظنّهم أنّهم سيتعرّضون للرفض في حال تقدّموا بطلب يد إحدى الفتيات لأنّهم غير قادرين على تأمين ما يطلبه أهلها، لذلك نلاحظ في مجتمعاتنا تأخّر سنّ الزواج وازدياد نسبة العنوسة وإعراض الرجال والنساء عن الارتباط. في هذا السياق، تقول شهد ( 28 عاماً)، مديرة تسويق: «وأين الرجال حتى نفكّر بالزواج وتأسيس عائلة؟ الكثير من الشبّان يسافرون للعمل في الخارج بسبب الظروف المعيشيّة الصعبة، وعدد كبير منهم ينتظر والدته أن تختار له عروساً صغيرة في السن، بالكاد أنهت دراستها الجامعيّة حتى يتزوّجها ويشعر بأنّه يسيطر عليها».

خوف على السلطة الذكوريّة
تكمل: «الشاب الشرقي يخشى الارتباط بالفتاة العاملة والناجحة، ويشعر بأنّها تهدّد سلطته الذكوريّة إذ يمكن أن تكون أكثر نجاحاً وبروزاً في مجتمعه، لذلك يضع الحجج بأنّها ستطلب مهراً كبيراً وستبالغ في حفل زفافها وفي مصاريفها بعد الزواج. لهذه الأسباب سأبقي تركيزي على مهنتي حتى أجد الرجل الواعي والداعم لطموحي».

لماذا عليك التفكير مرتين قبل اتخاذ قرار الامتناع عن الزواج؟

1 لا تظنّي أنّ شبابك سيدوم إلى الأبد، فالعمر يمرّ سريعاً وستشعرين في مرحلة ما بأنّك وحيدة مهما بلغ عدد أصدقائك وتحتاجين إلى من يشاطرك حياتك.

2 لا وجود للشريك المثالي إلا في الروايات والأفلام الرومانسيّة، فلا تضيّعي وقتك في الانتظار. جدي من تستطيعين العيش معه وليس الشخص الذي لا تستطيعين العيش من دونه، فيكون ارتباطك ناجحاً ومبنياً على العاطفة بالإضافة إلى المنطق السليم.

3 الأمومة إحساس لا يعرفه إلا من يجرّبه، فلا تخافي من المسؤوليات والصعوبات التي تترتّب عن الزواج وإنجاب الأطفال، لأنّ حبّك لأولادك سينسيك كلّ شيء.

وما يسري على النساء يسري على الرجال، وهم في العادة أكثر خوفاً أو إعراضاً عن الزواج. ولذلك نقول للرجل:
1 الزواج يلبّي رغبتك في الاستقرار والراحة، وفي أن يكون لك منزل خاص وحضن دافئ تعود إليه لتفضفض كل مشاكلك ومخاوفك، كما أنّه يلبي حاجاتك النفسيّة والجسديّة.

2 الزواج يحميك من الأمراض النفسيّة والجسديّة، فقد أثبتت الدراسات أنّ الرجال المتزوّجين أقل عرضة للإصابة بالأمراض العضويّة من العزّاب.

3 الزواج هو طريقك نحو الأبوّة وبالتالي استمراريّة الاسم والنسب.

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية